ملخص العمل الأدبي رسالة الغفران
ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻤﺆﻟﻒ :
ﻫﻮ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻌﻼﺀ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺘﻨﻮﺧﻲ ، ﺍﻟﻤﻌﺮﻱ ﻧﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻌﺮﺓ ﺑﺎﻟﺸﺎﻡ ، ﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻑ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻷﺩﻳﺐ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ، ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻤﺆﻟﻔﺎﺕ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻓﻨﻴﺖ ﻭﻟﻢ ﻳﻜﺘﺐ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﺨﻠﻮﺩ ﺟﺮﺍﺀ ﺍﻟﺘﺨﺮﻳﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﺮﺕ ﺑﻪ ﺑﻠﺪﺓ ﺍﻟﻤﻌﺮﺓ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺼﻠﻴﺒﻴﻴﻦ ﺛﻢ ﺍﻟﺘﺘﺎﺭ .
ﺍﺗﻬﻢ ﺃﺑﺎ ﺍﻟﻌﻼﺀ ﺑﺎﻟﺰﻧﺪﻗﺔ ﻟﺠﺮﺃﺗﻪ ﻓﻲ ﺗﻨﺎﻭﻝ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺁﻧﺬﺍﻙ ، ﻛﻤﺎ ﺩﺍﻓﻊ ﻣﻨﺎﺻﺮﻭﻩ ﻋﻨﻪ ﻭﺍﺳﺘﺪﻟﻮﺍ ﺑﺰﻫﺪ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻭﻋﺰﻟﺘﻪ ﻭﺻﺪﻗﻪ ﻣﻊ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻣﻊ ﻋﺼﺮﻩ ، ﺣﻴﺚ ﻋﺮﻑ ﻋﻨﻪ ﺗﻘﺸﻔﻪ ﻭﺃﺩﺑﻪ ﻭﺍﺑﺘﻌﺎﺩﻩ ﻋﻦ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟﻮﻻﺓ .
ﻭﻟﺪ ﺳﻨﺔ 363 ﻫـ ﻭﺍﻧﺪﻣﺞ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺛﻢ ﺍﻋﺘﺰﻝ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺍﻋﺘﻜﻒ ﻓﻲ ﻣﻨﺰﻟﻪ ﻟﻠﺘﺄﻣﻞ ﻭﺍﻟﺘﺄﻟﻴﻒ ﻭﻟﻘﺐ ﻧﻔﺴﻪ ﺑـ ﺭﻫﻴﻦ ﺍﻟﻤﺤﺒﺴﻴﻦ ﺣﺘﻰ ﻣﺎﺕ ﻓﻲ ﻣﻨﺰﻟﻪ ﺳﻨﺔ 449 ﻫـ .
ﺣﻮﻝ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻐﻔﺮﺍﻥ :
ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻐﻔﺮﺍﻥ ﻫﻲ ﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻷﺻﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﻌﺚ ﺑﻬﺎ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﺎﺭﺡ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻣﻨﺼﻮﺭ ﺍﻟﺤﻠﺒﻲ ، ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻷﺩﻳﺐ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻷﺑﻲ ﺍﻟﻌﻼﺀ ، ﻳﺴﺘﻌﺮﺽ ﻓﻴﻬﺎ ﻗﺪﺭﺗﻪ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﻭﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﻭﺗﺠﺎﺭﺑﻪ ﻭﺭﺣﻼﺗﻪ . ﻭﺃﺳﻠﻮﺏ ﺃﺑﻲ ﺍﻟﻌﻼﺀ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﺸﺄ ﺍﻷﺩﺑﻲ ﻏﺮﻳﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻨﻮﻥ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻓﺔ ﻓﻲ ﻭﻗﺘﻪ .
ﻓﻘﺪ ﻧﺤﺎ ﻣﻨﺤﻰ ﻟﻢ ﻳﺴﺒﻖ ﺇﻟﻴﻪ ﻓﻲ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ، ﻓﺘﻌﺮﺽ ﻟﺒﻌﺾ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﺎﺕ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺑﺄﺳﻠﻮﺏ ﺧﻴﺎﻟﻲ ﺳﺮﺩﻱ ، ﻛﺎﻟﻨﺎﺭ ﻭﺍﻟﺠﻨﺔ ﻭﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻭﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻭﺍﻟﺬﺍﺕ ﺍﻹﻟﻬﻴﺔ .
ﻓﻤﺜﻼ ﻳﻘﻮﻝ : ” ﻓﻠﻤﺎ ﺃﻗﻤﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﻗﻒ ﺯﻫﺎﺀ ﺷﻬﺮ ﺃﻭ ﺷﻬﺮﻳﻦ ، ﻭﺧﻔﺖ ﺍﻟﻌﺮﻕ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺮﻕ ، ﺯﻳﻨﺖ ﻟﻲ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﻜﺎﺫﺑﺔ ﺃﻥ ﺃﻧﻈﻢ ﺃﺑﻴﺎﺗﺎ ﻓﻲ ﺭﺿﻮﺍﻥ ﺧﺎﺯﻥ ﺍﻟﺠﻨﺎﻥ ، ﻋﻤﻠﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻭﺯﻥ : ” ﻗﻔﺎ ﻧﺒﻚ ﻣﻦ ﺫﻛﺮﻯ ﺣﺒﻴﺐ ﻭﻋﺮﻓﺎﻥ ” ﻭﻭﺳﻤﺘﻬﺎ ﺑﺮﺿﻮﺍﻥ ، ﺛﻢ ﺿﺎﻧﻜﺖ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺣﺘﻰ ﻭﻗﻔﺖ ﻣﻨﻪ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺴﻤﻊ ﻭﻳﺮﻯ ، ﻓﻤﺎ ﺣﻔﻞ ﺑﻲ ، ﻭﻻ ﺃﻇﻨﻪ ﺁﺑﻪ ﻟﻤﺎ ﺃﻗﻮﻝ ” .
ﺛﻢ ﻳﺴﺘﻤﺮ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺮﺩ ﺍﻻﺳﺘﻄﺮﺍﺩﻱ ﺍﻟﺘﺨﻴﻠﻲ ﻟﻐﻴﺒﻴﺎﺕ ﺍﻟﺤﺸﺮ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺩ ﻭﻳﺘﻜﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﻟﺴﻨﺔ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﺮﺳﻠﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻭﺍﻟﺮﺏ ﺗﻌﺎﻟﻰ .
