تلخيص رواية الشحاذ
ﺗﻠﺨﻴﺺ ﺍﻟﺸﺤﺎﺫ
ﺗﻤﺜّﻞ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﻟﻨﺠﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮﻅ ﻋﻨﻮﺍﻧﺎ ﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﻣﺘﻄﻮّﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺍﻟﺮّﻭﺍﺋﻴّﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴّﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺗّﻔﻖ ﻧﻘّﺎﺩ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺴﻤﻴﺘﻬﺎ ﺑﻤﺮﺣﻠﺔ " ﺍﻟﻤﻐﺎﻳَﺮﺓ ﻭ ﺍﻟﺘّﺠﺎﻭﺯ ." ﻓﻘﺪ ﺗﺠﺎﻭﺯ ﻧﺠﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮﻅ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﻴّﺔ ﻭ ﺍﻟﺘّﺎﺭﻳﺨﻴّﺔ ﻭﺍﻧﺨﺮﻁَ ﻓﻲ " ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻣﺮﻛّﺒﺔ ﺗﻀﺮﺏُ ﻓﻲ ﺃﻋﻤﺎﻕ ﺍﻟﺬّﺍﺕ ﺍﻟﻔﺮﺩﻳّﺔ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻴّﺔ ﻭ ﺗﺤﻘِّﻖ ﺍﻟﺘّﻌﺮﻳﺔ ﺍﻟﻼّﺯﻣﺔ ﻋﺒﺮ ﺍﻟﻔﻀﺢ ﻭﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺝ 1)" ) . ﻭ ﻳﺸﻴﺮُ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺘّﺠﺎﻭﺯ ﻓﻲ ﺇﻃﺎﺭ ﺗﻄﻮّﺭ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻧﺠﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮﻅ ﺍﻟﺮّﻭﺍﺋﻴّﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺗﻨﻮﻳﻊ ﺍﻟﺘّﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﻴّﺔ ﺑﻮﺿﻊ ﺑﺪﺍﺋﻞَ ﺇﺑﺪﺍﻋﻴّﺔ ﻟﻠﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺍﻟﻘﺼﺼﻴّﺔ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﻴّﺔ ﻭ ﺍﻟﺘﺰﺍﻡ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺍﻟﻘﺼّﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺩﺭﺝ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ ﺍﻟﺴّﺎﺑﻘﺔ ﺧﺼﻮﺻﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺜّﻼﺛﻴّﺔ ( ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻘﺼﺮﻳﻦ ، ﻗﺼﺮ ﺍﻟﺸّﻮﻕ ﻭﺍﻟﺴﻜّﺮﻳّﺔ ) . ﻭ ﻗﺪ ﺻﺮّﺡ ﻧﺠﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮﻅ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﺤﻰ ﺍﻟﺘّﺠﺎﻭﺯﻱ ﻓﻲ ﻓﻦّ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﺣﻴﻦ ﺃﻋﻠﻦ ﺃﻥّ ﻓﻜﺮﺗﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺘﻬﺎ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﻴّﺔ ﺗﺘﺤﺪّﺩ ﺑﻤﺎ ﻫﻮ " ﺻﻮﺍﺏٌ ﺃﻭ ﺧﻄﺄ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻨّﺤﻮ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻭﺃﻧّﻲ ﺇﺫﺍ ﻛﺘﺒﺖ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔَ ﺍﻟﺼّﺤﻴﺤﺔ ﻓﻘﺪ ﺑﻠﻐﺖُ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔَ ﺍﻟﻤﻨﺸﻮﺩﺓَ ... ﻭﻷﻧّﻲ ﻛﻨﺖُ ﻣﺒﺘﺪﺋﺎ ﻓﻘﺪ ﻛﻨﺖ ﺃﻟﺘﺰﻡ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪَ 2)" ) . ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨّﺤﻮ ﻓﺈﻥّ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﺭﻭﺍﻳﺎﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ( ﺍﻟﻠﺺّ ﻭﺍﻟﻜﻼﺏ ، ﺍﻟﻄّﺮﻳﻖ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ... ) ﺗﻤﺜّﻞ ﻋﻼﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻄﻮّﺭ ﺍﻟﻨّﻮﻉ ﺍﻷﺩﺑﻲ ﻓﻲ ﻓﻦّ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﻟﺪﻯ ﻧﺠﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮﻅ، ﻭ ﻣﺪﺍﺭُ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘّﻄﻮّﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺍﻟﺮّﻭﺍﺋﻴّﺔ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮ ﺍﻷﺳﻠﻮﺏ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﻲّ ﻻ ﺗﺤﺪّﺩﻩ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺒﻨﺎﺋﻴّﺔ ﻓﻘﻂ ﺑﻞ ﺇﻥَّ ﻃﺒﻴﻌﺔَ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﻭ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺎﻟﺠﺘﻬﺎ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﺧﻠّﺼﺘﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺭﻭﺍﻳﺔ " ﺍﻟﺼّﻮﺕ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ " ( 3 ) ﺗﺴﻌﻰ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻋﻦ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺗﻌﺒﻴﺮﺍ ﻋﻦ ﻧﺜﺮ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻴﻮﻣﻴّﺔ ﻭﺗﺮﻏﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﺘّﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﺷﻌﺮﻳّﺔ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ 4)" ) .
ﺇﻥّ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔَ ﺑﻨﺎﺀٌ ﻣِﻦ ﺍﻟﻘِﻴَﻢ ﻳُﺸَﻴَّﺪُ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﺍﻟﻠّﻐﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﺗﺠﺎﻭﺯﺕ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﺃﺳﻠﻮﺏ ﻧﻘﻞ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﻭ ﺍﻟﻮﻗﺎﺋﻊ ﻭ ﺗﺼﻮﻳﺮ ﺍﻟﺘّﺠﺎﺭﺏ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴّﺔ ﺍﻟﻤﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﻴّﺰﺕ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﻴّﺔ ﻭ ﺃﺭﺳﺖْ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻦّ ﺍﻟﺮّﻭﺍﺋﻲ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺗﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﺬّﺍﺕ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﺗﻌﺒﻴﺮﺍ ﻋﻦ ﻋﻤﻖ ﺃﺯﻣﺔ ﺍﻟﻤﺼﻴﺮ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻬﺪّﺩ ﺍﻟﺬّﺍﺕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴّﺔ ﺑﺎﻟﺬّﻭﺑﺎﻥ ﻭ ﺍﻟﺘّﻼﺷﻲ ﻭ ﻃﺮﺣﺖْ ﺟﻤﺎﻟﻴّﺎﺕ ﺍﻟﺤَﻴﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻔﻘِﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﺣﺪﺗَﻪ ﻣﻊ ﺫﺍﺗﻪ ﻭ ﻳﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﻣﺘﺎﻫﺎﺕ ﺍﻟﻘﻠﻖ ﻭ ﺍﻟﻌﺒﺚِ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩﻱ . ﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺴّﺮﺩﻱّ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﻓﻌﻼً ﻧﻤﻮﺫﺟﻴّﺎ ﻳُﺸﺨِّﺺ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﻤﺘﻔﺮّﺩ ﻟﻠﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺍﻟﺮّﻭﺍﺋﻴّﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﺤﺮّﻙ ﻓﻲ ﻓﻀﺎﺋﻬﺎ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺎﺕ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺇﺫ ﻻ ﺗﻤﻠﻚ ( ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺎﺕ ) ﻋﺎﻟَﻤﺎ ﻣﺴﺘﻘﻼّ ﺗﺘﺤﺮّﻙ ﻓﻴﻪ ﺑﺄﻓﻜﺎﺭﻫﺎ ﻭﺁﺭﺍﺋﻬﺎ ﻭﺃﻫﻮﺍﺋﻬﺎ ( 5 ) . ﻭ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﻣِﻦ ﺍﻧﺒﻨﺎﺀ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼّﻮﺕ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﻔﻨّﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺪّﻻﻟﻴﺔ ﺑﺎﻟﻨّﻈﺮ ﻓﻲ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﺟِﻨﺴِﻬﺎ ﺍﻟﺮّﻭﺍﺋﻲ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﺭﻭﺍﻳَﺔً ﻣﻮﻧﻮﻓﻮﻧﻴّﺔً ﺗﻌﺒّﺮ ﻋﻦ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﻧﻮﻋﻴّﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺎﺕ ﻧﺠﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮﻅ ﺍﻟﺮّﻭﺍﺋﻴّﺔ .
*********************************************
*********************************************
*********************************************
*********************************************
*********************
ـ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﺸّﻜﻠﻲ ﻓﻲ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ :
ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺔ
ﻧﻬﺘﻢّ ﻓﻲ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﺸّﻜﻠﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﺑﻌﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺍﻟﺮّﻭﺍﺋﻴّﺔ . ﻭ ﺗﻀﻢّ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﺸّﻜﻠﻴﺔ ﻃﺮﺍﺋﻖ ﺍﻧﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﻨﺺّ ﺍﻟﺮّﻭﺍﺋﻲ ﺍﻟﻔﻨﻴّﺔ . ﻓﺎﻟﺸﺤّﺎﺫ ﺭﻭﺍﻳﺔٌ ﺗﺠﺘﻤﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﻔﻦّ ﺍﻟﻘﺼﺼﻲ ﺍﻟﻤﻮﻧﻮﻓﻮﻧﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﻬﺾُ ﻋﻠﻰ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ، ﻭﻧﻌﻨﻲ ﺑﺬﻟﻚ ﺣﻜﺎﻳﺔ " ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ " ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺘﻪ ﺑﺬﺍﺗﻪ ﻭﻭﺟﻮﺩﻩ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ، ﻭﺗﺨﺘﺺّ ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺔُ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﺑﻘﻴﺎﻣﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﻘﺼﺼﻴّﺔ ﺍﻟﺜﻼﺛﻴّﺔ ، ﻓﺎﻟﺸﺤّﺎﺫ ﺗﺒﺪﺃ ﻓﺎﺗِﺤﺘﻬﺎ ﺑﻌﻴﺎﺩﺓ ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ ﻭﺗﺄﻣّﻠﻪ ﺍﻟﻠّﻮﺣﺔ ﻓﻲ ﻗﺎﻋﺔ ﺍﻻﻧﺘﻈﺎﺭ ﻳﻠﻴﻬﺎ ﺳﻴﺎﻕ ﺗﺤﻮّﻝ ﻳﺘﺤﺪّﺩ ﻓﻴﻪ ﺍﻻﺿﻄﺮﺍﺏ ﺍﻟﻘﺼﺼﻲ ﺑﺘﺸﺘّﺖ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﻭ ﺗﻨﻮّﻉ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺎﺕ ﻭ ﺗﻌﺪّﺩ ﺍﻟﺘّﺠﺎﺭﺏ ﺛﻢّ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﺑﺎﻧﻌﺰﺍﻝ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﻋﻦ ﻋﺎﻟﻤﻪ ﻭ ﻭﺍﻗﻌﻪ ﺑﻤﺎ ﻳﻘﺘﺮﺏُ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻨﻮﻥ .
ﻭﺇﺫﺍ ﺣﺪّﻧﺎ ﻣﺮﺍﺣﻞ ﺍﻟﺤﺪﺙ ﺍﻟﻘﺼﺼﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﻭﺟﺪﻧﺎ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺑﻴﻦ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﻭ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﺨﺘﺎﻡ ﻻ ﻳﺨﻠﻮ ﻣﻦ ﻭﻇﺎﺋﻒَ ﺳﺮﺩﻳّﺔ ﺃﺳﺎﺳﻴّﺔ ﺗﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺛﻨﺎﺋﻴّﺔ ﺍﻻﻧﻘﻄﺎﻉ ﻭ ﺍﻻﻟﺘﺌﺎﻡ ﻭ ﺗﺘﻤﺜَّﻞ ﺃﺑﻨِﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﺤﺪﺛﻴّﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻠﻲ :
ـ ﺍﻧﻘﻄﺎﻉ / ﺧﺮﻭﺝ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﻭ ﻋﺎﺋﻠﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ .
ـ ﺍﻟﺘﺌﺎﻡ / ﺭﺟﻮﻉ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ .
ـ ﺍﻧﻘﻄﺎﻉ / ﺍﻻﻧﻌﺰﺍﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺃﻭ ﺍﻟﺤﻠﻢ .
ﺗﻤﺜّﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪّﻭﺍﺋﺮ ﺍﻟﺤَﺪﺛﻴّﺔ ﺍﺗّﺠﺎﻩَ ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻓﻲ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﻭﻫﻲ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﺗﻨﻤﻮ ﻓﻲ ﺍﺗّﺠﺎﻩ ﻣﺴﺎﺭ ﻭﺍﺣﺪ ﻷﻥّ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙَ ﻛﻠَّﻬﺎ ﺗﺘّﺼﻞُ ﺑﺸﺨﺼﻴّﺔ ﺑﻄﻠِﻬﺎ ﻭﺗﻨﻀﻮﻱ ﻓﻲ ﻓﻀﺎﺀ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ( 6 ) . ﻭ ﺃﻣّﺎ ﺍﻧﺘﻈﺎﻡُ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﻓﺈﻧّﻪ ﻳﻨﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨّﻈﺎﻡ ﺍﻟﺪّﺍﺋﺮﻱ ﺍﻟﻤﺘّﺼﻞ ﻭ ﻧﻌﻨﻲ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﺗّﺼﺎﻝ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﺑﺎﻟﻨّﻬﺎﻳﺔ : ﻓﻘﺪ ﺍﻧﺘﻈﻢ ﻭﺿﻊُ ﺍﻻﺑﺘﺪﺍﺀ ﺑﺎﻟﻌﻴﺎﺩﺓ [ ﺯﻳﺎﺭﺓُ ﺍﻟﻄّﺒﻴﺐ ] ﻭﺍﻧﺘﻬﻰ ﺑﺎﻟﻌﻮﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻴﺎﺩﺓ [ ﻋﻤﺮ ﻣﺤﻤﻮﻻ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻴﺎﺩﺓ ﻭﻫﻮ ﺟﺮﻳﺢ ] ﻭ ﻗﺪ ﻧﺸﺄ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﺪّﺍﺋﺮﻳّﺔ ﺍﻟﻤﺘّﺼﻠﺔ ﻣﻨﻄﻖ ﺍﻟﺮّﺑﻂ ﺍﻟﻌِﻠّﻲ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻮﻗﺎﺋﻊ ﻓﺈﺫﺍ ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﺗﻨﻤﻮ ﻣﺘﺪﺭّﺟﺔً ﻓﻲ ﺗﺘﺎﺑﻌﻬﺎ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﻲ ، ﻭ ﺗﺸﻤﻞ ﺍﻟﺪّﺍﺋﺮﺓ ﺍﻟﺤَﺪﺛﻴّﺔ ﺣﻜﺎﻳَﺔَ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺧﻄﻴّﺔ ﺗﺮﺗﺒﻂُ ﺑﺎﻟﺮّﺅﻯ ﺍﻟﺬّﻫﻨﻴّﺔ ﻟﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﻭﻳﻤﻜﻦ ﻭﺻﻒُ ﺗﺪﺭُّﺟﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨّﺤﻮ ﺍﻟﺘّﺎﻟﻲ :
ﻭﺿﻌﻴّﺔ ﺍﻻﺑﺘﺪﺍﺀ : ( ﺍﻧﻄﻼﻕ ) . ﺯﻳﺎﺭﺓ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ ( ﺗﻤﺜّﻞ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺃﺯﻣﺔ ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ ) ﻭﻣﺤﺎﻭﻝﺗﻪ ﺍﻻﻧﻔﻜﺎﻙ ﻋﻦ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﺮّﺗﺎﺑﺔ ﻭ ﺍﻟﺨﻤﻮﺩ ". ﻭ ﻟﻜﻨﻨﻲ ﺃﺷﻌُﺮُ ﺑﺨﻤﻮﺩ ﻏﺮﻳﺐ " .
ﺳﻴﺎﻕ ﺍﻟﺘّﺤﻮّﻝ : ( ﺑﺤﺚ ) . ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻓﻲ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭ ﺳﺮّ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺎ ﺗﻀﻤَّﻨﺘﻬﺎ ﺍﻟﺘّﺠﺎﺭﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺧﺎﺿﻬﺎ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻃﺎﺭ [ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﻔﻦّ ، ﺍﻟﺤﺐّ ﻭﺍﻟﺠﻨﺲ ، ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﺒﻌﺪ ﺍﻟﺮّﻭﺣﻲ ، ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺍﻻﻧﻌﺰﺍﻝ ﻭ ﺍﻟﺠﻨﻮﻥ ] ". ﻣﺎﺫﺍ ﺗﻌﻨﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻟﺪﻳﻚ " .
ﻭﺿﻊ ﺍﻟﺨﺘﺎﻡ : ( ﻓﺸﻞ ) . ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺭﺣﻠﺔ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻭ ﻗﺪ ﺟُﺮِﺡَ ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ ﻭﻫﻮ ﻳﺴﻠﻚ ﻃﺮﻳﻘﺎ ﻣﺴﺪﻭﺩﺓً " . ﺧﺎﻣﺮﻩ ﺷﻌﻮﺭٌ ﺑﺄﻥَّ ﻗﻠﺒﻪ ﻳﻨﺒﺾ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻻ ﻓﻲ ﺣُﻠﻢ . ﻭ ﺑﺄﻧّﻪ ﺭﺍﺟﻊٌ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪّﻧﻴﺎ ."
ﻳُﺠﻠِﻲ ﺍﻧﺘﻈﺎﻡ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﻓﻲ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﻃﺒﻴﻌﺔَ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴّﺔ ﺍﻟﻘﺼﺼﻴّﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﺗﺒﻂُ ﺑﻬﺎ . ﻓﺎﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﺣﻜﺎﻳﺔٌ ﻭﺍﺣﺪﺓٌ ﺗﻨﺘﻈﻢُ ﺍﻧﺘﻈﺎﻣﺎ ﺧﻄﻴّﺎ ﻳﺸﻤﻞُ ﻗﺼّﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻭ ﺭﺣﻠﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ : ﺭﺣﻠﺔ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺑﺪﺃﺕ ﺗﻔﺘﻘِﺪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻞّ ﻭ ﺗُﻌﻠﻦ ﺍﻟﻔﺸَﻞ . ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈﻥَّ ﺷﺨﺼﻴّﺔ " ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ " ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﻫﻲ ﻭﺟﻪٌ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻤﺘﺄﺯّﻡ ﺃﻭ " ﺍﻟﻤﻨﺘﻤﻲ ﺍﻟﻤﺄﺯﻭﻡ ــ ﺣﺴﺐ ﺗﻌﺒﻴﺮ ﻏﺎﻟﻲ ﺷﻜﺮﻱ ــ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻓﺎﻗﺪ ﻟﻠﺤﺮﻳّﺔ ﻭ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴّﺔ ... ﻭ ﻗﺪ ﺍﺧﺘﺎﺭ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﻓﻲ ﻛﻞّ ﻣﺮّﺓ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻟﻠﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺃﺯﻣﺘﻪ ﻭ ﻟﻜﻨّﻬﺎ ﺳﺮﻋﺎﻥ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﻮﺩﻩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻔﺸﻞ، ﻓﻼ ﻳﺴﺘﺴﻠﻢُ ﻭ ﻻ ﻳﻘﻌُﺪُ ﺑﻞ ﻳُﺠﺪِّﺩ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓٍ ﻭ ﺗﺤﺖ ﺍﺳﻢ ﺟﺪﻳﺪ ﻭﻟﻜﻦَّ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺗﺒﻘﻰ ﺩﻭﻣﺎ ﻭﺍﺣﺪﺓ "
*********************************************
*********************************************
*********************************************
*********************************************
*********************
ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻔﻌﻞ
ﻟﻤّﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺴّﺮﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﺧﻄﻴّﺔً ﺗﻨﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺣﻜﺎﻳﺔٍ ﻧﻤﻮﺫﺟﻴّﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ( ﻫﻲ ﺑﺤﺚُ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﻋﻦ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ) ﻓﺈﻥَّ ﻃﺒﻴﻌﺔَ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻤﺘّﺼﻠﺔ ﺑﺎﻟﺸّﺨﺼﻴّﺎﺕ ﻓﻲ ﺇﻃﺎﺭ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺮّﻭﺍﺋﻲ ﺗﺄﺧﺬُ ﺷﻜﻞ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻨّﻤﻮﺫﺟﻲ ، ﻭﺍﻟﻤﻌﻨِﻲّ ﺑﺬﻟﻚ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻻﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴّﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺠﺴّﺪ ﻧﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﻤﺜﻘّﻒ ﺍﻻﻧﺘﻬﺎﺯﻱ ﻭﺍﻟﺒﻮﺭﺟﻮﺍﺯﻱ ﺍﻟﻤﺮﻳﺾ ( 8 ) . ﻭﺍﻟﻘﺼﺪُ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺃﻥّ ﺍﻟﺤﺪﺙَ ﻓﻲ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﻳﺮﺗﺒﻂُ ﺃﺳﺎﺳًﺎ ﺑﺸﺨﺼﻴّﺔ ﻣﺤﺪَّﺩﺓ " ﻻ ﺗﺨُﺺُّ ﻋﻤﻮﻡَ ﺍﻟﻨّﺎﺱ ﺃﻭ ﻓﺌﺔً ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴّﺔ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ " ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﻫﻲ ﻓﻌﻞ ﻓﺮﻳﺪٌ ﺗﻘﺮﺃ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﻭﺍﻗِﻌَﻬﺎ ﻭ ﺗﺸﺨِّﺼُﻪ ﻣﻦ ﻣﻨﻄَﻠَﻖ ﻭﺿﻌﻬﺎ ﺍﻟﺬّﻫﻨﻲ ﻭ ﺍﻟﻨّﻔﺴﻲ .
ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺒﺪﻭ ﻧﻤﻮﺫﺟﻴّﺎ ﻓﺮﻳﺪﺍ ﻓﻲ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﻳﻔﺴّﺮﻩ ﺑﻨﺎﺀ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﻓﻲ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻠﻖ ﺇﺷﻜﺎﻟﻲّ ﻳﺠﻠﻮﻩ ﺍﻧﺒﻨﺎﺀ ﺷﺨﺼﻴّﺔ ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴّﺆﺍﻝ ﻭﺍﻟﺤﻴﺮﺓ ﻭ ﺍﻟﺮّﺣﻴﻞ ﺑﺎﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩﻱ . ﻭ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨّﺤﻮ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻌﻞُ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺭﺅﻳﺔً ﺗﺮﻓﺾُ ﺍﻟﺮّﺗﺎﺑﺔَ ﻭﺍﻟﺨﻤﻮﺩ ﻭﺇﺭﺍﺩﺓً ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺟﻮﻫﺮ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ " ﺃﻥ ﺗﻠﻤَﺲَ ﺳﺮّ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ " ﺃﻟﻢ ﻳﺨﻄُﺮ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﻟﻚ ﺃﻥ ﺗﺘﺴﺎﺀﻝ ﻋﻦ ﻣﻌﻨﻰ ﺣﻴﺎﺗﻚ؟ " ﻭ " ﺛﻤّﺔ ﺃﺳﺌﻠﺔٌ ﺑﻼ ﺟﻮﺍﺏ ﻓﺄﻳﻦَ ﻃﺒﻴﺒُﻬﺎ؟ ." ﻭ ﻫﻜﺬﺍ ﺗﺘّﺨﺬ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻓﻲ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﻃﺒﻴﻌﺔً ﻧﻤﻮﺫﺟﻴَّﺔً ﺗﺘﺸﻜّﻞ ﻓﻨﻴّﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺘﻦ ﺍﻟﻘﺼﺼﻲ ﺑﺎﻟﺴّﺮﺩ ﺍﻟﻤﻨﻐﻠﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺒﺮﺯُﻩ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﺍﻟﻤﺄﺯﻭﻡ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﺑﻄﻼ ﺇﺷﻜﺎﻟﻴًّﺎ ﻳﺒﺤﺚُ ﻋﻦ ﺇﺟﺎﺑﺔٍ ﻟﺴﺆﺍﻝ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ . ﻭ ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ ﻧﻤﻮﺫﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﻘﺼﺼﻴّﺔ ﺍﻟﻤﺘﻔﺮّﺩﺓ ﻻ ﻟﻜﻮﻧﻬﺎ " ﻧﻤﻮﺫﺟﺎ ﺑﺸﺮﻳّﺎ " ﻳﺨﻀﻊ ﻟﺸﺮﻭﻁ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﻞ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﻣﺜﺎﻻً ﻟﻠﺒﻄﻞ ﺍﻟﻔﺮﺩ " ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﻄﻮﻱ ﺗﻜﻮﻳﻨﻪ ﺍﻟﺘّﺮﺍﺟﻴﺪﻱ " ﻋﻠﻰ ﻃﻤﻮﺡ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺮﻳّﺔ ﻭﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴّﺔ ( 9 ) ﻭ ﻋﻠﻰ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﻓﻲ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﺴّﻼﻡ ﺍﻟﺪّﺍﺧﻠﻲ ﻭ ﺣَﻞِّ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ . ﻭﺇﺫﺍ ﺭﻣﻨﺎ ﺗﺤﺪﻳﺪَ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﺴّﺮﺩ ﻭﺟﺪﻧﺎ ﺃﻥّ ﺍﻗﺘﺮﺍﻥ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﺴّﺮﺩﻳّﺔ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﺒﻌﺾ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﻳﺘﺸﻜّﻞ ﻓﻨﻴّﺎ ﺑﺄﺳﻠﻮﺏ ﺍﻟﺘّﻮﺍﻟﺪ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﻲ ﺍﻟّﺬﻱ ﻳﺠﻌﻞ ﻣﺪﺍﺭ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺴّﺮﺩﻱ ﻗﺎﺋﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺛﻨﺎﺋﻴّﺔ ﺍﻻﻧﻘﻄﺎﻉ ﻭﺍﻻﻟﺘﺌﺎﻡ . ﻓﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﺴّﺮﺩ ﺗﻨﺸﺄ ﺑﻔﻌﻞ ﺍﻻﻧﻘﻄﺎﻉ ( ﺃﺯﻣﺔ ) ﻭ ﺗﻨﻤﻮ ﺑﻔﻌﻞ ﺍﻻﻟﺘﺌﺎﻡ ( ﺍﻹﻳﻬﺎﻡ ﺑﺤﻞّ ﺍﻷﺯﻣﺔ ) . ﻭ ﻣﻦ ﻧﻤﺎﺫﺝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘّﻮﻟﻴﺪ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﺗﻮﺍﺗﺮ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﺴّﺮﺩﻳّﺔ ﻭﻓﻖَ ﺍﻟﻤﻨﻄﻖ ﺍﻟﻌﻠِّﻲ ( ﺳﺒﺐ / ﻧﺘﻴﺠﺔ ) ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺎ ﻳﺮﺩُ ﻓﻲ ﺍﻷﻣﺜﻠﺔ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ :
ﺍﻧﻘﻄﺎﻉ / ﺳﺒﺐ ﺍﻟﺘﺌـــﺎﻡ / ﻧﺘﻴﺠﺔ
ﺍﻟﻀّﺠﺮ / ﺍﻟﻘﻠﻖ ﺯﻳﺎﺭﺓ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ
ﺍﻷﺳﺮﺓ / ﺍﻟﻔـﻦّ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﻔﻦّ
ﺍﻟﺤﺐّ / ﺍﻟﺠﻨﺲ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﺤﺐّ ﻭ ﺍﻟﺠﻨﺲ
ﺍﻟﺼّﺤﺮﺍﺀ / ﺍﻻﻧﻜﻔﺎﺀ ﺍﻟﺘّﺼﻮّﻑ ﻭ ﺍﻟﻌﺰﻟﺔ
ﺗﺮﺳُﻢ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﺴّﺮﺩﻳّﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﻣﻨﻄﻘًﺎ ﺩﺍﺋﺮﻳًّﺎ ﻟﻠﺤﻜﺎﻳﺔ ﻳﻨﻬﺾُ ﻋﻠﻰ ﺛﻨﺎﺋﻴّﺔ ﺍﻻﻧﻔﺘﺎﺡ ﻭ ﺍﻻﻧﻐﻼﻕ . ﻭ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﻄﻖ ﺑﺎﻟﻤﻨﺰﻉ ﺍﻟﺬّﻫﻨﻲ ﻟﻤﻀﻤﻮﻥ ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﺜّﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﺷﺨﺼﻴّﺔ ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ ﺑﺆﺭﺓ ﺍﻟﺤﺪﺙ ﺍﻟﻘﺼﺼﻲّ . ﻭﻫﻲ ﺷﺨﺼﻴّﺔ ﺷﺒﻴﻬﺔٌ ﺏ " ﺳﻴﺰﻳﻒ " ﺗﺘﺤﺮّﻙ ﻭﻓﻖَ ﻣﻌﻴﺎﺭ ﺍﻟﻘﻮّﺓ ﻭﺍﻟﻌﺠﺰ، ﺍﻟﻮﻫﻦ ﻭﺍﻹﺭﺍﺩﺓ . ﺇﻧّﻬﺎ ﺻﻮﺭﺓٌ ﻣﻦ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﻓﻌﻠﻪ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩﻱّ ﺑﻴﻦ ﻣﻠﻬﺎﺓٍ ﻭﻣﺄﺳﺎﺓ، ﺑﻴﻦ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻭﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺑﺤﺜﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻭ ﺑﻴﻦ ﻋﺠﺰ ﻋﻦ ﺑﻠﻮﻍ ﻣﺮﺍﻡ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻭﻣﻨﺘﻬﺎﻩ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺎ ﻣﺜّﻠﺘﻪ ﺃﺳﻄﻮﺭﺓ " ﺳﻴﺰﻳﻒ " ﺑﻤﺎ ﻫﻲ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﻻﺟﺪﻭﻯ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﻌﻨﻰ . ﻭﻗﺪ ﺃﺷﺎﺭ " ﺍﻟﺒﺎﺭ ﻛﺎﻣﻮ " ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻟﺘﻪ ﺍﻟﻤﻮﺳﻮﻣﺔ " ﺃﺳﻄﻮﺭﺓ ﺳﻴﺰﻳﻒ " ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺣﻴﻦ ﺷﺒّﻪ " ﻋﺒﺜﻴﺔ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺑﻮﺿﻊ ﺳﻴﺰﻳﻒ، ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻴﺜﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺍﻹﻏﺮﻳﻘﻴﺔ ﻗﺪﺭﻫﺎ ﺃﻥ ﺗﺤﻤﻞ ﺻﺨﺮﺓ ﺇﻟﻰ ﺃﻋﻠﻰ ﻗﻤﺔ ﺟﺒﻞ ﻭﻣﺎ ﺃﻥ ﺗﻔﻌﻞ ﺗﺘﺪﺣﺮﺝ ﺍﻟﺼﺨﺮﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺳﻔﻞ ﻓﻴﻌﻮﺩ ﺳﻴﺰﻳﻒ ﻭﻳﺤﻤﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺩﻭﺍﻟﻴﻚ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻻﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﻪ . ﻭﻳﺨﺘﻢ ﻛﺎﻣﻮ ﻣﻘﺎﻟﺘﻪ ﺑﻘﻮﻟﻪ " ﺍﻟﻤﺜﺎﺑﺮﺓ ﻓﻲ ﺣﺪ ﺫﺍﺗﻬﺎ ... ﻛﺎﻓﻴﺔ ﻟﺘﻤﻸ ﻗﻠﺐ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ . ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺮﺀ ﺃﻥ ﻳﺘﺼﻮﺭ ﺳﻴﺰﻳﻒ ﺳﻌﻴﺪﺍ ( 10 ) ."
