القائمة الرئيسية

الصفحات

تلخيص مفصل في الفلسفة باكالوريا أداب تونس الإنية و الغيرية

ملخص شامل لدروس الفلسفة


مرحبا زوار مدونتي اليوم أعرض عليكم تلخيص شامل و موجز لمادة الفلسفة

الإنية و الغيرية.

ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﻹﻧﻴّﺔ ﻭ ﺍﻟﻐﻴﺮﻳّﺔ :
ﺍﻹﻧﻴﺔ : * ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺮﺏ " ﺍﺑﻦ ﻣﻨﻈﻮﺭ ":" ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺬﺭ " ﺇﻥّ " ﻭﻫﻮ ﺣﺮﻑ ﺗﺄﻛﻴﺪ ﻭ ﺇﺛﺒﺎﺕ ... ﻳﻌﻨﻲ ﻧﻌﻢ ﻭ " ﺇﻧﻰ " ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺑﻠﻮﻏﻪ ﻭ ﺇﺩﺭﺍﻛﻪ ﻭ " ﺃﻧﻲ " " ﺗﺄﻧّﻰ " ﻭ " ﺍﺳﺘﺄﻧّﻰ " ﺗﺜﺒّﺖ ﻭ " ﺇﻧﻲ " ﻭ " ﺇﻧّﻨﻲ " ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺇﻧّﻲ ﻛﺬﻟﻚ "...
* ﺍﻟﻤﻌﺠﻢ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ " ﺟﻤﻴﻞ ﺻﻠﻴﺒﺎ " ": ﺍﻹﻧﻴّﺔ ﺍﺻﻄﻼﺡ ﻓﻠﺴﻔﻲ ﻗﺪﻳﻢ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﺗﺤﻘّﻖ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﻌﻴﻨﻲ، ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺠﺮﺟﺎﻧﻲ ﻓﻲ " ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺎﺕ ":" ﺍﻹﻧﻴّﺔ ﻫﻲ ﺗﺤﻘّﻖ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﻌﻴﻨﻲ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻣﺮﺗﺒﺘﻪ ﺍﻟﺬﺍﺗﻴﺔ ..." ﻭ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻜﻨﺪﻱ : " ﺇﻥّ ﻛﻞّ ﻣﺎ ﻟﻪ ﺇﻧﻴّﺔ ﻟﻪ ﺣﻘﻴﻘﺔ )"... ﺭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻜﻨﺪﻱ
ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ ‏) ... ﻭ ﻗﺎﻝ : " ﻭ ﺍﻟﺨﺎﺻّﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﻘﻮﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻮﻉ ﻭﺍﺣﺪ ﻭﻋﻠﻰ ﻛﻞّ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺃﺷﺨﺎﺻﻪ ﻣﻨﺒﺌﺔ ﻋﻦ ﺇﻧﻴّﺔ ﺍﻟﺸﻲﺀ " ‏( ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ‏) ﻭ ﺳﻮﺍﺀ ﺃﻗُﻠﺖَ ﺍﻹﻧﻴّﺔ ﻧﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻧﺎ ﺃﻭ ﺍﻷﻳﻨﻴﺔ ﻧﺴﺒﺔ ﻋﻠﻰ ‏( ﺃﻳﻦ ‏) ﺃﻱ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺃﻭ ﺍﻷﻳﻴﺔ ‏( ﻣﻦ ﺃﻱ ‏) ﻧﺴﺒﺔ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻤﻘﻮﻝ ﺟﻮﺍﺏ ﺃﻱ ﺷﻲﺀ ﻫﻮ ﺃﻭ ﺍﻹﻧﻴّﺔ ﻧﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﺇﻥّ ﻓﺈﻥّ ﺟﻤﻴﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﺗﺪﻝّ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻘّﻖ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ .. . ﻭ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﻬﻮّﻳﺔ ... ﻭ ﻛﺜﻴﺮﺍ ﻣﺎ ﻳﺠﻲﺀ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻹﻧﻴّﺔ ﻭﺍﻟﻬﺬﻳّﺔ ‏( ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ‏) ﺑﻤﻌﻨﻰ ﻭﺍﺣﺪ "...
ﺍﻟﻐﻴﺮﻳﺔ : * ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺮﺏ " ﺍﺑﻦ ﻣﻨﻈﻮﺭ :" ﻏﻴﺮ ﻣﻦ ﺣﺮﻭﻑ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﻲ، ﺗﻜﻮﻥ ﻧﻌﺘﺎ ﻭﺗﻜﻮﻥ ﺑﻤﻌﻨﻰ ﻻ ﻭ ﻟﻴﺲ ... ﻭ ﺳﻮﻯ ﻭ ﺗﻔﻴﺪ ﺍﻻﺳﺘﺜﻨﺎﺀ ... ﻭ ﻗﺪ ﺗﻔﻴﺪ ﺗﻐﻴّﺮ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﻭ ﺗﻐﻴّﺮ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻋﻦ ﺣﺎﻟﻪ ﺗﺤﻮّﻝ ﻭ ﺗﺒﺪّﻝ ﻭﻏﻴّﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻷﻣﺮ ﺣﻮّﻟﻪ ﻭ ﺗﻐﺎﻳﺮﺕ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺍﺧﺘﻠﻔﺖ ﻭﺍﻟﻤﻐﺎﻳﺮﺓ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﻟﺔ "....