ﻭﻫﻮ ﺇﺫ ﻳﻨﻘﻞ ﺍﻟﻤﻮﻗﻒ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻳﺴﺎﺀﻝ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﻴﻦ ﻭﺍﻟﻠﻐﻮﻳﻴﻦ ﻭﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻭﻳﺤﺎﺟﺠﻬﻢ ﻭﻳﺴﺘﻔﻬﻢ ﻣﻨﻬﻢ ﻭﻳﺮﺩ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺃﺟﻮﺑﺘﻬﻢ ﺍﻟﻤﻔﺘﻌﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺍﻵﺭﺍﺀ ﻭﺍﻟﻤﺪﺍﺭﺱ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺎﺻﺮﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻷﺩﺏ ﻭﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺍﻷﺧﻼﻕ .
ﻓﻬﻮ ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ ﺷﺨﺼﻴﺎﺕ ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻣﺴﺘﻨﺪﺍﺕ ﺩﻋﻢ ﻷﻓﻜﺎﺭﻩ ﻭﻗﻨﺎﻋﺎﺗﻪ ﻭﺁﺭﺍﺋﻪ .
ﻭﻫﻮ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺠﻤﻮﺡ ﺍﻷﺩﺑﻲ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺴﺒﻮﻕ ﻗﺪ ﺣﺼﺪ ﺍﺗﻬﺎﻣﺎﺕ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﻣﻤﻦ ﻋﺎﺻﺮﻭﻩ ﺃﻭ ﻣﻤﻦ ﺟﺎﺀﻭﺍ ﺑﻌﺪﻩ ﺑﺎﻟﻔﺴﻮﻕ ﻭﺍﻟﺰﻧﺪﻗﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﺪﻳﻒ ﺍﻟﻌﻘﺪﻱ ، ﻓﻴﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺭﺳﺎﻟﺘﻪ ﻳﻨﺘﻘﺪ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺰﻧﺎﺩﻗﺔ ﻭﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻘﻴﻦ ﻭﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻬﻮﻯ .
ﺗﻨﻘﺴﻢ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻐﻔﺮﺍﻥ ﺇﻟﻰ ﻣﻘﺎﻃﻊ ﻣﻨﻔﺼﻠﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﻗﻒ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻣﺘﺼﻠﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﻤﺴﺎﺭ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﺠﻮّ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ، ﻭﺳﺄﺫﻛﺮ ﺑﻌﺾ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻘﺎﻃﻊ :
ﺍﻷﻋﺸﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ
ﺯﻫﻴﺮ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻠﻤﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ
ﺃﺑﻮ ﺫﺅﻳﺐ ﺍﻟﻬﺬﻟﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ
ﺍﻟﻨﺎﺑﻐﺔ ﺍﻟﺬﺑﻴﺎﻧﻲ ﻭﺍﻟﻨﺎﺑﻐﺔ ﺍﻟﺠﻌﺪﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ
ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺭﺿﻮﺍﻥ ﺧﺎﺯﻥ ﺍﻟﺠﻨﺔ
ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺯﻓﺮ ﺧﺎﺯﻥ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﺍﻵﺧﺮ
ﺍﻟﺼﺮﺍﻁ
ﻣﻦ ﺃﺷﻌﺎﺭ ﺍﻟﺠﻦ
ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻨﺎﺭ
ﺇﺑﻠﻴﺲ ﻭﺑﺸﺎﺭ ﺑﻦ ﺑﺮﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺭ
ﻋﻨﺘﺮﺓ ﺍﻟﻌﺒﺴﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺭ
ﻃﺮﻓﺔ ﺑﻦ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺭ
ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﻛﻠﺜﻮﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺭ
ﺍﻟﺤﺎﺭﺙ ﺍﻟﻴﺸﻜﺮﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺭ
ﺍﻟﻤﺘﻨﺒﻲ ﻭﻣﻌﺠﺰﺍﺗﻪ
ﺍﻹﻟﻪ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ
ﺯﻧﺎﺩﻗﺔ
ﺍﻟﻘﺮﺍﻣﻄﺔ
ﻋﻘﻞ ﺍﻟﻮﻟﻴﺪ ﻋﻘﻞ ﻭﻟﻴﺪ
ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ
ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ ﺑﻦ ﻣﻨﺼﻮﺭ ﺍﻟﺤﻼﺝ ﻭﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ
ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﺘﻨﺎﺳﺦ
ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺮﻭﻣﻲ
ﺃﺑﻮ ﺗﻤﺎﻡ ﻭﺍﻟﺪﻳﻦ
ﻣﺪﻋﻲ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ
ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﺿﻴﻊ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻄﺮﻕ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻌﻼﺀ ﺑﺘﺸﻌﺐ ﻳﺼﻌﺐ ﺗﺘﺒﻌﻪ ، ﻭﻟﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﺭﺳﺎﻟﺘﻪ ﻟﻢ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻛﻤﺮﺟﻊ ﺃﺩﺑﻲ ﺗﻌﻠﻴﻤﻲ ، ﺭﺑﻤﺎ ﻟﻠﺨﺎﺻﺔ ﻭﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻓﻘﻂ ، ﻓﻬﻮ ﻳﻨﺘﻘﻞ ﻓﻲ ﺃﺳﻄﺮ ﻣﻦ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺍﺕ ﺇﻟﻰ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻘﻪ ، ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ، ﺛﻢ ﻗﺼﺔ ﻃﺮﻳﻔﺔ ، ﺛﻢ ﺃﺑﻴﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮ ، ﺛﻢ ﺍﺳﺘﻜﻤﺎﻝ ﻟﻠﺴﺮﺩ ﺍﻟﺘﺨﻴﻠﻲ ﻭﻫﻜﺬﺍ .
ﻭﻳﻘﺎﻝ ﺃﻥ ﺍﻷﺩﻳﺐ ﺍﻹﻳﻄﺎﻟﻲ ﺩﺍﻧﺘﻲ ﺍﺳﺘﻘﻰ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﺸﻬﻴﺮ ﺍﻟﻜﻮﻣﻴﺪﻳﺎ ﺍﻹﻟﻬﻴﺔ ﻣﻦ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻐﻔﺮﺍﻥ ﻋﻠﻰ ﺇﺛﺮ ﻧﻬﺐ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺎﻡ .
ﻭﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺎﻥ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻣﺘﺸﺎﺑﻬﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﺣﺪ ﺑﻌﻴﺪ .
ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻐﻔﺮﺍﻥ ﻛﺘﺎﺏ ﻣﻔﻴﺪ ﺟﺪﺍ ﻭﺛﺮﻱ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ﻭﺍﻟﺸﻌﺮ ﻭﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻘﺎﺕ ﺍﻟﻨﺎﺩﺭﺓ
ﺍﺳﺘﺄﺛﺮﺕ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﺑﺎﻟﻨﺼﻴﺐ ﺍﻷﻭﻓﺮ ﻓﻲ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻐﻔﺮﺍﻥ ﻭﻳﺒﺮﺯ ﺫﻟﻚ ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﺎﺭﺡ ﺍﻟﺬﻱ ﺻﻮﺭﻩ ﺍﻟﻤﻌﺮﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻣﺘﻤﻴﺰﺍ ﻋﻦ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﺑﺎﻟﺬﺍﻛﺮﺓ ﻭﺍﻟﺤﻔﻆ ﻭﺍﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺤﺎﻭﺭﺍﺕ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺎﺩﻻﺕ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ . ﻭﻟﻌﻞ ﻣﻦ ﺃﺑﺮﺯ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﻫﻲ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺣﻴﺚ ﻋﻤﻞ ﺍﻟﻤﻌﺮﻱ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺟﺪﻳﺪ ﻟﻠﺸﻌﺮ ﻳﺤﺘﻞ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺬﻭﻕ ﻣﻜﺎﻧﺔ .
ﻭﻗ
ﺪ ﻭﺭﺩ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﺎﺭﺡ ﻟﻘﻮﻟﻪ : " ﺍﻷﺷﻌﺎﺭ ﺟﻤﻊ ﺷﻌﺮ ﻭﺍﻟﺸﻌﺮ ﻛﻼﻡ ﻣﻮﺯﻭﻥ ﺗﻘﺒﻠﻪ ﺍﻟﻐﺮﻳﺰﺓ ﻋﻠﻰ ﺷﺮﺍﺋﻂ ﺇﻥ ﺯﺍﺩ ﺃﻭ ﻧﻘﺺ ﺃﺑﺎﻧﻪ ﺍﻟﺤﺲّ " . ﻭﻳﺼﺮّ ﺍﻟﻤﻌﺮﻱ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺗﻮﻓّﺮ ﺍﻟﺴﻠﻴﻘﺔ ﻭﺍﻟﻤﻮﻫﺒﺔ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻭﻋﻠﻰ ﺫﻭﻕ ﺍﻟﻤﺘﻠﻘﻲ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻭﻭﻓﻘﺎ ﻟﻠﻤﻌﺮﻱ ﻓﺈﻥ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﺤﻖ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺗﻮﻓﺮ ﻓﻴﻪ ﺍﻹﺣﺴﺎﺱ ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻳﺴﻘﻂ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺩﻳﻮﺍﻥ ﺷﻌﺮﻱ ﻛﻞ ﻏﺮﺽ ﺃﺩﺑﻲ ﺧﻼ ﻣﻦ ﺻﺪﻕ ﺍﻟﻌﺎﻃﻔﺔ ﻭﻟﻌﻞ ﺃﻭّﻟﻬﺎ ﺍﻟﺒﻼﻁ .
ﻗﺎﻡ ﺍﻟﻤﻌﺮﻱ ﻓﻲ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻐﻔﺮﺍﻥ ﺑﻨﻘﺪ ﺍﻟﻄﺒﻘﻴﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺻﻮﺭﻫﺎ ﻋﺒﺮ ﺷﺨﺼﻴﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ . ﻭﻳﺒﺮﺯ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺻﻮﺭﺗﻴﻦ ﻃﺒﻘﻴﺘﻴﻦ ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺘﻴﻦ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻓﻲ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻟﺜﺮﺍﺀ ﺍﻟﻔﺎﺣﺶ ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻓﺘﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﻭﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻤﻌﺮﻱ ﻣﺤﺪّﺛﺎ ﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﺎﺭﺡ ﻋﻨﺪ ﻋﻮﺩﺗﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻨﺎﻥ ": ﻭﻳﺘّﻜﺊ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﺍﺵ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﺪﺱ " ﻟﻴﻮﺟﻪ ﺍﻷﻧﻈﺎﺭ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺇﻟﻰ ﺑﻴﺘﻴﻦ ﺃﻭ " ﻗﺼﺮﻳﻦ ﻣﻨﻔﻴﻴﻦ " ﺃﻭﻟﻬﻤﺎ ﻟﻠﺤﻄﻴﺌﺔ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ ": ﻭﺇﺫﺍ ﻫﻮ ﺑﺒﻴﺖ ﻓﻲ ﺃﻗﺼﻰ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻛﺄﻧﻪ ﺣﻔﺶ ﺃﻣﺔ ﺭﺍﻋﻴﺔ " ﻭﻟﻌﻞ ﻣﻦ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﻄﺒﻘﻴﺔ ﻫﻲ ﺣﻀﻮﺭ ﺍﻷﺳﻴﺎﺩ ﻭﺍﻟﻌﺒﻴﺪ ﻭﺍﻟﺠﻮﺍﺭﻱ ﻓﻲ ﺟﻨﺔ ﺍﻟﻐﻔﺮﺍﻥ ...
ﻛﻤﺎ ﻧﻘﺪ ﺍﻟﻤﻌﺮﻱ ﺍﻟﻮﺳﺎﻃﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﻳﺒﺮﺯ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺗﻌﺠﻞ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﺎﺭﺡ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻭﺗﻮﺳﻂ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﻟﻪ .
ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺭﺳﺎﻟﺘﻪ ﺃﺛﺒﺖ ﺍﻟﻤﻌﺮﻱ ﺗﺮﺍﺟﻊ ﻗﻴﻢ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻔﺴﺮ ﺗﻀﺎﺅﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺣﻠﺔ ﻟﺘﺤﻞ ﻣﺤﻠﻬﺎ ﻗﻴﻢ ﻣﺬﻣﻮﻣﺔ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻜﺬﺏ ﻭﺍﻟﺮﻳﺎﺀ ﻭﺍﻟﺨﺪﺍﻉ ﺣﺘﻰ ﺃﺿﺤﻰ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﻧﺸﺎﺯﺍ ﻳﺠﺎﺯﻯ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻤﺮﺀ ﺑﺎﻟﻤﻜﺎﻧﺔ ﺍﻟﺤﻘﻴﺮﺓ ﺷﺄﻥ ﺍﻟﺤُﻄﻴﺌﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﺎﺯ ﺑﺒﻴﺖ ﺣﻘﻴﺮ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻷﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﺻﺎﺩﻗﺎ ﻣﻊ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﻳﻔﻮﺯ ﻏﻴﺮﻩ ﺑﺎﻟﻨﻌﻢ ﻭﻣﻠﺬﺍﺕ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻨﻔﺎﻕ ﻭﺍﻟﻜﺬﺏ .