*********************************************
*********************************************
*********************************************
*********************************************
*********************
ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺎﺕ
ﻟﻤّﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﻧﺼًّﺎ ﺭﻭﺍﺋﻴّﺎ ﻓﻲ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺴّﺮﺩﻱّ ﺍﻟﻤﻨﻐﻠﻖ ﻓﺈﻧّﻬﺎ ﺃﺭﺳﺖ ﺇﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﻨّﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﺤﺪﺛﻲّ ﺍﻟﻤﺘﻔﺮّﺩ ﻧﻤﻮﺫَﺝ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺍﻟﻔﺮﻳﺪﺓ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﻣﺪﺍﺭ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ . ﻭ ﺇﻥّ ﺃﻫﻢّ ﻣﺎ ﻳﻤﻴّﺰ ﻭﺿﻊَ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺎﺕ ﺍﻟﺤﺎﻓّﺔ ﺑﺒﻄﻞ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﻫﻮ ﻣﺸﺎﺭﻛﺘﻬﺎ ﺑﻮﺟﻪ ﻣﺎ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺍﻟﻤﺤﻮﺭﻳّﺔ ﻭﺍﻧﺸﻐﺎﻟﻬﺎ ﺑﺄﺯﻣﺘﻪ ﻭﺗﻔﺎﻋُﻠﻬﺎ ﻣﻊ ﺃﺣﻮﺍﻟﻪ ﺍﻟﻤﻀﻄﺮﺑﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺎﺕ ﻟﺘﻤﻠﻚَ ﺍﺳﺘﻘﻼﻟﻴّﺔ ﺑﻨﺎﺋﻴّﺔ ﻓﻨﻴّﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﻭ ﺇﻧّﻤﺎ ﻇﻬﺮﺕ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﻣﻜﻮّﻧﺎ ﻣﻜﻤِّﻼ ﻟﻌﺎﻟَﻢ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺍﻟﺮّﺋﻴﺴﻴّﺔ . ﻭ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﺭﻣﻨﺎ ﺍﻣﺜﻠﺔً ﺗﺤﺪّﺩ ﻃﺒﻴﻌﺔَ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﻟﻤﻜﻤّﻠﺔ ﻟﻌﺎﻟَﻢ " ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ " ﺍﻟﻮﺟﺪﺍﻧﻲ ﻭ ﺍﻟﺬّﻫﻨﻲ ﻭﺟﺪﻧﺎ ﻛﻞَّ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺎﺕ ﺗﻤﺜّﻞ ﻃﺮﻓًﺎ ﻣﺮﺍﻓﻘًﺎ ﻟﻤﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﻭ ﻋﻨﻮﺍﻧﺎ ﻟﺘﺠﺎﺭﺑﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ . ﻭ ﻣﻦ ﺃﻣﺜﻠﺔ ﺫﻟﻚ ﺃﻥَّ ﺧﻮﺽ " ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ " ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﻔﻦّ ﻗﺪﺣﻪ ﺣﻮﺍﺭﻩ ﻣﻊ ﺍﺑﻨﺘﻪ " ﺑﺜﻴﻨﺔ " ﻋﻦ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺸِّﻌﺮ ﻭ ﺟﺪﻭﺍﻩ ﻭ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻔﻦّ ﻓﻲ ﺍﺳﺘﻜﻨﺎﻩ ﺳﺮّ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻭ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺣﻘﺎﺋﻘﻪ ( 11 ) . ﻭ ﺃﻣّﺎ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﺠﻨﺲ ﻓﻘﺪ ﻗﺪﺣﻬﺎ ﺷﻮﻗﻪ ﺇﻟﻰ " ﺍﻟﻨّﺸﻮﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺍﻟﻼّﺋﺬﺓ ﺑﺴِﺮّ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ 12)" ) . ﻭﻣﺜّﻠﺖ ﺷﺨﺼﻴّﺔ " ﻭﺭﺩﺓ " ﺍﻟﻨّﻤﻮﺫﺝ ﺍﻷﻧﺜﻮﻱ ﺍﻟﻤﺮﺍﻓﻖ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﺘّﺠﺮﺑﺔ ﻓﺎﻧﻀﻮﺕ ﻓﻲ ﻋﺎﻟَﻢ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻴّﺔ ﻣﺜﺎﻻ ﻟﻠﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺤﺴِّﻲ ﺍﻟّﺬﻱ ﻳﺤﺮّﺭ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﺭﺗﺒﺎﻃﻪ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﻟﻜﻨّﻪ ﻻ ﻳﻤﻨﺢ ﺍﻟﻜﻴﺎﻥ ﺍﻟﻘﻠﻖ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﺑﻞ ﺇﻥّ ﺷﺨﺼﻴّﺔ " ﻭﺭﺩﺓ " ﺍﺭﺗﺒﻄﺖ ﺑﺸﺨﺼﻴّﺔ " ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ " ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﻃﺮﻳﻘًﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺃﻭ " ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻵﺧﺮ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ " ﻋﻠﻰ ﺣﺪّ ﺗﻌﺒﻴﺮﻩ ( 13 ) . ﻭﺍﻟّﺬﻱ ﻳﻤﻴّﺰ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺎﺕ ﺍﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ ﻓﻲ " ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ " ﻫﻮ ﺍﻟﺌﺌﺎﻣُﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﺍﻟﺮّﻭﺍﺋﻲ ﺑﺜﻨﺎﺋﻴّﺔ ﺍﻟﺤﻀﻮﺭ / ﺍﻟﻐﻴﺎﺏ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻭﺍﻟﻤﺎﺿﻲ / ﺍﻟﺤﺎﺿﺮ ﻣﻦ ﺟﻬﺔٍ ﺃﺧﺮﻯ . ﻭﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ﻳﻤﻜﻦ ﺇﺩﺭﺍﺝ ﺃﻧﻤﺎﻁ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺎﺕ ﺍﻟﺜّﺎﻧﻮﻳّﺔ ﻭﻓﻖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜّﻨﺎﺋﻴّﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨّﺤﻮ ﺍﻟﺘّﺎﻟﻲ :
ﺍﻟﻐﻴﺎﺏ / ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﺍﻟﺤﻀﻮﺭ / ﺍﻟﺤﺎﺿﺮ
ﻋﺜﻤﺎﻥ / ﺯﻳﻨﺐ / ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ / ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻭﺭﺩﺓ / ﺑﺜﻴﻨﺔ / ﻣﺎﺭﻏﺮﻳﺖ / ﺳﻤﻴﺮ
ﻭ ﻧﻼﺣﻆ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻃﺎﺭ ﻣﻦ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ ﺍﻟﺮّﺋﻴﺴﻲ " ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ " ﺑﻐﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻮﺍﻋﻞ ﺍﻟﺜّﺎﻧﻮﻳّﺔ ﺃﻥّ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﻟﻢ ﻳﺘﺠﺎﻭﺯ ﺣﺪﻭﺩ ﺍﻟﻤﻌﻄَﻴﺎﺕ ﺍﻟﻀّﺌﻴﻠﺔ " ﺍﻟﻀّﻨﻴﻨﺔ " ﻋﻨﻬﺎ ﻭﺗﻔﺴﻴﺮُ ﺫﻟﻚَ ﻳﻌﻮﺩ ﻓﻨﻴًّﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﻥَّ " ﻭﺻﻒَ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺎﺕ ﺍﻟﺜّﺎﻧﻮﻳّﺔ ﻗﺪ ﺣﻜﻤﻪ ﻣﻨﻄﻖ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﺀ ﺍﻟّﺬﻱ ﺗﻘﺘﻀﻴﻪ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﺨﺼﻴّﺔ ﻣﺤﻮﺭﻳّﺔ، ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺎﺕ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺃﺷﺒﻪ ﺑﺎﻟﺮّﻭﺍﻓﺪِ ﺍﻟﺨﺎﺩﻣﺔ ﻻﺳﺘﻜﻤﺎﻝ ﺧﺼﺎﺋﺺ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺍﻟﻤﺤﻮﺭﻳّﺔ ، ﻓﺘﻘﻠَّﺺَ ـ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺴّﺒﺐ ـ ﻣﺠﺎﻝُ ﻭﺻﻔِﻬﺎ "... ﻭﺃﻣّﺎ ﺩﻻﻟﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻧﺤﺼﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺻﻒ ﻓﻬﻮ ﻛﻮﻥ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺎﺕ ﺭﻣﻮﺯ ﻫﺎﺩﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺧﺪﻣﺔ ﺃﻓﻜﺎﺭ ﻣﺠﺮَّﺩﺓ ﻻ ﺫﻭﺍﺕ ﺇﻧﺴﺎﻧﻴّﺔ ﺣﻴّﺔ " ( 14 ) . ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨّﺤﻮ ﻻ ﺗُﻄﻠَﺐُ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﻟﺬﺍﺗﻬﺎ ( 15 ) ﻭﺇﻧّﻤﺎ ﺑﻮﺻﻔِﻬﺎ ﺭﻣﻮﺯًﺍ ﺃﻭ ﻧﻤﺎﺫﺝَ ﺃﻭ ﺃﻗﻨﻌﺔ ﺗﻤﺜّﻞ ﺃﻃﺮﻭﺣﺔً ﺃﻭﻗﻀﻴّﺔ ًﺗﺴﻌﻰ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺬّﻫﻨﻴّﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘّﻌﺒﻴﺮ ﻋﻨﻬﺎ . ﻭ ﻣﻤّﺎ ﻻ ﺷﻚّ ﻓﻴﻪ ﺃﻥّ ﺷﺨﺼﻴّﺔ " ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ " ﺗﻤﻸ ﻓﻀﺎﺀ ﺭﻭﺍﻳﺔَ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﺍﻟﻨﺼّﻲ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﺷﺨﺼﻴّﺔ ﺗﺤﻤﻞ ﺭﺅًﻯ ﻭ ﺃﻓﻜﺎﺭًﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻭﺷﺨﺼﻴّﺔ ﻣﺘﻔﺮّﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺴّﺮﺩﻱ ﻳَﺴِﻤُﻬﺎ ﺍﻟﻨّﻤﻮﺫﺝ ﺍﻹﺷﻜﺎﻟﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﻜﻤﻪ ﺟﺪﻝ ﺍﻟﻴﻘﻴﻦ ﻭﺍﻻﺭﺗﻴﺎﺏ ﻭ ﺗﺠﺪّﺩ ﺍﻟﻔﺸﻞ ﻣﻦ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﺧﺮﻯ . ﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﺷﺨﺼﻴّﺔ " ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ " ﻭﺣﺪﻫﺎ " ﺗﺤﻤﻞ ﻓﻜﺮﺓً ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺎﻟَﻢ ( ﺇﺣﺴﺎﺱ ﺑﺎﻟﻐﺒﻦ ﻭﺍﻟﻐﺮﺑﺔ ) ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻘﻄﺐ ﺍﻟﻌﺎﻟَﻢ ﻭ ﺍﻟﺘّﻔﻜﻴﺮ ﻓﻴﻪ . ﺛﻢّ ﺇﻥّ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﺫﺍﺗﻬﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺮﻭّﺟﻬﺎ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﻫﻲ ﻓﻜﺮﺓ ﺫﺍﺕ ﻧﺰﻋﺔ ﻣﺘﻔﺮّﺩﺓ . ﻓﺎﻟﻔﻦّ ﻣﺜﻼ ﺃﻭ ﺍﻟﺸّﻌﺮ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺃﻥ ﻳُﻌﺎﻳﺶَ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻓﺎﻹﻧﺴﺎﻥ ﺇﻣّﺎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺷﺎﻋﺮﺍ ﺃﻭ ﻋﺎﻟِﻤﺎ ﻭ ﻻ ﺟﻤﻊ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭ ﺍﻟﺸّﻌﺮ ﺃﻱ ﻻ ﺟﻤﻊ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ( 16 ) .
*********************************************
*********************************************
*********************************************
*********************************************
*********************
ﺍﻟﺰّﻣﻦ
ﻟﻤّﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﻔﺮّﺩ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺴِﻢُ ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ ﺍﻟﺮّﺋﻴﺴﻲّ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻣﺪﺍﺭ ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﻘﺺّ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﺈﻥّ ﺍﻟﺰّﻣﻦَ ﻓﻲ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﺍﻧﺒﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻮﻧﻮﻓﻮﻧﻴّﺔ ﺃﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨّﻤﻮﺫﺟﻴّﺔ ﻭ ﺍﻟﺘﻔﺮّﺩ ( ﺍﻟﺰّﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺍﻟﻤﻤﺘّﺪّ ) . ﻭ ﻣﻴﺰﺍﺗُﻪ ﺃﻧّﻪ ﻳﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﻨّﻔﻲ ﻭﺍﻻﻧﻘﻄﺎﻉ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺤﺎﺿﺮ ﻭﺍﻟﻤﺎﺿﻲ : ﻭ ﻳﺘﺸﻜّﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻧﻘﻄﺎﻉ ﺩﻻﻟﻴّﺎ ﻓﻲ ﺍﺳﺘﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ ﺯﻣﻨﻴﻦ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﻫﻤﺎ ﻣﺎﺿﻲ ﺍﻟﺤﺐّ ﻭ ﻭﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻭ ﺍﻟﺸّﻌﺮ " ﺍﻟﺤﻖّ ﺃﻥّ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻔﻦّ ﻗﺪ ﺗﻐﻴّﺮ، ﻭﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﺪﺭﻱ، ﺍﻟﻔﻦّ ﻗﺪ ﻣﻀﻰ ﻭﺍﻧﻘﻀﻰ، ﻭﻓﻦّ ﻋﺼﺮﻧﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺘّﺴﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘّﻬﺮﻳﺞ، ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﻔﻦّ ﺍﻟﻤﻤﻜﻦ ﻓﻲ ﺯﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻢ " ، ﻭﺣﺎﺿﺮ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﻭ ﺍﻟﻌﻠﻢ " ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻣﻀﺨّﺔ ﺗﻌﻤﻞ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﺍﻟﺸّﺮﺍﻳﻴﻦ ﻭﺍﻷﻭﺭﺩﺓ ﻭ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺮﺍﻓﺔ ﺃﻥ ﻧﺘﺼﻮّﺭﻩ ﻭﺳﻴﻠﺔً ﻟﻠﺤﻘﻴﻘﺔ ، ﻭﻟﻜﻨّﻪ ﻣﺠﺮَّﺩ ﺻﺨﺮﺓ ﻭﺳﻮﻑ ﺗﺘﻘﻬﻘﺮ ﺑﻚ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﺘّﺎﺭﻳﺦ " . ﻭﻣﻦ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﺍﻻﻧﻘﻄﺎﻉ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺰّﻣﻨﻴﻦ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﻭﺍﻟﺤﺎﺿﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﻮﻣﻀﺔ ﺍﻟﻮﺭﺍﺋﻴّﺔ ، ﻭ ﻫﻲ ﻭ ﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺿﻨﻴﻨﺔً ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﻓﺈﻧّﻬﺎ ﺗﺆﻛّﺪ ﺍﻧﻔﺼﺎﻝ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﻋﻦ ﺣﺎﺿﺮﻩ ﻭ ﺍﺭﺗﺪﺍﺩﻩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ " ﻭﻗﺪﻳﻤﺎ ﻗﻄﻊ ﺍﻟﺸّﺎﺏ ﺍﻟﻄّﻮﻳﻞ ﺍﻟﻨّﺤﻴﻞ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻤﻮﻇّﻒ ﺍﻟﺼّﻐﻴﺮ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﻃﻮﻻ ﻭ ﻋﺮﺿﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﻣﻴﻪ ﺩﻭﻥ ﺗﺬﻣّﺮ " . ﻭ ﻣﻦ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺍﻻﻧﻘﻄﺎﻉ ﺍﻟﺰّﻣﻨﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﻔﺼﻞُ ﺑﻴﻦ ﺯﻣﻨﻴﻦ ﻟﺸﺨﺼﻴّﺔ " ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ " ﺯﻣﻦ ﺍﻟﺸّﺎﻋﺮ ﺍﻟﺜّﺎﺋﺮ " ﻋﻬﺪ ﺍﻟﺤﺮﻣﺎﻥ ﻭ ﺍﻷﻣﻞ ... ﻭﺃﺣﻼﻡ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﻔﺎﺿﻠﺔ " ﻭ ﻋﻬﺪ ﺍﻟﻘﻠﻖ ﻭﺍﻟﺴّﺆﺍﻝ ﻭ ﺍﻟﺤﻴﺮﺓ ﻭ ﺍﻟﻐﺮﺑﺔ ﻭﻳﺸﻤﻞ ﺍﻟﺰّﻣﻦ ﺍﻟﻨّﻔﺴﻲ ﺍﻟﻤﺮﺗﺒﻂ ﺑﺄﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﺍﻟﻤﺄﺯﻭﻣﺔ " ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻳﺎ ﺩﻛﺘﻮﺭ ﻣﺎ ﺃﺟﻤﻞ ﻛﻞَّ ﺍﻷﺯﻣﺎﻥ ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎﺀ ﺍﻵﻥ ." ﻭ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻧﺘﺒﻴّﻦ ﻓﻲ " ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ " ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺰّﻣﻦ ﺍﻟﻤﻤﺘﺪّ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺛﻨﺎﺋﻴّﺔ ﺍﻟﻔﺠﺮ ﻭﺍﻟﻈّﻼﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﺜّﻠﺖ ﺃﺳﺎﺳًﺎ ﺭﻣﺰﻳّﺎ ﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ، ﻓﻘﺪ ﺟﺮﺕ ﺃﻏﻠﺐ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﻓﻲ ﺍﻟﻠّﻴﻞ " ﻷﻥَّ " ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﻨﺸُﺪُ ﺩﻭﺍﺀﻩ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺠﻦّ ﺍﻟﻠّﻴﻞ ﻓﻴﻨﺘﻘﻞ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﻼﻫﻲ ﺍﻟﻠّﻴﻠﻴّﺔ ﻭﻳﺘﺠﻮّﻝ ﻭ ﻳﻘﻒ ﻋﻨﺪ ﺍﻷﻫﺮﺍﻡ ﻭ ﻳﺘﺄﻣّﻞ ﺍﻟﻈّﻼﻡ ﻭ ﻳﺘﺴﻮّﻝ ﺍﻟﻨّﺸﻮﺓ ﺍﻷﺑﺪﻳّﺔ . ﻭ ﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻏﻠﺐ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﻬﺎﻣّﺔ ﺗﺠﺮﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻠّﻴﻞ : ﻣﺜﻞ ﺗﻌﺮّﻓﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺭﻏﺮﻳﺖ ﻭ ﻭﺭﺩﺓ ﻭ ﺍﻧﻜﺸﺎﻑ ﺳﺮّ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻭ ﻣﻴﻼﺩ ﺳﻤﻴﺮ ... ﻭ ﺃﻣّﺎ ﺍﻟﻔﺠﺮ ﻓﻘﺪ ﺍﻗﺘﺮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﺑﺼﻔﺔ ﺃﻭﺿَﺢ ﺑﺎﻟﺨﻠﻖ ﻭﺍﻟﻮﻻﺩﺓ . ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ ﻳﺘﻘﻠّﺐ ﻓﻲ ﻣﺨﺎﺽ ﺍﻟﻨّﺸﻮﺓ ﻓﺠﺮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺼّﺤﺮﺍﺀ ﻛﺎﻧﺖ ﺯﻭﺟﺘﻪ ﺗﻠﺪُ ﻓﺎﺗﺤﺔً ﻋﻬﺪﺍ ﺟﺪﻳﺪﺍ ﻫﻮ ﻋﻬﺪ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﻤﺮﻛّﺐ ﻣﻦ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺧﻠﻴﻞ ﻭ ﺍﻟﻄّﻔﻞ ﺳﻤﻴﺮ ﻭﺍﻟﺠﻨﻴﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺛﻤﺮﺗﻪ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﺜﻴﻨﺔ ــ ﺍﻟﺸِّﻌﺮ ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﻌﺜﻤﺎﻥ ﺧﻠﻴﻞ ــ ﺍﻟﺜّﻮﺭﺓ 17)". ) .
ﻭ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮﺭ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜّﻨﺎﺋﻴّﺔ : ﻓﺠﺮ / ﻇﻼﻡ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺇﻥَّ ﺍﻟﺰّﻣﻦ ﻓﻲ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﻫﻮ ﺯﻣﻦ ﻣﺘﻮﺍﺻﻞ ﺗﻨﺘﻔﻲ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺤﺪﻭﺩ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﻭﺍﻟﺤﺎﺿﺮ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ . ﺇﻧّﻪ ﺯﻣﻦ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻤﻐﺎﻣﺮ ﻓﻲ ﺣﺮﻛﺘﻪ ﺍﻟﺪّﺅﻭﺑﺔ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﺘّﺤﺮّﺭ ﻣﻦ ﻗﻴﻮﺩ ﺍﻟﺮّﺗﺎﺑﺔ ﻭﺍﻟﺨﻤﻮﺩ ، ﻭ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﻌﻨﻰ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ ﺇﺫ " ﻛﻴﻒَ ﻳﺮﺣﻞ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺎﻟَﻢ ﻣَﻦ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟَﻢ ﻓﻴﻪ؟ ﻭ ﻗﺪ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ ﻓﻲ ﻳﻘﻈﺘﻪ ﺃﻥ ﻳﻐﻴﺐَ ﻋﻦ ﻛﻞّ ﺷﻲﺀ ، ﻭ ﻟﻜﻦ ﻫﻞ ﻳﻤﻠِﻚ ﺃﻥ ﻳﺤﻮﻝ ﺩﻭﻥ ﺣﻀﻮﺭ ﻛﻞّ ﺷﻲﺀ ﻓﻲ ﻭﻋﻴﻪ؟ ﻭﻫﺎﻫﻲَ ﺃﻃﻴﺎﻑ ﺍﻟﻌﺎﻟَﻢ ﺗﻄﺎﺭﺩﻩ ﻓﻲ ﺧﻠﻮﺗﻪ ... ﻃﻴﻒُ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻨﺬ ﺃﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥُ ﻓﻲ ﻃﻮﺭ ﺻﺮﺍﻋِﻪ ﻣﻊ ﺣﻴﻮﺍﻧﻴّﺘﻪ ." ( 18 ) ﻭ ﻫﻜﺬﺍ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻠﺰّﻣﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﺇﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﺧﺼﺎﺋﺺ ﺍﻟﻘﻄﻴﻌﺔ ﻭ ﺍﻻﻧﻔﺼﺎﻝ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﻭﺍﻟﺤﺎﺿﺮ ﻣﻈﻬﺮ ﺍﻻﻣﺘﺪﺍﺩ ﻓﻲ ﺃﺑﻌﺎﺩﻩ ﺍﻟﺮّﻣﺰﻳّﺔ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﺯﻣﻦَ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻲّ ﻭﻋﻨﻮﺍﻧﺎ ﻟﺤﺮﻛﺔ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﺬّﺍﺕ ﺍﻟﻤﻘﺬﻭﻓﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ، ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺬّﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﺎ ﺇﻥ ﻳﺨﺮُﺝ ﻣﺎﺿﻴﻬﺎ ( ﻋﺜﻤﺎﻥ ) ﺣﺘّﻰ ﺗﻬﺎﺟﺮَ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻠﻢ ﻭﺍﻟﺠﻨﻮﻥ .
