محور الفن في الفلسفة
مرحبا زوار مدونتي اليوم أقدم لكم تلخيص شامل و مفصل لمحور الفن في الفلسفة
ﺍﻟﻔﻦ : ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻝ
ﻟﻮ ﻳﻔﻜّﺮ ﺍﻟﻔﻨّﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻑ ﻷﻧﺘﺞ ﻋﻤﻼ ﻣﻨﺎﻗﻀﺎ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻟﻸﺛﺮ ﺍﻟﻔﻨّﻲّ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻈﻬﺮ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ , ﻷﻥّ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﺨﻴﺎﻝ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺸﻒ ﻷﺫﻫﺎﻧﻨﺎ ﻋﻦ ﻋﻠّﺔ ﻭ ﻣﺎﻫﻴﺔ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ , ﻻ ﻓﻲ ﻣﺒﺪﺃ ﺃﻭ ﺗﺼﻮّﺭ ﻋﺎﻡ , ﻭ ﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﺻﻮﺭﺓ ﺣﺴّﻴﺔ ﻭ ﻓﻲ ﻭﺍﻗﻊ ﻓﺮﺩﻱٍ . ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﺈﻥ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺘﺤﺮﻙ ﻭ ﻳﺘﺨﻤّﺮ ﻓﻲ ﺧﺎﻃﺮ ﺍﻟﻔﻨّﺎﻥ , ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺧﻴﺮ ﺃﻥ ﻳﺘﻤﺜّﻠﻪ ﺇﻻّ ﻋﺒﺮ ﺍﻟﺼﻮﺭ ﻭﺍﻟﻤﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﺤﺴّﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺟﻤّﻌﻬﺎ , ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺃﻧﻪ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺘﺤﻜّﻢ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﺤﺴّﻴﺔ ﻟﻴﺠﻌﻠﻬﺎ ﻣﻼﺋﻤﺔ ﻟﻬﺪﻓﻪ ﻭ ﻟﻴﺠﻌﻠﻬﺎ ﺗﺘﻘﺒّﻞ ﻭ ﺗﻌﺒّﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻓﻲ ﺫﺍﺗﻬﺎ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ .
ﻭ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﻭ ﺻﻬﺮ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ﻭ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﻟﺤﺴّﻲ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻮﻉ , ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻨّﺎﻥ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﺪﻋﻲ , ﻟﻤﻌﻮﻧﺘﻪ , ﺫﻫﻨﺎ ﻧﺎﺷﻄﺎ ﻭ ﺷﺪﻳﺪ ﺍﻟﻴﻘﻈﺔ , ﻭ ﻓﻲ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻮﻗﺖ , ﺣﺲّ ﺣﻲ ﻭ ﻋﻤﻴﻖ . ﺇﻧّﻪ ﻟﻤﻦ ﺍﻟﺨﻄﺄ ﺍﻟﻔﻆّ , ﺇﺫﻥ , ﺃﻥ ﻧﻌﺘﻘﺪ ﺃﻥ ﻗﺼﺎﺋﺪ ﻣﺜﻞ ﻗﺼﺎﺋﺪ ﻫﻮﻣﻴﺮﻭﺱ ﺗﺸﻜّﻠﺖ ﻛﺎﻟﺤﻠﻢ ﻋﻨﺪ ﻧﻮﻡ ﺍﻟﺸّﺎﻋﺮ . ﻓﺒﺪﻭﻥ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﺴﻦ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﻭ ﻳﺤﺴﻦ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﻭ ﻳﺤﺴﻦ ﺍﻹﺧﺘﻴﺎﺭ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻔﻨّﺎﻥ ﻏﻴﺮ ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺤﻜّﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﻳﺪ ﺇﻧﺠﺎﺯﻩ , ﻭ ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻀﺤﻚ ﺃﻥ ﻧﻌﺘﻘﺪ ﺃﻥّ ﺍﻟﻔﻨّﺎﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻞ .
ﻫﻴﻘﻞ : ﺩﺭﻭﺱ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ
ﺣﻠﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﺺ ﻭ ﻧﺎﻗﺸﻪ ﻣﺴﺘﻌﻴﻨﺎ ﺑﺎﻷﺳﺌﻠﺔ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ :
* ﻣﺎ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭ ﺍﻟﻔﻦ ﺣﺴﺐ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ؟
* ﻛﻴﻒ ﻳﺤﺪﺩ ﻫﻴﻘﻞ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺑﺎﻟﻤﻀﻤﻮﻥ ؟
* ﻫﻞ ﺗﻮﺍﻓﻖ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﻓﻲ ﻧﻘﺪﻩ ﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻹﻟﻬﺎﻡ ﺍﻟﻔﻨّﻲ ؟
ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ :
ﻳﺴﻮﺩ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﺑﺄﻥ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ ﺍﻟﻔﻨّﻲ ﻳﺤﺼﻞ ﺑﺸﺒﻪ ﻋﻤﻞ ﺳﺤﺮﻱ، ﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﺳﺮّﻩ ﺃﺣﺪ . ﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﻨّﺎﻥ ﺫﺍﺗﻪ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻡ ﺑﻪ، ﻓﻬﻮ ﻛﺎﻷﺩﺍﺓ ﻓﻲ ﻳﺪ ﻗﻮّﺓ ﻏﻴﺮ ﻣﻔﻬﻮﻣﺔ ﺗﻘﻮﺩﻩ، ﺩﻭﻥ ﻭﻋﻲ ﻣﻨﻪ , ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻪ ﺍﻹﺑﺪﺍﻋﻲ . ﺇﻻّ ﺃﻥّ ﻫﻴﻘﻞ، ﻓﻲ ﻧﺼّﻪ ﺍﻟﻤﻘﺘﻄﻒ ﻣﻦ « ﺩﺭﻭﺱ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ » ، ﻳﺬﻫﺐ ﻋﻜﺲ ﺫﻟﻚ، ﺣﻴﺚ ﻳﺮﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﻦ ﺑﻤﺎ ﻫﻮ ﺗﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﺗﻤﺜّﻼﺕ ﺍﻟﺮﻭﺡ، ﻫﻮ،ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺘﻔﻠﺴﻒ ﻋﻤﻞ ﻓﻜﺮﻱ، ﻟﻜﻦ ﻋﻤﻞ ﻓﻜﺮﻱ ﻳﺴﺘﻨﺪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﻴﺎﻝ ﻭ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺻﻬﺮ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ﻭ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﻟﺤﺴّﻲ . ﻓﻤﺎ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ ﺍﻟﻔﻨّﻲ؟ ﻭ ﻣﺎ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﻧﻤﻂ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ﻭ ﻧﻤﻂ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺍﻟﻔﻨّﻲ؟ ﻭﻛﻴﻒ ﺗﺘﺤﺪّﺩ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺑﺎﻟﻤﻀﻤﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻔﻨّﻲ؟ ﺛﻢّ ﻣﺎ ﻫﻲ ﻣﺮﺗﻜﺰﺍﺕ ﻫﻴﻘﻞ ﻓﻲ ﻧﻘﺪﻩ ﻟﻨﻈﺮﻳّﺔ ﺍﻹﻟﻬﺎﻡ؟ ﻭ ﺇﻟﻰ ﺃﻱ ﻣﺪﻯ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﻔﻦّ ﻋﻤﻼ ﻓﻜﺮﻳّﺎ؟ﺟﻠﻲ، ﺇﺫﻥ، ﺃﻥّ ﻣﺎ ﻳﺮﺍﻫﻦ ﻋﻠﻴﻪ ﻫﻴﻘﻞ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺺّ , ﻫﻮ ﺃﻥ ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻦ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺟﺪّﻳﺔ، ﺣﺘّﻰ ﻳﺮﺗﻘﻲ ﺑﺎﻟﺬﻭﻕ ﺍﻟﻔﻨّﻲ ﺇﻟﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺘﻄﻠّﻌﺎﺕ ﺍﻟﺮّﻭﺣﻴّﺔ ﻟﻠﺸﻌﻮﺏ .