ﻧﻠﺤﻆ ﻓﻲ ﺭﺣﻠﺔ ﺍﻟﻐﻔﺮﺍﻥ ﺗﻬﺎﻓﺖ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻠﺬﺍﺕ ﻣﻦ ﺧﻤﺮ ﻭﻣﺄﻛﻮﻻﺕ ﻭﺣﻮﺭﻳﺎﺕ ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻔﺴﺮ ﺗﻌﺪﺩ ﻣﺠﺎﻟﺲ ﺍﻟﺨﻤﺮ ﻭﺃﺟﻨﺎﺱ ﺍﻟﻤﺴﻜﺮﺍﺕ ﺣﺘﻰ ﺃﺿﺤﺖ ﺍﻟﺠﻨﺔ " ﻣﻬﺮﺟﺎﻧﺎ ﺧﻤﺮﻳﺎ ." ﻭﺇﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﺫﻟﻚ ﺗﻔﻨﻦ ﺍﻟﻤﻌﺮﻱ ﻓﻲ ﻋﺮﺽ ﺣﻮﺭ ﺍﻟﻌﻴﻦ ﺧﺎﺻﺔ ﻭﺃﻥ ﻟﺒﻄﻠﻪ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﺎﺭﺡ ﺭﻏﺒﺔ ﻻ ﺗﻨﻄﻔﺊ ﺇﺫ ﻳﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ ﺣﻮﺭﻳﺘﻴﻦ ﻓﻲ ﻣﺸﻬﺪ ﻭﺍﺣﺪ .
ﻭﻟﻢ ﻳﻜﺘﻒ ﺍﻟﻤﻌﺮﻱ ﺑﻨﻘﺪ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻓﻘﻂ ﺑﻞ ﻧﻘﺪ ﻭﺿﻌﻴﺔ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻗﺘﺼﺮ ﺩﻭﺭﻫﺎ ﻓﻘﻂ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﻬﺪﻳﻦ . ﺍﻷﻭﻝ ﻫﻮ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﻤﺘﻌﺔ ﻷﻫﻞ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻫﻮ ﺍﻟﻮﺳﺎﻃﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻭﺳﺎﻃﺔ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﻻﺑﻦ ﺍﻟﻘﺎﺭﺡ ﻭﻫﻮ ﺩﻭﺭ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻳﺬﻛﺮﻧﺎ ﻋﺎﺩﺓ ﺑﺪﻭﺭ ﺯﻭﺟﺎﺕ ﺍﻷﻣﺮﺍﺀ ﻭﺍﻟﻤﻠﻮﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﻁ
ﻟﻢ ﻳﺘﻐﻴﺮ ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﻤﻌﺮﻱ ﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﻴﻦ، ﻓﺎﻟﻤﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﺘﻲ ﻧﺠﺪﻫﺎ ﻓﻲ ﻣﺆﻟﻔﻪ " ﺍﻟﻠﺰﻭﻣﻴﺎﺕ " ﻧﻼﺣﻆ ﺗﻮﺍﺟﺪﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ . ﻓﻘﺪ ﻋﺎﺏ ﺍﻟﻤﻌﺮﻱ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺎﺳﺘﻬﻢ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺑﺎﻟﻬﻮﻯ ﻭﺍﻟﻨﺰﻭﺍﺕ ﻓﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺧﻼﺀ . ﻛﻤﺎ ﻧﻘﺪ ﺍﻟﻤﻌﺮﻱ ﺍﻟﺴﺎﺳﺔ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻈﻠﻤﻬﻢ ﻭﻳﺒﺮﺯ ﺫﻟﻚ ﺑﺈﺩﺧﺎﻟﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺇﻣﻌﺎﻥ ﺗﺼﻮﻳﺮﻩ ﻟﻤﺎ ﻳﻠﻘﻮﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺬﺍﺏ ﻓﻴﻘﻮﻝ ":
ﻭﺍﻟﺸﻮﺱ ﻟﺠﺒﺎﺑﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻠﻮﻙ ﺗﺠﺬﺑﻬﻢ ﺍﻟﺰﺑﺎﻧﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﺤﻴﻢ ."
ﻛﻤﺎ ﻋﺒّﺮ ﺍﻟﻤﻌﺮﻱ ﻋﻦ ﺗﻮﺗﺮ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺮﺍﻋﻲ ﻭﺍﻟﺮﻋﻴﺔ . ﻓﺎﻟﺤﺎﻛﻢ ﻏﺎﺋﺐ ﻭﻫﻮ ﺭﻣﺰ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺗﻘﻮﻡ ﺍﻟﺤﺎﺷﻴﺔ ﺑﺎﺗﺨﺎﺫ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭﺍﺕ ﻭﻟﻢ ﻳﻘﻒ ﻋﻨﺪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺤﺪ ﺑﻞ ﻋﻤﺪ ﺍﻟﻤﻌﺮﻱ ﻋﻠﻰ ﻧﻘﺪ ﺍﻟﺠﻮﺳﺴﺔ ﺍﻟﻤﻨﺘﺸﺮﺓ ﻓﻲ ﻋﺼﺮﻩ، ﺇﺫ ﻛﺎﻥ ﻟﻠﻤﻠﻚ ﻋﻴﻦ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺍﻟﺘﻨﻘﻞ ﺗﻨﻘﻞ ﻟﻪ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﻟﻠﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻤﻌﺮﻱ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﺎﺭﺡ ": ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﺤﺬﺭ ﻣﻦ ﻣﻠﻚ ﻳﻌﺒﺮ ﻓﻴﺮﻯ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﻓﻴﺮﻓﻊ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﺒﺎﺭ ﺍﻷﻋﻈﻢ ﻓﻼ ﻳﺠﺮ ﺫﻟﻚ ﺇﻻ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﺗﻜﺮﻫﺎﻥ
ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻤﺆﻟﻒ :
ﻫﻮ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻌﻼﺀ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺘﻨﻮﺧﻲ ، ﺍﻟﻤﻌﺮﻱ ﻧﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻌﺮﺓ ﺑﺎﻟﺸﺎﻡ ، ﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻑ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻷﺩﻳﺐ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ، ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻤﺆﻟﻔﺎﺕ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻓﻨﻴﺖ ﻭﻟﻢ ﻳﻜﺘﺐ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﺨﻠﻮﺩ ﺟﺮﺍﺀ ﺍﻟﺘﺨﺮﻳﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﺮﺕ ﺑﻪ ﺑﻠﺪﺓ ﺍﻟﻤﻌﺮﺓ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺼﻠﻴﺒﻴﻴﻦ ﺛﻢ ﺍﻟﺘﺘﺎﺭ .