*********************************************
*********************************************
*********************************************
*********************************************
*********************
*********¬******************** ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻲ
ﺗﺨُـﺺُّ ﻋﻤﻠﻴّﺔ ﺍﻟﺘّﻮﺍﺻﻞ ﻓﻲ ﺧﻄﺎﺏ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻲّ ﻃﺮﻓﻴﻦِ ﻳﻨﺤﺼﺮﺍﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺬّﺍﺕ ﺍﻟﻤﺘﻜﻠّﻤﺔ ﻭ ﺍﻟﺴّﺎﻣﻌﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ، ﻓﻜﻼﻡ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﻻ ﻳﺘﺠﺎﻭﺯ ﻣﻨﻄﻘﺔَ ﺍﻟﺬّﺍﺕ ﻭ ﺩﺍﺋﺮﺓَ ﻧﻔﺴﻬﺎ ، ﻭﻫﻲ ﺗﺨﻠُﻖُ ﻣﻦ ﺫﺍﺗﻬﺎ ﺫﺍﺗﺎ ﺃﺧﺮﻯ ﺗُﺨﺎﻃِﺒُﻬﺎ . ﻭﻳﺼﺪُﺭُ ﺃﺳﻠﻮﺏ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻲّ ﻋﻦ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﻧﻔﺴِﻬﺎ ، ﻓﻴﺨﺘﻠﻒُ ﺧﻄﺎﺑُﻬﺎ ﺑﺬﻟﻚ ﻋﻦ ﺍﻟﺴّﺮﺩ ( ﺣﻜﺎﻳﺔ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ) ﻭ ﺍﻟﻮﺻﻒ ( ﺣﻜﺎﻳﺔ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ) ﻭﻫﻮ ﺇﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﺫﻟﻚ ﻳُﺒـﺎﻳِﻦُ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭَ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻲَّ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻲّ ﺍﻟّﺬﻱ ﺗﻜﻮﻥ ﻓﻴﻪ ﺫﺍﺕُ ﺍﻟﻤﺨﺎﻃَﺐِ ﺣﺎﺿﺮﺓً ﺑﺄﻗﻮﺍﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺇﻃﺎﺭ ﻋﻤﻠﻴّﺔ ﺍﻟﺘّﺨﺎﻃﺐ ، ﻭ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺺّ ﺍﻟﺴّﺮﺩﻱّ ﻋﻼﻣﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﻠّﻔﻈﻴّﺔ ﺍﻟﺪّﺍﻟﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻲّ ﺣﺼﻴﺮَ ﺍﻟﺬّﺍﺕ ﻻ ﻳﺨﺮُﺝ ﻋﻨﻬﺎ ، ﺇﻧّﻪ ﺻﻮﺗُﻬﺎ ﺍﻟﻤﺒﺎﺷﺮُ ﻳﻀﻄﻠﻊُ ﺑﻔﻌﻞ ﺍﻟﺘﻠﻔّﻆِ ﻓﺘﺒﺚُّ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏَ ﻭﺗﺘﻘﺒّﻠُﻪ ﻓﻲ ﻧﻔﺲِ ﺍﻟﻮﻗﺖِ . ﻭ ﻫﺬﻩ ﻫﻲَ ﺳِﻤﺔُ ﺍﻷﺳﻠﻮﺏِ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻲّ، ﻓﺎﻟﺨﻄﺎﺏُ ﺫﺍﺗﻲٌّ ﻭﺍﻟﻜﻼﻡُ ﻣﻨﺸﺄُﻩ ﺣﺮﻛﺔُ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ ﻭﺧﻠﺠﺎﺕِ ﺍﻟﻮﺟﺪﺍﻥ، ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈﻥَّ ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ ﺍﻟﻤﺘﺤﺎﻭِﺭﺓَ ﻓﻴﻪ ﻣﺘّﺤﺪﺓٌ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻄﻠﻖ ﻭﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻴّﺔ ﺍﻟﺘّﺨﺎﻃﺐ . ﻭﺇﻥَّ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﺴِّﻤﺔ ﻟِﺨﻄﺎﺏ ﺍﻟﺬّﺍﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻲّ ﻣﺎ ﻳﻤﻴّﺰﻫﺎ ﻣﻦ ﺟﻬﺔِ ﺍﻷﺳﻠﻮﺏِ ، ﻓﺎﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺍﻟﻘﺼﺼﻴّﺔ ﺗﻨﺘﻘﻲ ﺍﻟﻠّﻐﺔ ﺍﻟّﺘﻲ ﺑﻬﺎ ﺗﺘﻜﻠّﻢُ ﻋﻦ ﺫﺍﺗﻬﺎ ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳُﻔﺴِّﺮُ ﺇﻟﻰ ﺣﺪٍّ ﻣﺎ ﺗﺄﺩﻳَﺔَ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ ﺑﺄﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻹﻧﺸﺎﺀ ﺍﻟﻄّﻠﺒﻲ ﻭ ﻋﻨﺎﺻﺮﻩ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻛﺎﻻﺳﺘﻔﻬﺎﻡ ﻭ ﺍﻟﺘﻌﺠّﺐ ﻭ ﺍﻟﻨّﺪﺍﺀ ﻭﺍﻟﺘّﻤﻨﻲ ﻭﺍﻷﻣﺮ ﻭ ﺍﻟﻨّﻬﻲ ﻭ ﻛﻠّﻬﺎ ﻭﺳﺎﺋﻞُ ﺗﻌﺒﻴﺮﻳّﺔ ﺗﻨﺸﺄ ﻓﻲ ﺍﻟﺬّﺍﺕ ﻣﻌﻠﻨﺔً ﻟﺤﻈﺔً ﻣﺎ ﻣﻦ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ﺃﻭ ﺍﻟﺮّﻏﺒﺔ ﺃﻭ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺤﻴﺮﺓِ ﺃﻭ ﺍﻟﻘﻠﻖ . ﻭﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺃﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻹﻧﺸﺎﺀ ﻓﺈﻥَّ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻲَّ ﻳُـﺆَﺩَّﻯ ﺑﻐﻴﺎﺏ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﻠّﻔﻈﻴّﺔ ﻓﺘﻨﺘﻔﻲ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﻤﺨﺎﻃَﺒﺎﺕ ( Tiret ) ﻭﺍﻟﺘّﻨﻘﻴﻂ Ponctuations ) ﻭﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻤﻤﻬّﺪﺓ ﻟﻠﺤﻮﺍﺭ ( Verbes introducteurs ) ﻷﻥَّ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔِ ﻳﻮﻟَﺪُ ﻋﻔﻮِﻳًّﺎ ﻓﻴﺄﺗﻲ ﺩﻭﻥ ﻣﻘﺪِّﻣﺎﺕ ﺃﻭ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﺗﺤﺪِّﺩﻩ . ﻭﻫﻮ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﺳﻠﻮﺏٌ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻋﻤﺎﺩُﻩ ﺳَـﻮْﻕُ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﻤﻘﺘﻀَﻰ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻨّﻔﺴﻴّﺔ ﻭﺍﻟﻮﺟﺪﺍﻧﻴّﺔ . ﻭﻣﻦ ﺃﻣﺜﻠﺔِ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺭﻭﺍﻳﺔِ " ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ " ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﻄﻊ ﺍﻟّﺬﻱ ﻳﺘﻮﺳّﻂ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻲّ ﺍﻟﻮﺻﻒَ ﻭﺍﻟﺴّﺮﺩَ ﻓﻴﺮِﺩُ ﻛﻼﻡُ " ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ " ﻟﺤﻈﺔَ ﺍﻧﺒﺜﺎﻕِ ﻭﻋﻴِﻪ ﺑﺎﻷﺯﻣﺔ ﻭﺭﻭﺩًﺍ ﻋﻔﻮﻳًّﺎ ﺗﻄﺎﺑﻘﺖ ﻓﻴﻪ ﺃﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻹﻧﺸﺎﺋﻴّﺔ ﺑﺄﺣﻮﺍﻝ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻟﻘﻠﻘﺔ " ﻟﻢ ﺗُﻠﻌَﻦ ؟ ﻭﺃﻧﺖَ ﻟﻢ ﺗُﺼَﺐْ ﺑﺴﻮﺀ؟ ﻣﺎﺫﺍ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﻟﻤﻘﺒِﻞ ﻋﻠﻰ ﺭﺣﻠﺔٍ ﻏﺎﻣﻀﺔ .! ﺍﻟﺤﺎﺋﺮ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺤﺐّ ﻭﺍﻟﻀّﺠﺮ . ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻢ ﻳﺤﺪِّﺙ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻌﺪ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺷﺎﻓﻴﺔ "... ( ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ / ﺹ 16 ) . ﺇﻥّ ﺧﻄﺎﺏ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔِ ﻟﺬﺍﺗﻬﺎ ﻻ ﻳﺪﺧُﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺺّ ﺍﻟﺴّﺮﺩﻱّ ﺇﻻّ ﻟﺤﻈﺔَ ﺗﺪﺧُﻞُ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺍﻟﻘﺼﺼﻴّﺔ ﺩﺍﺋﺮﺓَ ﺍﻟﻀّﻮﺀ ﻓﻲ ﺳﻴﺎﻕ ﺍﻧﻔﻌﺎﻟﻲ ﺃﻭ ﺻِﺪﺍﻣﻲ ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻬﻮ ﻣﺤﻜﻮﻡٌ ﻓﻲ ﺃﺳﻠﻮﺑﻪ ﺑﺎﻟﺬّﺍﺗﻴّﺔ ﻭ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﻄﻠﻖ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺇﻥَّ " ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺎﺕ ﻫﻲ ﺃﻧﻤﺎﻁ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ " ﻋﻠﻰ ﺣﺪّ ﺗﻌﺒﻴﺮ " ﺗﻮﺩﻭﺭﻭﻑ " ( 19 ) . ﻭﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻲّ ﻣﻦ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﻘﺺّ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺃﻭﺗﻌﺮﻳﻔﻬﺎ ﻓﺘﻌﺮﺽ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﺣﻴﺎﺓَ ﺍﻟﺼّﺮﺍﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ ، ﻭ ﻣﻦ ﻧﻤﺎﺫﺝ ﺫﻟﻚ ﺍﻧﻘﻄﺎﻉ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﺍﻟﻤﺒﺎﺷﺮ ﺑﻴﻦ ﻋﻤﺮ ﻭ ﺑﺜﻴﻨﺔ ﻭﺍﻧﺨﺮﺍﻁ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﻓﻲ ﻋﺮﺽ ﺻﺮﺍﻋﻬﺎ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻣﺆﺷّﺮﺍ ﻗﺼﺼﻴّﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﺯﻣﺔ ﺗﻀﻄﺮﻡ ﺑﺪﺍﺧﻠﻪ " ﻫﺎﻫﻲ ﺃﻣّﻚ ﺗﺤﺎﻛﻲ ﺍﻟﺒﺮﻣﻴﻞ . ﻭ ﺍﻷﻓﻖ ﻳُﺤﺎﻛِﻲ ﺍﻟﺴّﺠﻦ . ﻭﺍﻟﺤﺮﻳّﺔ ﺍﺳﺘﻜﻨﺖ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻷﻓﻖ . ﻭﻟﻢ ﻳﺒﻖَ ﻣﻦ ﺃﻣﻞ ﺇﻻّ ﺍﻟﻀّﺠﺮ ﺍﻟﻤﻌﺬِّﺏُ ". ( ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ / ﺹ 18 ) . ﻭﻳﺴﻤﺢُ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﻟﻨﻔﺴِﻬﺎ ﺑﺄﻥْ ﺗﺘﻜﻠَّﻢَ ﻋﻔﻮﻳًّﺎ ﻋﻦ ﺃﻭﺿﺎﻋﻬﺎ ﺍﻟﻤﻌﻴﺸﺔِ ﻓﻲ ﺣﺮﻛﺔ ﺑﺎﻃﻨﻬﺎ . ﻭ ﻳﺴﺎﻫﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡُ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻘﺺّ ﻓﻲ ﻧﻤُﻮِّ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺍﻟﻘﺼﺼﻴّﺔ ﻟﻴﻜﻮﻥَ ﺍﻟﺤﺪﺙُ ﺍﻟﻨّﻔﺴﻲّ ـ ﻣُﻤﺜّﻼً ﺑﺎﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ـ ﻟَﺒِﻨﺔً ﻣﻦ ﻟﺒﻨﺎﺕ ﺗﻄﻮّﺭﻫﺎ ﺿﻤﻦ ﻣﺴﺎﺭ ﺍﻟﻘﺺّ، " ﻭ ﺃﺭﻫﻘَﻚَ ﺍﻟﺼّﻤﺖ، ﻭ ﺃﻟﺢَّ ﻋﻠﻴﻚ ﺍﻟﺤﺮﻣﺎﻥ، ﻭ ﻓﺘﺢ ﺍﻟﺤﺐُّ ﺫﺭﺍﻋﻴﻪ، ﻭﺃﺛﺒﺖ ﺍﻟﺸِّﻌﺮُ ﺃﻧّﻪ ﻻ ﻗﺪﺭﺓ ﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻣﺘﻼﻙ " ( ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ /ﺹ 49 ) . ﻭﺃﻣّﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻤﻴّﺰ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﻓﺈﻧّﻪ ﺃﺳﻠﻮﺏ ﺍﻟﺼّﻮﺕ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻷﻥّ ﻛﻞّ ﺍﻟﻤﺨﺎﻃَﺒﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﺗﺮﺗﺪّ ﺇﻟﻰ " ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ " ﺃﻭ ﺗﺮﺗﺒﻂُ ﺑﻪ، ﻭﻳﻌﻨﻲ ﺫﻟﻚ ﺃﻥّ ﻣﺪﺍﺭ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻭ ﻣﻮﺿﻮﻋﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﺃﻭ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﺍﻟﻤﺒﺎﺷﺮ ﻳﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺣﻀﻮﺭ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﻧﻘﻞ ﺍﻟﻜﻼﻡ، ﻭﺑﻌﺒﺎﺭﺓ ﺃﺩﻕَّ ﻓﺈﻥّ ﺃﻗﻮﺍﻝ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴﺎﺕ ﻭﻣﺨﺎﻃَﺒﺎﺗِﻬﺎ ﺗﻜﺸﻒُ ﺃﺑﻌﺎﺩَ ﺷﺨﺼﻴّﺔ " ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ " ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﻴّﺔ ﻭ ﺍﻟﺮّﻣﺰﻳّﺔ، ﻭ ﻳﺠﻠﻮ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﻮﺍﻝ ﻣﺎ ﻳﻠﺤﻖ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﻣﻦ ﺗﻐﻴُّﺮ ﺃﻭ ﻣﺎ ﻳﻄﺮﺃ ﻋﻠﻰ ﺃﺣﻮﺍﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﻘﻠّﺐ . " ﻓﻲ ﺣﺠﺮﺓ ﺍﻻﻧﺘﻈﺎﺭ ﺭﻓﻊ ﻋﻴﻨﻴﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺼّﻮﺭﺓ ﻣﺮّﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻟﻢ ﻳﺰﻝ ﺍﻟﻄّﻔﻞ ﻣﻤﺘﻄﻴﺎ ﺟﻮﺍﺩﻩ ﺍﻟﺨﺸﺒﻲّ ﻣﺘﻄﻠّﻌﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻓﻖ ." ﺍﻭﻟﺤﻮﺍﺭ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﺷﺄﻧﻪ ﺷﺄﻥ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﺍﻟﻤﺒﺎﺷﺮ ﺟﺮﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻭﻇﻴﻔﺔ ﻛﺸﻔﻴّﺔ ﺗﺠﻠﻮ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭ ﺃﺯﻣﺘﻪ، " ـ ﻭﻟﻜﻦ ﺇﻟﻰ ﺃﻳﻦ ؟ " ﻭ ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﺗﻨﻮّﻋﺖ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺗﺄﺩﻳﺘﻪ ﻭﺍﻗﺘﺮﻥ ﺑﺎﻟﺮّﺅﻯ ﻭﺃﺣﻼﻡ ﺍﻟﻴﻘﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺧﺎﺗﻤﺔ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ( ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﺸﺮ ) ، ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺑﺎﻃﻦ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺍﻟﻘﺼﺼﻴّﺔ " ﻣﺎﺩّﺓً ﺗُﻘَﺺُّ ﻗﻮﺍﻣﻬﺎ ﺍﻷﺣﺎﺳﻴﺲُ ﻭﺍﻟﺨﻮﺍﻃﺮ ﻭﻣﺎ ﺷﺎﻛﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﻜﻮّﻧﺎﺕ ﻋﺎﻟَﻢ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ ، ﻓﺈﻧّﻪ ﺗﻘﻨﻴﺔ ﻗﺼﺼﻴّﺔ ( ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻫﻮ ﺃﺩﺍﺓ ﻣﻦ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ) ﺃﺑﺮﺯﺕ ﻣﺎ ﻟﻠﺤﻮﺍﺭ ﻣﻦ ﺻﻠﺔٍ ﺑﺎﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﻨّﻔﺴﻴّﺔ ﻭﺍﻟﺬّﻫﻨﻴّﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺎﻟﺠﺘﻬﺎ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ( 20 ) . ﻓﻔﻲ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ﺃﺩّﻯ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻛﻴﻔﻴّﺎﺕ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺍﻟﻘﺼﺼﻴّﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟّﻢ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻬﺎ ﻭ ﺍﻧﺒﻨﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘّﺴﺎﺅﻝ ﻭﺍﻟﺤﻴﺮﺓ، " ﻭﻓﻲ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺃﺟﻠﻰ ﺍﺳﺘﺒﻄﺎﻥ ﺍﻟﺬّﺍﺕ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭ ﺟﺪﻝ ﺍﻟﻌِﻠﻢ ﻭﺍﻟﺸّﻌﺮ ﻭ ﺍﻟﻔﻦّ ﻭ ﺍﻟﺜّﻮﺭﺓ . ﻭ ﺃﻣّﺎ ﺍﻟﺤًﻠﻢ ﻓﻘﺪ ﻋﺒّﺮ ﻋﻦ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻟﻬﺮﻭﺏ ﻭ ﻟﺬﻟﻚ " ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺤﻠﻢ ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻬﺮﻭﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﻤﻌﻴﺶ . ﻭﻫﻮ ﻫﺮﻭﺏ ﻳﻤﺪّ ﻗﺪﻣﻴﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﻭﻳﺘﻄﻠّﻊ ﺑﻌﻨﻘﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ " ( 21 ) . ﻭﺍﻟّﺬﻱ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﺳﺘﺨﻼﺻﻪ ﻣﻤّﺎ ﺗﻘﺪّﻡ ﺃﻥّ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻜﻮّﻧﺎﺕ ﺍﻟﺒﻨﺎﺋﻴّﺔ ﻟﻠﻔﻦّ ﺍﻟﺮّﻭﺍﺋﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻛﺸﻒ ﺳﻤﺔ ﺍﻟﻤﺘﻦ ﺍﻟﺮّﻭﺍﺋﻲّ ﺍﻟﻤﻮﻧﻮﻓﻮﻧﻲ ( ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺼّﻮﺕ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ) . ﺇﻧّﻬﺎ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺗﺘﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﺘّﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ " ﻧﺜﺮ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻴﻮﻣﻴّﺔ ﻭ ﺗﺮﻏﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﺘّﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﺷﻌﺮﻳّﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ... ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﻧﻔﻬﻢ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻧﺤﻼﻝ ﺍﻟﺸّﻜﻞ ﺍﻟﺮّﻭﺍﺋﻲ ـ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ـ ﻓﻜﻠّﻤﺎ ﺃﻭﻏﻠﺖ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﻓﻲ ﻓﻜﺮﺓٍ ﺃﺣﺎﺩﻳّﺔ ﺍﻟﺼّﻮﺕ ـ ﻗﺪَﺭ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﻣﺼﻴﺮﻩ ـ ﺍﻗﺘﺮﺑﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﺘّﻌﺒﻴﺮ ﺍﻟﻤﻠﺤﻤﻲ 22" ) . ﻟﻘﺪ ﺟﻤﻌﺖ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺔَ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ ﻭﺷﺨّﺺ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺴّﺮﺩﻱّ ﺍﻟﻨّﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﻔﺮﺩﻱ ﻟﻠﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺍﻟﻘﺼﺼﻴّﺔ ﻭﺭﺅﻳﺔ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﺗﻌﺒّﺮ ﻋﻦ ﺻﻮﺗﻪ ﺍﻟﻔﺮﻳﺪ ﻓﻲ ﺭﺣﻠﺔ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ، ﻭﺍﺗّﺠﻪ ﺍﻟﺰّﻣﻦ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﻣﺘﺪﺍﺩ ﻭﻓﻖ ﺛﻨﺎﺋﻴّﺔ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﻭ ﺍﻟﺤﺎﺿﺮ، ﻭ ﺍﺭﺗﺒﻂ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﺑﺎﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺍﻟﺮّﺋﻴﺴﻴّﺔ ، ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ " ﻧﺘﺎﺝَ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﺟﺪﻳﺪ ﺭﻛّﺰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘّﻌﺒﻴﺮ ﺍﻟﻔﺮﺩﻱ ﻭﺃﻟﻐﻰ ﺍﻟﺘّﻌﺪُّﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗﻞّ ﻓﻲ ﻣﻨﻈﻮﺭﻩ ﺍﻟﺴّﻴﺎﺳﻲ " ( 23 ) . ﻭ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﻄﻠﻖ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺇﻥَّ ﻃﺒﻴﻌﺔَ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﺍﻟﺬﻫﻨﻴّﺔ ﻗﺪ ﺧﻠّﺼﺘﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺭﻭﺍﻳﺔَ ﺧُﺴﺮﺍﻥ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺬﻱ ﻇﻞّ " ﺳﻴﺰﻳﻒ " ﻳﺘﺤﺮّﻙ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻹﻣﺴﺎﻙِ ﺑﻪ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻻﻧﻬﺎﻳﺔَ . ﻭ ﻟﻌﻞّ " ﻣﺎ ﻳﻤﻴّﺰ ﺣﺪﺍﺛﺘﻨﺎ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻫﻮ ﺃﻥَّ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥَ ﻓﻴﻪ ﻗﺪ ﻓﻘﺪ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻭﺧﺴِﺮﻩ، ﺫﻟﻚ ﺃﻥَّ ﻣﺮﺍﺟﻊ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻟﻔﻬﻢ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻗﺪ ﺗﻐﻴَّﺮﺕ ﺗﻤﺎﻣﺎ، ﻓﻼ ﻣﺠﺎﻝَ ﻟﻔﻬﻢ ﺍﻟﻌﺎﻟَﻢ ﺇﻻّ ﺑﺎﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﻌﻨﺎﻩ 24)" ) ﻭﻹﺟﻼﺀ ﻓﻜﺮﺓ ﺧﺴﺮﺍﻥ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻓﻲ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﺳﻨﻌﻤﺪُ ﺇﻟﻰ ﻭﺻﻒ ﺗﺠﻠّﻴﺎﺕ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﺴﺮﺍﻥ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﻤﺘﻦ ﺍﻟﺮّﻭﺍﺋﻲ ﻭ ﺗﺄﻭﻳﻞ ﺩﻻﻻﺗﻪ .
*********************************************
*********************************************
*********************************************
*********************************************
*********************
ـ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﻭ ﺍﻟﺪّﻻﻻﺕ
ﻟﻘﺪ ﻛﺘﺐَ ﻧﺠﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮﻅ ﺭﻭﺍﻳﺔ " ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ " ﻓﻲ ﺳﻴﺎﻕ ﺗﺎﺭﻳﺨﻲ ﻣﺤﺪَّﺩ ( 25 ) . ﺣﺘّﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸّﻜﻞ ﺍﻟﺮّﻭﺍﺋﻲ ﺃﻥ ﻳﺘﺠﺎﻭﺯ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻷﺩﺏ ﺑﺎﻟﻮﺍﻗﻊ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﻧﻔﺘﺎﺡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺘﻀﻤّﻨﺎﺕ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳّﺔ ﻭ ﺍﻷﺧﻼﻗﻴّﺔ ﻟﺘﻠﻚَ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺘّﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ . ﻓﻔﻜﺮﺓ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ ﻣﺜّﻠﺖ ﻋﻨﻮﺍﻥ ﺍﻟﻤﺘﻦ ﺍﻟﺮّﻭﺍﺋﻲ ﻓﻲ ﺭﻭﺍﻳﺎﺕ ﻣﺤﻔﻮﻅ ﺍﻟﻤﻮﺳﻮﻣﺔ ﺑﺎﻟﺬّﻫﻨﻴّﺔ ( ﺍﻟﻠﺺّ ﻭﺍﻟﻜﻼﺏ، ﺍﻟﻄّﺮﻳﻖ، ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ) . ﻭ ﺑﻄﻞُ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﺭﺳﻢ ﺧﻂّ ﺍﻟﺼّﺪﺍﻡ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻈّﺎﻫﺮﻱ ﻭﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻷﻥّ ﺍﻟﻌﺎﻟَﻢ ﺍﻟﻤﻌﻴﺶ Le monde vécu " ﻗﺪ ﺗﻐﻴّﺮ ﺑﻌﺪ ﺛﻮﺭﺓ 1952 ﻭ ﺃﻥَّ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﺎﻟَﻢ ﻗﺪ ﺗﻐﻴّﺮﺕ ﺃﻳﻀﺎ، ﻭ ﻗﺪ ﺗﻮﻟّﺪ ﻣﻦ ﺟﺮّﺍﺀ ﺫﻟﻚ ﺃﺯﻣﺔ ﻋﻤﻴﻘﺔ ﻓﻲ ﺿﻤﻴﺮ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ . ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻳُﺪﺭَﻙ ﺍﻟﻌﺎﻟّﻢ ﺑﻄﺮﻕ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺗﺼﺒﺢُ ﻃﺮﻕ ﺗﻘﻴﻴﻤِﻪ ﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﻣﺘﺒﺎﻳﻨﺔ . ﻭ ﻳﻀﺤﻰ ﻟﻜﻞّ ﻓﺮﺩ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺧﺎﺻّﺔ ﺑﻪ . ﻭ ﺣﻴﻨﺌﺬ ﺗﺘﻨﺎﺯﻉ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﻭ ﺗﺤﺘﺪﻡ ﻓﻲ ﺻﺮﺍﻉ ﻻ ﻣﺨﺮﺝَ ﻣﻨﻪ ﺇﻻّ ﺇﺫﺍ ﻫﻴﻤﻨﺖ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻭﻓﺮﺿﺖ ﻧﻔﺴَﻬﺎ ﺑﺎﻟﻘﻮّﺓ 26)" ) . ﻭ ﻧﺘﺒﻴّﻦ ﻣﻦ ﻣﻘﻮﻟﺘَﻲْ " ﺍﻟﺼّﺮﺍﻉ " ﻭ " ﺍﻷﺯﻣﺔ ﺍﻟﻌﻤﻴﻘﺔ " ﺃﻥّ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺍﻟﻘﺼﺼﻴّﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﺃﺿﺤﺖ ﺗﺘﺤﺪّﺩُ ﺑﻤﺎ ﻳُﺴﻨَﺪُ ﺇﻟﻰ ﺃﻋﻤﺎﻟِﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﻴﻤﺔ . ﻓــ " ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ " ﻳﻤﺜّﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺘﻦ ﺍﻟﺮّﻭﺍﺋﻲ " ﺃﺯﻣﺔَ ﺍﻟﺒﻄﻞ " ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻓﻲ ﻭﺿﻊ " ﺧﺴﺮﺍﻥ ﺍﻟﻬﻮﻳّﺔ " . ﺇﻧّﻪ ﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﺫﺍﺗﻪ ﻭ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺇﺭﺍﺩﺗﻪ، " ﻭ ﻳﻈﻞّ ﻋﻘﻠُﻚَ ﻳﺘﺎﺑﻊ ﻫﻮﺍﺟﺴﻪ، ﻣُﺴَﻠِّﻤﺎ ﺑﺄﻧّﻚ ﺗﻐﻴَّﺮﺕ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻤّﺎ ﺗﺘﺼﻮّﺭ، ﻓﻴﺎ ﺗُﺮَﻯ ﻣﺎﺫﺍ ﺃﺭﻳﺪُ؟ ﺃﺟﻞ ﻣﺎﺫﺍ ﺃﺭﻳﺪ؟ " ( ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﺹ 51/ ) . ﻭﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺗﻌﻠﻴﻞُ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﺴﺮﺍﻥ ﺑﻤﺎ ﺣﺪﺙَ ﻟﻠﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﻣﻦ ﺗﻐﻴّﺮﺍﺕ ﻭ ﻃﺮﺃ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﻘﻠّﺒﺎﺕ ﻓﻲ ﻣﺴﺎﺭ ﺭﺣﻠﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﻌﻨﻰ . ﻭﻧﺤﻦ ﻧﻼﺣﻆ ﺃﻥّ ﺃﻭﻟﻰ ﺩﺭﺟﺎﺕ ﺧﺴﺮﺍﻥ ﺍﻟﻬﻮﻳّﺔ ﺃﻭ " ﻣﺄﺯﻕ ﺧﺴﺮﺍﻥ ﺍﻟﻬﻮﻳّﺔ " ﺟﺴّﻤﻪ ﺍﻧﻘﻄﺎﻉ " ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ " ﻋﻦ ﻃﺒﺎﻋﻪ ﺍﻟﺜّﺎﺑﺘﺔ ﺍﻟﻤﺄﻟﻮﻓﺔ، ﻭ ﺃﺿﺤﺖ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻟﻤﺮﻳﻀﺔ ﺇﺣﺪﻯ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﺫﻟﻚ ﺍﻻﻧﻘﻄﺎﻉ " ﻻ ﺃﻋﺘﻘﺪ ﺃﻧّﻲ ﻣﺮﻳﺾ ﺑﺎﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻤﺄﻟﻮﻑ .. ﻭﻟﻜﻨّﻲ ﺃﺷﻌﺮُ ﺑﺨﻤﻮﺩ ﻏﺮﻳﺐ . ( ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ،ﺹ 7 ) .
ﻳﺠﺴّﺪ ﺍﻧﻘﻄﺎﻉ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﻋﻦ ﻣﺄﻟﻮﻑ ﻃﺒﺎﻋﻬﺎ ﺍﻟﻤﻈﻬﺮَ ﺍﻟﻨّﻔﺴﻲ ﻷﺯﻣﺘﻬﺎ، ﻭﻗﺪ ﺃﺟﻠﺖْ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺸّﻌﺮ ﻭ ﺍﻟﺴّﻴﺎﺳﺔ ﻭ ﺍﻟﺤﺐّ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻧﻘﻄﺎﻉ ﻭ ﺑﺮّﺭﺕ ﺣﺪﻭﺛﻪ ﺑﻀﻴﺎﻉ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ " ﺗﻌﻬُّﺪ ﺍﻷﻧﺎ " ﻭﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﺩﻳﻤﻮﻣﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺰّﻣﺎﻥ ، ﻭﺗﻤﺜّﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴّﻤﺔ : ﺍﻟﻌﺠﺰ ﻋﻦ ﺍﻻﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺰّﻣﺎﻥ ﺑﻼ ﺗﺒﺪّﻝ ﺃﻭ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﻣﻜﻮّﻧﺎ ﺑﻨﺎﺋﻴّﺎ ﻟﻠﺸّﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﻘﺼﺼﻴّﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺬّﻫﻨﻴّﺔ . ﻓﺄﺯﻣﺔ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﺗﺸﻜّﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﻩ ﻣﺘﻌﺪّﺩﺓ ( ﺍﻧﻔﻌﺎﻟﻴّﺔ ﻭﻣﺤﻮﺭﻫﺎ ﺍﻟﻀّﺠﺮ ﻭ ﺍﻟﻘﻠﻖ " ﺫﻛﺮﻳﺎﺕ ﻣﻌﺎﺩﺓ، ﻛﺎﻟﻘﻴﻆ ﻭﺍﻟﻐﺒﺎﺭ، ﺩﻭﺭﺍﺕ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺍﻹﻏﻼﻕ، ﻭ ﺍﻟﻄّﻔﻞ ﺍﻟﺒﺎﺳﻢ ﻳﺘﻮﻫّﻢ ﺃﻧّﻪ ﻳﻤﺘﻄﻲ ﺟﻮﺍﺩﺍ ﺣﻘﻴﻘﻴّﺎ ... ﺿﺠﺮ ﻳﻀﺠﺮ ﻓﻬﻮ ﺿﺠﺮ ﻭﻫﻲ ﺿﺠﺮﺓ ﻭﺍﻟﺠﻤﻴﻊُ ﺿﺠﺮﻭﻥ ﻭﺿﺠِﺮﺍﺕ ... ( ﺍﻟﺸﺢ
ﺫﺍّ، ﺹ 20 ) ، ﻭﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴّﺔ ﻭﻣﺪﺍﺭُﻫﺎ ﺍﻟﺨﻠﻔﻴّﺔ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻴّﺔ ﻟﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺍﻟﺴّﻴﺎﺳﻴّﺔ " ﻭ ﻛﻨﺖَ ﺗﻈﻬﺮ ﻟﻨﺎ ﺑﺄﻛﺜَﺮَ ﻣﻦ ﻭﺟﻪ : ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻲ ﺍﻟﻤﺘﻄﺮّﻑ ﻭ ﺍﻟﻤﺤﺎﻣﻲ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ " ، ﻭﺃﺯﻣﺔ " ﺍﻟﻄّﺒﻘﺔ ﺍﻟﺒﻮﺭﺟﻮﺍﺯﻳّﺔ " ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺜّﻮﺭﺓ ( 27 ) . ﻭﻓﻜﺮﻳّﺔ : ﻗﻮﺍﻣُﻬﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﻔﻦّ ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ ﻭ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ( ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺮّﺍﺑﻊ ﻣﻦ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ) ﻭ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴّﺔ ﻭﺍﻟﺤﺮﻳّﺔ .
