ﻻ ﻳﺴﺘﻤﺪ ﺷﻌﺮ ﺍﻟﺤﻤﺎﺳﺔ ﻗﻴﻤﺘﻪ ﻣﻦ ﺍﻹﺷﺎﺩﺓ ﺑﺎﻟﺒﻄﻮﻻﺕ ﺍﻟﺤﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻨﺠﺰﺍﺕ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ , ﺑﻞ ﻳﺴﺘﻤﺪّﻫﺎ ﻣﻦ ﻗﻮّﺓ ﺍﻹﻳﻘﺎﻉ ﻭﺛﺮﺍﺀ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ .
ﺣﻠﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻭﻧﺎﻗﺸﻪ
ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮ ﺍﻟﻤﺜﺒﺖ ﻭﺇﺭﺟﺎﺀ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮ ﺍﻟﻤﻨﻔﻲ ﺇﻟﻰ ﻗﺴﻢ ﺍﻟﻨﻘﺎﺵ
ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻤﻮﻡ ﻓﺎﻥّ ﺃﻃﺮﻭﺣﺔ ﺍﻟﻤﻌﻄﻰ ﺗﻘﺪّﻡ ﻣﻮﻗﻔﺎ ﻧﻘﺪﻳّﺎ ﻳﺤﺼﺮ ﻗﻴﻤﺔ ﺷﻌﺮ ﺍﻟﺤﻤﺎﺳﺔ ﻓﻲ ﺟﺎﻧﺐ ﻭﺍﺣﺪ ﻫﻮ ﺍﻟﺠﺎﻧﺐ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻣﺘﻤﺜﻼ ﻓﻲ ﻗﻮّﺓ ﺍﻹﻳﻘﺎﻉ ﻭﺛﺮﺍﺀ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ , ﻭﺑﺬﻟﻚ ﻳﺴﺘﺒﻌﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻮﻗﻒ ﻛﻞّ ﻣﺎﻟﻪ ﺻﻠﺔ ﺑﺎﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﺍﻟﺤﻤﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﺇﻧﺸﺎﺀ ﻗﻴﻤﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻤﻂ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮ .
ﺍﻟﺘﺨﻄﻴﻂ :
ﺍﻟﻤﻘﺪﻣﺔ
ﻳﺘﻔﻖ ﺍﻟﺪّﺍﺭﺳﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻥّ ﺷﻌﺮ ﺍﻟﺤﻤﺎﺳﺔ ﻳﺤﺘﻞّ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﺭﻓﻴﻌﺔ ﻓﻲ ﻣﺪﻭّﻧﺔ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ , ﻟﻜﻨّﻬﻢ ﻳﺨﺘﻠﻔﻮﻥ ﻓﻲ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺍﻟﻤﺰﻳّﺔ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻭﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﺗﻌﻮﺩ ﻭﻗﺪ ﺭﺃﻯ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺃﻥّ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻌﺮ « ﻳﺴﺘﻤﺪّ ﻗﻴﻤﺘﻪ » ﻣﻤّﺎ ﻳﺘﻮﺧّﺎﻩ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﻣﻦ ﻓﻨﻮﻥ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻭﻃﺮﺍﺋﻖ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﺇﻳﻘﺎﻋﺎ ﻭﺻﻮﺭﺓ ﻭﻣﻌﺠﻤﺎ ﻭﻧﻔﻮﺍ ﺑﺬﻟﻚ ﻛﻞّ ﻣﺎﻟﻪ ﺻﻠﺔ ﺑﻤﺎ ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﺤﻤﺎﺳﺔ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﻭﻗﻴﻢ .
ﻓﻤﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺨﺼﺎﺋﺺ ﺍﻟﻔﻨﻴّﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﻴﺰﺕ ﺷﻌﺮ ﺍﻟﺤﻤﺎﺳﺔ؟ ﻭﻫﻞ ﺗﻘﺘﺼﺮ ﻗﻴﻤﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺨﺼﺎﺋﺺ ﻓﺤﺴﺐ؟
.I ﺍﻟﺠﻮﻫﺮ : -1 ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ
· ﺗﻤﻬﻴﺪ : ﺍﻟﺤﻤﺎﺳﺔ ﻗﺪﻳﻤﺔ ﻗﺪﻡ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﻭﻫﻲ ﻭﺍﻥ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻏﺮﺿﺎ ﺷﻌﺮﻳّﺎ ﻗﺎﺋﻤﺎ ﺑﺬﺍﺗﻪ ﻓﻘﺪ ﺍﻗﺘﺮﻧﺖ ﺑﻜﻞّ ﺍﻷﻏﺮﺍﺽ ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴّﺔ ﻣﺪﺣﺎ ﻭﺭﺛﺎﺀ ﻭﻓﺨﺮﺍ ﻭﻫﺠﺎﺀ . ﻭﻗﺪ ﻋﺮﻓﺖ ﺍﻟﺤﻤﺎﺳﺔ ﺃﻭﺝ ﺍﻛﺘﻤﺎﻟﻬﺎ ﻭﻧﻀﺠﻬﺎ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻧﻴﻦ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻭﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﻟﻠﻬﺠﺮﺓ ﻣﻊ ﺃﺑﻲ ﺗﻤﺎﻡ ﻭﺍﻟﻤﺘﻨﺒﻲ ﻭﺍﺑﻦ ﻫﺎﻧﺊ ﺍﻷﻧﺪﻟﺴﻲ . ﻭﻳﻌﻮﺩ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻀﺞ ﻭﺍﻻﻛﺘﻤﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﺗﺒﻠﻮﺭ ﻓﻲ ﻗﺼﺎﺋﺪﻫﻢ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻨﺰﻋﺔ ﺍﻟﺤﻤﺎﺳﺔ ﻣﻦ ﺿﺮﻭﺏ ﺍﻟﺘﻔﻨﻦ ﺇﻥ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻹﻳﻘﺎﻉ ﺃﻭ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻌﺠﻢ .
ﺃﺍﻹﻳﻘﺎﻉ :
ﻣﺎﻝ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻹﻳﻘﺎﻉ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨّﻈﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺤﻮﺭ ﺍﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﻤﺪﻳﺪ ﻛﺎﻟﻄﻮﻳﻞ ﻭﺍﻟﺒﺴﻴﻂ ﻭﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ... ﺃﻣّﺎ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺮﻭﻱّ ﻓﻘﺪ ﻋﻤﺪﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺻﻮﺍﺕ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪﺓ ﻭﺍﻟﻤﺠﻬﻮﺭﺓ ﻛﺎﻟﺪّﺍﻝ ﻭﺍﻟﻤﻴﻢ , ﻭﺍﻟﺒﺎﺀ , ﻭﺍﻟﺠﻴﻢ , ﻭﺍﻟﻼﻡ ... ﻭﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻳﻘﺮﻉ ﺍﻟﺸّﺎﻋﺮ ﺳﻤﻊ ﺍﻟﻤﺘﻠﻘّﻲ ﺑﻤﺎ ﻳﺘﺮﺩﺩ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﺻﺪﺍﺀ ﺍﻟﻘﻮّﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻙ .
- ﻳﺤﺮﺹ ﺷﻌﺮﺍﺀ ﺍﻟﺤﻤﺎﺳﺔ ﻋﻠﻰ ﺇﺷﺎﻋﺔ ﺃﺻﺪﺍﺀ ﺍﻟﻘﻮّﺓ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻹﻳﻘﺎﻉ ﺍﻟﺪّﺍﺧﻠﻲ ﺑﻤﺎ ﻳﺘﻮﺳّﻠﻮﻥ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﻟﻔﻈﻴّﺔ ﺗﻮﺳﻊ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﻧﺘﺸﺎﺭ ﺍﻷﺻﻮﺍﺕ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪﺓ ﻛﻤﺎ ﺍﻟﻤﻔﺨّﻤﺔ ﻳﻘﻮﻝ ﺃﺑﻮ ﺗﻤﺎﻡ :
ﻓﺘﻰ ﻣﺎﺕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻀﺮﺏ ﻭﺍﻟﻄّﻌﻦ ﻣﻴﺘﺔ ﺗﻘﻮﻡ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻟﻨّﺼﺮ ﺇﺫ ﻓﺎﺗﻪ ﺍﻟﻨّﺼﺮ
ﻭﻣﺎ ﻣﺎﺕ ﺣﺘﻰ ﻣﺎﺕ ﻣﻀﺮﺏ ﺳﻴﻔﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻀّﺮﺏ ﻭﺍﻋﺘﻠﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻘﻨﺎ ﺍﻟﺴّﻤﺮ
ﻓﺎﻧﻈﺮ ﻛﻴﻒ ﺗﺘﻌﺎﻭﺩ ﺍﻷﺻﻮﺍﺕ ﺍﻟﻤﻔﺨﻤﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻻﻓﺖ ﻓﻲ ﻫﺬﻳﻦ ﺍﻟﺒﻴﺘﻴﻦ ( ﺿﺮﺏ , ﻃﻌﻦ , ﻧﺼﺮ , ﻧﺼﺮ , ﻣﻀﺮﺏ , ﺿﺮﺏ ) ﻭﺗﺒﺮﺯ ﻗﻮّﺓ ﺍﻹﻳﻘﺎﻉ ﺃﻳﻀﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺤﻀﻮﺭ ﺍﻟﻤﻜﺜّﻒ ﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﺘﻀﻌﻴﻒ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺃﻭ ﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻭﻣﺜﺎﻝ ﺩﻟﻚ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ ﻟﻠﻤﺘﻨﺒﻲ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﺩّﺩ ﺻﺪﻯ ﺍﻟﻌﻨﻒ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎ .
ﻟﻘﺪ ﺗﺼﺒّﺮﺕ ﺣﺘﻰ ﻻﺕ ﻣﺼﻄﺒﺮ ﻓﺎﻵﻥ ﺃﻗﺤﻢ ﺣﺘّﻰ ﻻﺕ ﻣﻘﺘﺤﻢ
ﻷﺗﺮﻛﻦ ﻭﺟﻮﻩ ﺍﻟﺨﻴﻞ ﺳﺎﻫﻤﺔ ﻭﺍﻟﺤﺮﺏ ﺃﻗﻮﻡ ﻣﻦ ﺳﺎﻕ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﻡ
ﻭﺍﻟﻄﻌﻦ ﻳﺤﺮﻗﻬﺎ ﺍﻟﺰﺟﺮ ﻳﻘﻠﻘﻬﺎ ﺣﺘّﻰ ﻛﺄﻥّ ﺑﻬﺎ ﺿﺮﺑﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻠّﻤﻢ
ﻗﺪ ﻛﻠّﻤﺘﻬﺎ ﺍﻟﻌﻮﺍﻟﻲ ﻓﻬﻲ ﻛﺎﻟﺤﺔ ﻛﺄﻧّﻤﺎ ﺍﻟﺼّﺎﺏ ﻣﻌﺼﻮﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠّﺠﻢ
ﻭﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺃﻥّ ﺷﺎﻋﺮ ﺍﻟﺤﻤﺎﺳﺔ ﺇﺫ ﻳﻌﻤﺪ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻹﻳﻘﺎﻋﻴﺔ ﺇﻧﻤﺎ ﻳﺴﻌﻰ ﺇﻟﻰ ﻣﺤﺎﻛﺎﺓ ﺃﺟﻮﺍﺀ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻙ ﺻﻮﺗﻴّﺎ ﻓﻴﺸّﻜﻠﻬﺎ ﺗﺸﻜﻴﻼ ﺳﻤﻌﻴّﺎ ﻗﺒﻞ ﺃﻥّ ﺗﺘﺸﻜﻞ ﺩﻻﻟﻴّﺎ , ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺗﻤﻴﻞ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﻃﻴﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺪّﺍﻝ ﻭﺍﻟﻤﺪﻟﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺗﺼﺒﺢ ﻣﺒﺮّﺭﺓ ﻓﺘﻘﻮﻡ ﺍﻷﻗﻮﺍﻝ ﻟﻠﺴﺎﻣﻊ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺑﻞ ﻳﺼﺒﺢ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﺃﻣﻀﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺼﺎﻝ ﻭﺃﺷﺠﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺮﺳﺎﻥ ﻭﺇﺫ ﺑﺎﻹﻳﻘﺎﻉ ﻳﺮﺩّﺩ ﺻﺪﻯ ﻭﻗﻊ ﺣﻮﺍﻓﺮ ﺍﻟﺨﻴﻞ ﻭﻗﻌﻘﻌﺔ ﺍﻟﺴﻴﻮﻑ ﻭﻏﻤﻐﻤﺎﺕ ﺍﻟﻤﻘﺎﺗﻠﻴﻦ ﻭﺻﻴﺤﺎﺗﻬﻢ ﻓﺎﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻤﺘﻨﺒﻲ :
ﺑﻨﺎﻫﺎ ﻓﺄﻋﻠﻰ ﻭﺍﻟﻘﻨﺎ ﻳﻘﺮﻉ ﺍﻟﻘﻨﺎ ﻭﻣﻮﺝ ﺍﻟﻤﻨﺎﻳﺎ ﺣﻮﻟﻬﺎ ﻣﺘﻼﻃﻢ
ﻛﻴﻒ ﺗﺘﺮﺩّﺩ ﻓﻴﻪ ﺃﺻﻮﺍﺕ ﻭﻗﻊ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴّﻼﺡ ﻭﺗﻤﺘﺰﺝ ﺑﺄﺻﻮﺍﺕ ﻣﻌﺎﻭﻝ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺍﻟﺘﺰﺍﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﻟﺤﻈﺔ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ ﻭﺗﺤﺮﻳﺮ ﻗﻠﻌﺔ ﺍﻟﺤﺪﺙ ﻭﺑﻴﻦ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﻭﺍﻟﺘﺸﻴﻴﺪ .