ﺍﺗﻬﻢ ﺃﺑﺎ ﺍﻟﻌﻼﺀ ﺑﺎﻟﺰﻧﺪﻗﺔ ﻟﺠﺮﺃﺗﻪ ﻓﻲ ﺗﻨﺎﻭﻝ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺁﻧﺬﺍﻙ ، ﻛﻤﺎ ﺩﺍﻓﻊ ﻣﻨﺎﺻﺮﻭﻩ ﻋﻨﻪ ﻭﺍﺳﺘﺪﻟﻮﺍ ﺑﺰﻫﺪ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻭﻋﺰﻟﺘﻪ ﻭﺻﺪﻗﻪ ﻣﻊ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻣﻊ ﻋﺼﺮﻩ ، ﺣﻴﺚ ﻋﺮﻑ ﻋﻨﻪ ﺗﻘﺸﻔﻪ ﻭﺃﺩﺑﻪ ﻭﺍﺑﺘﻌﺎﺩﻩ ﻋﻦ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟﻮﻻﺓ .
ﻭﻟﺪ ﺳﻨﺔ 363 ﻫـ ﻭﺍﻧﺪﻣﺞ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺛﻢ ﺍﻋﺘﺰﻝ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺍﻋﺘﻜﻒ ﻓﻲ ﻣﻨﺰﻟﻪ ﻟﻠﺘﺄﻣﻞ ﻭﺍﻟﺘﺄﻟﻴﻒ ﻭﻟﻘﺐ ﻧﻔﺴﻪ ﺑـ ﺭﻫﻴﻦ ﺍﻟﻤﺤﺒﺴﻴﻦ ﺣﺘﻰ ﻣﺎﺕ ﻓﻲ ﻣﻨﺰﻟﻪ ﺳﻨﺔ 449 ﻫـ .
ﺣﻮﻝ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻐﻔﺮﺍﻥ :
ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻐﻔﺮﺍﻥ ﻫﻲ ﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻷﺻﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﻌﺚ ﺑﻬﺎ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﺎﺭﺡ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻣﻨﺼﻮﺭ ﺍﻟﺤﻠﺒﻲ ، ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻷﺩﻳﺐ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻷﺑﻲ ﺍﻟﻌﻼﺀ ، ﻳﺴﺘﻌﺮﺽ ﻓﻴﻬﺎ ﻗﺪﺭﺗﻪ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﻭﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﻭﺗﺠﺎﺭﺑﻪ ﻭﺭﺣﻼﺗﻪ . ﻭﺃﺳﻠﻮﺏ ﺃﺑﻲ ﺍﻟﻌﻼﺀ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﺸﺄ ﺍﻷﺩﺑﻲ ﻏﺮﻳﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻨﻮﻥ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻓﺔ ﻓﻲ ﻭﻗﺘﻪ .
ﻓﻘﺪ ﻧﺤﺎ ﻣﻨﺤﻰ ﻟﻢ ﻳﺴﺒﻖ ﺇﻟﻴﻪ ﻓﻲ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ، ﻓﺘﻌﺮﺽ ﻟﺒﻌﺾ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﺎﺕ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺑﺄﺳﻠﻮﺏ ﺧﻴﺎﻟﻲ ﺳﺮﺩﻱ ، ﻛﺎﻟﻨﺎﺭ ﻭﺍﻟﺠﻨﺔ ﻭﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻭﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻭﺍﻟﺬﺍﺕ ﺍﻹﻟﻬﻴﺔ .
ﻓﻤﺜﻼ ﻳﻘﻮﻝ : ” ﻓﻠﻤﺎ ﺃﻗﻤﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﻗﻒ ﺯﻫﺎﺀ ﺷﻬﺮ ﺃﻭ ﺷﻬﺮﻳﻦ ، ﻭﺧﻔﺖ ﺍﻟﻌﺮﻕ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺮﻕ ، ﺯﻳﻨﺖ ﻟﻲ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﻜﺎﺫﺑﺔ ﺃﻥ ﺃﻧﻈﻢ ﺃﺑﻴﺎﺗﺎ ﻓﻲ ﺭﺿﻮﺍﻥ ﺧﺎﺯﻥ ﺍﻟﺠﻨﺎﻥ ، ﻋﻤﻠﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻭﺯﻥ : ” ﻗﻔﺎ ﻧﺒﻚ ﻣﻦ ﺫﻛﺮﻯ ﺣﺒﻴﺐ ﻭﻋﺮﻓﺎﻥ ” ﻭﻭﺳﻤﺘﻬﺎ ﺑﺮﺿﻮﺍﻥ ، ﺛﻢ ﺿﺎﻧﻜﺖ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺣﺘﻰ ﻭﻗﻔﺖ ﻣﻨﻪ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺴﻤﻊ ﻭﻳﺮﻯ ، ﻓﻤﺎ ﺣﻔﻞ ﺑﻲ ، ﻭﻻ ﺃﻇﻨﻪ ﺁﺑﻪ ﻟﻤﺎ ﺃﻗﻮﻝ ” .
ﺛﻢ ﻳﺴﺘﻤﺮ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺮﺩ ﺍﻻﺳﺘﻄﺮﺍﺩﻱ ﺍﻟﺘﺨﻴﻠﻲ ﻟﻐﻴﺒﻴﺎﺕ ﺍﻟﺤﺸﺮ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺩ ﻭﻳﺘﻜﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﻟﺴﻨﺔ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﺮﺳﻠﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻭﺍﻟﺮﺏ ﺗﻌﺎﻟﻰ .