ﻭ ﺗﻨﻀﻮﻱ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺯﻣﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﺿﻤﻦ " ﻣﺄﺯﻕ ﺧﺴﺮﺍﻥ ﺍﻟﻬﻮﻳّﺔ " ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺍﻟﺮّﻭﺍﺋﻴّﺔ ﺍﻟﺬّﻫﻨﻴّﺔ ﻭ ﻗﺪ ﺃﺿﺤﻰ ﻓﻴﻬﺎ " ﻭﺟﺪﺍﻥ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﺑﺆﺭﺓ ﺍﻹﺣﺴﺎﺱ ﺍﻟﺪّﺭﺍﻣﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﻛﻠِّﻬﺎ 28" ﻭ ﺇﺫﺍ ﺭُﻣﻨﺎ ﺗﺤﺪﻳﺪﺍ ﻳُﺠﻠِﻲ ﺗﺸﻜّﻼﺕ ﺧﺴﺮﺍﻥ ﺍﻟﻬﻮﻳّﺔ ﻭﺩﻻﻻﺗﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﻓﺈﻥّ ﺗﺠﺎﺭﺏ ﺷﺨﺼﻴّﺔ ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ ﻋﺒﺮ ﻣﺴﺎﺭ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺤﺪَﺛﻲّ ﺗُﺒﺮﺯُ ﺑﻮﺿﻮﺡ ﺍﻧﻘﻄﺎﻉ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﻋﻦ ﺗﻌﻬّﺪ ﺍﻷﻧﺎ ﺑﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻭﻓﻴًّﺎ ﻟﻪ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴّﺎ ﻭﻋﻘﻠﻴّﺎ ﻭ ﻣﻬﻨﻴّﺎ ﻭﺍﻧﺨﺮﺍﻃﻪ ﻓﻲ ﺳﺆﺍﻝ ﺍﻟﺤﻴﺮﺓ ﻭﺍﻟﻘﻠﻖ ﺑﺎﻟﺘّﻮﻕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ ﻭﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ . ﻭ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨّﺤﻮ ﻧﻌﺘﺒﺮ ﺍﻟﺘّﺠﺎﺭﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺧﺎﺿﻬﺎ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﻟﻤﺠﺎﻭﺯﺓ ﺃﺯﻣﺘﻪ ﻭ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﺫﺍﺗَﻪ، ﻭ ﺭﺣﻠﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺟﻮﻫﺮﻫﺎ ﺗﺠﺮﺑﺔً ﻓﻲ ﺍﻛﺘﺴﺎﺏ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﻭﺍﺳﺘﺮﺩﺍﺩ ﺍﻟﻬﻮﻳّﺔ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺍﻟﻀّﺎﺋﻌﺔ . ﻓﻘﺪ ﻛﻒَّ " ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ " ﻋﻦ ﻳﻜﻮﻥَ ﺛﺎﺑﺖَ ﺍﻟﻄّﺒﻊ ﺭﻫﻴﻨًﺎ ﻟﻠﺮّﺗﺎﺑﺔ ﻭ ﺍﻟﺨﻤﻮﺩ " ﻣﺎﺫﺍ ﺗﻌﻨﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓُ ﻟﺪﻳﻚ؟ ." ﻭ ﻛﻒَّ ﻋﻦ ﺗﻜﺮﺍﺭ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭ ﺍﻟﺰّﻭﺟﺔ ﻭﺍﻟﺠﺎﻩ " ﻻ ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﻓﻜّﺮ ﺃﻭ ﺃﻥ ﺃﺷﻌُﺮَ ﺃﻭ ﺃﻥ ﺃﺗﺤﺮّﻙَ، ﻛﻞّ ﺷﻲﺀ ﻳﺘﻤﺰّﻕُ ﻭ ﻳﻤﻮﺕ " ، ﻭ ﻛﻒَّ ﻋﻦ ﺍﻟﺪّﻳﻤﻮﻣﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺰّﻣﺎﻥ " ﺃﻧﺖَ ﺭﺟﻞ ﻧﺎﺟﺢٌ ﺛﺮﻱٌّ ﺗﺄﻛﻞ ﻓﺎﺧﺮ ﺍﻟﻄّﻌﺎﻡ ﻭﺗﺸﺮﺏ ﺍﻟﺨﻤﻮﺭ ﺍﻟﺠﻴّﺪﺓ ﻭ ﺗﺮﻫﻖ ﻧﻔﺴﻚ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ " ﻟﻴﺨﻮﺽَ ﺿﻤﻦ ﻣﺴﺎﺭ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺗﺠﺎﺭﺏ ﻭﺟﻮﺩﻳّﺔ ﺗﺨﺘﺰﻝ ﺃﺳﺌﻠﺔ ﺍﻟﻌﺒﺚ ﻭ ﺍﻟﺤﺮﻳّﺔ ﻭﺍﻻﺳﺘﻨﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﻟﺬّﺍﺗﻲ ﻓﻲ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻭﺍﻛﺘﺸﺎﻑ ﺟﻮﻫﺮﻫﺎ ، ﻓﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻘﻠﻖ ﻣﺜﻼ ﻓﻲ ﺷﺨﺼﻴّﺔ " ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ " ﻫﻲ ﻟﺤﻈﺔ ﺍﻣﺘﻼﺀ ﻋﺒّﺮﺕ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﺬّﺍﺕ ﻋﻦ ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ . ﻭ ﺃﻣّﺎ ﻗﻠﻖ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻓﻬﻮ ﺍﻟﺒﺎﻋﺚُ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺣﺴﺎﺱ ﺑﺎﻟﻌﺪﻡ( 29 ) . ﻭﻗﺪ ﺍﺗّﺠﻪ ﻣﻨﻄﻖ ﺍﻹﺑﺪﺍﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﺇﻟﻰ ﻣﻐﺎﻳﺮﺓ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﺣﺴﺎﺱ ﺑﺎﻟﻨّﺸﻮﺓ ﻭ ﺍﻟﻴﻘﻴﻦ ﻭ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ، " ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺼّﺎﺩﺭُ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﺮﻳّﺔ ﻧﻮﻉٌ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻠﻖ " ﻭ " ﺁﻥَ ﻟﻠﻘﻠﺐ ﻭﺣﺪﻩ ﺃﻥ ﻳﺮﻯ، ﺃﻥ ﻳﺮﻯ ﺍﻟﻨّﺸﻮﺓَ ﻛﻨﺠﻢٍ ﻣﺘﻮﻫِّﺞ، ﻭ ﻫﺎ ﻫﻲ ﺗﺪﺏّ ﻓﻲ ﺍﻷﻋﻤﺎﻕ ﻛﻀﻴﺎﺀِ ﻓﺠﺮ، ﻓﻠﻌﻞّ ﻧﻔﺴَﻚ ﺃﻋﺮﺿﺖْ ﻋﻦ ﻛﻞِّ ﺷﻲﺀ ﻇﻤﺄً ﻟﻠﺤﺐّ ، ﺣﺒًّﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺐّ، ﺗﻮﻗًﺎ ﻟﻨﺸﻮﺓ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﺍﻷﻭﻟﻰ، ﺍﻟﻼّﺋﺬﺓ ﺑﺴﺮّ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ " ( ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ : ﺹ، 64 ) . ﻭﻓﻲ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺍﻹﺷﺮﺍﻕ ﻭ ﺍﻟﺤﻠﻮﻝ ﺗﺨﻠﻮ ﺍﻟﺬّﺍﺕ ﺇﻟﻰ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺑﺎﻻﻧﻌﺰﺍﻝ ﻋﻦ ﻋﺎﻟَﻢ ﺍﻟﺪّﻧﻴﺎ ﻭ ﺍﻟﻨّﺎﺱ ﻭ ﻳﻤﺜُﻞُ ﺍﻟﻘﻠﺐُ ﻣﺼﺪﺭﺍ ﻟﻠﻤﻌﺮﻓﺔ ﻭﺍﻟﻜﺸﻒ، ﻓﺈﺫﺍ ﺍﻟﻤﻜﺎﺷﻔﺔ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻴّﺔ ﺳﺒﻴﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﻟﺘﺤﺎﻡ ﺑﺎﻟﻤﻄﻠﻖ " ﻓﺮﻗﺺ ﺍﻟﻘﻠﺐُ ﺑﻔﺮﺣﺔ ﺛﻤﻠﺔٍ ﺍﺟﺘﺎﺡ ﺍﻟﺴّﺮﻭﺭ ﻣﺨﺎﻭﻓﻪ ﻭﺃﺣﺰﺍﻧﻪ ... ﻭ ﺷﻤﻠﺘﻪ ﺳﻌﺎﺩﺓ ﺟﻨﻮﻧﻴّﺔ ﻏﺎﻣﺮﺓٌ، ﻭ ﺃﻇﻠّﻪ ﻳﻘﻴﻦٌ ﻋﺠﻴﺐ ، ﻭ ﻣﻸﺗﻪ ﺛﻘﺔٌ ﻻﻋﻬﺪَ ﻟﻪ ﺑﻬﺎ ... ﻭ ﺗﺮﺍﻣﺖ ﺍﻟﺪّﻧﻴﺎ ﺗﺤﺖ ﻗﺪﻣﻴﻪ ﺣﻔﻨﺔٌ ﻣِﻦ ﺗُﺮﺍﺏ « . ﻭ ﻓﻲ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﺮّﺣﻴﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﺠﻨﻮﻥ ﺗﺠﺴّﺪﺕ ﺷﺨﺼﻴّﺔ " ﺍﻟﺒﻄﻞ ﺍﻟﻤﺄﺯﻭﻡ " ﻓﻲ ﺍﻟﺘّﺮﺍﻭﺡ ﺑﻴﻦ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﻭﺍﻟﻼّﻭﻋﻲ، ﻭ ﺍﻟﺘّﻘﻠُّﺐِ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺮّﺅﻯ ﻭﺍﻷﺧﻴﻠﺔ " ﻣﺎﺫﺍ ﻳﻌﻨﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤُﻠﻢ ﺇﻻّ ﺃﻧّﻨﻲ ﻟﻢ ﺃﺑﺮﺃْ ﺑﻌﺪُ، ﻭﻛﻴﻒَ ﺃﻓﻜِّﺮُ ﻓﻴﻚ ﻃﻴﻠﺔَ ﻳﻘﻈﺘﻲ ﺛﻢَّ ﺗﻌﺒﺚُ ﺑﻤﻨﺎﻣﻲ ﺍﻷﻫﻮﺍﺀُ؟ ﻭﻟﻜﻦ ﻣﻬﻼ ! ﺃﻳﻦَ ﺃﻧﺎ؟ ﺃﻳﻦ ﺍﻟﻨّﺠﻮﻡ؟ ﺃﻳﻦ ﺃﻋﺸﺎﺏُ ﺍﻟﺤﺪﻳﻘﺔ ﻭﺃﺷﺠﺎﺭ ﺍﻟﺴّﺮﻭ؟ ﻫﺬﻩ ﺳﻴّﺎﺭﺓٌ ﺗﻨﻄﻠﻖُ . ﻭ ﺃﻧﺎ ﺭﺍﻗﺪٌ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﻌﺪٍ ﻃﻮﻳﻞ ﺟﺎﻧِﺒِﻲٍّ ﻳﺠﻠِﺲُ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻓﻪ ﺭﺟُﻞٌ ... ﻻ ﺷﻚّ ﺃﻧّﻲ ﻣﺎﺯﻟﺖُ ﺃﺣﻠُﻢ )". ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ : ﺹ، 2¬18 ) .
ﺇﻥَّ ﺧﺴﺮﺍﻥ ﺍﻟﻬﻮﻳّﺔ ﻓﻲ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﺑﺘﻌﺪُّﺩ ﺍﻟﺘّﺠﺎﺭُﺏ ﻭ ﺗﻨﻮُّﻋﻬﺎ ﺗﺤﻘﻴﻘًﺎ ﻟﻠﺬّﺍﺕ ﻭ ﻛﺸﻔًﺎ ﻹﻧِّﻴّﺘِﻬﺎ ﺇﻧّﻤﺎ ﻳُﻌﺒّﺮ ﻋﻦ ﻧﻤﻂ ﻣﻦ ﺃﻧﻤﺎﻁِ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺍﻟﻘﺼﺼﻴّﺔ ﻓﻲ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺗﻴّﺎﺭ ﺍﻟﻮﻋﻲ " courant de conscience ، ﺗﻨﻬﺾُ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﻮﻟﺔٍ ﻓﻲ ﺍﻟﺘّﺨﻴﻴﻞ ﺍﻟﻘﺼﺼﻲّ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻗﻮﺍﻣُﻬﺎ " : ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺑِﻼ ﻣَﺰَﺍﻳَﺎ " L’Homme sans qualités ، ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺇﺷﻜﺎﻟﻴّﺔ ﻭﻧﻜﺮﺓ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﺷﺨﺼﻴّﺔً ﻏﻴﺮَ ﻗﺎﺑﻠﺔٍ ﻟﻠﺘّﻌﺮﻳﻒ ﺃﻭ ﺍﻟﺘّﺤﺪﻳﺪ ، ﺇﻧّﻬﺎ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗُﺴَﻤَّﻰ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺷﺨﺼﻴّﺔ " ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ " ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ . ﻭ ﻣﻼﻣﺢُ ﺍﻧﻘﻄﺎﻉ ﺍﻟﺘّﺴﻤﻴﺔ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺑﺎﺩﻳّﺔٌ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻞ ﺍﻟﺪّﻻﻻﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻮّﻧﺖ ﺗﺠﺎﺭﺏَ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﺑﺤﺜًﺎ ﻋﻦ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻭﻣﻦ ﻧﻤﺎﺫﺝ ﺫﻟﻚ :
ﺍﻹﻧﻴّﺔ ﺍﻟﺮّﻭﺣﻴّﺔ : ﻓﻘﺪ ﺟﺴّﺪ " ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ " ﻓﻲ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﺘّﺼﻮّﻑ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﻣﻨﻮﺍﻻً ﻟﻠﻤﻌﺮﻓﺔ ﺣﺎﻟَﺔَ ﺍﻟﺤﻠﻮﻝ ﺍﻟﻜﻮﻧﻲّ ﻭﺍﻹﺷﺮﺍﻕ ﻭ ﺍﻟﺘّﺠﻠّﻲ : " ﻭ ﺃﻇﻠّﻪ ﻳﻘﻴﻦ ﻋﺠﻴﺐ ﺫﻭ ﺛِﻘَﻞ ﻳﻘﻄُﺮ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺴّﻼﻡُ ﻭ ﺍﻟﻄُّﻤﺄﻧﻴﻨﺔُ ... ﻻ ﺷﻲﺀَ، ﻻ ﺃﺳﺄﻝُ ﺻﺤَّﺔً ﻭ ﻻ ﺳﻼﻣﺎ ﻭﻻ ﺃﻣﺎﻧﺎ ﻭ ﻻ ﺟﺎﻫًﺎ ﻭ ﻻ ﻋﻤﺮﺍ ، ﻭﻟﺘَﺄْﺕِ ﺍﻟﻨِّﻬﺎﻳﺔُ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠّﺤﻈﺔِ ﻓﻬﻲَ ﺃُﻣﻨِﻴَﺔُ ﺍﻷﻣﺎﻧﻲ "
ﺍﻟﺘّﻮﺣُّﺪُ ﺑﺎﻟﻄّﺒﻴﻌﺔ ﻭ ﺍﻟﻔﻮﺯ ﺑﺴﺮّ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ : " ﻭ ﻟﺒﺚَ ﻳﻠﻬﺚُ ﻭﻳﺘﻘﻠّﺐُ ﻓﻲ ﺍﻟﻨّﺸﻮﺓِ ، ﻭ ﻳﺘﻌﻠَّﻖ ﺑﺠﻨﻮﻥ ﺑﺎﻷﻓُﻖ ... ﻭ ﻗﺎﻝ ﺑﻌﺪ ﺻﻤﺖٍ : ــ ﺍﻟﻴﻘﻴﻦُ ﺑﻼ ﺟﺪﺍﻝ ﻭ ﻻ ﻣﻨﻄﻖ ... ﺛﻢّ ﺑﺼﻮﺕ ﻣﺴﻤﻮﻉ ﺃﻛﺜﺮَ : ــ ﺃﻧﻔﺎﺱُ ﺍﻟﻤﺠﻬﻮﻝ ﻭﻫﻤﺴﺎﺕُ ﺍﻟﺴﺮِّ .( ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ : ﺹ، 120 )
ﺍﻹﻧﻴّﺔ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴّﺔ : ﻭ ﻳﻤﺜِّﻠُﻬﺎ :
ﻗﺼﻮﺭ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻋﻦ ﺇﻧﺘﺎﺝ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ " ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺮﺍﻓﺔ ﺃﻥ ﻧﺘﺼﻮّﺭ ﺍﻟﻘﻠﺐَ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﻟﻠﺤﻘﻴﻘﺔ، ﻭ ﻟﻜﻨّﻪ ﻣﺠﺮَّﺩ ﺻﺨﺮﺓٍ ﻭ ﺳﻮﻑَ ﺗﺘﻘﻬﻘﺮُ ﺑﻚَ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻭﺭﺍﺀَ ﺍﻟﺘّﺎﺭﻳﺦ " .
ﺃﺳﺎﺱُ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻌﻘﻞُ ﻭ ﺍﻟﻌِﻠﻢُ ﻭ ﺍﻟﻤﻨﻄﻖ " : ﻗﺪﻳﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻟﻠﻔﻦّ ﻣﻌﻨﻰ ﺣﺘّﻰ ﺃﺯﺍﺣﻪ ﺍﻟﻌﻠﻢُ ﻣﻦ ﺍﻟﻄّﺮﻳﻖ ﻓﺄﻓﻘَﺪَﻩ ﻛﻞَّ ﻣﻌﻨَﻰ ." ﻭ " ﺇﻧّﻲ ﻣﺆﻣﻦٌ ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ ﻭ ﺍﻟﻌﻘﻞ ."
ﺍﻹﻧﻴّﺔ ﺍﻹﻳﺮﻭﺳﻴّﺔ : ﻭ ﺭﻣﺰﻳّﺘﻬﺎ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﺤﺐّ ﻭ ﺍﻟﺠﻨﺲ ، ﻭﻗﺪ ﺣﻮّﻟﺖ ﺷﺨﺼﻴّﺔ " ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ " ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻨﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﻄّﻮﺭ ﺍﻟﻐﺮﺍﺋﺰﻱ ﺇﻟﻰ ﺃﺩﺍﺓٍ ﻟﻠﻤﻌﺮﻓﺔ ﺑﺎﻟﺬّﺍﺕ " ﻟﻢ ﺃﻛﻦ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠّﻴﺎﻟﻲ ﺍﻟﻌﺠﻴﺒﺔ ﺣﻴﻮﺍﻧﺎ ﺗﺤﺮِّﻛﻪ ﺷﻬﻮﺓٌ ، ﻭﻟﻜﻨّﻨﻲ ﻛﻨﺖُ ﻣُﻌﺬَّﺑﺎ .. ﻭﺑﺎﺋﺴًﺎ " ﻭ " ﻛﻠَّﻤﺎ ﺭﺃﻳﺖُ ﺃﻧﺜَﻰ ﺧُﻴِّﻞَ ﺇﻟﻲَّ ﺃﻧّﻨﻲ ﺃﺭﻯ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓَ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﻣﻴﻦ ".. . ﻭﻣﻦ ﻭﺟﻮﻩ ﺧﺴﺮﺍﻥ ﺍﻟﻬﻮﻳّﺔ ﻓﻲ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﺤﺐّ ﻭﺍﻟﺠﻨﺲ ﺍﻟﻮﻋﻲُ ﺑﺰﻭﺍﻝ ﺍﻟﺤﺲّ ﻭ ﺃﻓﻮﻟﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ " ﻭﻧﺸﻮﺓ ﺍﻟﻠّﻴﻠﺔ ﻣﺠﻨﻮﻧﺔٌ ﻛﺎﻟﺒﺮﻕ ﻓﻜﻴﻒَ ﺗﻤﻸُ ﻓَﺮﺍﻍَ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ؟ ."
ﺍﻹﻧﻴّﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴّﺔ : ﻭ ﺭﻣﺰﻳّﺘﻬﺎ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺍﻻﻧﺘﻤﺎﺀ ، ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻨﺘﻤﻴًﺎ ﻓﻲ ﺑﻌﺪﻩ ﺍﻟﻜﻮﻧﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ " ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺇﻣّﺎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥَ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴّﺔ ﺟﻤﻌﺎ ﻭ ﺇﻣّﺎ ﺃﻻّ ﻳﻜﻮﻥ " ﻓﺈﻧّﻪ ﻓﻲ ﺑﻌﺪﻩ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ ﻳﻨﺘﻤﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻜﺎﺩﺡ ﺍﻟﻌﺎﻣﻞ ﻭ ﻳﻠﺘﺰﻡُ ﺑﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ " ﻋﻨﻤﺎ ﻧﻌﻲ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴّﺎﺗﻨﺎ ﺣﻴﺎﻝ ﺍﻟﻤﻼﻳﻴﻦ ﻓﺈﻧّﻨﺎ ﻻ ﻧﺠﺪُ ﻣﻌﻨﻰ ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﻌﻨﻰ ﺫﻭﺍﺗﻨﺎ " ﻭ ﻳﻈﻞّ ﺍﻻﻧﺘﻤﺎﺀ ﺍﻟﺴّﻴﺎﺳﻲّ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﺭﺩﻳﻔًﺎ ﻟﻠﻨّﻀﺎﻝ ﻭ ﺍﻟﺜّﻮﺭﺓ ﺃﻋﻠﻰ ﺑﺮﺍﻫﻴﻦ ﺍﻻﻧﺘﻤﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ، ﻭ ﻳﺠﺴّﺪ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺧﻠﻴﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺒﺪﺃ ﺍﻟﺮّﻣﺰ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ " ﻧﺤﻦ ﻧﻌﻤﻞ ﻟﻺﻧﺴﺎﻧﻴّﺔ ﺟﻤﻌﺎﺀ ﻻ ﻟﻠﻮﻃﻦ ﻭﺣﺪﻩ ."
ﻳﻤﺜّﻞ ﺟِﻤﺎﻉُ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺘّﺠﺎﺭﺏ ﺭﺣﻠﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﻴﻘﻴﻦ، ﻭﺗﻌﺒﻴﺮﺍ ﻋﻦ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺍﻟﺘَّﻌﺮُّﻑَ ﺇﻟﻰ ﺫﺍﺗِﻬﺎ ﻭ ﺇﺩﺭﺍﻙِ ﻫﻮﻳّﺘﻬﺎ، ﻭﺗﺘﻀﻤّﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮّﺣﻠﺔ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩﻳّﺔ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﺣﺮﻛﺔَ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ، ﻭ ﻛﺸﻒِ ﺟﻮﻫﺮﻫﺎ ﻷﻥَّ ﻣﻀﻤﻮﻥ ﺍﻟﻀّﺠﺮ ﻭ ﺍﻟﻘﻠﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ " ﺗﻌﻠّﻖ ﺑﺴﺆﺍﻝ ﻣَﻦ ﺃﻛﻮﻥُ؟ ﺍﻟﻤﺮﺗﺒِﻂ ﺑﺎﻟﺼّﻮﺭﺓ ﺍﻟﺸِّﻌﺎﺭﻳّﺔ " ﺗﻌﻬُّﺪ ﺍﻷﻧﺎ " Le maintien de soi ، ﻭ ﺇﺫﺍ ﻋﺒّﺮﺕ ﺃﺯﻣﺔُ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﻋﻦ ﻣﻌﻨﻰ " ﺧﺴﺮﺍﻥ ﺍﻟﻬﻮﻳّﺔ " ﻓﻸﻥَّ ﺍﻟﺒﻄﻞَ ﻓﻴﻬﺎ ﻗﺪ ﺧَﺴِﺮَ ﻣﺎ ﺑﻪ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻷﻧﺎ ﺑﺬﺍﺗِﻬﺎ ﻭ ﻟﺬﺍﺗِﻬﺎ ﻭﻧﻌﻨﻲ ﺑﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﻳﻤﻜّﻦ " ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ " ﻋﺒﺮ ﺍﻟﻮﻗﺎﺋﻊ ﺍﻟﺤﺪﺛﻴّﺔ ﻣﻦ ﺇﺳﻨﺎﺩِ ﻫﻮﻳّﺔ ﻟﺬﺍﺗﻪ ﺗﻤﻨﺤﻪ ﺍﻟﻴﻘﻴﻦَ ﻭ ﻣﻌﺮﻓﺔً ﺑﺴﺮّ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ . ﻓﺘﺘﻌﺪّﺩ ـ ﺗﺒﻌﺎ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺨﺴﺮﺍﻥ ــ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ( ﺍﻟﺘﻲ ﻳُﺠﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﺗﻌﺪّﺩ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺎﺕ : ﻋﺜﻤﺎﻥ، ﻭﺭﺩﺓ ، ﺳﻤﻴﺮ ، ﺯﻳﻨﺐ ) ، ﻭ ﻳﺒﻘﻰ ﺗﻜﺮﺍﺭ ﺍﻟﻔﺸﻞ ﻣﻌﻴﺎﺭَ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺑﺎﻟﻨّﻔﺲ ﻭ ﺇﻣﻜﺎﻧﺎ ﻟﺘﺤﻘُّﻘِﻬﺎ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩﻱّ . ﻭﻳﻤﺜّﻞ ﺗﻜﺮﺍﺭ ﺍﻟﻔﺸﻞ ـ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮﺭ ﺧﺴﺮﺍﻥ ﺍﻟﻬﻮﻳّﺔ ـ ﻧﻬﺠًﺎ ﻓﻨﻴّﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺬّﻫﻨﻴّﺔ ﻟﺪﻯ ﻧﺠﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮﻅ، " ﻭ ﺳﻮﻑ ﻳﻨﻬﺞ ﻓﻲ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺎﺕ ﻧﻬﺞ ﺇﺳﻘﺎﻁ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﻭ ﺍﻟﺮُّﺅﻯ ﺍﻟﻤﻴﺘﺎﻓﻴﺰﻳﻘﻴّﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺷﺨﺎﺹ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﺤﻲّ، ﻭ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺎﺕ ﻧﺠﺪﻩ ﻣﺄﺧﻮﺫًﺍ ﺑﻔﻜﺮﺓ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ . ﺃﺑﻄﺎﻟُﻬﺎ ﻻ ﻳﻨﺘﻈﺮﻭﻥ ﻏﻮﺩﻭ ﺑﻞ ﻳﺬﻫﺒﻮﻥ ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻋﻨﻪ " ( 30 ) . ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨّﺤﻮ ﻧﺘﺒﻴَّﻦ ﺭﻣﺰﻳّﺔ " ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ " ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﻋﻤﻼ ﺭﻭﺍﺋﻴّﺎ ﻓﻲ ﺧﺴﺮﺍﻥ ﺍﻟﻬﻮﻳّﺔ ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺧﺴﺮﺍﻥ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ( 31 ) ﺃﻭﻓﻘﺪﺍﻧﻪ ﺑﻀﻴﺎﻉ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ ﺑﻮﺍﺳﻄﺘﻬﺎ ﺍﻟﺘّﻌﺮّﻑ ﺇﻟﻴﻪ
ﺗﻠﺨﻴﺺ ﺍﻟﺸﺤﺎﺫ
ﺗﻤﺜّﻞ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﻟﻨﺠﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮﻅ ﻋﻨﻮﺍﻧﺎ ﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﻣﺘﻄﻮّﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺍﻟﺮّﻭﺍﺋﻴّﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴّﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺗّﻔﻖ ﻧﻘّﺎﺩ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺴﻤﻴﺘﻬﺎ ﺑﻤﺮﺣﻠﺔ " ﺍﻟﻤﻐﺎﻳَﺮﺓ ﻭ ﺍﻟﺘّﺠﺎﻭﺯ ." ﻓﻘﺪ ﺗﺠﺎﻭﺯ ﻧﺠﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮﻅ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﻴّﺔ ﻭ ﺍﻟﺘّﺎﺭﻳﺨﻴّﺔ ﻭﺍﻧﺨﺮﻁَ ﻓﻲ " ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻣﺮﻛّﺒﺔ ﺗﻀﺮﺏُ ﻓﻲ ﺃﻋﻤﺎﻕ ﺍﻟﺬّﺍﺕ ﺍﻟﻔﺮﺩﻳّﺔ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻴّﺔ ﻭ ﺗﺤﻘِّﻖ ﺍﻟﺘّﻌﺮﻳﺔ ﺍﻟﻼّﺯﻣﺔ ﻋﺒﺮ ﺍﻟﻔﻀﺢ ﻭﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺝ 1)" ) . ﻭ ﻳﺸﻴﺮُ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺘّﺠﺎﻭﺯ ﻓﻲ ﺇﻃﺎﺭ ﺗﻄﻮّﺭ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻧﺠﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮﻅ ﺍﻟﺮّﻭﺍﺋﻴّﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺗﻨﻮﻳﻊ ﺍﻟﺘّﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﻴّﺔ ﺑﻮﺿﻊ ﺑﺪﺍﺋﻞَ ﺇﺑﺪﺍﻋﻴّﺔ ﻟﻠﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺍﻟﻘﺼﺼﻴّﺔ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﻴّﺔ ﻭ ﺍﻟﺘﺰﺍﻡ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺍﻟﻘﺼّﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺩﺭﺝ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ ﺍﻟﺴّﺎﺑﻘﺔ ﺧﺼﻮﺻﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺜّﻼﺛﻴّﺔ ( ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻘﺼﺮﻳﻦ ، ﻗﺼﺮ ﺍﻟﺸّﻮﻕ ﻭﺍﻟﺴﻜّﺮﻳّﺔ ) . ﻭ ﻗﺪ ﺻﺮّﺡ ﻧﺠﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮﻅ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﺤﻰ ﺍﻟﺘّﺠﺎﻭﺯﻱ ﻓﻲ ﻓﻦّ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﺣﻴﻦ ﺃﻋﻠﻦ ﺃﻥّ ﻓﻜﺮﺗﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺘﻬﺎ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﻴّﺔ ﺗﺘﺤﺪّﺩ ﺑﻤﺎ ﻫﻮ " ﺻﻮﺍﺏٌ ﺃﻭ ﺧﻄﺄ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻨّﺤﻮ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻭﺃﻧّﻲ ﺇﺫﺍ ﻛﺘﺒﺖ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔَ ﺍﻟﺼّﺤﻴﺤﺔ ﻓﻘﺪ ﺑﻠﻐﺖُ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔَ ﺍﻟﻤﻨﺸﻮﺩﺓَ ... ﻭﻷﻧّﻲ ﻛﻨﺖُ ﻣﺒﺘﺪﺋﺎ ﻓﻘﺪ ﻛﻨﺖ ﺃﻟﺘﺰﻡ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪَ 2)" ) . ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨّﺤﻮ ﻓﺈﻥّ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﺭﻭﺍﻳﺎﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ( ﺍﻟﻠﺺّ ﻭﺍﻟﻜﻼﺏ ، ﺍﻟﻄّﺮﻳﻖ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ... ) ﺗﻤﺜّﻞ ﻋﻼﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻄﻮّﺭ ﺍﻟﻨّﻮﻉ ﺍﻷﺩﺑﻲ ﻓﻲ ﻓﻦّ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﻟﺪﻯ ﻧﺠﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮﻅ، ﻭ ﻣﺪﺍﺭُ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘّﻄﻮّﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺍﻟﺮّﻭﺍﺋﻴّﺔ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮ ﺍﻷﺳﻠﻮﺏ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﻲّ ﻻ ﺗﺤﺪّﺩﻩ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺒﻨﺎﺋﻴّﺔ ﻓﻘﻂ ﺑﻞ ﺇﻥَّ ﻃﺒﻴﻌﺔَ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﻭ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺎﻟﺠﺘﻬﺎ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﺧﻠّﺼﺘﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺭﻭﺍﻳﺔ " ﺍﻟﺼّﻮﺕ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ " ( 3 ) ﺗﺴﻌﻰ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻋﻦ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺗﻌﺒﻴﺮﺍ ﻋﻦ ﻧﺜﺮ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻴﻮﻣﻴّﺔ ﻭﺗﺮﻏﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﺘّﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﺷﻌﺮﻳّﺔ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ 4)" ) .