ﻟﻜﻦّ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﻻ ﻳﻜﺘﻔﻮﻥ ﺑﺬﻟﻚ ﺑﻞ ﺳﻴﻌﻤﺪﻭﻥ ﺃﻳﻀﺎ ﺇﻟﻰ ﺗﺠﻮﻳﺪ ﺍﻹﻳﻘﺎﻉ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻲ ﻷﺷﻌﺎﺭﻫﻢ ﺑﻤﺎ ﻳﺘﻮﺳﻠﻮﻥ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺿﺮﻭﺏ ﺍﻟﺒﺪﻳﻊ ﻛﺎﻟﺠﻨﺎﺱ ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﺯﻧﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﻜﺮﻳﺮ , ﻭﻫﺎﻫﻮ ﺍﺑﻦ ﻫﺎﻧﺊ ﻳﺒﺪﻉ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ﺑﺎﻟﻘﻮﻝ ﻭﺍﺻﻔﺎ ﺳﻔﻦ ﺍﻟﻤﻌﺰّ ﻭﺧﺮﺍﻓﺎﺗﻬﺎ :
ﻓﺄﻧﻔﺎﺳﻬﻦّ ﺍﻟﺤﺎﻣﻴﺎﺕ ﺻﻮﺍﻋﻖ ﻭﺃﻓﻮﺍﻫﻬﻦّ ﺍﻟﺰﺍﻓﺮﺍﺕ ﺣﺪﻳﺪ
ﺃﻣّﺎ ﺃﺑﻮ ﺗﻤﺎﻡ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺃﻛﺜﺮﻫﻢ ﻣﻴﻼ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﻨﻮﻥ ﺍﻹﻳﻘﺎﻋﻴﺔ ﻭﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﻓﻲ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﻋﻤﻮﺭﻳﺔ .
ﺑﻴﺾ ﺍﻟﺼّﻔﺎﺋﺢ ﻻ ﺳﻮﺩ ﺍﻟﺼﺤﺎﺋﻒ ﻓﻲ ﻣﺘﻮﻧﻬﻦّ ﺟﻼﺀ ﺍﻟﺸﻚّ ﻭﺍﻟﺮّﻳﺐ
ﺃﻭ ﻗﻮﻟﻪ :
ﺿﻮﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻭﺍﻟﻈﻠﻤﺎﺀ ﻋﺎﻛﻔﺔ ﻭﻇﻠﻤﺔ ﻣﻦ ﺩﺧﺎﻥ ﻓﻲ ﺿﺤﻰ ﺷﺤﺐ
ﻓﺎﻟﺸﻤﺲ ﻃﺎﻟﻌﺔ ﻣﻦ ﺫﺍ ﻭﻗﺪ ﺃﻓﻠﺖ ﻭﺍﻟﺸﻤﺲ ﻭﺍﺟﺒﺔ ﻣﻦ ﺫﺍ ﻭﻟﻢ ﺗﺠﺐ
ﺃﻭ ﻗﻮﻟﻪ :
ﺗﺪﺑﻴﺮ ﻣﻌﺘﺼﻢ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻣﻨﺘﻘﻢ ﻟﻠﻪ ﻣﺮﺗﻘﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﺮﺗﻐﺐ
ﻭﺍﻟﻮﺍﺿﺢ ﻣﻤّﺎ ﺗﻘﺪّﻡ ﺃﻥ ﺷﻌﺮﺍﺀ ﺍﻟﺤﻤﺎﺳﺔ ﺇﺫ ﻳﺠﻮﺩﻭﻥ ﻛﻼﻣﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺤﻮ ﺇﻧﻤﺎ ﻳﻬﺪﻓﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺇﻛﺴﺎﺑﻪ ﻃﺎﻗﺔ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﺗﻬﺪﻑ ﺇﻟﻰ ﺇﻣﺎﻟﺔ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﻧﺤﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﻠﻮﻥ ﻣﻦ ﻗﻴﻢ ﺍﻟﺒﻄﻮﻟﺔ ﺍﻟﺤﺮﺑﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﻳﺴﻌﻮﻥ ﺍﻟﻰ ﺇﺛﺮﺍﺀ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﺍﻟﻐﻨﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻮﻗّﺮ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺍﻷﺫﻫﺎﻥ ﻭﺗﺮﺳّﺨﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺬﺍﻛﺮﺓ ﻭﺗﻴﺴّﺮ ﺣﻔﻈﻬﺎ ﻓﺘﻠﻬﺞ ﺑﻬﺎ ﺍﻷﻟﺴﻦ ﻭﺗﺴﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻵﻓﺎﻕ ﻭﻳﺘﺤﻘّﻖ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﺨﻠﻮﺩ .
ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻧﺨﺮﺝ ﺑﻪ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺃﻥّ ﻟﻺﻳﻘﺎﻉ ﻓﻲ ﺷﻌﺮ ﺍﻟﺤﻤﺎﺳﺔ ﺧﺼﻮﺻﻴﺔ ﺗﻤﻨﺢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻓﺮﺍﺩﺓ ﻭﻫﻲ ﻣﺘﺄﺗﻴﺔ ﺃﺳﺎﺳﺎ ﻣﻤّﺎ ﻳﺮﺩّﺩﻩ ﻣﻦ ﺃﺻﺪﺍﺀ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﻤﺤﺎﻳﺜﺔ ﻷﺟﻮﺍﺀ ﺍﻟﺤﺮﻭﺏ . ﻓﻬﻞ ﻳﺴﻠﻚ ﺷﻌﺮﺍﺀ ﺍﻟﺤﻤﺎﺳﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳّﺔ ﺳﺒﻼ ﻣﺨﺼﻮﺻﺔ؟
- ﺏ : ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﺸّﻌﺮﻳﺔ : ﻭﻧﻘﺼﺪ ﺑﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﺘﻮﺳﻞ ﺑﻪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﻦ ﺃﻟﻮﺍﻥ ﺍﻟﺘﺸﺎﺑﻴﻪ ﻭﺍﻻﺳﺘﻌﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﻤﺠﺎﺯﺍﺕ ﻭﻫﻲ ﻣﻘﻮّﻡ ﺃﺳﺎﺳﻲ ﻣﻦ ﻣﻘﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳّﺔ ﻭﺧﺎﺻﻴﺔ ﻣﻦ ﺃﺧﺺّ ﺧﺼﺎﺋﺺ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻋﺎﻣّﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥّ ﻣﺎ ﻳﻤﻴﺰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﻓﻲ ﺷﻌﺮ ﺍﻟﺤﻤﺎﺳﺔ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻤﺎﺕ ﻳﻜﻤﻦ ﺣﺼﺮﻫﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻠﻲ :
- ﻛﺜﺎﻓﺔ ﺍﻟﻤﻴﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﺼّﻮﺭ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺷﻌﺮ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﻟﺪﻯ ﻛﻞّ ﻣﻦ ﺍﺑﻦ ﺗﻤﺎﻡ ﻭﺍﻟﻤﺘﻨﺒﻲ ﻭﺍﺑﻦ ﻫﺎﻧﺊ ﺫﻟﻚ ﺃﻥّ ﺍﻟﺤﻤﺎﺳﺔ ﻛﻤﺎ ﻳﺬﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺪّﺍﺭﺳﻴﻦ ﻻ ﺗﺼﻮّﺭ ﺣﺮﻭﺑﺎ ﻳﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻨﺠﺰﻫﺎ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ ﺃﻭﻫﻲ ﺣﺮﻭﺏ ﻭﺻﻒ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﺻﻒ ﻟﺤﺮﻭﺏ .
- ﺍﻟﺴّﻤﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ : ﻫﻮ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﻴﻞ ﺇﻟﻰ ﺗﺮﻛﻴﺐ ﺍﻟﺼّﻮﺭ ﻣﻦ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺟﺰﺋﻴّﺔ ﻣﺘﻌﺪّﺩﺓ ﻣﻤّﺎ ﻳﺠﻌﻠﻬﺎ ﺗﻔﻴﺾ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻟﺘﻤﺘﺪ ﺇﻟﻰ ﺣﺪﻭﺩ ﺍﻟﻤﻘﻄﻊ ﺍﻟﺸﻌﺮﻱ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ . ﻭﻟﻨﺎ ﻓﻲ ﻭﺻﻒ ﺍﺑﻲ ﺗﻤﺎﻡ ﻟﻤﺎ ﺃﺷﻌﻠﻪ ﺍﻟﻤﻌﺘﺼﻢ ﻣﻦ ﻧﻴﺮﺍﻥ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻋﻤﻮﺭﻳﺔ ﺧﻴﺮ ﻣﺜﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻳﻘﻮﻝ :
ﺗﺮﻛﺖ ﺃﻣﻴﺮ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺑﻬﺎ ﻟﻠﻨﺎﺭ ﻳﻮﻣﺎ ﺫﻟﻴﻞ ﺍﻟﺼّﺨﺮ ﻭﺍﻟﺨﺸﺐ
ﺣﺘﻰ ﻛﺄﻥّ ﺟﻼﺑﻴﺐ ﺍﻟﺪّﺟﻰ ﺭﻏﺒﺖ ﻋﻦ ﻟﻮﻧﻬﺎ ﻭﻛﺄﻥّ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻟﻢ ﺗﻐﺐ
ﺿﻮﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻭﺍﻟﻈﻠﻤﺎﺀ ﻋﺎﻛﻔﺔ ﻭﻇﻠﻤﺔ ﻣﻦ ﺩﺧﺎﻥ ﻓﻲ ﺿﺤﻰ ﺷﺤﺐ
ﻓﺎﻟﺸﻤﺲ ﻃﺎﻟﻌﺔ ﻣﻦ ﺫﺍ ﻭﻗﺪ ﺃﻓﻠﺖ ﻭﺍﻟﺸﻤﺲ ﻭﺍﺟﺒﺔ ﻣﻦ ﺫﺍ ﻭﻟﻢ ﺗﺠﺐ
ﻭﻛﺬﺍ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﻟﻤﺘﻨﺒﻲ ﻓﻲ ﺗﺼﻮﻳﺮ ﺧﻴﻞ ﺳﻴﻒ ﺍﻟﺪّﻭﻟﺔ ﻭﻫﻲ ﺗﻘﺘﺤﻢ ﺑﻪ ﺃﻭﻋﺮ ﺍﻟﻤﺴﺎﻟﻚ ﻓﻲ ﺫﺭﻯ ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ ﻳﻘﻮﻝ :
ﺗﺪﻭﺱ ﺑﻚ ﺍﻟﺨﻴﻞ ﺍﻟﻮﻛﻮﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬّﺭﻯ ﻭﻗﺪ ﻛﺜﺮﺕ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻮﻛﻮﺭ ﺍﻟﻤﻄﺎﻋﻢ
ﺗﻈﻦّ ﻓﺮﺍﺥ ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺃﻧﻚ ﺯﺭﺗﻬﺎ ﺑﺄﻣﺎﺗﻬﺎ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻌﺘﺎﻕ ﺍﻟﺼّﻼﺩﻡ
ﺇﺫﺍ ﺯﻟﻘﺖ ﻣﺸﻴﺘﻬﺎ ﺑﺒﻄﻮﻧﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﺗﺘﻤﺸﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻌﻴﺪ ﺍﻷﺭﺍﻗﻢ
ﺃﻣّﺎ ﺍﺑﻦ ﻫﺎﻧﺊ ﻓﻴﻌﻤﺪ ﺇﻟﻰ ﺗﺮﻛﻴﺐ ﺍﻟﺼّﻮﺭﺓ ﻭﻫﻮ ﻳﺘﻐﻨّﻰ ﺑﺴﻔﻦ ﺍﻟﻤﻌﺰّ ﻭﺣﺮﺍﻗﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﺪﺩ ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ ﺍﻟﺒﺪﻳﻌﺔ .
ﻭﻣﺎ ﺭﺍﻉ ﻣﻠﻚ ﺍﻟﺮّﻭﻡ ﺇﻻ ﺇﻃﻼﻋﻬﺎ ﺗﻨﺸّﺮ ﺃﻋﻼﻡ ﻟﻬﺎ ﻭﺑﻨﻮﺩ
ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻏﻤﺎﻡ ﻣﻜﻔﻬﺮّ ﺻﺒﻴﺮﻩ ﻟﻪ ﺑﺎﺭﻗﺎﺕ ﺟﻤﺔ ﻭﺭﻋﻮﺩ
ﺃﻧﺎﻓﺖ ﺑﻬﺎ ﺃﻋﻼﻣﻬﺎ ﻭﺳﻤﺎ ﻟﻬﺎ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻌﺮﺍﺀ ﻣﺸﻴﺪ
ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺍﺳﻴﺎﺕ ﺍﻟﺸﻢّ ﻟﻮﻻ ﺍﻧﺘﻘﺎﻟﻬﺎ ﻓﻤﻨﻬﺎ ﻗﻼﻝ ﺷﻤّﺦ ﻭﺭﻳﻮﺩ
ﻣﻦ ﺍﻟﻄّﻴﺮ ﺇﻻ ﺃﻧﻬﻦ ﺟﻮﺍﺭﺡ ﻓﻠﻴﺲ ﻟﻬﺎ ﺇﻻ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﻣﺼﻴﺪ
ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﺩﺣﺎﺕ ﺍﻟﻨّﺎﺭ ﺗﻀﺮﻡ ﻟﻠﻄّﻠﻰ ﻓﻠﻴﺲ ﻟﻬﺎ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻠّﻘﺎﺀ ﺧﻤﻮﺩ
ﺇﻥ ﺗﺮﻛﻴﺐ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﻭﺍﻻﺭﺗﻘﺎﺀ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻤﺸﻬﺪ ﺃﻣﺮ ﻣﻄّﺮﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﺎﻃﻊ ﺍﻟﺤﻤﺎﺳﻴﺔ ﻭﻟﻌﻞّ ﺫﻟﻚ ﻳﻌﻮﺩ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﺗﻌﻘﺪ ﺍﻟﻤﺸﺎﻫﺪ ﺍﻟﺤﺮﺑﻴّﺔ ﻭﻛﺜﺮﺓ ﺗﻔﺎﺻﻴﻠﻬﺎ ﻭﻣﻜﻮﻧﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺴﻌﻰ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﻰ ﺍﺳﺘﻘﺼﺎﺋﻬﺎ ﻭ ﺗﺠﺴﻴﺪﻫﺎ ﺑﻜﻞ ﺍﻹﻣﻜﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﻠّﻐﻮﻳﺔ .
· ﻭﻣﻤّﺎ ﻳﻤﻴّﺰ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺃﻳﻀﺎ ﻧﺰﻭﻋﻬﺎ ﺍﻟﺤﺴّﻲ ﺍﻟﻘﻮﻱّ ﻓﺘﺘﻜﺎﺛﻒ ﺍﻷﻟﻮﺍﻥ ﻓﻲ « ﺍﻟﻤﺸﻬﺪ ﻓﻲ ﺛﻨﺎﺋﻴﺎﺕ ﺑﺪﻳﻌﺔ ﻣﻦ ﺿﻮﺀ ﻭﻇﻠﻤﺔ ﻭﺷﻤﺲ ﻭﺩﺟﻰ , ﻭﻟﻴﻞ ﻭﺻﺒﺢ , ﻭﻧﺎﺭ ﻭﺩﺧﺎﻥ ... » ﺇﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﺣﻤﺮﺓ ﺍﻟﺪﻣﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻜﺘﺴﺢ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ ﺳﺎﺣﺔ ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﻟﺘﻐﻄّﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﻮﺍﻫﺎ . ﻳﻘﻮﻝ ﺍﺑﻦ ﻫﺎﻧﺊ :
ﺃﺭﺽ ﺗﻔﺠّﺮ ﻛﻞّ ﺷﻲﺀ ﻓﻮﻗﻬﺎ ﺑﺪﻡ ﺍﻟﻌﺪﻯ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﺼّﻔﺎ ﻭﺍﻟﺠﻨﺪﻝ
ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻤﺘﻨﺒﻲ :
ﻫﻞ ﺍﻟﺤﺪﺙ ﺍﻟﺤﻤﺮﺍﺀ ﺗﻌﺮﻑ ﻟﻮﻧﻬﺎ ﻭﺗﻌﺮﻑ ﺃﻱ ﺍﻟﺴﺎﻗﻴﻴﻦ ﺍﻟﻐﻤﺎﺋﻢ
ﺳﻘﺘﻬﺎ ﺍﻟﻐﻤﺎﻡ ﺍﻟﻐﺮّ ﻗﺒﻞ ﻧﺰﻭﻟﻪ ﻓﻠﻤّﺎ ﺩﻧﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﺳﻘﺘﻬﺎ ﺍﻟﺤﻤﺎﺟﻢ
ﺃﻣّﺎ ﺃﺑﻮ ﺗﻤﺎﻡ ﻓﻴﻘﻮﻝ :
ﺗﺮﺩّﻯ ﺛﻴﺎﺏ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﺣﻤﺮﺍ ﻓﻤﺎ ﺃﺗﻰ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﻠّﻴﻞ ﺇﻻ ﻭﻫﻲ ﻣﻦ ﺳﻨﺪﺱ ﺧﻀﺮ
· ﺍﻟﺴﻤﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﻴﺰ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﺘﺸﺎﺑﻴﻪ ﻭﺍﻻﺳﺘﻌﺎﺭﺍﺕ ﻓﻬﻮ ﻣﻴﻠﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻀﺨﻴﻢ ﻭﺍﻟﻤﺒﺎﻟﻐﺔ ﻭﺍﻟﺘﻬﻮﻳﻞ ﻭﻫﻮ ﻣﻴﻞ ﻣﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻻﺭﺗﻘﺎﺀ ﺑﺎﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺤﺮﺑﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻻﻧﺠﺎﺯﺍﺕ ﺍﻟﺨﺎﺭﻗﺔ ﻭﺍﻟﻤﺬﻫﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﺠﺎﻭﺯ ﻗﺪﺭﺓ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﺍﻟﻌﺎﺩﻳﻴﻦ ﻭﻟﻨﺎ ﻓﻲ ﻗﺼﺎﺋﺪ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺃﻣﺜﻠﺔ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻝ ﺍﺑﻲ ﺗﻤﺎﻡ ﻳﺼﻒ ﺍﺳﺘﺴﻼﻡ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻋﻤﻮﺭﻳﺔ ﻟﻠﻤﻌﺘﺼﻢ ﺑﻜﻞّ ﺳﻬﻮﻟﺔ ﺭﻏﻢ ﺍﺳﺘﻌﺼﺎﺋﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻠﻮﻙ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪّﻫﺮ :
ﻭﺑﺮﺯﺓ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﻗﺪ ﺃﻋﻴﺖ ﺭﻳﺎﺿﺘﻬﺎ ﻛﺴﺮﻯ ﻭﺻﺪّﺕ ﺻﺪﻭﺩﺍ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻛﺮﺏ
ﺑﻜﺮ ﻓﻤﺎ ﺍﻓﺘﺮﻋﺘﻬﺎ ﻛﻒّ ﺣﺎﺩﺛﺔ ﻭﻻ ﺗﺮﻗّﺖ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻫﻤّﺔ ﺍﻟﻨﻮﺏ
ﻣﻦ ﻋﻬﺪ ﺍﺳﻜﻨﺪﺭ ﺃﻭﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ ﻗﺪ ﺷﺎﺑﺖ ﻧﻮﺍﺻﻲ ﺍﻟﺪّﻫﺮ ﻭﻫﻲ ﻟﻢ ﺗﺸﺐ
ﺣﺘﻰ ﺇﺫﺍ ﻣﺨّﺾ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺴّﻨﻴﻦ ﻟﻬﺎ ﻣﺨﺾ ﺍﻟﺒﺨﻴﻠﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺯﺑﺪﺓ ﺍﻟﺤﻘﺐ
ﻭﺻﻮﺭﺓ ﺍﻟﺪﻫﺮ ﺍﻟﺬﻱ « ﺃﺻﺒﺢ ﺫﻟﻴﻼ ﻣﻄﺎﻭﻋﺎ ( ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻘﺎﺋﺪ ) ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ ﻃﺎﻭﻋﺘﻪ ﺷﺮﻭﻁ ﺍﻟﺮﻳﺎﺳﺔ ﻭﺍﻟﻜﻴﺎﺳﺔ « ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺗﻄﺮّﺩ ﺑﺸﺪّﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻤﺎﺳﺔ ﻋﺎﻣّﺔ ﻭﻟﺪﻯ ﺷﻌﺮﺍﺋﻨﺎ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻔﻲ ﺫﻟﻚ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻤﺘﻨﺒﻲ ﻭﺍﺻﻔﺎ ﻗﺪﺭﺓ ﺳﻴﻒ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﻬﺮ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ .
ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﺎ ﺗﻨﻮﻳﻪ ﻓﻌﻼ ﻣﻀﺎﺭﻋﺎ ﻣﻀﻰ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﻠﻘﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺠﻮﺍﺯﻡ
ﺗﻔﻴﺖ ﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻲ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺃﺧﺬﺗﻪ ﻭﻫﻦ ﻟﻤﺎ ﻳﺄﺧﺬﻥ ﻣﻨﻚ ﻏﻮﺍﺭﻡ
ﻭﻻ ﺷﻚ ﺃﻥ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺰﻭﻉ ﺇﻟﻰ ﺧﻠﻊ ﺍﻟﻘﺪﺭﺍﺕ ﺍﻟﺨﺎﺭﻗﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺑﻄﺎﻝ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﻗﺪ ﻃﻐﻰ ﻋﻠﻰ ﻣﺪﺣﻴﺎﺕ ﺍﺑﻦ ﻫﺎﻧﺊ ﺃﻳﻀﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺣﺎﻁ ﺍﻟﻤﻌﺰ ﺑﻬﺎﻟﺔ ﻗﺪﺳﻴﺔ ﻭﺟﻌﻠﻪ ﻣﺤﺎﻃﺎ ﺑﺎﻟﺮﻋﺎﻳﺔ ﺍﻹﻟﻬﻴﺔ ﻭﺻﺎﺣﺐ ﻛﺮﺍﻣﺎﺕ ﺗﻘﺎﺗﻞ ﺇﻟﻰ ﺟﺎﻧﺒﻪ ﻛﺘﺎﺋﺐ ﺧﻔﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻭﺗﺴﻨﺪﻩ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻭﺗﺤﻤﻴﻪ ﻣﻦ ﺃﻋﺪﺍﺋﻪ ﻭﺗﺒﺸﺮ ﺑﺎﻧﺘﺼﺎﺭﻩ :
ﻭﻟﻠﻪ ﻣﻤّﺎ ﻻ ﻳﺮﻭﻥ ﻛﺘﺎﺋﺐ ﻣﺴﻮّﻣﺔ ﻳﺤﺪﻭ ﺑﻬﺎ ﻭﺟﻨﻮﺩ
ﺃﻃﺎﻉ ﻟﻬﺎ ﺃﻥّ ﺍﻟﻤﻼﺋﻚ ﺧﻠﻔﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻭﻗﻔﺖ ﺧﻠﻒ ﺍﻟﺼّﺪﻭﺭ ﺭﺩﻭﺩ
ﻭﺃﻥّ ﺍﻟﺮﻳﺎﺡ ﺍﻟﺬّﺍﺭﻳﺎﺕ ﻛﺘﺎﺋﺐ ﻭﺃﻥّ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﺍﻟﻄﺎﻟﻌﺎﺕ ﺳﻌﻮﺩ
ﺗﻠﻚ ﺇﺫﻥ ﺃﻫﻢّ ﻣﺎ ﻣﻴّﺰ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﻓﻲ ﺷﻌﺮ ﺍﻟﺤﻤﺎﺳﺔ ﻟﺪﻯ ﺷﻌﺮﺍﺋﻨﺎ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﻭﻻ ﺷﻚ ﺃﻧّﻨﺎ ﻧﻼﺣﻆ ﺃﻧّﻬﻢ ﻗﺪ ﺃﻭﻟﻮﻫﺎ ﺃﻫﻤﻴّﺔ ﻓﺎﺋﻘﺔ ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﻷﻥّ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻓﻲ ﺟﻮﻫﺮﻩ ﺿﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻟﻜﻮﻥ ﺍﻟﺼّﻮﺭﺓ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻌﺮ ﺗﺘﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻤﻴﺘﻬﺎ ﻭﻗﺪ ﺗﻬﺪﻑ ﺇﻟﻰ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻙ ﺗﺸﻜﻴﻼ ﺑﺼﺮﻳّﺎ ﺣﺘّﻰ ﻳﻘﻮﻡ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﻓﻲ ﺳﺎﺣﺔ ﺍﻟﻮﻏﻰ . ﻋﻠﻰ ﺃﻥّ ﺍﻟﺼّﻮﺭﺓ ﻓﻲ ﺣﺪ ﺫﺍﺗﻬﺎ ﺇﻧﻤﺎ ﺗﻐﺘﻨﻲ ﻣﻦ ﺛﺮﺍﺀ ﺍﻟﻤﻌﺠﻢ ﻭﺗﻨﻮﻋﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺼﺎﺋﺪ ﺍﻟﺤﻤﺎﺳﻴﺔ . ﻭﻳﺒﺮﺯ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺗﻮﺍﺗﺮ ﺳﺠﻼﺕ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ ﺃﻫﻤّﻬﺎ :
- ﻣﻌﺠﻢ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﻭﺣﻀﻮﺭﻩ ﻗﻮﻱّ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻛﺜﺎﻓﺔ ﺃﺳﻤﺎﺀ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ : ﻣﻦ ﺳﻴﻮﻑ ﻭﺭﻣﺎﺡ ﻭﺩﺭﻭﻉ ﻭﻗﺎﺩﺣﺎﺕ ﻭﺧﻴﻞ ﻭﺳﻔﻦ ﻭﺟﻴﻮﺵ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ... ﻭﻳﺘﺼﻞ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻷﺳﻤﺎﺀ ﺳﺠﻼﺕ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﻭﺍﻟﺪّﻣﺎﺀ ﻭﺍﻟﻔﺘﻚ ﻭﺍﻟﺘﻨﻜﻴﻞ ﻭﺗﺘﻔﺎﻋﻞ ﺳﺠﻼﺕ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﻣﻊ ﻣﻌﺠﻢ ﺩﻳﻨﻲ , ﺃﺧﻼﻗﻲ ﺇﺫ ﻳﻘﺪﻡ ﺍﻟﻘﺎﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺃﻧّﻬﻢ ﻳﺨﻮﺿﻮﻥ ﺣﺮﻭﺑﻬﻢ ﺩﻓﺎﻋﺎ ﻋﻦ ﺣﺮﻣﺔ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺍﻟﺨﻴﺮ ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺨﻠﻊ ﻋﻠﻰ ﺃﻋﻤﺎﻟﻬﻢ ﺑﻌﺪﺍ ﺟﻬﺎﺩﻳّﺎ ﺩﻳﻨﻴّﺎ ﻣﻘﺪّﺳﺎ ﻛﻤﺎ ﻗﺪ ﻳﺸﺤﻨﻬﺎ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ ﺑﻌﻤﻖ ﻋﺮﻭﺑﻲّ ﻭﺍﺿﺢ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﻣﺪﺣﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﻨﺒﻲ ﻟﺴﻴﻒ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ .
ﻭﺍﻟﻘﺎﺋﺪ ﺍﻟﺤﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﺷﻌﺮ ﺍﻟﺤﻤﺎﺳﺔ ﻳﺠﻤﻊ ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺮﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪّﻳﻦ ﺻﻔﺎﺕ ﺃﺧﻼﻗﻴﺔ ﻓﺮﻳﺪﺓ ﺟﻮﻫﺮﻫﺎ ﻋﻔﺔ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺍﻟﺘﺮﻓّﻊ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻠﺬﺍﺕ ﻭ ﺍﻟﺰﻫﺪ ﻓﻲ ﻣﺘﺎﻉ ﺍﻟﺪّﻧﻴﺎ ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺆﻫﻠﻪ ﻟﻴﻜﻮﻥ ﻗﺎﺋﺪﺍ ﺻﻠﺒﺎ ﻗﻮﻱ ﺍﻟﺸﻜﻴﻤﺔ . ﻳﻘﻮﻝ ﺃﺑﻮ ﺗﻤﺎﻡ ﻳﺼﻒ ﻫﺒﻮﺏ ﺍﻟﻤﻌﺘﺼﻢ ﻟﻨﺼﺮﺓ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺗﺎﺭﻛﺎ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﺪّﻋﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺼﻮﺭ .
ﻟﺒﻴﺖ ﺻﻮﺗﺎ ﺯﺑﻄﺮﻳّﺎ ﻫﺮﻗﺖ ﻟﻪ ﻛﺄﺱ ﺍﻟﻜﺮﻯ ﻭﺭﺿﺎﺏ ﺍﻟﺨﺮﺩ ﺍﻟﻌﺮﺏ
ﻋﺪﺍﻙ ﺣﺮّ ﺍﻟﺜّﻐﻮﺭ ﺍﻟﻤﺴﺘﻀﺎﻣﺔ ﻋﻦ ﺑﺮﺩ ﺍﻟﺜﻐﻮﺭ ﻭﻋﻦ ﺳﻠﺴﺎﻟﻬﺎ ﺍﻟﺤﺼﺐ
ﺃﺟﺒﺘﻪ ﻣﻌﻠﻨﺎ ﺑﺎﻟﺴﻴﻒ ﻣﻨﺼﻠﺘﺎ ﻭﻟﻮ ﺃﺟﺒﺖ ﺑﻐﻴﺮ ﺍﻟﺴّﻴﻒ ﻟﻢ ﺗﺠﺐ
ﻭﺍﻟﺬّﻱ ﻧﺨﺮﺝ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﺨﺼﺎﺋﺺ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﺤﻤﺎﺳﺔ ﺃﻥّ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺨﺼﺎﺋﺺ ﺗﺠﻌﻠﻨﺎ ﻧﻘﺮ ﺑﻤﺎ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻣﻦ ﻗﻴﻤﺔ ﻓﻨﻴّﺔ ﺍﺭﺗﻘﺖ ﺑﻪ ﺇﻟﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺸّﻌﺮﻱ ﺍﻟﻤﺨﺼﻮﺹ ﻭﺑﻮّﺃﺗﻪ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻜﺎﻧﺔ ﺿﻤﻦ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎﺕ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺍﻷﺛﻴﺮﺓ .
ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﺴّﺆﺍﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻈﻞّ ﻗﺎﺋﻤﺎ ﻫﻮ ﻫﻞ ﻳﻜﺘﺴﺐ ﺷﻌﺮ ﺍﻟﺤﻤﺎﺳﺔ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺨﺼﻮﺹ ﺃﻫﻤﻴّﺘﻪ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﻓﺤﺴﺐ . ؟
.II ﺍﻟﻨﻘﺎﺵ :
ﺇﻥ ﺷﻌﺮ ﺍﻟﺤﻤﺎﺳﺔ ﺷﺄﻧﻪ ﺷﺄﻥ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻷﺷﻌﺎﺭ ﻟﻴﺲ ﻣﺠﺮﺩ ﺻﻨﻌﺔ ﻓﻨﻴﺔ ﺃﻭ ﺗﺮﻑ ﺟﻤﺎﻟﻲ ﺑﻞ ﺇﻥ ﺍﻟﻤﻘﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﻔﻨﻴّﺔ ﻓﻲ ﺣﺪّ ﺫﺍﺗﻬﺎ ﻻ ﻗﻴﻤﺔ ﻟﻬﺎ ﻣﺘﻰ ﻛﺎﻧﺖ ﺧﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﻭﺍﻟﺪّﻻﻻﺕ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻧﻼﺣﻈﻪ ﺃﻥّ ﺃﻃﺮﻭﺣﺔ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ ﻗﺪ ﻏﻴﺒﺖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻌﺪ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻭﺍﻟﺤﺎﻝ ﺃﻧّﻪ ﻻ ﻳﻘﻞ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﻋﻦ ﺍﻷﻭﻝ ﺗﺒﺮﺯ ﻓﻲ ﻣﺎ ﻋﺒﺮ ﻋﻨﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻣﻦ ﻗﻴﻢ ﺟﻠﻴﻠﺔ ﻭﻣﻌﺎﻧﻲ ﻧﺒﻴﻠﺔ ﻳﻤﻜﻦ ﺣﺼﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ :
ﻟﻘﺪ ﺃﺷﺎﺩ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﺑﺎﻟﺒﻄﻮﻻﺕ ﻓﺘﻐﻨّﻮﺍ ﺑﺎﻟﺸّﺠﺎﻋﺔ ﻭﻭﺻﻔﻮﺍ ﺑﻬﺎ ﻣﻤﺪﻭﺣﻴﻬﻢ ﻭﻣﺠّﺪﻭﺍ ﺑﺴﺎﻟﺘﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﻛﻤﺎ ﻣﺠّﺪﻭﺍ ﺍﻟﺤﻨﻜﺔ ﻓﻲ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺠﻴﻮﺵ ﻭﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻤﻞ ﺍﻟﻤﻜﺎﺭﺓ ﻭﺭﺑﺎﻃﺔ ﺍﻟﺠﺄﺵ .
ﻭﻟﻢ ﻳﻜﺘﻒ ﺷﻌﺮﺍﺀ ﺍﻟﺤﻤﺎﺳﺔ ﺑﺎﻟﺘﻐﻨّﻲ ﺑﺎﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﺒﻄﻮﻟﺔ ﺍﻟﺤﺮﺑﻴﺔ ﺑﻞ ﺗﺠﺎﻭﺯﻭﺍ ﺫﻟﻚ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﺷﺎﺩﺓ ﺑﺎﻟﻤﻨﺠﺰﺍﺕ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻓﺎﺣﺘﻔﻮﺍ ﺑﻬﺰﻡ ﺍﻷﻋﺪﺍﺀ ﻭﺍﻟﺘﻨﻜﻴﻞ ﺑﻬﻢ ﻭﺃﺳﺮﻫﻢ ﻭﺃﺷﺎﺩﻭﺍ ﺑﻔﺘﺤﻬﻢ ﻟﻠﻤﺪﻥ ﻭﺍﻟﺜّﻐﻮﺭ ﺃﻭ ﺍﺳﺘﺮﺟﺎﻉ ﺍﻟﻘﻼﻉ ﻭﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﺇﻓﺘﻜﻬﺎ ﻣﻨﻬﻢ ﺍﻷﻋﺪﺍﺀ ( ﻋﻤﻮﺭﻳّﺔ , ﻗﻠﻌﺔ ﺍﻟﺤﺪﺙ , ﺟﺰﻳﺮﺓ ﺻﻴﻘﻠﻴﺔ ... )
ﻭﻛﺎﻥ ﻹﺧﻤﺎﺩ ﺍﻟﻔﺘﻦ ﺍﻟﺪّﺍﺧﻠﻴﺔ ﻭﻣﻌﺎﻗﺒﺔ ﺍﻟﻤﻨﺸﻘﻴﻦ ﻧﺼﻴﺒﻪ ﻣﻦ ﺷﻌﺮ ﺍﻟﺤﻤﺎﺳﺔ .
ﻭﻗﺪ ﺃﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻻﻧﺠﺎﺯﺍﺕ ﻭﺣﻮﻟﻮﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﺣﺪﺍﺙ ﺧﺎﺭﻗﺔ ﻳﺆﺭّﺥ ﺑﻬﺎ ( ﻳﻮﻡ ﺃﺭﺷﻖ , ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻤﺠﺎﺯ , ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺤﺪﺙ ... ) ﻭ ﻳﻔﺘﺨﺮ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻭﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺟﻤﻌﺎﺀ .
ﻭﻟﺴﺖ ﻣﻠﻴﻜﺎﺍ ﻫﺎﺯﻣﺎ ﻟﻨﻈﻴﺮﻩ ﻭﻟﻜﻨّﻚ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻟﻠﺸﺮﻙ ﻫﺎﺯﻡ
ﺗﺸﺮﻑ ﻋﺪﻧﺎﻥ ﺑﻪ ﻻ ﺭﺑﻴﻌﺔ ﻭﺗﻔﺘﺨﺮ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺑﻪ ﻻ
ﺍﻟﻌﻮﺍﺻﻢ
ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻓﺎﻥّ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﺍﻟﺠﻠﻴﻠﺔ ﻭﺍﻟﻘﻴﻢ ﺍﻟﻨﺒﻴﻠﺔ ﺗﻌﺪّ ﻣﻜﻮّﻧﺎ ﻫﺎﻣّﺎ ﻣﻦ ﻣﻜﻮﻧﺎﺕ ﺷﻌﺮ ﺍﻟﺤﻤﺎﺳﺔ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻐﻴﻴﺒﻪ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ ﺑﻞ ﻟﻌﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﻔﺰﺕ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻔﻨﻦ ﻓﻲ ﺻﻴﺎﻏﺘﻬﺎ ﻭﺇﺧﺮﺍﺟﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺩﺭﺟﺔ ﻣﻦ ﺍﻹﺗﻘﺎﻥ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﺳﻌﻴﺎ ﺇﻟﻰ ﺇﻣﺎﻟﺔ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﻧﺤﻮﻫﺎ ﻭﻋﻄﻒ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﺗﺤﺒﻴﺐ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻴﻬﺎ .
ﻋﻠﻰ ﺃﻧّﻪ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﺤﻤﺎﺳﺔ ﻗﻴﻤﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺗﺘّﺼﻞ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﺗﺎﺭﻳﺨﻲ ﺗﻮﺛﻴﻘﻲّ ﺇﺫ ﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﻣﺠﺎﻻ ﺳﺠﻞ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﻛﺜﻴﺮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻗﺎﺋﻊ ﻭﺍﻷﻳﺎﻡ ﻭﺃﺑﺮﺯﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﻭﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻗﺎﺩﺓ ﻋﺴﻜﺮﻳّﻴﻦ ﺃﻓﺬﺍﺫﺍ ﻟﻢ ﺗﻜﺘﺮﺙ ﺑﻬﻢ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺜﻴﺮﺍ ﻣﺎ ﺗﻨﺴﺐ ﺍﻻﻧﺘﺼﺎﺭﺍﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺮﻭﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻣﺮﺍﺀ ﻭﺍﻟﺤﻜﺎﻡ ﻭﺍﻟﺨﻠﻔﺎﺀ ﻭﺗﺘﻨﺎﺳﻰ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻘﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﻴﺪﺍﻧﻴّﻴﻦ . ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻌﺪ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻲ ﻭﺍﺿﺢ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺣﻀﻮﺭ ﺍﻟﻘﺮﺍﺋﻦ ﺍﻟﺰﻣﻨﻴﺔ ﻭﺃﺳﻤﺎﺀ ﺍﻷﻋﻼﻡ ﻭﺍﻷﻣﺎﻛﻦ .
ﺍﻟﺘﺄﻟﻴﻒ :
ﻟﻠﺤﻤﺎﺳﺔ ﺇﺫﻥ ﻗﻴﻤﺔ ﻓﻨﻴﺔ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻻ ﺳﺒﻴﻞ ﺇﻟﻰ ﺇﻧﻜﺎﺭﻫﺎ ﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺑﺄﻱ ﺣﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﺘﻐﺎﻓﻞ ﻋﻤّﺎ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻣﻦ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺇﻥ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﻣﺎ ﻋﺒﺮ ﻋﻨﻪ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻥ ﺟﻠﻴﻠﺔ ﻭﺍﻥ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻮﻗﺎﺋﻊ ﺍﻟﺘﻲ ﻧﻔﺾ ﻋﻨﻬﺎ ﻏﺒﺎﺭ ﺍﻟﻨﺴﻴﺎﻥ .
ﻭﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺃﻥّ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺑﻌﺎﺩ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﺗﺘﻜﺎﻣﻞ ﻭﺗﺘﻔﺎﻋﻞ ﻭﺗﺘﻀﺎﻓﺮ ﻟﺘﻌﻄﻲ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻜﺎﻧﺔ ﺍﻟﻤﻤﻴﺰﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﻭﻓﻲ ﻭﺟﺪﺍﻥ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭ ﻭﺫﺍﺋﻘﺘﻪ ﻭﺑﺬﻟﻚ ﻓﺎﻥّ ﺗﻐﻴﻴﺐ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺠﻮﺍﻧﺐ ﻻ ﻳﺴﺘﻘﻴﻢ ﻣﻌﺮﻓﻴّﺎ ﻭﺃﺩﺑﻴّﺎ ﻷﻥّ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻫﻮ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﻘﻖ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻟﺔ ﺍﻟﺼﻌﺒﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻔﻦ ﻭﺍﻟﺪّﻻﻟﺔ ﻭﺍﻟﺸﻜﻞ ﻭﺍﻟﻤﻀﻤﻮﻥ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﻔﻜﺮﺓ .
ﺍﻟﺨﺎﺗﻤﺔ :
ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺇﻟﻴﻪ ﺃﻥّ ﺃﻫﻤﻴّﺔ ﺷﻌﺮ ﺍﻟﺤﻤﺎﺳﺔ ﺗﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﺗﻮﺧﺎﻩ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﻣﻦ ﺿﺮﻭﺏ ﺍﻟﺘﻔﻨّﻦ ﻓﻲ ﺍﻹﻳﻘﺎﻉ ﻭﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﻛﻤﺎ ﺗﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﺍﺣﺘﻔﻮﺍ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﺒﻄﻮﻟﺔ ﺍﻟﺤﺮﺑﻴﺔ ﻭﻣﺎ ﻋﺒّﺮﻭﺍ ﻋﻨﻪ ﻣﻦ ﻗﻴﻢ ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺳﺎﻣﻴﺔ ﻭﺃﻳﻀﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﺳﺠﻠﻮﻩ ﻣﻦ ﻭﻗﺎﺋﻊ ﺗﺎﺭﻳﺨﻴّﺔ ﻣﺎ ﺗﺰﺍﻝ ﺑﻔﻀﻞ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺣﻴّﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺬﺍﻛﺮﺓ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻴّﺔ ﻟﻠﻌﺮﺏ ﻭﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﺤﻤﺎﺳﻲ ﻫﻮ ﺟﻤﺎﻉ ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﻓﺎّﻧﻪ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺍﻟﺘﺴﺎﺅﻝ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻇﻞّ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺣﺒﻴﺲ ﺍﻷﻏﺮﺍﺽ ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴّﺔ ﺭﻏﻢ ﺍﻛﺘﻤﺎﻝ ﺍﻟﻤﻘﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺆﻫّﻠﻪ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻘﻴﻢ ﻏﺮﺿﺎ ﻣﺴﺘﻘﻼّ ﺑﺬﺍﺗﻪ . ؟
تعليقات
إرسال تعليق