* ﺍﻟﻤﻌﺠﻢ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ " ﺟﻤﻴﻞ ﺻﻠﻴﺒﺎ :" ﺍﻟﻐﻴﺮﻳّﺔ ﻣﺸﺘﻘّﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﻴﺮ ﻭﻫﻮ ﻛﻞّ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻴﺌﻴﻦ ﺧﻼﻑ ﺍﻵﺧﺮ ... ﻭ ﻳﻘﺎﺑﻠﻬﺎ ﺍﻟﻬﻮّﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﻌﻴﻨﻴﺔ ‏( ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻋﻴﻨﻪ ﺃﻱ ﺫﺍﺗﻪ ‏) ... ﻭ ﻟﻔﻆ ﺍﻟﻐﻴﺮ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻟﻠﻔﻆ ﺃﻧﺎ ﻓﻜﻞّ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻮﺟﻮﺩﺍ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﺍﻟﻤﺪﺭﻛﺔ ﺃﻭ ﻣﺴﺘﻘﻼّ ﻋﻨﻬﺎ ﻛﺎﻥ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻭ ﻧﺤﻦ ﻧﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻷﻧﺎ ﺍﺳﻢ ﺍﻟﻼﺃﻧﺎ ﺃﻭ ﺍﻵﺧﺮ ... ﻭ ﺍﻟﻐﻴﺮﻳﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻤﺤﺪﺛﻴﻦ ﻫﻲ ﺍﻹﻳﺜﺎﺭ ﻭﻫﻲ ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﻟﻸﻧﺎﻧﻴﺔ ﻭ ﺗﻄﻠﻖ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻴﻞ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻐﻴﺮ ... ﻭ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﺑﻦ ﺭﺷﺪ " ﺇﻥّ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺎﺑﻞ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻫﻮ ﻫﻲ ﺍﻟﻐﻴﺮﻳّﺔ " ‏( ﺗﻠﺨﻴﺺ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺹ
108 ‏)

ﺃﻓﻼﻃﻮﻥ Platon
ﻳﻘﺮّ ﺃﻓﻼﻃﻮﻥ ﺃﻥ ﻛﻤﺎﻝ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﺃﻱ ﺇﻧﻴﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺗﺘﺤﻘﻖ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ ﻭﺣﺪﻫﺎ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺃﻓﻼﻃﻮﻥ ﻳﺘﺒﻨﻰ ﻣﻮﻗﻔﺎ ﺛﻨﺎﺋﻴﺎ ﺇﺫ ﻳﻔﺴﺮ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺑﺈﺭﺟﺎﻋﻪ ﺇﻟﻰ ﻣﺒﺪﺃﻳﻦ ﻣﺨﺘﻠﻔﻴﻦ :
* ﻣﺒﺪﺃ ﺭﻭﺣﺎﻧﻲ ﻫﻮ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﺤﺪﺩ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﺍﻷﻣﺮﻋﻨﺪ ﺃﺭﺳﻄﻮ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﻣﺒﺪﺃ ﺣﺮﻛﺔ .
* ﻣﺒﺪﺃ ﻣـــﺎﺩﻱ ﻫﻮ ﺍﻟﺠﺴﺪ .
ﻭﻳﺨﺘﺰﻝ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺑﻌﺪﻩ ﺍﻟﻮﺍﻋﻲ ﻭ ﻳﻘﺮ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺗﺘﺤﻜﻢ ﻛﻠﻴﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺴﺪ .
ﻭﺧﺼﻮﺻﻴﺔ ﺃﻓﻼﻃﻮﻥ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﺇﻗﺮﺍﺭﻩ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺟﻮﻫﺮ ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﻳﻤﺜﻞ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﻋﺮﺽ . ﻟﺬﻟﻚ ﻳﺨﺘﺰﻝ ﺃﻓﻼﻃﻮﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺑﻌﺪﻩ ﺍﻟﻮﺍﻋﻲ ﻭﻳﻘﺼﻲ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﻣﻦ ﻣﺎﻫﻴﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ، ﺇﺫ ﺃﻥ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻴﻪ ﻋﺎﻃﻞ ﻋﻄﺎﻟﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻓﺎﻟﻨﻔﺲ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺮّﻛﻪ ﻭﻫﻮ ﻣﺼﺪﺭ ﺭﺫﻳﻠﺔ ﻭﻳﻤﺜﻞ ﻋﺎﺋﻘﺎ ﻳﻌﻮﻕ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺻﻌﻮﺩﻫﺎ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﻤﺜﻞ .
ﺃﺭﺳﻄﻮ Aristote
ﻳﻄﺮﺡ ﺃﺭﺳﻄﻮ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺍﻟﺠﺴﺪ ﻓﻲ ﺇﻃﺎﺭ ﻓﻬﻤﻪ ﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺑﺎﻟﻤﺎﺩﺓ ﺃﻭ ﺇﻥ ﺷﺌﻨﺎ ﺍﻟﺪﻗﺔ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺑﺎﻟﻬﻴﻮﻟﻰ ‏( ﺍﻟﻬﻴﻮﻟﻰ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﻼﻣﺘﺸﻜﻠﺔ ‏) . ﻭ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﻄﻠﻖ ﻓﺈﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﺇﻧﺴﺎﻧﺎ ﺑﺼﻮﺭﺗﻪ ﺃﻱ ﺑﻨﻔﺴﻪ، ﻓﺎﻟﻨﻔﺲ ﺃﻭ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﻫﻲ ﻣﺎ ﻳﻤﺜﻞ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ . ﻓﺘﻤﺎﻣﺎ ﻛﻤﺎ ﺗﺸﻜﻞ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ، ﺗﺸﻜﻞ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﺈﻥ ﺃﺭﺳﻄﻮ ﻳﺨﺘﺰﻝ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺑﻌﺪﻩ ﺍﻟﻮﺍﻋﻲ ﻭ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﺑﺠﻼﺀ ﻓﻲ ﺇﻗﺮﺍﺭﻩ ﺑﺄﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺣﻴﻮﺍﻥ ﻋﺎﻗﻞ . ﻭ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﺭ ﺍﻷﺭﺳﻄﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﻬﻢ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺷﺎﻛﻠﺔ ﻓﻬﻤﻪ ﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺑﺎﻟﻤﺎﺩﺓ ﺟﻌﻠﻪ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺇﻟﻰ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺑﻤﺎ ﻫﻲ ﻣﺒﺪﺃ ﺣﺮﻛﺔ . ﻭ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﺗﻨﺘﺞ ﻧﻈﺮﻳﺘﻪ ﺍﻟﺸﻬﻴﺮﺓ ﺣﻮﻝ ﺍﻷﻧﻔﺲ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﻴﺔ .
ﺍﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ Avicenne
ﻣﻮﻗﻒ ﺍﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﻹﻧﻴﺔ ﻳﺘﻠﺨﺺ ﻓﻲ ﺑﺮﻫﺎﻥ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﻤﻌﻠﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀ ﺇﺫ ﻫﻮ ﻳﻔﺘﺮﺽ ﺃﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﻟﺪ ﺩﻓﻌﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻓﺨﻠﻖ ﻳﻬﻮﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻷﻋﻀﺎﺋﻪ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺘﻘﺎﻃﻊ، ﻭ ﻟﻜﻨﻪ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﺜﺒﺖ ﺫﺍﺗﻪ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ . ﻭ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺮﻫﺎﻥ ﻳﺴﺘﺨﻠﺺ ﺍﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻫﻲ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻭ ﺍﻥ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﻻ ﻳﻤﺜﻞ ﺣﺪﺍ ﻓﻲ ﻣﺎﻫﻴﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ . ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻣﺜﻞ ﺃﺭﺳﻄﻮ ﻭ ﺃﻓﻼﻃﻮﻥ ﻳﻘﺮّ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﻌﺎﻗﻠﺔ ﻫﻲ ﻣﺎ ﻳﺆﺳﺲ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭ ﻣﺎﻫﻴﺘﻪ، ﻓﺎﻷﻧﺎ ﻳﺪﺭﻙ ﺫﺍﺗﻪ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻱّ ﻋﻠﺔ ﺧﺎﺭﺟﺔ ﻋﻨﻪ ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻧﺖ ﺟﺴﺪﺍ ﺃﻭ ﺃﻱ ﺷﻲﺀ ﺁﺧﺮ ﺧﺎﺭﺟﻲ .
ﺩﻳﻜﺎﺭﺕ Descartes
ﻹﺛﺒﺎﺕ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﻳﻨﻄﻠﻖ ﺩﻳﻜﺎﺭﺕ ﻣﻦ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﺸﻚ . ﺇﺫ ﺃﻥ ﺩﻳﻜﺎﺭﺕ ﻳﺸﻚ ﻓﻲ ﻛﻞّ ﺷﻲﺀ ﻳﺠﺪ ﻓﻴﻪ ﻣﺠﺮّﺩ ﺗﺮﺩّﺩ ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻻ ﻳﺘﺮﻙ ﺍﻟﺸﻚ ﻣﺠﺎﻻ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻄﺎﻟﻪ . ﺇﻻ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻃﺎﻝ ﻛﻞّ ﺷﻲﺀ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﺨﺎﻣﺮ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻛﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺼﺪﺩ ﺍﻟﺸﻚّ . ﻓﺪﻳﻜﺎﺭﺕ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﺸﻚ ﻓﻲ ﻛﻞّ ﺷﻲﺀ ﺇﻻ ﻓﻲ ﻛﻮﻧﻪ ﻳﺸﻚ ﻷﻥ ﺍﻟﺸﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻚ ﻻ ﻳﻘﻮﻡ ﺇﻻ ﺑﺘﺪﻋﻴﻢ ﺍﻟﺸﻚ . ﻭ ﻫﻜﺬﺍ ﻳﺄﺗﻲ ﺍﻟﺸﻚ ﻋﻠﻰ ﻛﻞّ ﺷﻲﺀ ﺇﻻ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻴﻘﻴﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻀﻤﻨﻪ، ﻳﻘﻴﻦ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﺑﺬﺍﺗﻬﺎ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﻛﻔﻜﺮ ﺃﻱ ﻳﻘﻴﻦ ﺍﻟﻜﻮﺟﻴﺘﻮ .