ﺇﻥّ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔَ ﺑﻨﺎﺀٌ ﻣِﻦ ﺍﻟﻘِﻴَﻢ ﻳُﺸَﻴَّﺪُ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﺍﻟﻠّﻐﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﺗﺠﺎﻭﺯﺕ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﺃﺳﻠﻮﺏ ﻧﻘﻞ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﻭ ﺍﻟﻮﻗﺎﺋﻊ ﻭ ﺗﺼﻮﻳﺮ ﺍﻟﺘّﺠﺎﺭﺏ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴّﺔ ﺍﻟﻤﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﻴّﺰﺕ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﻴّﺔ ﻭ ﺃﺭﺳﺖْ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻦّ ﺍﻟﺮّﻭﺍﺋﻲ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺗﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﺬّﺍﺕ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﺗﻌﺒﻴﺮﺍ ﻋﻦ ﻋﻤﻖ ﺃﺯﻣﺔ ﺍﻟﻤﺼﻴﺮ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻬﺪّﺩ ﺍﻟﺬّﺍﺕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴّﺔ ﺑﺎﻟﺬّﻭﺑﺎﻥ ﻭ ﺍﻟﺘّﻼﺷﻲ ﻭ ﻃﺮﺣﺖْ ﺟﻤﺎﻟﻴّﺎﺕ ﺍﻟﺤَﻴﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻔﻘِﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﺣﺪﺗَﻪ ﻣﻊ ﺫﺍﺗﻪ ﻭ ﻳﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﻣﺘﺎﻫﺎﺕ ﺍﻟﻘﻠﻖ ﻭ ﺍﻟﻌﺒﺚِ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩﻱ . ﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺴّﺮﺩﻱّ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﻓﻌﻼً ﻧﻤﻮﺫﺟﻴّﺎ ﻳُﺸﺨِّﺺ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﻤﺘﻔﺮّﺩ ﻟﻠﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺍﻟﺮّﻭﺍﺋﻴّﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﺤﺮّﻙ ﻓﻲ ﻓﻀﺎﺋﻬﺎ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺎﺕ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺇﺫ ﻻ ﺗﻤﻠﻚ ( ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺎﺕ ) ﻋﺎﻟَﻤﺎ ﻣﺴﺘﻘﻼّ ﺗﺘﺤﺮّﻙ ﻓﻴﻪ ﺑﺄﻓﻜﺎﺭﻫﺎ ﻭﺁﺭﺍﺋﻬﺎ ﻭﺃﻫﻮﺍﺋﻬﺎ ( 5 ) . ﻭ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﻣِﻦ ﺍﻧﺒﻨﺎﺀ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼّﻮﺕ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﻔﻨّﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺪّﻻﻟﻴﺔ ﺑﺎﻟﻨّﻈﺮ ﻓﻲ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﺟِﻨﺴِﻬﺎ ﺍﻟﺮّﻭﺍﺋﻲ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﺭﻭﺍﻳَﺔً ﻣﻮﻧﻮﻓﻮﻧﻴّﺔً ﺗﻌﺒّﺮ ﻋﻦ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﻧﻮﻋﻴّﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺎﺕ ﻧﺠﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮﻅ ﺍﻟﺮّﻭﺍﺋﻴّﺔ .
*********************************************
*********************************************
*********************************************
*********************************************
*********************
ـ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﺸّﻜﻠﻲ ﻓﻲ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ :
ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺔ
ﻧﻬﺘﻢّ ﻓﻲ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﺸّﻜﻠﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﺑﻌﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺍﻟﺮّﻭﺍﺋﻴّﺔ . ﻭ ﺗﻀﻢّ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﺸّﻜﻠﻴﺔ ﻃﺮﺍﺋﻖ ﺍﻧﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﻨﺺّ ﺍﻟﺮّﻭﺍﺋﻲ ﺍﻟﻔﻨﻴّﺔ . ﻓﺎﻟﺸﺤّﺎﺫ ﺭﻭﺍﻳﺔٌ ﺗﺠﺘﻤﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﻔﻦّ ﺍﻟﻘﺼﺼﻲ ﺍﻟﻤﻮﻧﻮﻓﻮﻧﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﻬﺾُ ﻋﻠﻰ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ، ﻭﻧﻌﻨﻲ ﺑﺬﻟﻚ ﺣﻜﺎﻳﺔ " ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ " ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺘﻪ ﺑﺬﺍﺗﻪ ﻭﻭﺟﻮﺩﻩ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ، ﻭﺗﺨﺘﺺّ ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺔُ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﺑﻘﻴﺎﻣﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﻘﺼﺼﻴّﺔ ﺍﻟﺜﻼﺛﻴّﺔ ، ﻓﺎﻟﺸﺤّﺎﺫ ﺗﺒﺪﺃ ﻓﺎﺗِﺤﺘﻬﺎ ﺑﻌﻴﺎﺩﺓ ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ ﻭﺗﺄﻣّﻠﻪ ﺍﻟﻠّﻮﺣﺔ ﻓﻲ ﻗﺎﻋﺔ ﺍﻻﻧﺘﻈﺎﺭ ﻳﻠﻴﻬﺎ ﺳﻴﺎﻕ ﺗﺤﻮّﻝ ﻳﺘﺤﺪّﺩ ﻓﻴﻪ ﺍﻻﺿﻄﺮﺍﺏ ﺍﻟﻘﺼﺼﻲ ﺑﺘﺸﺘّﺖ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﻭ ﺗﻨﻮّﻉ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺎﺕ ﻭ ﺗﻌﺪّﺩ ﺍﻟﺘّﺠﺎﺭﺏ ﺛﻢّ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﺑﺎﻧﻌﺰﺍﻝ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﻋﻦ ﻋﺎﻟﻤﻪ ﻭ ﻭﺍﻗﻌﻪ ﺑﻤﺎ ﻳﻘﺘﺮﺏُ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻨﻮﻥ .
ﻭﺇﺫﺍ ﺣﺪّﻧﺎ ﻣﺮﺍﺣﻞ ﺍﻟﺤﺪﺙ ﺍﻟﻘﺼﺼﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﻭﺟﺪﻧﺎ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺑﻴﻦ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﻭ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﺨﺘﺎﻡ ﻻ ﻳﺨﻠﻮ ﻣﻦ ﻭﻇﺎﺋﻒَ ﺳﺮﺩﻳّﺔ ﺃﺳﺎﺳﻴّﺔ ﺗﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺛﻨﺎﺋﻴّﺔ ﺍﻻﻧﻘﻄﺎﻉ ﻭ ﺍﻻﻟﺘﺌﺎﻡ ﻭ ﺗﺘﻤﺜَّﻞ ﺃﺑﻨِﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﺤﺪﺛﻴّﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻠﻲ :
ـ ﺍﻧﻘﻄﺎﻉ / ﺧﺮﻭﺝ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﻭ ﻋﺎﺋﻠﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ .
ـ ﺍﻟﺘﺌﺎﻡ / ﺭﺟﻮﻉ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ .
ـ ﺍﻧﻘﻄﺎﻉ / ﺍﻻﻧﻌﺰﺍﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺃﻭ ﺍﻟﺤﻠﻢ .
ﺗﻤﺜّﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪّﻭﺍﺋﺮ ﺍﻟﺤَﺪﺛﻴّﺔ ﺍﺗّﺠﺎﻩَ ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻓﻲ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﻭﻫﻲ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﺗﻨﻤﻮ ﻓﻲ ﺍﺗّﺠﺎﻩ ﻣﺴﺎﺭ ﻭﺍﺣﺪ ﻷﻥّ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙَ ﻛﻠَّﻬﺎ ﺗﺘّﺼﻞُ ﺑﺸﺨﺼﻴّﺔ ﺑﻄﻠِﻬﺎ ﻭﺗﻨﻀﻮﻱ ﻓﻲ ﻓﻀﺎﺀ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ( 6 ) . ﻭ ﺃﻣّﺎ ﺍﻧﺘﻈﺎﻡُ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﻓﺈﻧّﻪ ﻳﻨﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨّﻈﺎﻡ ﺍﻟﺪّﺍﺋﺮﻱ ﺍﻟﻤﺘّﺼﻞ ﻭ ﻧﻌﻨﻲ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﺗّﺼﺎﻝ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﺑﺎﻟﻨّﻬﺎﻳﺔ : ﻓﻘﺪ ﺍﻧﺘﻈﻢ ﻭﺿﻊُ ﺍﻻﺑﺘﺪﺍﺀ ﺑﺎﻟﻌﻴﺎﺩﺓ [ ﺯﻳﺎﺭﺓُ ﺍﻟﻄّﺒﻴﺐ ] ﻭﺍﻧﺘﻬﻰ ﺑﺎﻟﻌﻮﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻴﺎﺩﺓ [ ﻋﻤﺮ ﻣﺤﻤﻮﻻ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻴﺎﺩﺓ ﻭﻫﻮ ﺟﺮﻳﺢ ] ﻭ ﻗﺪ ﻧﺸﺄ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﺪّﺍﺋﺮﻳّﺔ ﺍﻟﻤﺘّﺼﻠﺔ ﻣﻨﻄﻖ ﺍﻟﺮّﺑﻂ ﺍﻟﻌِﻠّﻲ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻮﻗﺎﺋﻊ ﻓﺈﺫﺍ ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﺗﻨﻤﻮ ﻣﺘﺪﺭّﺟﺔً ﻓﻲ ﺗﺘﺎﺑﻌﻬﺎ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﻲ ، ﻭ ﺗﺸﻤﻞ ﺍﻟﺪّﺍﺋﺮﺓ ﺍﻟﺤَﺪﺛﻴّﺔ ﺣﻜﺎﻳَﺔَ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺧﻄﻴّﺔ ﺗﺮﺗﺒﻂُ ﺑﺎﻟﺮّﺅﻯ ﺍﻟﺬّﻫﻨﻴّﺔ ﻟﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﻭﻳﻤﻜﻦ ﻭﺻﻒُ ﺗﺪﺭُّﺟﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨّﺤﻮ ﺍﻟﺘّﺎﻟﻲ :
ﻭﺿﻌﻴّﺔ ﺍﻻﺑﺘﺪﺍﺀ : ( ﺍﻧﻄﻼﻕ ) . ﺯﻳﺎﺭﺓ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ ( ﺗﻤﺜّﻞ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺃﺯﻣﺔ ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ ) ﻭﻣﺤﺎﻭﻝﺗﻪ ﺍﻻﻧﻔﻜﺎﻙ ﻋﻦ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﺮّﺗﺎﺑﺔ ﻭ ﺍﻟﺨﻤﻮﺩ ". ﻭ ﻟﻜﻨﻨﻲ ﺃﺷﻌُﺮُ ﺑﺨﻤﻮﺩ ﻏﺮﻳﺐ " .
ﺳﻴﺎﻕ ﺍﻟﺘّﺤﻮّﻝ : ( ﺑﺤﺚ ) . ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻓﻲ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭ ﺳﺮّ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺎ ﺗﻀﻤَّﻨﺘﻬﺎ ﺍﻟﺘّﺠﺎﺭﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺧﺎﺿﻬﺎ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻃﺎﺭ [ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﻔﻦّ ، ﺍﻟﺤﺐّ ﻭﺍﻟﺠﻨﺲ ، ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﺒﻌﺪ ﺍﻟﺮّﻭﺣﻲ ، ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺍﻻﻧﻌﺰﺍﻝ ﻭ ﺍﻟﺠﻨﻮﻥ ] ". ﻣﺎﺫﺍ ﺗﻌﻨﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻟﺪﻳﻚ " .
ﻭﺿﻊ ﺍﻟﺨﺘﺎﻡ : ( ﻓﺸﻞ ) . ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺭﺣﻠﺔ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻭ ﻗﺪ ﺟُﺮِﺡَ ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ ﻭﻫﻮ ﻳﺴﻠﻚ ﻃﺮﻳﻘﺎ ﻣﺴﺪﻭﺩﺓً " . ﺧﺎﻣﺮﻩ ﺷﻌﻮﺭٌ ﺑﺄﻥَّ ﻗﻠﺒﻪ ﻳﻨﺒﺾ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻻ ﻓﻲ ﺣُﻠﻢ . ﻭ ﺑﺄﻧّﻪ ﺭﺍﺟﻊٌ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪّﻧﻴﺎ ."
ﻳُﺠﻠِﻲ ﺍﻧﺘﻈﺎﻡ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﻓﻲ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﻃﺒﻴﻌﺔَ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴّﺔ ﺍﻟﻘﺼﺼﻴّﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﺗﺒﻂُ ﺑﻬﺎ . ﻓﺎﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﺣﻜﺎﻳﺔٌ ﻭﺍﺣﺪﺓٌ ﺗﻨﺘﻈﻢُ ﺍﻧﺘﻈﺎﻣﺎ ﺧﻄﻴّﺎ ﻳﺸﻤﻞُ ﻗﺼّﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻭ ﺭﺣﻠﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ : ﺭﺣﻠﺔ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺑﺪﺃﺕ ﺗﻔﺘﻘِﺪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻞّ ﻭ ﺗُﻌﻠﻦ ﺍﻟﻔﺸَﻞ . ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈﻥَّ ﺷﺨﺼﻴّﺔ " ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ " ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﻫﻲ ﻭﺟﻪٌ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻤﺘﺄﺯّﻡ ﺃﻭ " ﺍﻟﻤﻨﺘﻤﻲ ﺍﻟﻤﺄﺯﻭﻡ ــ ﺣﺴﺐ ﺗﻌﺒﻴﺮ ﻏﺎﻟﻲ ﺷﻜﺮﻱ ــ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻓﺎﻗﺪ ﻟﻠﺤﺮﻳّﺔ ﻭ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴّﺔ ... ﻭ ﻗﺪ ﺍﺧﺘﺎﺭ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﻓﻲ ﻛﻞّ ﻣﺮّﺓ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻟﻠﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺃﺯﻣﺘﻪ ﻭ ﻟﻜﻨّﻬﺎ ﺳﺮﻋﺎﻥ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﻮﺩﻩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻔﺸﻞ، ﻓﻼ ﻳﺴﺘﺴﻠﻢُ ﻭ ﻻ ﻳﻘﻌُﺪُ ﺑﻞ ﻳُﺠﺪِّﺩ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓٍ ﻭ ﺗﺤﺖ ﺍﺳﻢ ﺟﺪﻳﺪ ﻭﻟﻜﻦَّ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺗﺒﻘﻰ ﺩﻭﻣﺎ ﻭﺍﺣﺪﺓ "
*********************************************
*********************************************
*********************************************
*********************************************
*********************
ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻔﻌﻞ
ﻟﻤّﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺴّﺮﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﺧﻄﻴّﺔً ﺗﻨﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺣﻜﺎﻳﺔٍ ﻧﻤﻮﺫﺟﻴّﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ( ﻫﻲ ﺑﺤﺚُ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﻋﻦ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ) ﻓﺈﻥَّ ﻃﺒﻴﻌﺔَ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻤﺘّﺼﻠﺔ ﺑﺎﻟﺸّﺨﺼﻴّﺎﺕ ﻓﻲ ﺇﻃﺎﺭ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺮّﻭﺍﺋﻲ ﺗﺄﺧﺬُ ﺷﻜﻞ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻨّﻤﻮﺫﺟﻲ ، ﻭﺍﻟﻤﻌﻨِﻲّ ﺑﺬﻟﻚ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻻﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴّﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺠﺴّﺪ ﻧﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﻤﺜﻘّﻒ ﺍﻻﻧﺘﻬﺎﺯﻱ ﻭﺍﻟﺒﻮﺭﺟﻮﺍﺯﻱ ﺍﻟﻤﺮﻳﺾ ( 8 ) . ﻭﺍﻟﻘﺼﺪُ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺃﻥّ ﺍﻟﺤﺪﺙَ ﻓﻲ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﻳﺮﺗﺒﻂُ ﺃﺳﺎﺳًﺎ ﺑﺸﺨﺼﻴّﺔ ﻣﺤﺪَّﺩﺓ " ﻻ ﺗﺨُﺺُّ ﻋﻤﻮﻡَ ﺍﻟﻨّﺎﺱ ﺃﻭ ﻓﺌﺔً ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴّﺔ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ " ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﻫﻲ ﻓﻌﻞ ﻓﺮﻳﺪٌ ﺗﻘﺮﺃ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﻭﺍﻗِﻌَﻬﺎ ﻭ ﺗﺸﺨِّﺼُﻪ ﻣﻦ ﻣﻨﻄَﻠَﻖ ﻭﺿﻌﻬﺎ ﺍﻟﺬّﻫﻨﻲ ﻭ ﺍﻟﻨّﻔﺴﻲ .
ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺒﺪﻭ ﻧﻤﻮﺫﺟﻴّﺎ ﻓﺮﻳﺪﺍ ﻓﻲ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﻳﻔﺴّﺮﻩ ﺑﻨﺎﺀ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﻓﻲ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻠﻖ ﺇﺷﻜﺎﻟﻲّ ﻳﺠﻠﻮﻩ ﺍﻧﺒﻨﺎﺀ ﺷﺨﺼﻴّﺔ ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴّﺆﺍﻝ ﻭﺍﻟﺤﻴﺮﺓ ﻭ ﺍﻟﺮّﺣﻴﻞ ﺑﺎﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩﻱ . ﻭ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨّﺤﻮ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻌﻞُ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺭﺅﻳﺔً ﺗﺮﻓﺾُ ﺍﻟﺮّﺗﺎﺑﺔَ ﻭﺍﻟﺨﻤﻮﺩ ﻭﺇﺭﺍﺩﺓً ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺟﻮﻫﺮ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ " ﺃﻥ ﺗﻠﻤَﺲَ ﺳﺮّ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ " ﺃﻟﻢ ﻳﺨﻄُﺮ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﻟﻚ ﺃﻥ ﺗﺘﺴﺎﺀﻝ ﻋﻦ ﻣﻌﻨﻰ ﺣﻴﺎﺗﻚ؟ " ﻭ " ﺛﻤّﺔ ﺃﺳﺌﻠﺔٌ ﺑﻼ ﺟﻮﺍﺏ ﻓﺄﻳﻦَ ﻃﺒﻴﺒُﻬﺎ؟ ." ﻭ ﻫﻜﺬﺍ ﺗﺘّﺨﺬ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻓﻲ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﻃﺒﻴﻌﺔً ﻧﻤﻮﺫﺟﻴَّﺔً ﺗﺘﺸﻜّﻞ ﻓﻨﻴّﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺘﻦ ﺍﻟﻘﺼﺼﻲ ﺑﺎﻟﺴّﺮﺩ ﺍﻟﻤﻨﻐﻠﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺒﺮﺯُﻩ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﺍﻟﻤﺄﺯﻭﻡ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﺑﻄﻼ ﺇﺷﻜﺎﻟﻴًّﺎ ﻳﺒﺤﺚُ ﻋﻦ ﺇﺟﺎﺑﺔٍ ﻟﺴﺆﺍﻝ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ . ﻭ ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ ﻧﻤﻮﺫﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﻘﺼﺼﻴّﺔ ﺍﻟﻤﺘﻔﺮّﺩﺓ ﻻ ﻟﻜﻮﻧﻬﺎ " ﻧﻤﻮﺫﺟﺎ ﺑﺸﺮﻳّﺎ " ﻳﺨﻀﻊ ﻟﺸﺮﻭﻁ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﻞ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﻣﺜﺎﻻً ﻟﻠﺒﻄﻞ ﺍﻟﻔﺮﺩ " ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﻄﻮﻱ ﺗﻜﻮﻳﻨﻪ ﺍﻟﺘّﺮﺍﺟﻴﺪﻱ " ﻋﻠﻰ ﻃﻤﻮﺡ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺮﻳّﺔ ﻭﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴّﺔ ( 9 ) ﻭ ﻋﻠﻰ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﻓﻲ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﺴّﻼﻡ ﺍﻟﺪّﺍﺧﻠﻲ ﻭ ﺣَﻞِّ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ . ﻭﺇﺫﺍ ﺭﻣﻨﺎ ﺗﺤﺪﻳﺪَ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﺴّﺮﺩ ﻭﺟﺪﻧﺎ ﺃﻥّ ﺍﻗﺘﺮﺍﻥ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﺴّﺮﺩﻳّﺔ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﺒﻌﺾ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﻳﺘﺸﻜّﻞ ﻓﻨﻴّﺎ ﺑﺄﺳﻠﻮﺏ ﺍﻟﺘّﻮﺍﻟﺪ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﻲ ﺍﻟّﺬﻱ ﻳﺠﻌﻞ ﻣﺪﺍﺭ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺴّﺮﺩﻱ ﻗﺎﺋﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺛﻨﺎﺋﻴّﺔ ﺍﻻﻧﻘﻄﺎﻉ ﻭﺍﻻﻟﺘﺌﺎﻡ . ﻓﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﺴّﺮﺩ ﺗﻨﺸﺄ ﺑﻔﻌﻞ ﺍﻻﻧﻘﻄﺎﻉ ( ﺃﺯﻣﺔ ) ﻭ ﺗﻨﻤﻮ ﺑﻔﻌﻞ ﺍﻻﻟﺘﺌﺎﻡ ( ﺍﻹﻳﻬﺎﻡ ﺑﺤﻞّ ﺍﻷﺯﻣﺔ ) . ﻭ ﻣﻦ ﻧﻤﺎﺫﺝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘّﻮﻟﻴﺪ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﺗﻮﺍﺗﺮ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﺴّﺮﺩﻳّﺔ ﻭﻓﻖَ ﺍﻟﻤﻨﻄﻖ ﺍﻟﻌﻠِّﻲ ( ﺳﺒﺐ / ﻧﺘﻴﺠﺔ ) ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺎ ﻳﺮﺩُ ﻓﻲ ﺍﻷﻣﺜﻠﺔ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ :
ﺍﻧﻘﻄﺎﻉ / ﺳﺒﺐ ﺍﻟﺘﺌـــﺎﻡ / ﻧﺘﻴﺠﺔ
ﺍﻟﻀّﺠﺮ / ﺍﻟﻘﻠﻖ ﺯﻳﺎﺭﺓ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ
ﺍﻷﺳﺮﺓ / ﺍﻟﻔـﻦّ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﻔﻦّ
ﺍﻟﺤﺐّ / ﺍﻟﺠﻨﺲ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﺤﺐّ ﻭ ﺍﻟﺠﻨﺲ
ﺍﻟﺼّﺤﺮﺍﺀ / ﺍﻻﻧﻜﻔﺎﺀ ﺍﻟﺘّﺼﻮّﻑ ﻭ ﺍﻟﻌﺰﻟﺔ
ﺗﺮﺳُﻢ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﺴّﺮﺩﻳّﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﻣﻨﻄﻘًﺎ ﺩﺍﺋﺮﻳًّﺎ ﻟﻠﺤﻜﺎﻳﺔ ﻳﻨﻬﺾُ ﻋﻠﻰ ﺛﻨﺎﺋﻴّﺔ ﺍﻻﻧﻔﺘﺎﺡ ﻭ ﺍﻻﻧﻐﻼﻕ . ﻭ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﻄﻖ ﺑﺎﻟﻤﻨﺰﻉ ﺍﻟﺬّﻫﻨﻲ ﻟﻤﻀﻤﻮﻥ ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﺜّﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﺷﺨﺼﻴّﺔ ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ ﺑﺆﺭﺓ ﺍﻟﺤﺪﺙ ﺍﻟﻘﺼﺼﻲّ . ﻭﻫﻲ ﺷﺨﺼﻴّﺔ ﺷﺒﻴﻬﺔٌ ﺏ " ﺳﻴﺰﻳﻒ " ﺗﺘﺤﺮّﻙ ﻭﻓﻖَ ﻣﻌﻴﺎﺭ ﺍﻟﻘﻮّﺓ ﻭﺍﻟﻌﺠﺰ، ﺍﻟﻮﻫﻦ ﻭﺍﻹﺭﺍﺩﺓ . ﺇﻧّﻬﺎ ﺻﻮﺭﺓٌ ﻣﻦ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﻓﻌﻠﻪ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩﻱّ ﺑﻴﻦ ﻣﻠﻬﺎﺓٍ ﻭﻣﺄﺳﺎﺓ، ﺑﻴﻦ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻭﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺑﺤﺜﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻭ ﺑﻴﻦ ﻋﺠﺰ ﻋﻦ ﺑﻠﻮﻍ ﻣﺮﺍﻡ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻭﻣﻨﺘﻬﺎﻩ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺎ ﻣﺜّﻠﺘﻪ ﺃﺳﻄﻮﺭﺓ " ﺳﻴﺰﻳﻒ " ﺑﻤﺎ ﻫﻲ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﻻﺟﺪﻭﻯ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﻌﻨﻰ . ﻭﻗﺪ ﺃﺷﺎﺭ " ﺍﻟﺒﺎﺭ ﻛﺎﻣﻮ " ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻟﺘﻪ ﺍﻟﻤﻮﺳﻮﻣﺔ " ﺃﺳﻄﻮﺭﺓ ﺳﻴﺰﻳﻒ " ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺣﻴﻦ ﺷﺒّﻪ " ﻋﺒﺜﻴﺔ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺑﻮﺿﻊ ﺳﻴﺰﻳﻒ، ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻴﺜﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺍﻹﻏﺮﻳﻘﻴﺔ ﻗﺪﺭﻫﺎ ﺃﻥ ﺗﺤﻤﻞ ﺻﺨﺮﺓ ﺇﻟﻰ ﺃﻋﻠﻰ ﻗﻤﺔ ﺟﺒﻞ ﻭﻣﺎ ﺃﻥ ﺗﻔﻌﻞ ﺗﺘﺪﺣﺮﺝ ﺍﻟﺼﺨﺮﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺳﻔﻞ ﻓﻴﻌﻮﺩ ﺳﻴﺰﻳﻒ ﻭﻳﺤﻤﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺩﻭﺍﻟﻴﻚ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻻﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﻪ . ﻭﻳﺨﺘﻢ ﻛﺎﻣﻮ ﻣﻘﺎﻟﺘﻪ ﺑﻘﻮﻟﻪ " ﺍﻟﻤﺜﺎﺑﺮﺓ ﻓﻲ ﺣﺪ ﺫﺍﺗﻬﺎ ... ﻛﺎﻓﻴﺔ ﻟﺘﻤﻸ ﻗﻠﺐ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ . ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺮﺀ ﺃﻥ ﻳﺘﺼﻮﺭ ﺳﻴﺰﻳﻒ ﺳﻌﻴﺪﺍ ( 10 ) ."