ﻭﻫﻮ ﺇﺫ ﻳﻨﻘﻞ ﺍﻟﻤﻮﻗﻒ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻳﺴﺎﺀﻝ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﻴﻦ ﻭﺍﻟﻠﻐﻮﻳﻴﻦ ﻭﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻭﻳﺤﺎﺟﺠﻬﻢ ﻭﻳﺴﺘﻔﻬﻢ ﻣﻨﻬﻢ ﻭﻳﺮﺩ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺃﺟﻮﺑﺘﻬﻢ ﺍﻟﻤﻔﺘﻌﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺍﻵﺭﺍﺀ ﻭﺍﻟﻤﺪﺍﺭﺱ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺎﺻﺮﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻷﺩﺏ ﻭﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺍﻷﺧﻼﻕ .
ﻓﻬﻮ ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ ﺷﺨﺼﻴﺎﺕ ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻣﺴﺘﻨﺪﺍﺕ ﺩﻋﻢ ﻷﻓﻜﺎﺭﻩ ﻭﻗﻨﺎﻋﺎﺗﻪ ﻭﺁﺭﺍﺋﻪ .
ﻭﻫﻮ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺠﻤﻮﺡ ﺍﻷﺩﺑﻲ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺴﺒﻮﻕ ﻗﺪ ﺣﺼﺪ ﺍﺗﻬﺎﻣﺎﺕ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﻣﻤﻦ ﻋﺎﺻﺮﻭﻩ ﺃﻭ ﻣﻤﻦ ﺟﺎﺀﻭﺍ ﺑﻌﺪﻩ ﺑﺎﻟﻔﺴﻮﻕ ﻭﺍﻟﺰﻧﺪﻗﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﺪﻳﻒ ﺍﻟﻌﻘﺪﻱ ، ﻓﻴﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺭﺳﺎﻟﺘﻪ ﻳﻨﺘﻘﺪ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺰﻧﺎﺩﻗﺔ ﻭﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻘﻴﻦ ﻭﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻬﻮﻯ .
ﺗﻨﻘﺴﻢ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻐﻔﺮﺍﻥ ﺇﻟﻰ ﻣﻘﺎﻃﻊ ﻣﻨﻔﺼﻠﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﻗﻒ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻣﺘﺼﻠﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﻤﺴﺎﺭ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﺠﻮّ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ، ﻭﺳﺄﺫﻛﺮ ﺑﻌﺾ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻘﺎﻃﻊ :
ﺍﻷﻋﺸﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ
ﺯﻫﻴﺮ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻠﻤﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ
ﺃﺑﻮ ﺫﺅﻳﺐ ﺍﻟﻬﺬﻟﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ
ﺍﻟﻨﺎﺑﻐﺔ ﺍﻟﺬﺑﻴﺎﻧﻲ ﻭﺍﻟﻨﺎﺑﻐﺔ ﺍﻟﺠﻌﺪﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ
ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺭﺿﻮﺍﻥ ﺧﺎﺯﻥ ﺍﻟﺠﻨﺔ
ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺯﻓﺮ ﺧﺎﺯﻥ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﺍﻵﺧﺮ
ﺍﻟﺼﺮﺍﻁ
ﻣﻦ ﺃﺷﻌﺎﺭ ﺍﻟﺠﻦ
ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻨﺎﺭ
ﺇﺑﻠﻴﺲ ﻭﺑﺸﺎﺭ ﺑﻦ ﺑﺮﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺭ
ﻋﻨﺘﺮﺓ ﺍﻟﻌﺒﺴﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺭ
ﻃﺮﻓﺔ ﺑﻦ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺭ
ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﻛﻠﺜﻮﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺭ
ﺍﻟﺤﺎﺭﺙ ﺍﻟﻴﺸﻜﺮﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺭ
ﺍﻟﻤﺘﻨﺒﻲ ﻭﻣﻌﺠﺰﺍﺗﻪ
ﺍﻹﻟﻪ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ
ﺯﻧﺎﺩﻗﺔ
ﺍﻟﻘﺮﺍﻣﻄﺔ
ﻋﻘﻞ ﺍﻟﻮﻟﻴﺪ ﻋﻘﻞ ﻭﻟﻴﺪ
ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ
ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ ﺑﻦ ﻣﻨﺼﻮﺭ ﺍﻟﺤﻼﺝ ﻭﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ
ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﺘﻨﺎﺳﺦ
ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺮﻭﻣﻲ
ﺃﺑﻮ ﺗﻤﺎﻡ ﻭﺍﻟﺪﻳﻦ
ﻣﺪﻋﻲ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ
ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﺿﻴﻊ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻄﺮﻕ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻌﻼﺀ ﺑﺘﺸﻌﺐ ﻳﺼﻌﺐ ﺗﺘﺒﻌﻪ ، ﻭﻟﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﺭﺳﺎﻟﺘﻪ ﻟﻢ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻛﻤﺮﺟﻊ ﺃﺩﺑﻲ ﺗﻌﻠﻴﻤﻲ ، ﺭﺑﻤﺎ ﻟﻠﺨﺎﺻﺔ ﻭﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻓﻘﻂ ، ﻓﻬﻮ ﻳﻨﺘﻘﻞ ﻓﻲ ﺃﺳﻄﺮ ﻣﻦ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺍﺕ ﺇﻟﻰ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻘﻪ ، ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ، ﺛﻢ ﻗﺼﺔ ﻃﺮﻳﻔﺔ ، ﺛﻢ ﺃﺑﻴﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮ ، ﺛﻢ ﺍﺳﺘﻜﻤﺎﻝ ﻟﻠﺴﺮﺩ ﺍﻟﺘﺨﻴﻠﻲ ﻭﻫﻜﺬﺍ .
ﻭﻳﻘﺎﻝ ﺃﻥ ﺍﻷﺩﻳﺐ ﺍﻹﻳﻄﺎﻟﻲ ﺩﺍﻧﺘﻲ ﺍﺳﺘﻘﻰ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﺸﻬﻴﺮ ﺍﻟﻜﻮﻣﻴﺪﻳﺎ ﺍﻹﻟﻬﻴﺔ ﻣﻦ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻐﻔﺮﺍﻥ ﻋﻠﻰ ﺇﺛﺮ ﻧﻬﺐ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺎﻡ .
ﻭﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺎﻥ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻣﺘﺸﺎﺑﻬﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﺣﺪ ﺑﻌﻴﺪ .
ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻐﻔﺮﺍﻥ ﻛﺘﺎﺏ ﻣﻔﻴﺪ ﺟﺪﺍ ﻭﺛﺮﻱ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ﻭﺍﻟﺸﻌﺮ ﻭﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻘﺎﺕ ﺍﻟﻨﺎﺩﺭﺓ
ﺍﺳﺘﺄﺛﺮﺕ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﺑﺎﻟﻨﺼﻴﺐ ﺍﻷﻭﻓﺮ ﻓﻲ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻐﻔﺮﺍﻥ ﻭﻳﺒﺮﺯ ﺫﻟﻚ ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﺎﺭﺡ ﺍﻟﺬﻱ ﺻﻮﺭﻩ ﺍﻟﻤﻌﺮﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻣﺘﻤﻴﺰﺍ ﻋﻦ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﺑﺎﻟﺬﺍﻛﺮﺓ ﻭﺍﻟﺤﻔﻆ ﻭﺍﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺤﺎﻭﺭﺍﺕ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺎﺩﻻﺕ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ . ﻭﻟﻌﻞ ﻣﻦ ﺃﺑﺮﺯ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﻫﻲ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺣﻴﺚ ﻋﻤﻞ ﺍﻟﻤﻌﺮﻱ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺟﺪﻳﺪ ﻟﻠﺸﻌﺮ ﻳﺤﺘﻞ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺬﻭﻕ ﻣﻜﺎﻧﺔ .
ﻭﻗ
ﺪ ﻭﺭﺩ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﺎﺭﺡ ﻟﻘﻮﻟﻪ : " ﺍﻷﺷﻌﺎﺭ ﺟﻤﻊ ﺷﻌﺮ ﻭﺍﻟﺸﻌﺮ ﻛﻼﻡ ﻣﻮﺯﻭﻥ ﺗﻘﺒﻠﻪ ﺍﻟﻐﺮﻳﺰﺓ ﻋﻠﻰ ﺷﺮﺍﺋﻂ ﺇﻥ ﺯﺍﺩ ﺃﻭ ﻧﻘﺺ ﺃﺑﺎﻧﻪ ﺍﻟﺤﺲّ " . ﻭﻳﺼﺮّ ﺍﻟﻤﻌﺮﻱ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺗﻮﻓّﺮ ﺍﻟﺴﻠﻴﻘﺔ ﻭﺍﻟﻤﻮﻫﺒﺔ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻭﻋﻠﻰ ﺫﻭﻕ ﺍﻟﻤﺘﻠﻘﻲ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻭﻭﻓﻘﺎ ﻟﻠﻤﻌﺮﻱ ﻓﺈﻥ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﺤﻖ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺗﻮﻓﺮ ﻓﻴﻪ ﺍﻹﺣﺴﺎﺱ ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻳﺴﻘﻂ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺩﻳﻮﺍﻥ ﺷﻌﺮﻱ ﻛﻞ ﻏﺮﺽ ﺃﺩﺑﻲ ﺧﻼ ﻣﻦ ﺻﺪﻕ ﺍﻟﻌﺎﻃﻔﺔ ﻭﻟﻌﻞ ﺃﻭّﻟﻬﺎ ﺍﻟﺒﻼﻁ .
ﻗﺎﻡ ﺍﻟﻤﻌﺮﻱ ﻓﻲ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻐﻔﺮﺍﻥ ﺑﻨﻘﺪ ﺍﻟﻄﺒﻘﻴﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺻﻮﺭﻫﺎ ﻋﺒﺮ ﺷﺨﺼﻴﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ . ﻭﻳﺒﺮﺯ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺻﻮﺭﺗﻴﻦ ﻃﺒﻘﻴﺘﻴﻦ ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺘﻴﻦ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻓﻲ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻟﺜﺮﺍﺀ ﺍﻟﻔﺎﺣﺶ ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻓﺘﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﻭﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻤﻌﺮﻱ ﻣﺤﺪّﺛﺎ ﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﺎﺭﺡ ﻋﻨﺪ ﻋﻮﺩﺗﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻨﺎﻥ ": ﻭﻳﺘّﻜﺊ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﺍﺵ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﺪﺱ " ﻟﻴﻮﺟﻪ ﺍﻷﻧﻈﺎﺭ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺇﻟﻰ ﺑﻴﺘﻴﻦ ﺃﻭ " ﻗﺼﺮﻳﻦ ﻣﻨﻔﻴﻴﻦ " ﺃﻭﻟﻬﻤﺎ ﻟﻠﺤﻄﻴﺌﺔ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ ": ﻭﺇﺫﺍ ﻫﻮ ﺑﺒﻴﺖ ﻓﻲ ﺃﻗﺼﻰ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻛﺄﻧﻪ ﺣﻔﺶ ﺃﻣﺔ ﺭﺍﻋﻴﺔ " ﻭﻟﻌﻞ ﻣﻦ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﻄﺒﻘﻴﺔ ﻫﻲ ﺣﻀﻮﺭ ﺍﻷﺳﻴﺎﺩ ﻭﺍﻟﻌﺒﻴﺪ ﻭﺍﻟﺠﻮﺍﺭﻱ ﻓﻲ ﺟﻨﺔ ﺍﻟﻐﻔﺮﺍﻥ ...
ﻛﻤﺎ ﻧﻘﺪ ﺍﻟﻤﻌﺮﻱ ﺍﻟﻮﺳﺎﻃﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﻳﺒﺮﺯ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺗﻌﺠﻞ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﺎﺭﺡ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻭﺗﻮﺳﻂ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﻟﻪ .
ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺭﺳﺎﻟﺘﻪ ﺃﺛﺒﺖ ﺍﻟﻤﻌﺮﻱ ﺗﺮﺍﺟﻊ ﻗﻴﻢ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻔﺴﺮ ﺗﻀﺎﺅﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺣﻠﺔ ﻟﺘﺤﻞ ﻣﺤﻠﻬﺎ ﻗﻴﻢ ﻣﺬﻣﻮﻣﺔ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻜﺬﺏ ﻭﺍﻟﺮﻳﺎﺀ ﻭﺍﻟﺨﺪﺍﻉ ﺣﺘﻰ ﺃﺿﺤﻰ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﻧﺸﺎﺯﺍ ﻳﺠﺎﺯﻯ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻤﺮﺀ ﺑﺎﻟﻤﻜﺎﻧﺔ ﺍﻟﺤﻘﻴﺮﺓ ﺷﺄﻥ ﺍﻟﺤُﻄﻴﺌﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﺎﺯ ﺑﺒﻴﺖ ﺣﻘﻴﺮ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻷﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﺻﺎﺩﻗﺎ ﻣﻊ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﻳﻔﻮﺯ ﻏﻴﺮﻩ ﺑﺎﻟﻨﻌﻢ ﻭﻣﻠﺬﺍﺕ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻨﻔﺎﻕ ﻭﺍﻟﻜﺬﺏ .