ﻭﺧﺼﻮﺻﻴﺔ ﺩﻳﻜﺎﺭﺕ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﻛﻮﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺧﻼﻑ ﺃﻓﻼﻃﻮﻥ ﻭﺃﺭﺳﻄﻮ ﻳﺤﺪﺩ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻛﻔﻜﺮ ﻻ ﻛﻤﺒﺪﺃ ﺣﺮﻛﺔ ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻣﺜﻞ ﺃﺭﺳﻄﻮ ﻭﺃﻓﻼﻃﻮﻥ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺟﻮﻫﺮ ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﺧﻼﻑ ﺃﺭﺳﻄﻮ ﻭﺃﻓﻼﻃﻮﻥ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺃﻳﻀﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﺟﻮﻫﺮﺍ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻛﻮﻧﻪ ﻣﺴﺘﻘﻞ ﺑﺬﺍﺗﻪ ﺇﺫ ﺃﻥ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﻻ ﺗﻔﺴﺮﻫﺎ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﺣﺮﻛﺔ ﺁﻟﻴﺔ ﻣﻴﻜﺎﻧﻴﻜﻴﺔ ﻧﺎﺑﻌﺔ ﻣﻦ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﺫﺍﺗﻪ ﻛﺎﻣﺘﺪﺍﺩ ﻣﺎﺩﻱ .
ﺃﻓﻼﻃﻮﻥ، ﺃﺭﺳﻄﻮ، ﺍﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ ﻭ ﺩﻳﻜﺎﺭﺕ ﻳﺜﺒﺘﻮﻥ ﺇﺫﺍ ﺍﻹﻧﻴﺔ ﺑﺈﻗﺼﺎﺀ ﻛﻞّ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﻐﻴﺮﻳﺔ ﺩﺍﺧﻠﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻡ ﺧﺎﺭﺟﻴﺔ ﻓﻼ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﻭﻻ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻲ ﻳﺤﺪﺩﺍﻥ ﻣﺎﻫﻴﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ .
ﻭﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﻄﻠﻖ ﺗﺘﺤﺪﺩ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﻭﺍﻗﻌﺎ ﻣﻴﺘﺎﻓﻴﺰﻳﻘﻴﺎ، ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻤﺆﺳﺲ ﻟﻺﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻷﻧﺎ ﻟﻴﺲ ﺇﻻ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺑﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﺑﻂ ﻭﺗﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ ﺣﺎﻻﺗﻬﺎ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻭﺃﻓﻌﺎﻟﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﻌﺎﻗﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ . ﻭﺍﻟﺬﺍﺕ ﻋﻨﺪ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﺗﺘﺤﺪّﺩ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻤﻄﺎﻑ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﺍﻟﺠﻮﻫﺮ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻗﺮّﻩ ﺃﺭﺳﻄﻮ ﺑﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﻛﺠﻮﻫﺮ ﺗﺴﻨﺪ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻛﻞ ﺍﻟﺨﺼﺎﺋﺺ ﻭﺍﻷﻋﺮﺍﺽ ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺠﺴﺪ .
ﺳﺒﻴﻨﻮﺯﺍ Spinoza
ﻳﻤﺜﻞ ﻣﻮﻗﻒ ﺳﺒﻴﻨﻮﺯﺍ ﺃﻭﻝ ﻣﻮﻗﻒ ﻓﻠﺴﻔﻲ ﻳﺮﺩ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﻟﻠﺠﺴﺪ ﻓﻲ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺍﻹﻧﻴﺔ ﻭﻟﻜﻦ ﺃﻳﻀﺎ ﻣﻮﻗﻒ ﻳﺴﻌﻰ ﺇﻟﻰ ﺇﻗﺤﺎﻡ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻋﺒﺮ ﺳﻠﺐ ﺍﻻﻣﺘﻴﺎﺯﺍﺕ ﺍﻟﻤﻴﺘﺎﻓﻴﺰﻳﻘﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺿﻔﺎﻫﺎ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﺍﻟﺜﻨﺎﺋﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ .
ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺳﺒﻴﻨﻮﺯﺍ ﻋﻠﻰ ﺧﻼﻑ ﺃﺭﺳﻄﻮ ﻭ ﺩﻳﻜﺎﺭﺕ ﻳﺤﺪﺩ ﺍﻟﺠﻮﻫﺮ ﻻ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺍﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﺬﺍﺗﻪ ﻭﻟﻜﻦ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺍﻟﻤﺴﺒﺐ ﻟﺬﺍﺗﻪ ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺇﻻ ﺟﻮﻫﺮ ﻭﺍﺣﺪ ﻫﻮ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻭ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ، ﻭ ﺃﻥّ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﻮﻫﺮ ﻳﺘﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﻋﺪﺩ ﻻ ﻣﺘﻨﺎﻫﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﻭﺃﻥ ﻛﻞّ ﺻﻔﺔ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﺗﺘﻜﻮّﻥ ﻣﻦ ﻋﺪﺩ ﻻ ﻣﺘﻨﺎﻫﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺏ ﺃﻭ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ .Modes
ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﻛﻞّ ﻣﺎ ﻳﻮﺟﺪ ﻫﻮ ﺇﻣﺎ ﺿﺮﺏ ﻣﻦ ﺿﺮﻭﺏ ﺻﻔﺔ ﺍﻻﻣﺘﺪﺍﺩ ﻭ ﺇﻣﺎ ﺿﺮﺏ ﻣﻦ ﺿﺮﻭﺏ ﺻﻔﺔ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﻭ ﺇﻣﺎ ﺿﺮﺏ ﻣﻦ ﺿﺮﻭﺏ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻬﺎ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭ ﺇﻣﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﺿﺮﻳﺒﺔ ﺑﻴﻦ ﺿﺮﺑﻴﻦ ﻭ ﻫﻮ ﺣﺎﻝ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ . ﻭ ﻫﺬﺍ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺴﺒﻴﻨﻮﺯﺍ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻮﻫﺮ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺗﻤﺜﻞ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﺍﻟﻼﻣﺘﻨﺎﻫﻴﺔ ﻭﺿﺮﻭﺑﻬﺎ ﺍﻟﻜﺜﺮﺓ . ﻭ ﺍﻟﻀﺮﻭﺏ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺗﺘﺤﺪﺩ ﻛﺎﻧﻔﻌﺎﻟﻦ ﺃﻱ ﻛﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ ‏( ﻛﻮﻧﺎﺗﻮﺱ ‏) . ﻭ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﺘﺤﺪﺙ ﻋﻨﻪ ﺩﻳﻜﺎﺭﺕ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ، ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻻﺕ، ﺃﺻﺒﺢ ﻣﻊ ﺳﺒﻴﻨﻮﺯﺍ ﺻﺮﺍﻋﺎ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ، ﺻﺮﺍﻉ ﻛﻞّ ﺍﻟﻀﺮﻭﺏ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ .
ﺍﻟﺠﺴﺪ ﻣﻊ ﺳﺒﻴﻨﻮﺯﺍ ﻳﺘﻤﺎﻫﻰ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻤﺎﻫﻴﺔ ﺑﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺍﻟﺠﺴﺪ ﺷﻲﺀ ﻭﺍﺣﺪ ﺗﺎﺭﺓ ﻧﻨﻈﺮ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺻﻔﺔ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﻭﻃﻮﺭﺍ ﻧﻨﻈﺮ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺻﻔﺔ ﺍﻻﻣﺘﺪﺍﺩ، ﻭ ﻳﺘﻤﺎﻫﻲ ﻣﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻯ ﺍﻻﻧﻄﻮﻟﻮﺟﻲ ﺑﻤﺎ ﺃﻥ ﻛﻞّ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺍﻟﺠﺴﺪ ﻳﻤﺜﻞ ﺿﺮﺑﺎ ﺃﻭ ﺣﺎﻝ، ﻭ ﻳﺘﻤﺎﻫﻰ ﻣﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﻭﺍﻟﻔﻌﻞ ﺑﻤﺎ ﺃﻥّ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻫﻮ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺤﻮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ .
ﻣﻊ ﺳﺒﻴﻨﻮﺯﺍ ﺇﺫﺍ ﻻ ﺃﻧﻴﺔ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻐﻴﺮﻳﺔ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻴﺔ ﻣﻌﺎ، ﻓﺎﻹﻧﺴﺎﻥ ﻳﺘﺤﺪﺩ ﺑﻮﻋﻴﻪ ﻭﺟﺴﺪﻩ ﻭﻳﺘﺤﺪﺩ ﻛﺮﻏﺒﺔ ﺗﺘﻄﻮّﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺃﻭ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ .
ﻣﺎﺭﻟﻮ ﺑﻮﻧﺘﻲ M.M.Ponty
ﺇﻥّ ﺗﺠﺎﻭﺯ ﺳﺒﻴﻨﻮﺯﺍ ﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺍﻟﺠﺴﺪ ﻳﺒﻘﻰ ﺭﻫﻴﻦ ﺍﻹﻗﺮﺍﺭ ﺑﺎﻟﺤﻠﻮﻟﻴﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﺗﺘﻘﺪﻡ ﺍﻟﻔﻴﻨﻮﻣﻴﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻣﻊ ﻣﺎﺭﻟﻮﺑﻮﻧﺘﻲ ﻭﻫﻮﺳﺮﻝ ﻛﺮﺩّ ﻓﻌﻞ ﺿﺪ ﺍﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻧﺘﺠﻬﺎ ﺍﻹﺭﺙ ﺍﻟﺪﻳﻜﺎﺭﺗﻲ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻭﺍﻟﻔﻜﺮﺓ، ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ ﻭﺍﻟﺬﺍﺕ ﻭﺍﻟﺠﺴﺪ ﻭﺍﻟﻨﻔﺲ ... ﻭﺭﺩّﺓ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻫﺬﻩ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺎﻟﻌﻮﺩﺓ ﻟﻠﻮﺟﻮﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻻﺳﺘﻜﺸﺎﻑ ﺍﺭﺗﺒﺎﻁ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﺑﻤﺨﺘﻠﻒ ﺳﺠﻼﺕ ﺍﻟﻘﺼﺪﻳﺔ ﺑﺪﺃ ﺑﺎﻹﺣﺴﺎﺱ ﻭﻭﺻﻮﻻ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻜﻢ . ﻓﺎﻟﺠﺴﺪ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻤﺎﺭﻟﻮﺑﻮﻧﺘﻲ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﺧﺘﺰﺍﻟﻪ ﻓﻲ ﻛﻮﻧﻪ ﻣﺠﺮّﺩ ﺗﺮﺍﻛﻢ ﺍﻟﻮﻇﺎﺋﻒ ﻭ ﺍﻟﻤﻴﻜﺎﻧﻴﺰﻣﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺼﻔﻬﺎ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎ، ﻓﺎﻟﺠﺴﺪ ﻫﻮ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺠﺮّﺩ ﺍﻟﻌﻀﻮﻳﺔ ﺍﻻﺭﺗﻜﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﺜﻠﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎ، ﺫﻟﻚ ﺃﻧﻨﻲ ﻻ ﺃﺳﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺃﻓﻬﻢ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺍﻟﺠﺴﺪ ﻓﻲ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺇﺫﺍ ﻛﻨﺖ ﺃﻋﺘﺒﺮ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﻣﺠﺮّﺩ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﻷﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ ﻫﻮ ﺟﺴﺪ ﺍﻵﺧﺮ ﻛﻤﺎ ﺃﺭﺍﻩ، ﺇﻧﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺠﺜﺔ ﺍﻟﻬﺎﻣﺪﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺸﺮﺣﻬﺎ ﻃﻠﺒﺔ ﺍﻟﻄﺐ ﻓﻲ ﻏﺮﻓﺔ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﺢ، ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺃﻥ ﺟﺴﺪﻱ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﻻ ﻳﺪﺭﻙ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺗﺪﺭﻙ ﺍﻟﻤﻮﺍﺿﻴﻊ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻴﺔ ﺑﻞ ﺇﻧﻲ ﺃﻋﻴﺶ ﺣﻀﻮﺭﻩ ﺍﻟﺤﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ . ﻭ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﺍﻟﻤﻌﻴﺶ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺤﻮ ﻳﺘﻘﺪّﻡ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﻮﻫﻠﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﻏﻴﺮ ﻗﺎﺑﻞ ﻟﻼﺧﺘﺰﺍﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺴﺪﻳﺔ ﻓﺤﺴﺐ، ﺇﺫ ﻫﻨﺎﻙ ﺗﻄﺎﺑﻖ ﺑﻴﻦ ﺣﺎﻻﺗﻲ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻭﺿﺮﻭﺏ ﻭﺟﻮﺩ ﺟﺴﺪﻱ . ﻓﻨﺤﻦ ﻣﻊ ﺍﻟﻔﻴﻨﻮﻣﻴﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻟﻢ ﻧﻌﺪ ﺇﺯﺍﺀ ﺟﺴﺪ ﻣﻠﻄﺦ ﺑﻨﻘﺺ ﻣﺎ، ﺇﺫ ﻧﻜﺘﺸﻒ ﺃﻥ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﺫﺍﺕ ﻭ ﺃﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﺍﺣﺪ ﻭ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺴﻤﻴﻪ ﺩﻳﻜﺎﺭﺕ ﺟﺴﺪﺍ ﻟﻴﺲ ﺇﻻ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ ﺃﻱ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻛﻤﺎ ﻳﺒﺪﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀ ﻭﻓﻲ ﻧﻈﺮ ﺍﻵﺧﺮ، ﻭ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻴﻪ ﺩﻳﻜﺎﺭﺕ ﻧﻔﺴﺎ ﻟﻴﺲ ﺇﻻ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﺃﻱ ﻣﺎ ﻳﻤﺜﻠﻪ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻸﻧﺎ ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻴﻪ ﻣﺎﺭﻟﻮﺑﻮﻧﺘﻲ ﺑﺎﻟﺠﺴﺪ ﺍﻟﺬﺍﺕ .
ﺭﺩّ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﻟﻠﺠﺴﺪ ﻣﻊ ﻣﺎﺭﻟﻮﺑﻮﻧﺘﻲ ﻣﺮﻓﻮﻕ ﺑﺎﺳﺘﺤﻀﺎﺭ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﺂﺧﺮ ﻳﻤﺜﻞ ﺷﺮﻃﺎ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺍﻻﻧﻴﺔ، ﻷﻥ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﻟﻤﺘﺠﺴﺪ ﻳﺘﺤﺪّﺩ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺘﻪ ﺍﻟﻘﺼﺪﻳﺔ ﺑﺎﻟﻌﺎﻟﻢ ﺇﺫ ﻳﺘﺤﺪّﺩ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﻣﻊ ﺍﻟﻔﻴﻨﻮﻣﻴﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﺘﻤﻌﻴﻦ ﺑﻤﺎ ﺃﻥ ﻛﻞّ ﻭﻋﻲ ﻫﻮ ﻭﻋﻲ ﺑﺸﻲﺀ ﻣﺎ، ﻭ ﻫﻜﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﻟﻴﺲ ﻛﻤﺎ ﺍﻋﺘﻘﺪ ﺩﻳﻜﺎﺭﺕ ﺩﺍﺧﻠﻴﺔ ﻣﺤﻀﺔ ﻭﺑﺴﻴﻄﺔ، ﻓﺎﻟﻮﻋﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﻟﻪ ﻣﺤﺘﻮﻳﺎﺕ ﺑﻤﺎ ﺃﻧﻪ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﻘﺼﺪ ﺑﻪ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ، ﻭ ﺑﻤﺎ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻃﺮﻗﺎ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﻠﺘﻮﺟّﻪ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻧﺘﺤﺪﺙ ﻣﻊ ﺍﻟﻔﻴﻨﻮﻣﻴﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﻮﻋﻲ : ﻭﻋﻲ ﻣﺪﺭﻙ، ﻭﻋﻲ ﺭﺍﻏﺐ، ﻭﻋﻲ ﻣﺘﺨﻴﻞ، ﻭﻋﻲ ﻣﻨﺪﻫﺶ ... ﻭ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﺭ ﻫﻮ ﻣﺠﻤﻮﻉ ﻣﻌﺎﻧﻲ، ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻮﺟﺪ ﻭﻋﻴﺎ ﻧﻈﺮﻳﺎ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ، ﻭ ﺑﻤﺎ ﺃﻥ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺑﺎﻟﻌﺎﻟﻢ ﻫﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﺩﻳﻨﺎﻣﻴﻜﻴﺔ ﻓﻼ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻧﻔﻬﻢ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺩﻭﻥ ﻭﻋﻲ ﻭ ﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻧﻔﻬﻢ ﻭﻋﻲ ﺩﻭﻥ ﻋﺎﻟﻢ، ﻓﻼ ﻳﻮﺟﺪ ﻋﺎﻟﻢ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻮﻋﻲ ﻭﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻭﻋﻲ ﺇﺫﺍ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻭﻋﻲ ﻋﺎﻟﻢ .