*********************************************
*********************************************
*********************************************
*********************************************
*********************
ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺎﺕ
ﻟﻤّﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﻧﺼًّﺎ ﺭﻭﺍﺋﻴّﺎ ﻓﻲ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺴّﺮﺩﻱّ ﺍﻟﻤﻨﻐﻠﻖ ﻓﺈﻧّﻬﺎ ﺃﺭﺳﺖ ﺇﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﻨّﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﺤﺪﺛﻲّ ﺍﻟﻤﺘﻔﺮّﺩ ﻧﻤﻮﺫَﺝ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺍﻟﻔﺮﻳﺪﺓ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﻣﺪﺍﺭ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ . ﻭ ﺇﻥّ ﺃﻫﻢّ ﻣﺎ ﻳﻤﻴّﺰ ﻭﺿﻊَ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺎﺕ ﺍﻟﺤﺎﻓّﺔ ﺑﺒﻄﻞ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﻫﻮ ﻣﺸﺎﺭﻛﺘﻬﺎ ﺑﻮﺟﻪ ﻣﺎ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺍﻟﻤﺤﻮﺭﻳّﺔ ﻭﺍﻧﺸﻐﺎﻟﻬﺎ ﺑﺄﺯﻣﺘﻪ ﻭﺗﻔﺎﻋُﻠﻬﺎ ﻣﻊ ﺃﺣﻮﺍﻟﻪ ﺍﻟﻤﻀﻄﺮﺑﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺎﺕ ﻟﺘﻤﻠﻚَ ﺍﺳﺘﻘﻼﻟﻴّﺔ ﺑﻨﺎﺋﻴّﺔ ﻓﻨﻴّﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﻭ ﺇﻧّﻤﺎ ﻇﻬﺮﺕ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﻣﻜﻮّﻧﺎ ﻣﻜﻤِّﻼ ﻟﻌﺎﻟَﻢ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺍﻟﺮّﺋﻴﺴﻴّﺔ . ﻭ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﺭﻣﻨﺎ ﺍﻣﺜﻠﺔً ﺗﺤﺪّﺩ ﻃﺒﻴﻌﺔَ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﻟﻤﻜﻤّﻠﺔ ﻟﻌﺎﻟَﻢ " ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ " ﺍﻟﻮﺟﺪﺍﻧﻲ ﻭ ﺍﻟﺬّﻫﻨﻲ ﻭﺟﺪﻧﺎ ﻛﻞَّ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺎﺕ ﺗﻤﺜّﻞ ﻃﺮﻓًﺎ ﻣﺮﺍﻓﻘًﺎ ﻟﻤﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﻭ ﻋﻨﻮﺍﻧﺎ ﻟﺘﺠﺎﺭﺑﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ . ﻭ ﻣﻦ ﺃﻣﺜﻠﺔ ﺫﻟﻚ ﺃﻥَّ ﺧﻮﺽ " ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ " ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﻔﻦّ ﻗﺪﺣﻪ ﺣﻮﺍﺭﻩ ﻣﻊ ﺍﺑﻨﺘﻪ " ﺑﺜﻴﻨﺔ " ﻋﻦ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺸِّﻌﺮ ﻭ ﺟﺪﻭﺍﻩ ﻭ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻔﻦّ ﻓﻲ ﺍﺳﺘﻜﻨﺎﻩ ﺳﺮّ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻭ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺣﻘﺎﺋﻘﻪ ( 11 ) . ﻭ ﺃﻣّﺎ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﺠﻨﺲ ﻓﻘﺪ ﻗﺪﺣﻬﺎ ﺷﻮﻗﻪ ﺇﻟﻰ " ﺍﻟﻨّﺸﻮﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺍﻟﻼّﺋﺬﺓ ﺑﺴِﺮّ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ 12)" ) . ﻭﻣﺜّﻠﺖ ﺷﺨﺼﻴّﺔ " ﻭﺭﺩﺓ " ﺍﻟﻨّﻤﻮﺫﺝ ﺍﻷﻧﺜﻮﻱ ﺍﻟﻤﺮﺍﻓﻖ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﺘّﺠﺮﺑﺔ ﻓﺎﻧﻀﻮﺕ ﻓﻲ ﻋﺎﻟَﻢ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻴّﺔ ﻣﺜﺎﻻ ﻟﻠﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺤﺴِّﻲ ﺍﻟّﺬﻱ ﻳﺤﺮّﺭ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﺭﺗﺒﺎﻃﻪ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﻟﻜﻨّﻪ ﻻ ﻳﻤﻨﺢ ﺍﻟﻜﻴﺎﻥ ﺍﻟﻘﻠﻖ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﺑﻞ ﺇﻥّ ﺷﺨﺼﻴّﺔ " ﻭﺭﺩﺓ " ﺍﺭﺗﺒﻄﺖ ﺑﺸﺨﺼﻴّﺔ " ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ " ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﻃﺮﻳﻘًﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺃﻭ " ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻵﺧﺮ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ " ﻋﻠﻰ ﺣﺪّ ﺗﻌﺒﻴﺮﻩ ( 13 ) . ﻭﺍﻟّﺬﻱ ﻳﻤﻴّﺰ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺎﺕ ﺍﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ ﻓﻲ " ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ " ﻫﻮ ﺍﻟﺌﺌﺎﻣُﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﺍﻟﺮّﻭﺍﺋﻲ ﺑﺜﻨﺎﺋﻴّﺔ ﺍﻟﺤﻀﻮﺭ / ﺍﻟﻐﻴﺎﺏ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻭﺍﻟﻤﺎﺿﻲ / ﺍﻟﺤﺎﺿﺮ ﻣﻦ ﺟﻬﺔٍ ﺃﺧﺮﻯ . ﻭﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ﻳﻤﻜﻦ ﺇﺩﺭﺍﺝ ﺃﻧﻤﺎﻁ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺎﺕ ﺍﻟﺜّﺎﻧﻮﻳّﺔ ﻭﻓﻖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜّﻨﺎﺋﻴّﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨّﺤﻮ ﺍﻟﺘّﺎﻟﻲ :
ﺍﻟﻐﻴﺎﺏ / ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﺍﻟﺤﻀﻮﺭ / ﺍﻟﺤﺎﺿﺮ
ﻋﺜﻤﺎﻥ / ﺯﻳﻨﺐ / ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ / ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻭﺭﺩﺓ / ﺑﺜﻴﻨﺔ / ﻣﺎﺭﻏﺮﻳﺖ / ﺳﻤﻴﺮ
ﻭ ﻧﻼﺣﻆ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻃﺎﺭ ﻣﻦ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ ﺍﻟﺮّﺋﻴﺴﻲ " ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ " ﺑﻐﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻮﺍﻋﻞ ﺍﻟﺜّﺎﻧﻮﻳّﺔ ﺃﻥّ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﻟﻢ ﻳﺘﺠﺎﻭﺯ ﺣﺪﻭﺩ ﺍﻟﻤﻌﻄَﻴﺎﺕ ﺍﻟﻀّﺌﻴﻠﺔ " ﺍﻟﻀّﻨﻴﻨﺔ " ﻋﻨﻬﺎ ﻭﺗﻔﺴﻴﺮُ ﺫﻟﻚَ ﻳﻌﻮﺩ ﻓﻨﻴًّﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﻥَّ " ﻭﺻﻒَ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺎﺕ ﺍﻟﺜّﺎﻧﻮﻳّﺔ ﻗﺪ ﺣﻜﻤﻪ ﻣﻨﻄﻖ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﺀ ﺍﻟّﺬﻱ ﺗﻘﺘﻀﻴﻪ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﺨﺼﻴّﺔ ﻣﺤﻮﺭﻳّﺔ، ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺎﺕ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺃﺷﺒﻪ ﺑﺎﻟﺮّﻭﺍﻓﺪِ ﺍﻟﺨﺎﺩﻣﺔ ﻻﺳﺘﻜﻤﺎﻝ ﺧﺼﺎﺋﺺ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺍﻟﻤﺤﻮﺭﻳّﺔ ، ﻓﺘﻘﻠَّﺺَ ـ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺴّﺒﺐ ـ ﻣﺠﺎﻝُ ﻭﺻﻔِﻬﺎ "... ﻭﺃﻣّﺎ ﺩﻻﻟﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻧﺤﺼﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺻﻒ ﻓﻬﻮ ﻛﻮﻥ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺎﺕ ﺭﻣﻮﺯ ﻫﺎﺩﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺧﺪﻣﺔ ﺃﻓﻜﺎﺭ ﻣﺠﺮَّﺩﺓ ﻻ ﺫﻭﺍﺕ ﺇﻧﺴﺎﻧﻴّﺔ ﺣﻴّﺔ " ( 14 ) . ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨّﺤﻮ ﻻ ﺗُﻄﻠَﺐُ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﻟﺬﺍﺗﻬﺎ ( 15 ) ﻭﺇﻧّﻤﺎ ﺑﻮﺻﻔِﻬﺎ ﺭﻣﻮﺯًﺍ ﺃﻭ ﻧﻤﺎﺫﺝَ ﺃﻭ ﺃﻗﻨﻌﺔ ﺗﻤﺜّﻞ ﺃﻃﺮﻭﺣﺔً ﺃﻭﻗﻀﻴّﺔ ًﺗﺴﻌﻰ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺬّﻫﻨﻴّﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘّﻌﺒﻴﺮ ﻋﻨﻬﺎ . ﻭ ﻣﻤّﺎ ﻻ ﺷﻚّ ﻓﻴﻪ ﺃﻥّ ﺷﺨﺼﻴّﺔ " ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ " ﺗﻤﻸ ﻓﻀﺎﺀ ﺭﻭﺍﻳﺔَ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﺍﻟﻨﺼّﻲ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﺷﺨﺼﻴّﺔ ﺗﺤﻤﻞ ﺭﺅًﻯ ﻭ ﺃﻓﻜﺎﺭًﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻭﺷﺨﺼﻴّﺔ ﻣﺘﻔﺮّﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺴّﺮﺩﻱ ﻳَﺴِﻤُﻬﺎ ﺍﻟﻨّﻤﻮﺫﺝ ﺍﻹﺷﻜﺎﻟﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﻜﻤﻪ ﺟﺪﻝ ﺍﻟﻴﻘﻴﻦ ﻭﺍﻻﺭﺗﻴﺎﺏ ﻭ ﺗﺠﺪّﺩ ﺍﻟﻔﺸﻞ ﻣﻦ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﺧﺮﻯ . ﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﺷﺨﺼﻴّﺔ " ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ " ﻭﺣﺪﻫﺎ " ﺗﺤﻤﻞ ﻓﻜﺮﺓً ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺎﻟَﻢ ( ﺇﺣﺴﺎﺱ ﺑﺎﻟﻐﺒﻦ ﻭﺍﻟﻐﺮﺑﺔ ) ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻘﻄﺐ ﺍﻟﻌﺎﻟَﻢ ﻭ ﺍﻟﺘّﻔﻜﻴﺮ ﻓﻴﻪ . ﺛﻢّ ﺇﻥّ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﺫﺍﺗﻬﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺮﻭّﺟﻬﺎ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﻫﻲ ﻓﻜﺮﺓ ﺫﺍﺕ ﻧﺰﻋﺔ ﻣﺘﻔﺮّﺩﺓ . ﻓﺎﻟﻔﻦّ ﻣﺜﻼ ﺃﻭ ﺍﻟﺸّﻌﺮ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺃﻥ ﻳُﻌﺎﻳﺶَ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻓﺎﻹﻧﺴﺎﻥ ﺇﻣّﺎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺷﺎﻋﺮﺍ ﺃﻭ ﻋﺎﻟِﻤﺎ ﻭ ﻻ ﺟﻤﻊ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭ ﺍﻟﺸّﻌﺮ ﺃﻱ ﻻ ﺟﻤﻊ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ( 16 ) .
*********************************************
*********************************************
*********************************************
*********************************************
*********************
ﺍﻟﺰّﻣﻦ
ﻟﻤّﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﻔﺮّﺩ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺴِﻢُ ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ ﺍﻟﺮّﺋﻴﺴﻲّ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻣﺪﺍﺭ ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﻘﺺّ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﺈﻥّ ﺍﻟﺰّﻣﻦَ ﻓﻲ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﺍﻧﺒﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻮﻧﻮﻓﻮﻧﻴّﺔ ﺃﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨّﻤﻮﺫﺟﻴّﺔ ﻭ ﺍﻟﺘﻔﺮّﺩ ( ﺍﻟﺰّﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺍﻟﻤﻤﺘّﺪّ ) . ﻭ ﻣﻴﺰﺍﺗُﻪ ﺃﻧّﻪ ﻳﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﻨّﻔﻲ ﻭﺍﻻﻧﻘﻄﺎﻉ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺤﺎﺿﺮ ﻭﺍﻟﻤﺎﺿﻲ : ﻭ ﻳﺘﺸﻜّﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻧﻘﻄﺎﻉ ﺩﻻﻟﻴّﺎ ﻓﻲ ﺍﺳﺘﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ ﺯﻣﻨﻴﻦ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﻫﻤﺎ ﻣﺎﺿﻲ ﺍﻟﺤﺐّ ﻭ ﻭﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻭ ﺍﻟﺸّﻌﺮ " ﺍﻟﺤﻖّ ﺃﻥّ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻔﻦّ ﻗﺪ ﺗﻐﻴّﺮ، ﻭﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﺪﺭﻱ، ﺍﻟﻔﻦّ ﻗﺪ ﻣﻀﻰ ﻭﺍﻧﻘﻀﻰ، ﻭﻓﻦّ ﻋﺼﺮﻧﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺘّﺴﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘّﻬﺮﻳﺞ، ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﻔﻦّ ﺍﻟﻤﻤﻜﻦ ﻓﻲ ﺯﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻢ " ، ﻭﺣﺎﺿﺮ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﻭ ﺍﻟﻌﻠﻢ " ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻣﻀﺨّﺔ ﺗﻌﻤﻞ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﺍﻟﺸّﺮﺍﻳﻴﻦ ﻭﺍﻷﻭﺭﺩﺓ ﻭ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺮﺍﻓﺔ ﺃﻥ ﻧﺘﺼﻮّﺭﻩ ﻭﺳﻴﻠﺔً ﻟﻠﺤﻘﻴﻘﺔ ، ﻭﻟﻜﻨّﻪ ﻣﺠﺮَّﺩ ﺻﺨﺮﺓ ﻭﺳﻮﻑ ﺗﺘﻘﻬﻘﺮ ﺑﻚ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﺘّﺎﺭﻳﺦ " . ﻭﻣﻦ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﺍﻻﻧﻘﻄﺎﻉ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺰّﻣﻨﻴﻦ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﻭﺍﻟﺤﺎﺿﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﻮﻣﻀﺔ ﺍﻟﻮﺭﺍﺋﻴّﺔ ، ﻭ ﻫﻲ ﻭ ﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺿﻨﻴﻨﺔً ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﻓﺈﻧّﻬﺎ ﺗﺆﻛّﺪ ﺍﻧﻔﺼﺎﻝ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﻋﻦ ﺣﺎﺿﺮﻩ ﻭ ﺍﺭﺗﺪﺍﺩﻩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ " ﻭﻗﺪﻳﻤﺎ ﻗﻄﻊ ﺍﻟﺸّﺎﺏ ﺍﻟﻄّﻮﻳﻞ ﺍﻟﻨّﺤﻴﻞ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻤﻮﻇّﻒ ﺍﻟﺼّﻐﻴﺮ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﻃﻮﻻ ﻭ ﻋﺮﺿﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﻣﻴﻪ ﺩﻭﻥ ﺗﺬﻣّﺮ " . ﻭ ﻣﻦ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺍﻻﻧﻘﻄﺎﻉ ﺍﻟﺰّﻣﻨﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﻔﺼﻞُ ﺑﻴﻦ ﺯﻣﻨﻴﻦ ﻟﺸﺨﺼﻴّﺔ " ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ " ﺯﻣﻦ ﺍﻟﺸّﺎﻋﺮ ﺍﻟﺜّﺎﺋﺮ " ﻋﻬﺪ ﺍﻟﺤﺮﻣﺎﻥ ﻭ ﺍﻷﻣﻞ ... ﻭﺃﺣﻼﻡ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﻔﺎﺿﻠﺔ " ﻭ ﻋﻬﺪ ﺍﻟﻘﻠﻖ ﻭﺍﻟﺴّﺆﺍﻝ ﻭ ﺍﻟﺤﻴﺮﺓ ﻭ ﺍﻟﻐﺮﺑﺔ ﻭﻳﺸﻤﻞ ﺍﻟﺰّﻣﻦ ﺍﻟﻨّﻔﺴﻲ ﺍﻟﻤﺮﺗﺒﻂ ﺑﺄﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﺍﻟﻤﺄﺯﻭﻣﺔ " ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻳﺎ ﺩﻛﺘﻮﺭ ﻣﺎ ﺃﺟﻤﻞ ﻛﻞَّ ﺍﻷﺯﻣﺎﻥ ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎﺀ ﺍﻵﻥ ." ﻭ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻧﺘﺒﻴّﻦ ﻓﻲ " ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ " ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺰّﻣﻦ ﺍﻟﻤﻤﺘﺪّ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺛﻨﺎﺋﻴّﺔ ﺍﻟﻔﺠﺮ ﻭﺍﻟﻈّﻼﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﺜّﻠﺖ ﺃﺳﺎﺳًﺎ ﺭﻣﺰﻳّﺎ ﻟﺪﻻﻟﺔ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ، ﻓﻘﺪ ﺟﺮﺕ ﺃﻏﻠﺐ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﻓﻲ ﺍﻟﻠّﻴﻞ " ﻷﻥَّ " ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﻨﺸُﺪُ ﺩﻭﺍﺀﻩ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺠﻦّ ﺍﻟﻠّﻴﻞ ﻓﻴﻨﺘﻘﻞ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﻼﻫﻲ ﺍﻟﻠّﻴﻠﻴّﺔ ﻭﻳﺘﺠﻮّﻝ ﻭ ﻳﻘﻒ ﻋﻨﺪ ﺍﻷﻫﺮﺍﻡ ﻭ ﻳﺘﺄﻣّﻞ ﺍﻟﻈّﻼﻡ ﻭ ﻳﺘﺴﻮّﻝ ﺍﻟﻨّﺸﻮﺓ ﺍﻷﺑﺪﻳّﺔ . ﻭ ﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻏﻠﺐ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﻬﺎﻣّﺔ ﺗﺠﺮﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻠّﻴﻞ : ﻣﺜﻞ ﺗﻌﺮّﻓﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺭﻏﺮﻳﺖ ﻭ ﻭﺭﺩﺓ ﻭ ﺍﻧﻜﺸﺎﻑ ﺳﺮّ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻭ ﻣﻴﻼﺩ ﺳﻤﻴﺮ ... ﻭ ﺃﻣّﺎ ﺍﻟﻔﺠﺮ ﻓﻘﺪ ﺍﻗﺘﺮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﺑﺼﻔﺔ ﺃﻭﺿَﺢ ﺑﺎﻟﺨﻠﻖ ﻭﺍﻟﻮﻻﺩﺓ . ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ ﻳﺘﻘﻠّﺐ ﻓﻲ ﻣﺨﺎﺽ ﺍﻟﻨّﺸﻮﺓ ﻓﺠﺮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺼّﺤﺮﺍﺀ ﻛﺎﻧﺖ ﺯﻭﺟﺘﻪ ﺗﻠﺪُ ﻓﺎﺗﺤﺔً ﻋﻬﺪﺍ ﺟﺪﻳﺪﺍ ﻫﻮ ﻋﻬﺪ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﻤﺮﻛّﺐ ﻣﻦ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺧﻠﻴﻞ ﻭ ﺍﻟﻄّﻔﻞ ﺳﻤﻴﺮ ﻭﺍﻟﺠﻨﻴﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺛﻤﺮﺗﻪ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﺜﻴﻨﺔ ــ ﺍﻟﺸِّﻌﺮ ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﻌﺜﻤﺎﻥ ﺧﻠﻴﻞ ــ ﺍﻟﺜّﻮﺭﺓ 17)". ) .
ﻭ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮﺭ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜّﻨﺎﺋﻴّﺔ : ﻓﺠﺮ / ﻇﻼﻡ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺇﻥَّ ﺍﻟﺰّﻣﻦ ﻓﻲ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﻫﻮ ﺯﻣﻦ ﻣﺘﻮﺍﺻﻞ ﺗﻨﺘﻔﻲ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺤﺪﻭﺩ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﻭﺍﻟﺤﺎﺿﺮ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ . ﺇﻧّﻪ ﺯﻣﻦ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻤﻐﺎﻣﺮ ﻓﻲ ﺣﺮﻛﺘﻪ ﺍﻟﺪّﺅﻭﺑﺔ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﺘّﺤﺮّﺭ ﻣﻦ ﻗﻴﻮﺩ ﺍﻟﺮّﺗﺎﺑﺔ ﻭﺍﻟﺨﻤﻮﺩ ، ﻭ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﻌﻨﻰ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ ﺇﺫ " ﻛﻴﻒَ ﻳﺮﺣﻞ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺎﻟَﻢ ﻣَﻦ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟَﻢ ﻓﻴﻪ؟ ﻭ ﻗﺪ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ ﻓﻲ ﻳﻘﻈﺘﻪ ﺃﻥ ﻳﻐﻴﺐَ ﻋﻦ ﻛﻞّ ﺷﻲﺀ ، ﻭ ﻟﻜﻦ ﻫﻞ ﻳﻤﻠِﻚ ﺃﻥ ﻳﺤﻮﻝ ﺩﻭﻥ ﺣﻀﻮﺭ ﻛﻞّ ﺷﻲﺀ ﻓﻲ ﻭﻋﻴﻪ؟ ﻭﻫﺎﻫﻲَ ﺃﻃﻴﺎﻑ ﺍﻟﻌﺎﻟَﻢ ﺗﻄﺎﺭﺩﻩ ﻓﻲ ﺧﻠﻮﺗﻪ ... ﻃﻴﻒُ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻨﺬ ﺃﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥُ ﻓﻲ ﻃﻮﺭ ﺻﺮﺍﻋِﻪ ﻣﻊ ﺣﻴﻮﺍﻧﻴّﺘﻪ ." ( 18 ) ﻭ ﻫﻜﺬﺍ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻠﺰّﻣﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﺇﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﺧﺼﺎﺋﺺ ﺍﻟﻘﻄﻴﻌﺔ ﻭ ﺍﻻﻧﻔﺼﺎﻝ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﻭﺍﻟﺤﺎﺿﺮ ﻣﻈﻬﺮ ﺍﻻﻣﺘﺪﺍﺩ ﻓﻲ ﺃﺑﻌﺎﺩﻩ ﺍﻟﺮّﻣﺰﻳّﺔ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﺯﻣﻦَ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻲّ ﻭﻋﻨﻮﺍﻧﺎ ﻟﺤﺮﻛﺔ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﺬّﺍﺕ ﺍﻟﻤﻘﺬﻭﻓﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ، ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺬّﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﺎ ﺇﻥ ﻳﺨﺮُﺝ ﻣﺎﺿﻴﻬﺎ ( ﻋﺜﻤﺎﻥ ) ﺣﺘّﻰ ﺗﻬﺎﺟﺮَ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻠﻢ ﻭﺍﻟﺠﻨﻮﻥ .
*********************************************
*********************************************
*********************************************
*********************************************
*********************
*********¬******************** ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻲ
ﺗﺨُـﺺُّ ﻋﻤﻠﻴّﺔ ﺍﻟﺘّﻮﺍﺻﻞ ﻓﻲ ﺧﻄﺎﺏ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻲّ ﻃﺮﻓﻴﻦِ ﻳﻨﺤﺼﺮﺍﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺬّﺍﺕ ﺍﻟﻤﺘﻜﻠّﻤﺔ ﻭ ﺍﻟﺴّﺎﻣﻌﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ، ﻓﻜﻼﻡ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﻻ ﻳﺘﺠﺎﻭﺯ ﻣﻨﻄﻘﺔَ ﺍﻟﺬّﺍﺕ ﻭ ﺩﺍﺋﺮﺓَ ﻧﻔﺴﻬﺎ ، ﻭﻫﻲ ﺗﺨﻠُﻖُ ﻣﻦ ﺫﺍﺗﻬﺎ ﺫﺍﺗﺎ ﺃﺧﺮﻯ ﺗُﺨﺎﻃِﺒُﻬﺎ . ﻭﻳﺼﺪُﺭُ ﺃﺳﻠﻮﺏ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻲّ ﻋﻦ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﻧﻔﺴِﻬﺎ ، ﻓﻴﺨﺘﻠﻒُ ﺧﻄﺎﺑُﻬﺎ ﺑﺬﻟﻚ ﻋﻦ ﺍﻟﺴّﺮﺩ ( ﺣﻜﺎﻳﺔ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ) ﻭ ﺍﻟﻮﺻﻒ ( ﺣﻜﺎﻳﺔ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ) ﻭﻫﻮ ﺇﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﺫﻟﻚ ﻳُﺒـﺎﻳِﻦُ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭَ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻲَّ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻲّ ﺍﻟّﺬﻱ ﺗﻜﻮﻥ ﻓﻴﻪ ﺫﺍﺕُ ﺍﻟﻤﺨﺎﻃَﺐِ ﺣﺎﺿﺮﺓً ﺑﺄﻗﻮﺍﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺇﻃﺎﺭ ﻋﻤﻠﻴّﺔ ﺍﻟﺘّﺨﺎﻃﺐ ، ﻭ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺺّ ﺍﻟﺴّﺮﺩﻱّ ﻋﻼﻣﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﻠّﻔﻈﻴّﺔ ﺍﻟﺪّﺍﻟﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻲّ ﺣﺼﻴﺮَ ﺍﻟﺬّﺍﺕ ﻻ ﻳﺨﺮُﺝ ﻋﻨﻬﺎ ، ﺇﻧّﻪ ﺻﻮﺗُﻬﺎ ﺍﻟﻤﺒﺎﺷﺮُ ﻳﻀﻄﻠﻊُ ﺑﻔﻌﻞ ﺍﻟﺘﻠﻔّﻆِ ﻓﺘﺒﺚُّ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏَ ﻭﺗﺘﻘﺒّﻠُﻪ ﻓﻲ ﻧﻔﺲِ ﺍﻟﻮﻗﺖِ . ﻭ ﻫﺬﻩ ﻫﻲَ ﺳِﻤﺔُ ﺍﻷﺳﻠﻮﺏِ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻲّ، ﻓﺎﻟﺨﻄﺎﺏُ ﺫﺍﺗﻲٌّ ﻭﺍﻟﻜﻼﻡُ ﻣﻨﺸﺄُﻩ ﺣﺮﻛﺔُ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ ﻭﺧﻠﺠﺎﺕِ ﺍﻟﻮﺟﺪﺍﻥ، ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈﻥَّ ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ ﺍﻟﻤﺘﺤﺎﻭِﺭﺓَ ﻓﻴﻪ ﻣﺘّﺤﺪﺓٌ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻄﻠﻖ ﻭﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻴّﺔ ﺍﻟﺘّﺨﺎﻃﺐ . ﻭﺇﻥَّ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﺴِّﻤﺔ ﻟِﺨﻄﺎﺏ ﺍﻟﺬّﺍﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻲّ ﻣﺎ ﻳﻤﻴّﺰﻫﺎ ﻣﻦ ﺟﻬﺔِ ﺍﻷﺳﻠﻮﺏِ ، ﻓﺎﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺍﻟﻘﺼﺼﻴّﺔ ﺗﻨﺘﻘﻲ ﺍﻟﻠّﻐﺔ ﺍﻟّﺘﻲ ﺑﻬﺎ ﺗﺘﻜﻠّﻢُ ﻋﻦ ﺫﺍﺗﻬﺎ ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳُﻔﺴِّﺮُ ﺇﻟﻰ ﺣﺪٍّ ﻣﺎ ﺗﺄﺩﻳَﺔَ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ ﺑﺄﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻹﻧﺸﺎﺀ ﺍﻟﻄّﻠﺒﻲ ﻭ ﻋﻨﺎﺻﺮﻩ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻛﺎﻻﺳﺘﻔﻬﺎﻡ ﻭ ﺍﻟﺘﻌﺠّﺐ ﻭ ﺍﻟﻨّﺪﺍﺀ ﻭﺍﻟﺘّﻤﻨﻲ ﻭﺍﻷﻣﺮ ﻭ ﺍﻟﻨّﻬﻲ ﻭ ﻛﻠّﻬﺎ ﻭﺳﺎﺋﻞُ ﺗﻌﺒﻴﺮﻳّﺔ ﺗﻨﺸﺄ ﻓﻲ ﺍﻟﺬّﺍﺕ ﻣﻌﻠﻨﺔً ﻟﺤﻈﺔً ﻣﺎ ﻣﻦ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ﺃﻭ ﺍﻟﺮّﻏﺒﺔ ﺃﻭ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺤﻴﺮﺓِ ﺃﻭ ﺍﻟﻘﻠﻖ . ﻭﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺃﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻹﻧﺸﺎﺀ ﻓﺈﻥَّ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻲَّ ﻳُـﺆَﺩَّﻯ ﺑﻐﻴﺎﺏ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﻠّﻔﻈﻴّﺔ ﻓﺘﻨﺘﻔﻲ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﻤﺨﺎﻃَﺒﺎﺕ ( Tiret ) ﻭﺍﻟﺘّﻨﻘﻴﻂ Ponctuations ) ﻭﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻤﻤﻬّﺪﺓ ﻟﻠﺤﻮﺍﺭ ( Verbes introducteurs ) ﻷﻥَّ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔِ ﻳﻮﻟَﺪُ ﻋﻔﻮِﻳًّﺎ ﻓﻴﺄﺗﻲ ﺩﻭﻥ ﻣﻘﺪِّﻣﺎﺕ ﺃﻭ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﺗﺤﺪِّﺩﻩ . ﻭﻫﻮ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﺳﻠﻮﺏٌ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻋﻤﺎﺩُﻩ ﺳَـﻮْﻕُ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﻤﻘﺘﻀَﻰ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻨّﻔﺴﻴّﺔ ﻭﺍﻟﻮﺟﺪﺍﻧﻴّﺔ . ﻭﻣﻦ ﺃﻣﺜﻠﺔِ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺭﻭﺍﻳﺔِ " ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ " ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﻄﻊ ﺍﻟّﺬﻱ ﻳﺘﻮﺳّﻂ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻲّ ﺍﻟﻮﺻﻒَ ﻭﺍﻟﺴّﺮﺩَ ﻓﻴﺮِﺩُ ﻛﻼﻡُ " ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ " ﻟﺤﻈﺔَ ﺍﻧﺒﺜﺎﻕِ ﻭﻋﻴِﻪ ﺑﺎﻷﺯﻣﺔ ﻭﺭﻭﺩًﺍ ﻋﻔﻮﻳًّﺎ ﺗﻄﺎﺑﻘﺖ ﻓﻴﻪ ﺃﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻹﻧﺸﺎﺋﻴّﺔ ﺑﺄﺣﻮﺍﻝ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻟﻘﻠﻘﺔ " ﻟﻢ ﺗُﻠﻌَﻦ ؟ ﻭﺃﻧﺖَ ﻟﻢ ﺗُﺼَﺐْ ﺑﺴﻮﺀ؟ ﻣﺎﺫﺍ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﻟﻤﻘﺒِﻞ ﻋﻠﻰ ﺭﺣﻠﺔٍ ﻏﺎﻣﻀﺔ .! ﺍﻟﺤﺎﺋﺮ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺤﺐّ ﻭﺍﻟﻀّﺠﺮ . ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻢ ﻳﺤﺪِّﺙ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻌﺪ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺷﺎﻓﻴﺔ "... ( ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ / ﺹ 16 ) . ﺇﻥّ ﺧﻄﺎﺏ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔِ ﻟﺬﺍﺗﻬﺎ ﻻ ﻳﺪﺧُﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺺّ ﺍﻟﺴّﺮﺩﻱّ ﺇﻻّ ﻟﺤﻈﺔَ ﺗﺪﺧُﻞُ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺍﻟﻘﺼﺼﻴّﺔ ﺩﺍﺋﺮﺓَ ﺍﻟﻀّﻮﺀ ﻓﻲ ﺳﻴﺎﻕ ﺍﻧﻔﻌﺎﻟﻲ ﺃﻭ ﺻِﺪﺍﻣﻲ ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻬﻮ ﻣﺤﻜﻮﻡٌ ﻓﻲ ﺃﺳﻠﻮﺑﻪ ﺑﺎﻟﺬّﺍﺗﻴّﺔ ﻭ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﻄﻠﻖ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺇﻥَّ " ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺎﺕ ﻫﻲ ﺃﻧﻤﺎﻁ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ " ﻋﻠﻰ ﺣﺪّ ﺗﻌﺒﻴﺮ " ﺗﻮﺩﻭﺭﻭﻑ " ( 19 ) . ﻭﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻲّ ﻣﻦ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﻘﺺّ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺃﻭﺗﻌﺮﻳﻔﻬﺎ ﻓﺘﻌﺮﺽ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﺣﻴﺎﺓَ ﺍﻟﺼّﺮﺍﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ ، ﻭ ﻣﻦ ﻧﻤﺎﺫﺝ ﺫﻟﻚ ﺍﻧﻘﻄﺎﻉ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﺍﻟﻤﺒﺎﺷﺮ ﺑﻴﻦ ﻋﻤﺮ ﻭ ﺑﺜﻴﻨﺔ ﻭﺍﻧﺨﺮﺍﻁ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﻓﻲ ﻋﺮﺽ ﺻﺮﺍﻋﻬﺎ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻣﺆﺷّﺮﺍ ﻗﺼﺼﻴّﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﺯﻣﺔ ﺗﻀﻄﺮﻡ ﺑﺪﺍﺧﻠﻪ " ﻫﺎﻫﻲ ﺃﻣّﻚ ﺗﺤﺎﻛﻲ ﺍﻟﺒﺮﻣﻴﻞ . ﻭ ﺍﻷﻓﻖ ﻳُﺤﺎﻛِﻲ ﺍﻟﺴّﺠﻦ . ﻭﺍﻟﺤﺮﻳّﺔ ﺍﺳﺘﻜﻨﺖ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻷﻓﻖ . ﻭﻟﻢ ﻳﺒﻖَ ﻣﻦ ﺃﻣﻞ ﺇﻻّ ﺍﻟﻀّﺠﺮ ﺍﻟﻤﻌﺬِّﺏُ ". ( ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ / ﺹ 18 ) . ﻭﻳﺴﻤﺢُ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﻟﻨﻔﺴِﻬﺎ ﺑﺄﻥْ ﺗﺘﻜﻠَّﻢَ ﻋﻔﻮﻳًّﺎ ﻋﻦ ﺃﻭﺿﺎﻋﻬﺎ ﺍﻟﻤﻌﻴﺸﺔِ ﻓﻲ ﺣﺮﻛﺔ ﺑﺎﻃﻨﻬﺎ . ﻭ ﻳﺴﺎﻫﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡُ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻘﺺّ ﻓﻲ ﻧﻤُﻮِّ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺍﻟﻘﺼﺼﻴّﺔ ﻟﻴﻜﻮﻥَ ﺍﻟﺤﺪﺙُ ﺍﻟﻨّﻔﺴﻲّ ـ ﻣُﻤﺜّﻼً ﺑﺎﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ـ ﻟَﺒِﻨﺔً ﻣﻦ ﻟﺒﻨﺎﺕ ﺗﻄﻮّﺭﻫﺎ ﺿﻤﻦ ﻣﺴﺎﺭ ﺍﻟﻘﺺّ، " ﻭ ﺃﺭﻫﻘَﻚَ ﺍﻟﺼّﻤﺖ، ﻭ ﺃﻟﺢَّ ﻋﻠﻴﻚ ﺍﻟﺤﺮﻣﺎﻥ، ﻭ ﻓﺘﺢ ﺍﻟﺤﺐُّ ﺫﺭﺍﻋﻴﻪ، ﻭﺃﺛﺒﺖ ﺍﻟﺸِّﻌﺮُ ﺃﻧّﻪ ﻻ ﻗﺪﺭﺓ ﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻣﺘﻼﻙ " ( ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ /ﺹ 49 ) . ﻭﺃﻣّﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻤﻴّﺰ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﻓﺈﻧّﻪ ﺃﺳﻠﻮﺏ ﺍﻟﺼّﻮﺕ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻷﻥّ ﻛﻞّ ﺍﻟﻤﺨﺎﻃَﺒﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﺗﺮﺗﺪّ ﺇﻟﻰ " ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ " ﺃﻭ ﺗﺮﺗﺒﻂُ ﺑﻪ، ﻭﻳﻌﻨﻲ ﺫﻟﻚ ﺃﻥّ ﻣﺪﺍﺭ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻭ ﻣﻮﺿﻮﻋﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﺃﻭ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﺍﻟﻤﺒﺎﺷﺮ ﻳﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺣﻀﻮﺭ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﻧﻘﻞ ﺍﻟﻜﻼﻡ، ﻭﺑﻌﺒﺎﺭﺓ ﺃﺩﻕَّ ﻓﺈﻥّ ﺃﻗﻮﺍﻝ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴﺎﺕ ﻭﻣﺨﺎﻃَﺒﺎﺗِﻬﺎ ﺗﻜﺸﻒُ ﺃﺑﻌﺎﺩَ ﺷﺨﺼﻴّﺔ " ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ " ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﻴّﺔ ﻭ ﺍﻟﺮّﻣﺰﻳّﺔ، ﻭ ﻳﺠﻠﻮ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﻮﺍﻝ ﻣﺎ ﻳﻠﺤﻖ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﻣﻦ ﺗﻐﻴُّﺮ ﺃﻭ ﻣﺎ ﻳﻄﺮﺃ ﻋﻠﻰ ﺃﺣﻮﺍﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﻘﻠّﺐ . " ﻓﻲ ﺣﺠﺮﺓ ﺍﻻﻧﺘﻈﺎﺭ ﺭﻓﻊ ﻋﻴﻨﻴﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺼّﻮﺭﺓ ﻣﺮّﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻟﻢ ﻳﺰﻝ ﺍﻟﻄّﻔﻞ ﻣﻤﺘﻄﻴﺎ ﺟﻮﺍﺩﻩ ﺍﻟﺨﺸﺒﻲّ ﻣﺘﻄﻠّﻌﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻓﻖ ." ﺍﻭﻟﺤﻮﺍﺭ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﺷﺄﻧﻪ ﺷﺄﻥ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﺍﻟﻤﺒﺎﺷﺮ ﺟﺮﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻭﻇﻴﻔﺔ ﻛﺸﻔﻴّﺔ ﺗﺠﻠﻮ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭ ﺃﺯﻣﺘﻪ، " ـ ﻭﻟﻜﻦ ﺇﻟﻰ ﺃﻳﻦ ؟ " ﻭ ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﺗﻨﻮّﻋﺖ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺗﺄﺩﻳﺘﻪ ﻭﺍﻗﺘﺮﻥ ﺑﺎﻟﺮّﺅﻯ ﻭﺃﺣﻼﻡ ﺍﻟﻴﻘﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺧﺎﺗﻤﺔ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ( ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﺸﺮ ) ، ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺑﺎﻃﻦ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺍﻟﻘﺼﺼﻴّﺔ " ﻣﺎﺩّﺓً ﺗُﻘَﺺُّ ﻗﻮﺍﻣﻬﺎ ﺍﻷﺣﺎﺳﻴﺲُ ﻭﺍﻟﺨﻮﺍﻃﺮ ﻭﻣﺎ ﺷﺎﻛﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﻜﻮّﻧﺎﺕ ﻋﺎﻟَﻢ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ ، ﻓﺈﻧّﻪ ﺗﻘﻨﻴﺔ ﻗﺼﺼﻴّﺔ ( ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻫﻮ ﺃﺩﺍﺓ ﻣﻦ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ) ﺃﺑﺮﺯﺕ ﻣﺎ ﻟﻠﺤﻮﺍﺭ ﻣﻦ ﺻﻠﺔٍ ﺑﺎﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﻨّﻔﺴﻴّﺔ ﻭﺍﻟﺬّﻫﻨﻴّﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺎﻟﺠﺘﻬﺎ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ( 20 ) . ﻓﻔﻲ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ﺃﺩّﻯ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻛﻴﻔﻴّﺎﺕ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺍﻟﻘﺼﺼﻴّﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟّﻢ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻬﺎ ﻭ ﺍﻧﺒﻨﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘّﺴﺎﺅﻝ ﻭﺍﻟﺤﻴﺮﺓ، " ﻭﻓﻲ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺃﺟﻠﻰ ﺍﺳﺘﺒﻄﺎﻥ ﺍﻟﺬّﺍﺕ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭ ﺟﺪﻝ ﺍﻟﻌِﻠﻢ ﻭﺍﻟﺸّﻌﺮ ﻭ ﺍﻟﻔﻦّ ﻭ ﺍﻟﺜّﻮﺭﺓ . ﻭ ﺃﻣّﺎ ﺍﻟﺤًﻠﻢ ﻓﻘﺪ ﻋﺒّﺮ ﻋﻦ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻟﻬﺮﻭﺏ ﻭ ﻟﺬﻟﻚ " ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺤﻠﻢ ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻬﺮﻭﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﻤﻌﻴﺶ . ﻭﻫﻮ ﻫﺮﻭﺏ ﻳﻤﺪّ ﻗﺪﻣﻴﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﻭﻳﺘﻄﻠّﻊ ﺑﻌﻨﻘﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ " ( 21 ) . ﻭﺍﻟّﺬﻱ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﺳﺘﺨﻼﺻﻪ ﻣﻤّﺎ ﺗﻘﺪّﻡ ﺃﻥّ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻜﻮّﻧﺎﺕ ﺍﻟﺒﻨﺎﺋﻴّﺔ ﻟﻠﻔﻦّ ﺍﻟﺮّﻭﺍﺋﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻛﺸﻒ ﺳﻤﺔ ﺍﻟﻤﺘﻦ ﺍﻟﺮّﻭﺍﺋﻲّ ﺍﻟﻤﻮﻧﻮﻓﻮﻧﻲ ( ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺼّﻮﺕ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ) . ﺇﻧّﻬﺎ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺗﺘﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﺘّﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ " ﻧﺜﺮ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻴﻮﻣﻴّﺔ ﻭ ﺗﺮﻏﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﺘّﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﺷﻌﺮﻳّﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ... ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﻧﻔﻬﻢ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻧﺤﻼﻝ ﺍﻟﺸّﻜﻞ ﺍﻟﺮّﻭﺍﺋﻲ ـ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ـ ﻓﻜﻠّﻤﺎ ﺃﻭﻏﻠﺖ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﻓﻲ ﻓﻜﺮﺓٍ ﺃﺣﺎﺩﻳّﺔ ﺍﻟﺼّﻮﺕ ـ ﻗﺪَﺭ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﻣﺼﻴﺮﻩ ـ ﺍﻗﺘﺮﺑﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﺘّﻌﺒﻴﺮ ﺍﻟﻤﻠﺤﻤﻲ 22" ) . ﻟﻘﺪ ﺟﻤﻌﺖ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺔَ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ ﻭﺷﺨّﺺ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺴّﺮﺩﻱّ ﺍﻟﻨّﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﻔﺮﺩﻱ ﻟﻠﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺍﻟﻘﺼﺼﻴّﺔ ﻭﺭﺅﻳﺔ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﺗﻌﺒّﺮ ﻋﻦ ﺻﻮﺗﻪ ﺍﻟﻔﺮﻳﺪ ﻓﻲ ﺭﺣﻠﺔ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ، ﻭﺍﺗّﺠﻪ ﺍﻟﺰّﻣﻦ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﻣﺘﺪﺍﺩ ﻭﻓﻖ ﺛﻨﺎﺋﻴّﺔ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﻭ ﺍﻟﺤﺎﺿﺮ، ﻭ ﺍﺭﺗﺒﻂ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﺑﺎﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺍﻟﺮّﺋﻴﺴﻴّﺔ ، ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ " ﻧﺘﺎﺝَ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﺟﺪﻳﺪ ﺭﻛّﺰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘّﻌﺒﻴﺮ ﺍﻟﻔﺮﺩﻱ ﻭﺃﻟﻐﻰ ﺍﻟﺘّﻌﺪُّﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗﻞّ ﻓﻲ ﻣﻨﻈﻮﺭﻩ ﺍﻟﺴّﻴﺎﺳﻲ " ( 23 ) . ﻭ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﻄﻠﻖ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺇﻥَّ ﻃﺒﻴﻌﺔَ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﺍﻟﺬﻫﻨﻴّﺔ ﻗﺪ ﺧﻠّﺼﺘﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺭﻭﺍﻳﺔَ ﺧُﺴﺮﺍﻥ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺬﻱ ﻇﻞّ " ﺳﻴﺰﻳﻒ " ﻳﺘﺤﺮّﻙ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻹﻣﺴﺎﻙِ ﺑﻪ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻻﻧﻬﺎﻳﺔَ . ﻭ ﻟﻌﻞّ " ﻣﺎ ﻳﻤﻴّﺰ ﺣﺪﺍﺛﺘﻨﺎ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻫﻮ ﺃﻥَّ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥَ ﻓﻴﻪ ﻗﺪ ﻓﻘﺪ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻭﺧﺴِﺮﻩ، ﺫﻟﻚ ﺃﻥَّ ﻣﺮﺍﺟﻊ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻟﻔﻬﻢ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻗﺪ ﺗﻐﻴَّﺮﺕ ﺗﻤﺎﻣﺎ، ﻓﻼ ﻣﺠﺎﻝَ ﻟﻔﻬﻢ ﺍﻟﻌﺎﻟَﻢ ﺇﻻّ ﺑﺎﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﻌﻨﺎﻩ 24)" ) ﻭﻹﺟﻼﺀ ﻓﻜﺮﺓ ﺧﺴﺮﺍﻥ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻓﻲ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﺳﻨﻌﻤﺪُ ﺇﻟﻰ ﻭﺻﻒ ﺗﺠﻠّﻴﺎﺕ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﺴﺮﺍﻥ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﻤﺘﻦ ﺍﻟﺮّﻭﺍﺋﻲ ﻭ ﺗﺄﻭﻳﻞ ﺩﻻﻻﺗﻪ .
*********************************************
*********************************************
*********************************************
*********************************************
*********************
ـ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﻭ ﺍﻟﺪّﻻﻻﺕ
ﻟﻘﺪ ﻛﺘﺐَ ﻧﺠﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮﻅ ﺭﻭﺍﻳﺔ " ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ " ﻓﻲ ﺳﻴﺎﻕ ﺗﺎﺭﻳﺨﻲ ﻣﺤﺪَّﺩ ( 25 ) . ﺣﺘّﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸّﻜﻞ ﺍﻟﺮّﻭﺍﺋﻲ ﺃﻥ ﻳﺘﺠﺎﻭﺯ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻷﺩﺏ ﺑﺎﻟﻮﺍﻗﻊ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﻧﻔﺘﺎﺡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺘﻀﻤّﻨﺎﺕ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳّﺔ ﻭ ﺍﻷﺧﻼﻗﻴّﺔ ﻟﺘﻠﻚَ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺘّﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ . ﻓﻔﻜﺮﺓ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ ﻣﺜّﻠﺖ ﻋﻨﻮﺍﻥ ﺍﻟﻤﺘﻦ ﺍﻟﺮّﻭﺍﺋﻲ ﻓﻲ ﺭﻭﺍﻳﺎﺕ ﻣﺤﻔﻮﻅ ﺍﻟﻤﻮﺳﻮﻣﺔ ﺑﺎﻟﺬّﻫﻨﻴّﺔ ( ﺍﻟﻠﺺّ ﻭﺍﻟﻜﻼﺏ، ﺍﻟﻄّﺮﻳﻖ، ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ) . ﻭ ﺑﻄﻞُ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﺭﺳﻢ ﺧﻂّ ﺍﻟﺼّﺪﺍﻡ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻈّﺎﻫﺮﻱ ﻭﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻷﻥّ ﺍﻟﻌﺎﻟَﻢ ﺍﻟﻤﻌﻴﺶ Le monde vécu " ﻗﺪ ﺗﻐﻴّﺮ ﺑﻌﺪ ﺛﻮﺭﺓ 1952 ﻭ ﺃﻥَّ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﺎﻟَﻢ ﻗﺪ ﺗﻐﻴّﺮﺕ ﺃﻳﻀﺎ، ﻭ ﻗﺪ ﺗﻮﻟّﺪ ﻣﻦ ﺟﺮّﺍﺀ ﺫﻟﻚ ﺃﺯﻣﺔ ﻋﻤﻴﻘﺔ ﻓﻲ ﺿﻤﻴﺮ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ . ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻳُﺪﺭَﻙ ﺍﻟﻌﺎﻟّﻢ ﺑﻄﺮﻕ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺗﺼﺒﺢُ ﻃﺮﻕ ﺗﻘﻴﻴﻤِﻪ ﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﻣﺘﺒﺎﻳﻨﺔ . ﻭ ﻳﻀﺤﻰ ﻟﻜﻞّ ﻓﺮﺩ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺧﺎﺻّﺔ ﺑﻪ . ﻭ ﺣﻴﻨﺌﺬ ﺗﺘﻨﺎﺯﻉ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﻭ ﺗﺤﺘﺪﻡ ﻓﻲ ﺻﺮﺍﻉ ﻻ ﻣﺨﺮﺝَ ﻣﻨﻪ ﺇﻻّ ﺇﺫﺍ ﻫﻴﻤﻨﺖ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻭﻓﺮﺿﺖ ﻧﻔﺴَﻬﺎ ﺑﺎﻟﻘﻮّﺓ 26)" ) . ﻭ ﻧﺘﺒﻴّﻦ ﻣﻦ ﻣﻘﻮﻟﺘَﻲْ " ﺍﻟﺼّﺮﺍﻉ " ﻭ " ﺍﻷﺯﻣﺔ ﺍﻟﻌﻤﻴﻘﺔ " ﺃﻥّ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺍﻟﻘﺼﺼﻴّﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﺃﺿﺤﺖ ﺗﺘﺤﺪّﺩُ ﺑﻤﺎ ﻳُﺴﻨَﺪُ ﺇﻟﻰ ﺃﻋﻤﺎﻟِﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﻴﻤﺔ . ﻓــ " ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ " ﻳﻤﺜّﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺘﻦ ﺍﻟﺮّﻭﺍﺋﻲ " ﺃﺯﻣﺔَ ﺍﻟﺒﻄﻞ " ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻓﻲ ﻭﺿﻊ " ﺧﺴﺮﺍﻥ ﺍﻟﻬﻮﻳّﺔ " . ﺇﻧّﻪ ﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﺫﺍﺗﻪ ﻭ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺇﺭﺍﺩﺗﻪ، " ﻭ ﻳﻈﻞّ ﻋﻘﻠُﻚَ ﻳﺘﺎﺑﻊ ﻫﻮﺍﺟﺴﻪ، ﻣُﺴَﻠِّﻤﺎ ﺑﺄﻧّﻚ ﺗﻐﻴَّﺮﺕ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻤّﺎ ﺗﺘﺼﻮّﺭ، ﻓﻴﺎ ﺗُﺮَﻯ ﻣﺎﺫﺍ ﺃﺭﻳﺪُ؟ ﺃﺟﻞ ﻣﺎﺫﺍ ﺃﺭﻳﺪ؟ " ( ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﺹ 51/ ) . ﻭﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺗﻌﻠﻴﻞُ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﺴﺮﺍﻥ ﺑﻤﺎ ﺣﺪﺙَ ﻟﻠﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﻣﻦ ﺗﻐﻴّﺮﺍﺕ ﻭ ﻃﺮﺃ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﻘﻠّﺒﺎﺕ ﻓﻲ ﻣﺴﺎﺭ ﺭﺣﻠﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﻌﻨﻰ . ﻭﻧﺤﻦ ﻧﻼﺣﻆ ﺃﻥّ ﺃﻭﻟﻰ ﺩﺭﺟﺎﺕ ﺧﺴﺮﺍﻥ ﺍﻟﻬﻮﻳّﺔ ﺃﻭ " ﻣﺄﺯﻕ ﺧﺴﺮﺍﻥ ﺍﻟﻬﻮﻳّﺔ " ﺟﺴّﻤﻪ ﺍﻧﻘﻄﺎﻉ " ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ " ﻋﻦ ﻃﺒﺎﻋﻪ ﺍﻟﺜّﺎﺑﺘﺔ ﺍﻟﻤﺄﻟﻮﻓﺔ، ﻭ ﺃﺿﺤﺖ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻟﻤﺮﻳﻀﺔ ﺇﺣﺪﻯ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﺫﻟﻚ ﺍﻻﻧﻘﻄﺎﻉ " ﻻ ﺃﻋﺘﻘﺪ ﺃﻧّﻲ ﻣﺮﻳﺾ ﺑﺎﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻤﺄﻟﻮﻑ .. ﻭﻟﻜﻨّﻲ ﺃﺷﻌﺮُ ﺑﺨﻤﻮﺩ ﻏﺮﻳﺐ . ( ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ،ﺹ 7 ) .
ﻳﺠﺴّﺪ ﺍﻧﻘﻄﺎﻉ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﻋﻦ ﻣﺄﻟﻮﻑ ﻃﺒﺎﻋﻬﺎ ﺍﻟﻤﻈﻬﺮَ ﺍﻟﻨّﻔﺴﻲ ﻷﺯﻣﺘﻬﺎ، ﻭﻗﺪ ﺃﺟﻠﺖْ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺸّﻌﺮ ﻭ ﺍﻟﺴّﻴﺎﺳﺔ ﻭ ﺍﻟﺤﺐّ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻧﻘﻄﺎﻉ ﻭ ﺑﺮّﺭﺕ ﺣﺪﻭﺛﻪ ﺑﻀﻴﺎﻉ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ " ﺗﻌﻬُّﺪ ﺍﻷﻧﺎ " ﻭﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﺩﻳﻤﻮﻣﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺰّﻣﺎﻥ ، ﻭﺗﻤﺜّﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴّﻤﺔ : ﺍﻟﻌﺠﺰ ﻋﻦ ﺍﻻﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺰّﻣﺎﻥ ﺑﻼ ﺗﺒﺪّﻝ ﺃﻭ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﻣﻜﻮّﻧﺎ ﺑﻨﺎﺋﻴّﺎ ﻟﻠﺸّﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﻘﺼﺼﻴّﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺬّﻫﻨﻴّﺔ . ﻓﺄﺯﻣﺔ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﺗﺸﻜّﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﻩ ﻣﺘﻌﺪّﺩﺓ ( ﺍﻧﻔﻌﺎﻟﻴّﺔ ﻭﻣﺤﻮﺭﻫﺎ ﺍﻟﻀّﺠﺮ ﻭ ﺍﻟﻘﻠﻖ " ﺫﻛﺮﻳﺎﺕ ﻣﻌﺎﺩﺓ، ﻛﺎﻟﻘﻴﻆ ﻭﺍﻟﻐﺒﺎﺭ، ﺩﻭﺭﺍﺕ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺍﻹﻏﻼﻕ، ﻭ ﺍﻟﻄّﻔﻞ ﺍﻟﺒﺎﺳﻢ ﻳﺘﻮﻫّﻢ ﺃﻧّﻪ ﻳﻤﺘﻄﻲ ﺟﻮﺍﺩﺍ ﺣﻘﻴﻘﻴّﺎ ... ﺿﺠﺮ ﻳﻀﺠﺮ ﻓﻬﻮ ﺿﺠﺮ ﻭﻫﻲ ﺿﺠﺮﺓ ﻭﺍﻟﺠﻤﻴﻊُ ﺿﺠﺮﻭﻥ ﻭﺿﺠِﺮﺍﺕ ... ( ﺍﻟﺸﺢ
ﺫﺍّ، ﺹ 20 ) ، ﻭﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴّﺔ ﻭﻣﺪﺍﺭُﻫﺎ ﺍﻟﺨﻠﻔﻴّﺔ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻴّﺔ ﻟﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺍﻟﺴّﻴﺎﺳﻴّﺔ " ﻭ ﻛﻨﺖَ ﺗﻈﻬﺮ ﻟﻨﺎ ﺑﺄﻛﺜَﺮَ ﻣﻦ ﻭﺟﻪ : ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻲ ﺍﻟﻤﺘﻄﺮّﻑ ﻭ ﺍﻟﻤﺤﺎﻣﻲ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ " ، ﻭﺃﺯﻣﺔ " ﺍﻟﻄّﺒﻘﺔ ﺍﻟﺒﻮﺭﺟﻮﺍﺯﻳّﺔ " ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺜّﻮﺭﺓ ( 27 ) . ﻭﻓﻜﺮﻳّﺔ : ﻗﻮﺍﻣُﻬﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﻔﻦّ ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ ﻭ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ( ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺮّﺍﺑﻊ ﻣﻦ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ) ﻭ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴّﺔ ﻭﺍﻟﺤﺮﻳّﺔ .