ﻧﻠﺤﻆ ﻓﻲ ﺭﺣﻠﺔ ﺍﻟﻐﻔﺮﺍﻥ ﺗﻬﺎﻓﺖ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻠﺬﺍﺕ ﻣﻦ ﺧﻤﺮ ﻭﻣﺄﻛﻮﻻﺕ ﻭﺣﻮﺭﻳﺎﺕ ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻔﺴﺮ ﺗﻌﺪﺩ ﻣﺠﺎﻟﺲ ﺍﻟﺨﻤﺮ ﻭﺃﺟﻨﺎﺱ ﺍﻟﻤﺴﻜﺮﺍﺕ ﺣﺘﻰ ﺃﺿﺤﺖ ﺍﻟﺠﻨﺔ " ﻣﻬﺮﺟﺎﻧﺎ ﺧﻤﺮﻳﺎ ." ﻭﺇﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﺫﻟﻚ ﺗﻔﻨﻦ ﺍﻟﻤﻌﺮﻱ ﻓﻲ ﻋﺮﺽ ﺣﻮﺭ ﺍﻟﻌﻴﻦ ﺧﺎﺻﺔ ﻭﺃﻥ ﻟﺒﻄﻠﻪ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﺎﺭﺡ ﺭﻏﺒﺔ ﻻ ﺗﻨﻄﻔﺊ ﺇﺫ ﻳﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ ﺣﻮﺭﻳﺘﻴﻦ ﻓﻲ ﻣﺸﻬﺪ ﻭﺍﺣﺪ .
ﻭﻟﻢ ﻳﻜﺘﻒ ﺍﻟﻤﻌﺮﻱ ﺑﻨﻘﺪ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻓﻘﻂ ﺑﻞ ﻧﻘﺪ ﻭﺿﻌﻴﺔ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻗﺘﺼﺮ ﺩﻭﺭﻫﺎ ﻓﻘﻂ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﻬﺪﻳﻦ . ﺍﻷﻭﻝ ﻫﻮ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﻤﺘﻌﺔ ﻷﻫﻞ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻫﻮ ﺍﻟﻮﺳﺎﻃﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻭﺳﺎﻃﺔ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﻻﺑﻦ ﺍﻟﻘﺎﺭﺡ ﻭﻫﻮ ﺩﻭﺭ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻳﺬﻛﺮﻧﺎ ﻋﺎﺩﺓ ﺑﺪﻭﺭ ﺯﻭﺟﺎﺕ ﺍﻷﻣﺮﺍﺀ ﻭﺍﻟﻤﻠﻮﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﻁ
ﻟﻢ ﻳﺘﻐﻴﺮ ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﻤﻌﺮﻱ ﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﻴﻦ، ﻓﺎﻟﻤﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﺘﻲ ﻧﺠﺪﻫﺎ ﻓﻲ ﻣﺆﻟﻔﻪ " ﺍﻟﻠﺰﻭﻣﻴﺎﺕ " ﻧﻼﺣﻆ ﺗﻮﺍﺟﺪﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ . ﻓﻘﺪ ﻋﺎﺏ ﺍﻟﻤﻌﺮﻱ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺎﺳﺘﻬﻢ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺑﺎﻟﻬﻮﻯ ﻭﺍﻟﻨﺰﻭﺍﺕ ﻓﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺧﻼﺀ . ﻛﻤﺎ ﻧﻘﺪ ﺍﻟﻤﻌﺮﻱ ﺍﻟﺴﺎﺳﺔ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻈﻠﻤﻬﻢ ﻭﻳﺒﺮﺯ ﺫﻟﻚ ﺑﺈﺩﺧﺎﻟﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺇﻣﻌﺎﻥ ﺗﺼﻮﻳﺮﻩ ﻟﻤﺎ ﻳﻠﻘﻮﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺬﺍﺏ ﻓﻴﻘﻮﻝ ":
ﻭﺍﻟﺸﻮﺱ ﻟﺠﺒﺎﺑﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻠﻮﻙ ﺗﺠﺬﺑﻬﻢ ﺍﻟﺰﺑﺎﻧﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﺤﻴﻢ ."
ﻛﻤﺎ ﻋﺒّﺮ ﺍﻟﻤﻌﺮﻱ ﻋﻦ ﺗﻮﺗﺮ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺮﺍﻋﻲ ﻭﺍﻟﺮﻋﻴﺔ . ﻓﺎﻟﺤﺎﻛﻢ ﻏﺎﺋﺐ ﻭﻫﻮ ﺭﻣﺰ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺗﻘﻮﻡ ﺍﻟﺤﺎﺷﻴﺔ ﺑﺎﺗﺨﺎﺫ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭﺍﺕ ﻭﻟﻢ ﻳﻘﻒ ﻋﻨﺪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺤﺪ ﺑﻞ ﻋﻤﺪ ﺍﻟﻤﻌﺮﻱ ﻋﻠﻰ ﻧﻘﺪ ﺍﻟﺠﻮﺳﺴﺔ ﺍﻟﻤﻨﺘﺸﺮﺓ ﻓﻲ ﻋﺼﺮﻩ، ﺇﺫ ﻛﺎﻥ ﻟﻠﻤﻠﻚ ﻋﻴﻦ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺍﻟﺘﻨﻘﻞ ﺗﻨﻘﻞ ﻟﻪ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﻟﻠﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻤﻌﺮﻱ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﺎﺭﺡ ": ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﺤﺬﺭ ﻣﻦ ﻣﻠﻚ ﻳﻌﺒﺮ ﻓﻴﺮﻯ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﻓﻴﺮﻓﻊ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﺒﺎﺭ ﺍﻷﻋﻈﻢ ﻓﻼ ﻳﺠﺮ ﺫﻟﻚ ﺇﻻ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﺗﻜﺮﻫﺎﻥ
تعليقات
إرسال تعليق