ﻣﺎﺭﻛﺲ Marx
ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺳﺒﻴﻨﻮﺯﺍ ﻭﻣﺎﺭﻟﻮﺑﻮﻧﺘﻲ ﻗﺪ ﺍﺳﺘﻌﺎﺩﺍ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﻭﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﺄﺷﻜﺎﻝ ﻣﻦ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﻐﻴﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺍﻹﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﺯﻭﺍﻳﺎ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ، ﻣﻦ ﺯﺍﻭﻳﺔ ﺍﻟﺠﻮﻫﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺮﻏﺒﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺴﺒﻴﻨﻮﺯﺍ ﻭﻣﻦ ﺯﺍﻭﻳﺔ ﺍﻟﻘﺼﺪﻳﺔ ﻭﺍﻟﻤﻨﻈﻮﺭﻳﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻤﺎﺭﻟﻮ ﺑﻮﻧﺘﻲ، ﻓﺈﻥّ ﻣﺎﺭﻛﺲ ﻳﺴﺘﺤﻀﺮ ﺍﻟﻐﻴﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺯﺍﻭﻳﺔ ﺗﺎﺭﻳﺨﻴﺔ . ﻓﺎﻟﻮﻋﻲ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻤﺎﺭﻛﺲ ﻟﻴﺲ ﻣﺘﻌﺎﻟﻴﺎ ﻭﻟﻴﺲ ﻣﺴﺘﻘﻼ ﺑﺬﺍﺗﻪ ﺑﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﻫﻮ ﺍﻧﻌﻜﺎﺱ ﻟﻠﻮﺍﻗﻊ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻲ، ﻓﺎﻟﻮﻋﻲ ﻣﻜﺘﺴﺐ ﻭﻣﺘﻄﻮﺭ، ﻣﻜﺘﺴﺐ ﻷﻧﻪ ﻳﻌﻜﺲ ﻋﻼﻗﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﺗﺘﺤﺪّﺩ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻭﺗﺸﻜﻴﻠﻪ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ ﻭ ﺍﻟﺘﻜﻴﻒ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺤﻴﻂ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻲ، ﻓﺎﻻﻧﺴﺎﻥ ﻻ ﻳﻌﻴﺶ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻭ ﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﻭﻓﻲ ﻛﻞّ ﻧﺸﺎﻁ ﻣﺸﻜﻞ ﻟﻠﻄﺒﻴﻌﺔ ﻳﺸﻜﻞ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺫﺍﺗﻪ، ﻫﺬﺍ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻳﺤﻘﻖ ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺘﻪ ﻭ ﻳﻜﺘﺴﺐ ﻭﻋﻴﻪ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﺍﻟﻌﻤﻞ، ﻭ ﺗﻘﺴﻴﻢ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻔﺴﺮ ﺗﻄﻮﺭ ﺍﻟﻮﻋﻲ، ﻟﺬﻟﻚ ﺗﻨﻌﺖ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻣﺎﺭﻛﺲ ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺑﺎﻟﻤﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ . ﺇﺫ ﻳﺮﻯ ﻣﺎﺭﻛﺲ ﺃﻥ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻹﻧﺘﺎﺝ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪّﺩ ﺿﺮﻭﺏ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ، ﻭ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ ﻟﻠﺒﺸﺮ ﺗﻔﺴﺮ ﻛﻞّ ﺍﻷﻧﺸﻄﺔ ﻭ ﺗﺤﺪّﺩ ﺳﻴﺮﻭﺭﺓ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ . ﻭ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﻄﻠﻖ ﻳﺠﺐ ﺃﺧﺪ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﻤﻨﺘﺠﺔ ﺑﻌﻴﻦ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﻟﻔﻬﻢ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ، ﻭ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﻤﻨﺘﺠﺔ ﺗﻤﺜﻞ ﻣﺠﻤﻮﻉ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ ﻭﻛﻞّ ﺃﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﺤﻮﺯﺓ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ، ﻭ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﻄﻠﻖ ﻫﻮ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﻔﻮﻗﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﻮﻟﺪﺓ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﻤﺤﻜﻮﻣﺔ ﺑﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ . ﻭ ﻫﻜﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﻋﻨﺪ ﻣﺎﺭﻛﺲ ﻫﻮ ﻭﻟﻴﺪ ﻧﺸﺎﻃﻪ ﺍﻟﻤﺸﻜّﻞ ﻟﻠﻄﺒﻴﻌﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻭ ﺷﻮﺑﻨﻬﺎﻭﺭ ﻻ ﻳﺴﺘﺤﻀﺮ ﻓﻘﻂ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺃﻱ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺑﻞ ﺃﻳﻀﺎ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻔﺮﺩﻱ ﺃﻱ ﺍﻟﺴﻴﺮﺓ ﺍﻟﺬﺍﺗﻴﺔ ﻟﻜﻞّ ﻓﺮﺩ ﻭﻫﻮ ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻤﻈﻬﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﺪﻋﻴﻪ ﻓﺮﻭﻳﺪ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﻓﻬﻤﻪ ﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺠﻬﺎﺯ ﺍﻟﻨﻔﺴﻲ . Freud
ﺇﻥ ﺇﺿﺎﻓﺔ ﻓﺮﻭﻳﺪ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﺍﻛﺘﺸﺎﻓﻪ ﻟﻼﺷﻌﻮﺭ، ﺃﻭ ﺗﻔﻄﻨﻪ ﻻﻧﺒﺠﺎﺱ ﺍﻟﻐﻴﺮﻳﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻻﻧﻴﺔ، ﺇﺫ ﻳﺘﻘﺪﻡ ﺍﻟﻼﻭﻋﻲ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺍﻵﺧﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺃﻥ ﻳﺘﺴﻊ ﻻﺳﺘﻴﻌﺎﺑﻪ . ﻭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺇﻗﺮﺍﺭ ﻓﺮﻭﻳﺪ ﺑﺄﻫﻤﻴﺔ ﺍﻟﻼﻭﻋﻲ ﻓﻲ ﺗﺮﻛﻴﺒﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻟﻴﺲ ﺍﻗﺼﺎﺀﺍ ﻛﻠﻴﺎ ﻟﻠﻮﻋﻲ ﺑﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﻳﺒﻘﻰ ﺍﻟﻤﺠﺎﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﻣﻦ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﻼﻭﻋﻲ ﺇﺫ ﺃﻥ ﺍﻟﻼﻭﻋﻲ ﻳﺘﻤﻈﻬﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻼﻭﻋﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﺴﺮﻩ . ﻭ ﻫﻜﺬﺍ ﻳﺒﺮﺯ ﻓﺮﻭﻳﺪ ﻭﻫﻢ ﺍﺧﺘﺰﺍﻝ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺑﻌﺪﻩ ﺍﻟﻮﺍﻋﻲ ﻓﺎﻹﻧﺴﺎﻥ ﻻ ﻳﺘﺤﺪّﺩ ﺇﻻ ﻓﻲ ﺇﻃﺎﺭ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﺜﺮﺓ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﺠﺎﻭﺯ ﺍﻹﻗﺮﺍﺭ ﺍﻟﻤﻴﺘﺎﻓﻴﺰﻳﻘﻲ ﺑﻮﺣﺪﺓ ﺍﻷﻧﺎ ﺇﺫ ﺗﻨﻜﺸﻒ ﻧﻔﺴﻴﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﺘﻌﺪﺩّﺓ ﺑﻞ ﻣﺮﻛﺒﺔ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﺫﺍﺕ ﺭﻏﺒﺎﺕ ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺔ ﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﺗﻨﺰﻝ ﻫﻲ ﺫﺍﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺑﻤﺎ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﺘﻄﻮﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺮﺓ ﺍﻟﺬﺍﺗﻴﺔ ﻟﻜﻞّ ﻓﺮﺩ ﻭﻟﻜﻦ ﺃﻳﻀﺎ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻣﻌﻄﻴﺎﺕ ﻋﺎﻣﺔ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻱ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻳﺘﻤﻈﻬﺮ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﺪ ﺍﻟﻜﻮﻧﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪﺙ ﻋﻨﻬﺎ ﻓﺮﻭﻳﺪ ﻋﻘﺪﺓ ﺃﻭﺩﻳﺐ ﻭﻋﻘﺪﺓ ﺍﻟﺨﺼﻲ ...
ﺳﺒﻴﻨﻮﺯﺍ، ﻣﺎﺭﻟﻮﺑﻨﺘﻲ، ﻣﺎﺭﻛﺲ ﻭ ﻓﺮﻭﻳﺪ ﺑﻴـّﻨﻮﺍ ﺇﺫﺍ ﻭﻫﻢ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﻓﻲ ﺇﻣﻜﺎﻥ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﻹﻧﻴﺔ ﺑﺈﻗﺼﺎﺀ ﻛﻞّ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﻐﻴﺮﻳﺔ ﻓﺄﻧﺎ ﻻ ﺃﺳﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺃﺗﺤﺪﺙ ﻋﻦ ﻭﺟﻮﺩ ﻛﺎﻣﻞ ﻟﻠﺬﺍﺕ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﺍﺳﺘﺒﻌﺪﺕ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﻭﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻭﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻭﺍﻟﻼﻭﻋﻲ، ﻻ ﺇﻧﻴﺔ ﺇﺫﺍ ﺩﻭﻥ ﻏﻴﺮﻳﺔ، ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﻳﻘﺮﻩ ﻫﻴﻘﻞ ﺑﺸﻜﻞ ﻭﺍﺿﺢ ﻭﺻﺮﻳﺢ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺍﻋﺘﺒﺮ ﺃﻥ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﻭﺳﺎﻃﺔ ﺍﻵﺧﺮ .


هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق

إرسال تعليق

التنقل السريع