ﻭ ﺗﻨﻀﻮﻱ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺯﻣﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﺿﻤﻦ " ﻣﺄﺯﻕ ﺧﺴﺮﺍﻥ ﺍﻟﻬﻮﻳّﺔ " ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺍﻟﺮّﻭﺍﺋﻴّﺔ ﺍﻟﺬّﻫﻨﻴّﺔ ﻭ ﻗﺪ ﺃﺿﺤﻰ ﻓﻴﻬﺎ " ﻭﺟﺪﺍﻥ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﺑﺆﺭﺓ ﺍﻹﺣﺴﺎﺱ ﺍﻟﺪّﺭﺍﻣﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﻛﻠِّﻬﺎ 28" ﻭ ﺇﺫﺍ ﺭُﻣﻨﺎ ﺗﺤﺪﻳﺪﺍ ﻳُﺠﻠِﻲ ﺗﺸﻜّﻼﺕ ﺧﺴﺮﺍﻥ ﺍﻟﻬﻮﻳّﺔ ﻭﺩﻻﻻﺗﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﻓﺈﻥّ ﺗﺠﺎﺭﺏ ﺷﺨﺼﻴّﺔ ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ ﻋﺒﺮ ﻣﺴﺎﺭ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺤﺪَﺛﻲّ ﺗُﺒﺮﺯُ ﺑﻮﺿﻮﺡ ﺍﻧﻘﻄﺎﻉ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﻋﻦ ﺗﻌﻬّﺪ ﺍﻷﻧﺎ ﺑﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻭﻓﻴًّﺎ ﻟﻪ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴّﺎ ﻭﻋﻘﻠﻴّﺎ ﻭ ﻣﻬﻨﻴّﺎ ﻭﺍﻧﺨﺮﺍﻃﻪ ﻓﻲ ﺳﺆﺍﻝ ﺍﻟﺤﻴﺮﺓ ﻭﺍﻟﻘﻠﻖ ﺑﺎﻟﺘّﻮﻕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ ﻭﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ . ﻭ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨّﺤﻮ ﻧﻌﺘﺒﺮ ﺍﻟﺘّﺠﺎﺭﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺧﺎﺿﻬﺎ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﻟﻤﺠﺎﻭﺯﺓ ﺃﺯﻣﺘﻪ ﻭ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﺫﺍﺗَﻪ، ﻭ ﺭﺣﻠﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺟﻮﻫﺮﻫﺎ ﺗﺠﺮﺑﺔً ﻓﻲ ﺍﻛﺘﺴﺎﺏ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﻭﺍﺳﺘﺮﺩﺍﺩ ﺍﻟﻬﻮﻳّﺔ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺍﻟﻀّﺎﺋﻌﺔ . ﻓﻘﺪ ﻛﻒَّ " ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ " ﻋﻦ ﻳﻜﻮﻥَ ﺛﺎﺑﺖَ ﺍﻟﻄّﺒﻊ ﺭﻫﻴﻨًﺎ ﻟﻠﺮّﺗﺎﺑﺔ ﻭ ﺍﻟﺨﻤﻮﺩ " ﻣﺎﺫﺍ ﺗﻌﻨﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓُ ﻟﺪﻳﻚ؟ ." ﻭ ﻛﻒَّ ﻋﻦ ﺗﻜﺮﺍﺭ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭ ﺍﻟﺰّﻭﺟﺔ ﻭﺍﻟﺠﺎﻩ " ﻻ ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﻓﻜّﺮ ﺃﻭ ﺃﻥ ﺃﺷﻌُﺮَ ﺃﻭ ﺃﻥ ﺃﺗﺤﺮّﻙَ، ﻛﻞّ ﺷﻲﺀ ﻳﺘﻤﺰّﻕُ ﻭ ﻳﻤﻮﺕ " ، ﻭ ﻛﻒَّ ﻋﻦ ﺍﻟﺪّﻳﻤﻮﻣﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺰّﻣﺎﻥ " ﺃﻧﺖَ ﺭﺟﻞ ﻧﺎﺟﺢٌ ﺛﺮﻱٌّ ﺗﺄﻛﻞ ﻓﺎﺧﺮ ﺍﻟﻄّﻌﺎﻡ ﻭﺗﺸﺮﺏ ﺍﻟﺨﻤﻮﺭ ﺍﻟﺠﻴّﺪﺓ ﻭ ﺗﺮﻫﻖ ﻧﻔﺴﻚ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ " ﻟﻴﺨﻮﺽَ ﺿﻤﻦ ﻣﺴﺎﺭ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺗﺠﺎﺭﺏ ﻭﺟﻮﺩﻳّﺔ ﺗﺨﺘﺰﻝ ﺃﺳﺌﻠﺔ ﺍﻟﻌﺒﺚ ﻭ ﺍﻟﺤﺮﻳّﺔ ﻭﺍﻻﺳﺘﻨﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﻟﺬّﺍﺗﻲ ﻓﻲ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻭﺍﻛﺘﺸﺎﻑ ﺟﻮﻫﺮﻫﺎ ، ﻓﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻘﻠﻖ ﻣﺜﻼ ﻓﻲ ﺷﺨﺼﻴّﺔ " ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ " ﻫﻲ ﻟﺤﻈﺔ ﺍﻣﺘﻼﺀ ﻋﺒّﺮﺕ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﺬّﺍﺕ ﻋﻦ ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ . ﻭ ﺃﻣّﺎ ﻗﻠﻖ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻓﻬﻮ ﺍﻟﺒﺎﻋﺚُ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺣﺴﺎﺱ ﺑﺎﻟﻌﺪﻡ( 29 ) . ﻭﻗﺪ ﺍﺗّﺠﻪ ﻣﻨﻄﻖ ﺍﻹﺑﺪﺍﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﺇﻟﻰ ﻣﻐﺎﻳﺮﺓ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﺣﺴﺎﺱ ﺑﺎﻟﻨّﺸﻮﺓ ﻭ ﺍﻟﻴﻘﻴﻦ ﻭ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ، " ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺼّﺎﺩﺭُ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﺮﻳّﺔ ﻧﻮﻉٌ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻠﻖ " ﻭ " ﺁﻥَ ﻟﻠﻘﻠﺐ ﻭﺣﺪﻩ ﺃﻥ ﻳﺮﻯ، ﺃﻥ ﻳﺮﻯ ﺍﻟﻨّﺸﻮﺓَ ﻛﻨﺠﻢٍ ﻣﺘﻮﻫِّﺞ، ﻭ ﻫﺎ ﻫﻲ ﺗﺪﺏّ ﻓﻲ ﺍﻷﻋﻤﺎﻕ ﻛﻀﻴﺎﺀِ ﻓﺠﺮ، ﻓﻠﻌﻞّ ﻧﻔﺴَﻚ ﺃﻋﺮﺿﺖْ ﻋﻦ ﻛﻞِّ ﺷﻲﺀ ﻇﻤﺄً ﻟﻠﺤﺐّ ، ﺣﺒًّﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺐّ، ﺗﻮﻗًﺎ ﻟﻨﺸﻮﺓ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﺍﻷﻭﻟﻰ، ﺍﻟﻼّﺋﺬﺓ ﺑﺴﺮّ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ " ( ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ : ﺹ، 64 ) . ﻭﻓﻲ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺍﻹﺷﺮﺍﻕ ﻭ ﺍﻟﺤﻠﻮﻝ ﺗﺨﻠﻮ ﺍﻟﺬّﺍﺕ ﺇﻟﻰ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺑﺎﻻﻧﻌﺰﺍﻝ ﻋﻦ ﻋﺎﻟَﻢ ﺍﻟﺪّﻧﻴﺎ ﻭ ﺍﻟﻨّﺎﺱ ﻭ ﻳﻤﺜُﻞُ ﺍﻟﻘﻠﺐُ ﻣﺼﺪﺭﺍ ﻟﻠﻤﻌﺮﻓﺔ ﻭﺍﻟﻜﺸﻒ، ﻓﺈﺫﺍ ﺍﻟﻤﻜﺎﺷﻔﺔ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻴّﺔ ﺳﺒﻴﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﻟﺘﺤﺎﻡ ﺑﺎﻟﻤﻄﻠﻖ " ﻓﺮﻗﺺ ﺍﻟﻘﻠﺐُ ﺑﻔﺮﺣﺔ ﺛﻤﻠﺔٍ ﺍﺟﺘﺎﺡ ﺍﻟﺴّﺮﻭﺭ ﻣﺨﺎﻭﻓﻪ ﻭﺃﺣﺰﺍﻧﻪ ... ﻭ ﺷﻤﻠﺘﻪ ﺳﻌﺎﺩﺓ ﺟﻨﻮﻧﻴّﺔ ﻏﺎﻣﺮﺓٌ، ﻭ ﺃﻇﻠّﻪ ﻳﻘﻴﻦٌ ﻋﺠﻴﺐ ، ﻭ ﻣﻸﺗﻪ ﺛﻘﺔٌ ﻻﻋﻬﺪَ ﻟﻪ ﺑﻬﺎ ... ﻭ ﺗﺮﺍﻣﺖ ﺍﻟﺪّﻧﻴﺎ ﺗﺤﺖ ﻗﺪﻣﻴﻪ ﺣﻔﻨﺔٌ ﻣِﻦ ﺗُﺮﺍﺏ « . ﻭ ﻓﻲ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﺮّﺣﻴﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﺠﻨﻮﻥ ﺗﺠﺴّﺪﺕ ﺷﺨﺼﻴّﺔ " ﺍﻟﺒﻄﻞ ﺍﻟﻤﺄﺯﻭﻡ " ﻓﻲ ﺍﻟﺘّﺮﺍﻭﺡ ﺑﻴﻦ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﻭﺍﻟﻼّﻭﻋﻲ، ﻭ ﺍﻟﺘّﻘﻠُّﺐِ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺮّﺅﻯ ﻭﺍﻷﺧﻴﻠﺔ " ﻣﺎﺫﺍ ﻳﻌﻨﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤُﻠﻢ ﺇﻻّ ﺃﻧّﻨﻲ ﻟﻢ ﺃﺑﺮﺃْ ﺑﻌﺪُ، ﻭﻛﻴﻒَ ﺃﻓﻜِّﺮُ ﻓﻴﻚ ﻃﻴﻠﺔَ ﻳﻘﻈﺘﻲ ﺛﻢَّ ﺗﻌﺒﺚُ ﺑﻤﻨﺎﻣﻲ ﺍﻷﻫﻮﺍﺀُ؟ ﻭﻟﻜﻦ ﻣﻬﻼ ! ﺃﻳﻦَ ﺃﻧﺎ؟ ﺃﻳﻦ ﺍﻟﻨّﺠﻮﻡ؟ ﺃﻳﻦ ﺃﻋﺸﺎﺏُ ﺍﻟﺤﺪﻳﻘﺔ ﻭﺃﺷﺠﺎﺭ ﺍﻟﺴّﺮﻭ؟ ﻫﺬﻩ ﺳﻴّﺎﺭﺓٌ ﺗﻨﻄﻠﻖُ . ﻭ ﺃﻧﺎ ﺭﺍﻗﺪٌ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﻌﺪٍ ﻃﻮﻳﻞ ﺟﺎﻧِﺒِﻲٍّ ﻳﺠﻠِﺲُ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻓﻪ ﺭﺟُﻞٌ ... ﻻ ﺷﻚّ ﺃﻧّﻲ ﻣﺎﺯﻟﺖُ ﺃﺣﻠُﻢ )". ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ : ﺹ، 2¬18 ) .
ﺇﻥَّ ﺧﺴﺮﺍﻥ ﺍﻟﻬﻮﻳّﺔ ﻓﻲ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ﺑﺘﻌﺪُّﺩ ﺍﻟﺘّﺠﺎﺭُﺏ ﻭ ﺗﻨﻮُّﻋﻬﺎ ﺗﺤﻘﻴﻘًﺎ ﻟﻠﺬّﺍﺕ ﻭ ﻛﺸﻔًﺎ ﻹﻧِّﻴّﺘِﻬﺎ ﺇﻧّﻤﺎ ﻳُﻌﺒّﺮ ﻋﻦ ﻧﻤﻂ ﻣﻦ ﺃﻧﻤﺎﻁِ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺍﻟﻘﺼﺼﻴّﺔ ﻓﻲ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺗﻴّﺎﺭ ﺍﻟﻮﻋﻲ " courant de conscience ، ﺗﻨﻬﺾُ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﻮﻟﺔٍ ﻓﻲ ﺍﻟﺘّﺨﻴﻴﻞ ﺍﻟﻘﺼﺼﻲّ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻗﻮﺍﻣُﻬﺎ " : ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺑِﻼ ﻣَﺰَﺍﻳَﺎ " L’Homme sans qualités ، ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺇﺷﻜﺎﻟﻴّﺔ ﻭﻧﻜﺮﺓ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﺷﺨﺼﻴّﺔً ﻏﻴﺮَ ﻗﺎﺑﻠﺔٍ ﻟﻠﺘّﻌﺮﻳﻒ ﺃﻭ ﺍﻟﺘّﺤﺪﻳﺪ ، ﺇﻧّﻬﺎ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗُﺴَﻤَّﻰ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺷﺨﺼﻴّﺔ " ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ " ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ . ﻭ ﻣﻼﻣﺢُ ﺍﻧﻘﻄﺎﻉ ﺍﻟﺘّﺴﻤﻴﺔ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺑﺎﺩﻳّﺔٌ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻞ ﺍﻟﺪّﻻﻻﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻮّﻧﺖ ﺗﺠﺎﺭﺏَ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﺑﺤﺜًﺎ ﻋﻦ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻭﻣﻦ ﻧﻤﺎﺫﺝ ﺫﻟﻚ :
ﺍﻹﻧﻴّﺔ ﺍﻟﺮّﻭﺣﻴّﺔ : ﻓﻘﺪ ﺟﺴّﺪ " ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ " ﻓﻲ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﺘّﺼﻮّﻑ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﻣﻨﻮﺍﻻً ﻟﻠﻤﻌﺮﻓﺔ ﺣﺎﻟَﺔَ ﺍﻟﺤﻠﻮﻝ ﺍﻟﻜﻮﻧﻲّ ﻭﺍﻹﺷﺮﺍﻕ ﻭ ﺍﻟﺘّﺠﻠّﻲ : " ﻭ ﺃﻇﻠّﻪ ﻳﻘﻴﻦ ﻋﺠﻴﺐ ﺫﻭ ﺛِﻘَﻞ ﻳﻘﻄُﺮ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺴّﻼﻡُ ﻭ ﺍﻟﻄُّﻤﺄﻧﻴﻨﺔُ ... ﻻ ﺷﻲﺀَ، ﻻ ﺃﺳﺄﻝُ ﺻﺤَّﺔً ﻭ ﻻ ﺳﻼﻣﺎ ﻭﻻ ﺃﻣﺎﻧﺎ ﻭ ﻻ ﺟﺎﻫًﺎ ﻭ ﻻ ﻋﻤﺮﺍ ، ﻭﻟﺘَﺄْﺕِ ﺍﻟﻨِّﻬﺎﻳﺔُ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠّﺤﻈﺔِ ﻓﻬﻲَ ﺃُﻣﻨِﻴَﺔُ ﺍﻷﻣﺎﻧﻲ "
ﺍﻟﺘّﻮﺣُّﺪُ ﺑﺎﻟﻄّﺒﻴﻌﺔ ﻭ ﺍﻟﻔﻮﺯ ﺑﺴﺮّ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ : " ﻭ ﻟﺒﺚَ ﻳﻠﻬﺚُ ﻭﻳﺘﻘﻠّﺐُ ﻓﻲ ﺍﻟﻨّﺸﻮﺓِ ، ﻭ ﻳﺘﻌﻠَّﻖ ﺑﺠﻨﻮﻥ ﺑﺎﻷﻓُﻖ ... ﻭ ﻗﺎﻝ ﺑﻌﺪ ﺻﻤﺖٍ : ــ ﺍﻟﻴﻘﻴﻦُ ﺑﻼ ﺟﺪﺍﻝ ﻭ ﻻ ﻣﻨﻄﻖ ... ﺛﻢّ ﺑﺼﻮﺕ ﻣﺴﻤﻮﻉ ﺃﻛﺜﺮَ : ــ ﺃﻧﻔﺎﺱُ ﺍﻟﻤﺠﻬﻮﻝ ﻭﻫﻤﺴﺎﺕُ ﺍﻟﺴﺮِّ .( ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ : ﺹ، 120 )
ﺍﻹﻧﻴّﺔ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴّﺔ : ﻭ ﻳﻤﺜِّﻠُﻬﺎ :
ﻗﺼﻮﺭ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻋﻦ ﺇﻧﺘﺎﺝ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ " ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺮﺍﻓﺔ ﺃﻥ ﻧﺘﺼﻮّﺭ ﺍﻟﻘﻠﺐَ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﻟﻠﺤﻘﻴﻘﺔ، ﻭ ﻟﻜﻨّﻪ ﻣﺠﺮَّﺩ ﺻﺨﺮﺓٍ ﻭ ﺳﻮﻑَ ﺗﺘﻘﻬﻘﺮُ ﺑﻚَ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻭﺭﺍﺀَ ﺍﻟﺘّﺎﺭﻳﺦ " .
ﺃﺳﺎﺱُ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻌﻘﻞُ ﻭ ﺍﻟﻌِﻠﻢُ ﻭ ﺍﻟﻤﻨﻄﻖ " : ﻗﺪﻳﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻟﻠﻔﻦّ ﻣﻌﻨﻰ ﺣﺘّﻰ ﺃﺯﺍﺣﻪ ﺍﻟﻌﻠﻢُ ﻣﻦ ﺍﻟﻄّﺮﻳﻖ ﻓﺄﻓﻘَﺪَﻩ ﻛﻞَّ ﻣﻌﻨَﻰ ." ﻭ " ﺇﻧّﻲ ﻣﺆﻣﻦٌ ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ ﻭ ﺍﻟﻌﻘﻞ ."
ﺍﻹﻧﻴّﺔ ﺍﻹﻳﺮﻭﺳﻴّﺔ : ﻭ ﺭﻣﺰﻳّﺘﻬﺎ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﺤﺐّ ﻭ ﺍﻟﺠﻨﺲ ، ﻭﻗﺪ ﺣﻮّﻟﺖ ﺷﺨﺼﻴّﺔ " ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ " ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻨﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﻄّﻮﺭ ﺍﻟﻐﺮﺍﺋﺰﻱ ﺇﻟﻰ ﺃﺩﺍﺓٍ ﻟﻠﻤﻌﺮﻓﺔ ﺑﺎﻟﺬّﺍﺕ " ﻟﻢ ﺃﻛﻦ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠّﻴﺎﻟﻲ ﺍﻟﻌﺠﻴﺒﺔ ﺣﻴﻮﺍﻧﺎ ﺗﺤﺮِّﻛﻪ ﺷﻬﻮﺓٌ ، ﻭﻟﻜﻨّﻨﻲ ﻛﻨﺖُ ﻣُﻌﺬَّﺑﺎ .. ﻭﺑﺎﺋﺴًﺎ " ﻭ " ﻛﻠَّﻤﺎ ﺭﺃﻳﺖُ ﺃﻧﺜَﻰ ﺧُﻴِّﻞَ ﺇﻟﻲَّ ﺃﻧّﻨﻲ ﺃﺭﻯ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓَ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﻣﻴﻦ ".. . ﻭﻣﻦ ﻭﺟﻮﻩ ﺧﺴﺮﺍﻥ ﺍﻟﻬﻮﻳّﺔ ﻓﻲ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﺤﺐّ ﻭﺍﻟﺠﻨﺲ ﺍﻟﻮﻋﻲُ ﺑﺰﻭﺍﻝ ﺍﻟﺤﺲّ ﻭ ﺃﻓﻮﻟﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ " ﻭﻧﺸﻮﺓ ﺍﻟﻠّﻴﻠﺔ ﻣﺠﻨﻮﻧﺔٌ ﻛﺎﻟﺒﺮﻕ ﻓﻜﻴﻒَ ﺗﻤﻸُ ﻓَﺮﺍﻍَ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ؟ ."
ﺍﻹﻧﻴّﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴّﺔ : ﻭ ﺭﻣﺰﻳّﺘﻬﺎ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺍﻻﻧﺘﻤﺎﺀ ، ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻨﺘﻤﻴًﺎ ﻓﻲ ﺑﻌﺪﻩ ﺍﻟﻜﻮﻧﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ " ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺇﻣّﺎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥَ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴّﺔ ﺟﻤﻌﺎ ﻭ ﺇﻣّﺎ ﺃﻻّ ﻳﻜﻮﻥ " ﻓﺈﻧّﻪ ﻓﻲ ﺑﻌﺪﻩ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ ﻳﻨﺘﻤﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻜﺎﺩﺡ ﺍﻟﻌﺎﻣﻞ ﻭ ﻳﻠﺘﺰﻡُ ﺑﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ " ﻋﻨﻤﺎ ﻧﻌﻲ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴّﺎﺗﻨﺎ ﺣﻴﺎﻝ ﺍﻟﻤﻼﻳﻴﻦ ﻓﺈﻧّﻨﺎ ﻻ ﻧﺠﺪُ ﻣﻌﻨﻰ ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﻌﻨﻰ ﺫﻭﺍﺗﻨﺎ " ﻭ ﻳﻈﻞّ ﺍﻻﻧﺘﻤﺎﺀ ﺍﻟﺴّﻴﺎﺳﻲّ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﺭﺩﻳﻔًﺎ ﻟﻠﻨّﻀﺎﻝ ﻭ ﺍﻟﺜّﻮﺭﺓ ﺃﻋﻠﻰ ﺑﺮﺍﻫﻴﻦ ﺍﻻﻧﺘﻤﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ ، ﻭ ﻳﺠﺴّﺪ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺧﻠﻴﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺒﺪﺃ ﺍﻟﺮّﻣﺰ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ " ﻧﺤﻦ ﻧﻌﻤﻞ ﻟﻺﻧﺴﺎﻧﻴّﺔ ﺟﻤﻌﺎﺀ ﻻ ﻟﻠﻮﻃﻦ ﻭﺣﺪﻩ ."
ﻳﻤﺜّﻞ ﺟِﻤﺎﻉُ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺘّﺠﺎﺭﺏ ﺭﺣﻠﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﻴﻘﻴﻦ، ﻭﺗﻌﺒﻴﺮﺍ ﻋﻦ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺔ ﺍﻟﺘَّﻌﺮُّﻑَ ﺇﻟﻰ ﺫﺍﺗِﻬﺎ ﻭ ﺇﺩﺭﺍﻙِ ﻫﻮﻳّﺘﻬﺎ، ﻭﺗﺘﻀﻤّﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮّﺣﻠﺔ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩﻳّﺔ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﺣﺮﻛﺔَ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ، ﻭ ﻛﺸﻒِ ﺟﻮﻫﺮﻫﺎ ﻷﻥَّ ﻣﻀﻤﻮﻥ ﺍﻟﻀّﺠﺮ ﻭ ﺍﻟﻘﻠﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ " ﺗﻌﻠّﻖ ﺑﺴﺆﺍﻝ ﻣَﻦ ﺃﻛﻮﻥُ؟ ﺍﻟﻤﺮﺗﺒِﻂ ﺑﺎﻟﺼّﻮﺭﺓ ﺍﻟﺸِّﻌﺎﺭﻳّﺔ " ﺗﻌﻬُّﺪ ﺍﻷﻧﺎ " Le maintien de soi ، ﻭ ﺇﺫﺍ ﻋﺒّﺮﺕ ﺃﺯﻣﺔُ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﻋﻦ ﻣﻌﻨﻰ " ﺧﺴﺮﺍﻥ ﺍﻟﻬﻮﻳّﺔ " ﻓﻸﻥَّ ﺍﻟﺒﻄﻞَ ﻓﻴﻬﺎ ﻗﺪ ﺧَﺴِﺮَ ﻣﺎ ﺑﻪ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻷﻧﺎ ﺑﺬﺍﺗِﻬﺎ ﻭ ﻟﺬﺍﺗِﻬﺎ ﻭﻧﻌﻨﻲ ﺑﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﻳﻤﻜّﻦ " ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺤﻤﺰﺍﻭﻱ " ﻋﺒﺮ ﺍﻟﻮﻗﺎﺋﻊ ﺍﻟﺤﺪﺛﻴّﺔ ﻣﻦ ﺇﺳﻨﺎﺩِ ﻫﻮﻳّﺔ ﻟﺬﺍﺗﻪ ﺗﻤﻨﺤﻪ ﺍﻟﻴﻘﻴﻦَ ﻭ ﻣﻌﺮﻓﺔً ﺑﺴﺮّ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ . ﻓﺘﺘﻌﺪّﺩ ـ ﺗﺒﻌﺎ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺨﺴﺮﺍﻥ ــ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ( ﺍﻟﺘﻲ ﻳُﺠﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﺗﻌﺪّﺩ ﺍﻟﺸّﺨﺼﻴّﺎﺕ : ﻋﺜﻤﺎﻥ، ﻭﺭﺩﺓ ، ﺳﻤﻴﺮ ، ﺯﻳﻨﺐ ) ، ﻭ ﻳﺒﻘﻰ ﺗﻜﺮﺍﺭ ﺍﻟﻔﺸﻞ ﻣﻌﻴﺎﺭَ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺑﺎﻟﻨّﻔﺲ ﻭ ﺇﻣﻜﺎﻧﺎ ﻟﺘﺤﻘُّﻘِﻬﺎ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩﻱّ . ﻭﻳﻤﺜّﻞ ﺗﻜﺮﺍﺭ ﺍﻟﻔﺸﻞ ـ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮﺭ ﺧﺴﺮﺍﻥ ﺍﻟﻬﻮﻳّﺔ ـ ﻧﻬﺠًﺎ ﻓﻨﻴّﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺬّﻫﻨﻴّﺔ ﻟﺪﻯ ﻧﺠﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮﻅ، " ﻭ ﺳﻮﻑ ﻳﻨﻬﺞ ﻓﻲ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺎﺕ ﻧﻬﺞ ﺇﺳﻘﺎﻁ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﻭ ﺍﻟﺮُّﺅﻯ ﺍﻟﻤﻴﺘﺎﻓﻴﺰﻳﻘﻴّﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺷﺨﺎﺹ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﺤﻲّ، ﻭ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺎﺕ ﻧﺠﺪﻩ ﻣﺄﺧﻮﺫًﺍ ﺑﻔﻜﺮﺓ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ . ﺃﺑﻄﺎﻟُﻬﺎ ﻻ ﻳﻨﺘﻈﺮﻭﻥ ﻏﻮﺩﻭ ﺑﻞ ﻳﺬﻫﺒﻮﻥ ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻋﻨﻪ " ( 30 ) . ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨّﺤﻮ ﻧﺘﺒﻴَّﻦ ﺭﻣﺰﻳّﺔ " ﺍﻟﺸﺤّﺎﺫ " ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﻋﻤﻼ ﺭﻭﺍﺋﻴّﺎ ﻓﻲ ﺧﺴﺮﺍﻥ ﺍﻟﻬﻮﻳّﺔ ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺧﺴﺮﺍﻥ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ( 31 ) ﺃﻭﻓﻘﺪﺍﻧﻪ ﺑﻀﻴﺎﻉ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ ﺑﻮﺍﺳﻄﺘﻬﺎ ﺍﻟﺘّﻌﺮّﻑ ﺇﻟﻴﻪ
تعليقات
إرسال تعليق