ﺇﻥ ﻛﻞ ﺗﻔﻜﻴﺮ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻬﻴﺠﻞ ﻳﻌﻨﻲ ﺇﻧﺘﺎﺝ ﺃﻓﻜﺎﺭ، ﻭ ﺭﻏﻢ ﻛﻮﻥ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻤﺜﻠﻬﺎ ﺑﻄﺮﻕ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﺎﻥ ﻭﺟﻮﺩ ﻓﻜﺮ ﻳﻌﻨﻲ ﻭﺟﻮﺩ ﺗﻔﻜﻴﺮ، ﻋﻤﻞ ﺛﻘﺎﻓﻲ ﻭﻣﻔﻬﻮﻣﻲ . ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ﺗﻔﻜﻴﺮ ﺧﺎﺹ : ﻓﺎﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻑ ﻫﻮ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺄﺧﺬ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻤﺤﺾ ﻛﻤﻮﺿﻮﻉ، ﻟﻜﻦ ﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻑ ﻳﺒﻘﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺠﺮﻳﺪ ﺍﻟﻤﺤﺾ ﻭ ﺍﻟﻔﺎﺭﻍ ﻋﻠﻰ ﻏﺮﺍﺭ ﺍﻟﺮﻳﺒﻲ، ﻭﻟﻜﻦ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺗﻔﻜﻴﺮﻩ ﻟﻴﺲ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺃﻭ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺇﻧﺘﺎﺝ ﻟﻠﻮﺍﻗﻊ، ﻓﺄﻥ ﻧﻔﻜﺮ ﻓﻠﺴﻔﻴﺎ ﻫﻮ ﺃﻥ ﻧﻔﻜﺮ ﺑﺎﻟﻜﻴﻔﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺠﻌﻠﻨﺎ ﻧﺠﺪ ﺗﺪﺭﻳﺠﻴﺎ ﻣﺤﺘﻮﻯ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻧﻤﺎﻁ ﻭ ﻭﺳﺎﺋﻂ , ﻣﺮﺍﺣﻞ ﻭﺳﻄﻴﺔ ﺗﺜﺮﻱ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﻭﺗﻮﺿﺢ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ . ﻭﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻑ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﻄﻠﻖ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻈﻬﺮ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﻓﻲ ﺷﻜﻞ ﻣﺎ، ﺑﺨﻄﺎﺑﻪ ﻭﺑﻨﻈﺮﻳﺘﻪ . ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﻫﻮ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ﺍﻻﺳﺘﺪﻻﻟﻲ . ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻤﻔﻬﻮﻣﻴﺔ ﻫﻲ ﺃﺩﺍﺓ ﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻑ، ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻛﻤﺎ ﺗﻤﺜﻞ ﺍﻟﺮﻳﺸﺔ ﻭﺍﻷﻟﻮﺍﻥ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﻟﻠﺮﺳﺎﻡ . ﻓﺎﻟﻔﻜﺮﺓ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻘﺪﻡ ﻓﻲ ﺃﻧﻤﺎﻁ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺑﺎﺧﺘﻼﻑ ﺿﺮﻭﺏ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺘﺠﻬﺎ ﻭﻳﻈﻬﺮﻫﺎ، ﻓﻔﻲ ﺣﻴﻦ ﺃﻥ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻟﺴﻠﻢ ﻳﻘﺪﻣﻬﺎ ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﻓﻲ ﺷﻜﻞ ﺭﻣﺰﻱ، " ﺣﻤﺎﻣﺔ ﺑﻴﻀﺎﺀ " ، ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﻣﻊ ﺑﻴﻜﺎﺳﻮ ﻣﺜﻞ , ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺘﺨﺬ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ﺷﻜﻼ ﻧﻈﺮﻳﺎ ﻭ ﻣﻔﻬﻮﻣﻴﺎ ﻓﻲ ﺗﻨﺎﻗﻀﻬﺎ ﻣﻊ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻟﺤﺮﺏ . ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻫﻴﻘﻞ ﺃﻥ ﻳﻨﻘﺪ ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺄﺧﺬ ﻋﻦ ﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻑ ﻃﺮﻳﻘﺘﻪ ﺍﻟﻤﻤﻴﺰﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ، ﻷﻧﻪ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ، ﻟﻦ ﻳﻨﺘﺞ ﺃﺛﺮﺍ ﻓﻨﻴﺎ ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻧﺘﺤﺎﻻ ﻟﻔﻜﺮ ﻓﻠﺴﻔﻲ، ﻭ ﻋﻮﺽ ﺃﻥ ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺮﻳﺪ ﺇﻇﻬﺎﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﺷﻜﻞ ﻓﻨﻲ , ﻳﻘﺪﻣﻬﺎ ﻓﻲ ﺷﻜﻞ ﺷﺒﻪ ﻓﻜﺮﺓ ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ . ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺤﺎﻛﻲ ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻑ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻧﺘﺎﺟﻪ ﻣﻨﺎﻗﻀﺎ ﻟﻸﺛﺮ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﺤﺘﺮﻡ ﺧﺼﻮﺻﻴﺔ ﻭﺃﺻﺎﻟﺔ ﺿﺮﺏ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻔﻨﻲ . ﻭﻟﻜﻦ ﻓﻴﻤﺎ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺨﺼﻮﺻﻴﺔ؟
ﺇﻥ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮ ﺍﻷﺳﺎﺳﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻤﻴﺰ ﺿﺮﺏ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ , ﻫﻮ ﺍﻟﺨﻴﺎﻝ . ﻭﺍﻟﺨﻴﺎﻝ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻬﻴﻘﻞ ﻟﻴﺲ ﺧﺎﺻﻴﺔ ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ ﻓﻬﻮ ﻟﻴﺲ ﺟﻮﻫﺮﻳﺎ ﻓﻲ ﺇﻧﺘﺎﺝ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ، ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺃﻧﻪ ﻳﻤﺜﻞ ﺍﻷﺩﺍﺓ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻔﻀﻠﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻔﻨﺎﻥ ﻋﻨﺪ ﺗﻌﺒﻴﺮﻩ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ . ﻟﻜﻦ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻧﻼﺣﻆ ﺃﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺨﻴﺎﻝ ﻳﺤﻘﻖ ﻟﻠﻔﻨﺎﻥ ﺃﺻﺎﻟﺔ ﻣﻨﻈﻮﺭﻩ , ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺼﻨﻊ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺤﺪﻭﺩ . ﻓﺒﺨﻴﺎﻟﻪ , ﻳﺼﻞ ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﻭ ﺩﻭﻥ ﻭﺍﺳﻄﺔ ﺇﻟﻰ " ﻋﻠﺔ ﻭ ﻣﺎﻫﻴﺔ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ " ﺃﻱ ﺃﻥ ﺍﻟﺨﻴﺎﻝ ﻳﻤﻜّﻨﻪ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﻜﻨﺎﻩ ﻋﻤﻖ ﻭﻣﻌﻨﻰ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﻋﺒﺮ ﺍﻟﺼﻮﺭ ﻭﺃﺷﻜﺎﻝ ﻭﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻞ . ﻭ ﻋﻮﺽ ﺃﻥ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ، ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻑ , ﺃﻱ ﺍﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﻣﺒﺪﺃ ﻣﺎ ﺃﻭ ﻣﻦ ﺗﺼﻮﺭ ﻋﺎﻡ، ﻳﺮﻯ ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ، ﺑﻔﻀﻞ ﺍﻟﺨﻴﺎﻝ , ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﻓﻲ ﺻﻮﺭﺓ ﺣﺴﻴﺔ , ﻓﻲ ﻭﺍﻗﻊ ﻓﺮﺩﻱ , ﻭﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﻄﻠﻖ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺘﻤﺜﻞ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﺫﺍﺗﻴﺔ , ﺃﻛﺜﺮ ﻓﺮﺩﻳﺔ , ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻣﺤﺪﻭﺩﺓ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻑ، ﻓﻬﺬﺍ ﺍﻷﺧﻴﺮ ﻳﺬﻫﺐ ﺑﺄﻗﻞ ﺳﺮﻋﺔ ﻧﺤﻮ ﻣﺎﻫﻴﺔ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺑﻤﺎ ﺃﻧﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﻜﻲ ﻳﻈﻬﺮﻫﺎ ﻟﻨﺎ ﻓﻲ ﺷﻜﻞ ﻓﻜﺮﺓ , ﺇﻟﻰ ﻋﻤﻞ ﻣﻔﻬﻮﻣﻲ ﻃﻮﻳﻞ ﻳﺘﻀﻤﻦ ﻋﺪﺓ ﻭﺳﺎﺋﻂ , ﻭ ﺗﻜﻮﻥ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺗﻤﺜﻼ ﺗﻪ ﺃﻛﺜﺮ ﻛﻮﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﺗﻤﺜﻼﺕ ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ .
ﺍﻟﺨﻠﻖ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻳﻨﺸﺄ،ﺇﺫﻥ، ﻋﻦ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﺨﻴﺎﻝ ﻭ ﻋﻦ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻷﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﻤُﻔَﻜَّﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻨﺘﺠﻬﺎ ﺍﻟﺨﻴﺎﻝ، ﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪ ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻨﻪ ﻫﻮ ﻛﻞ « ﻣﺎ ﻳﺘﺤﺮﻙ ﻭﻳﺘﺨﻤﺮ ﻓﻲ ﺧﺎﻃﺮﻩ » ، ﻭﻫﻴﻘﻞ ﻳﻘﺪﻡ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﻓﻜﺮﺓ ﺣﺮﻛﺔ ﺗﻬﺰ ﺃﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﻓﻲ ﺩﺍﺧﻠﻴﺘﻪ، ﻭﺇﻧﻪ ﻟﻔﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﺷﺒﻪ ﺍﻟﻤﺒﻬﻤﺔ ﻟﺬﻫﻨﻪ ﺃﻳﻦ ﺗﻬﺘﺰ، ﺗﻌﺘﻤﻞ ﻭ ﺗﺘﺨﻤﺮ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ , ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺗﺼﻮّﺭ ﻣﺄﺗﺎﻫﺎ ﻭ ﻻ ﻛﻴﻒ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﺇﺧﺮﺍﺝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ . ﺍﻟﻤﺸﻜﻞ ﻫﻮ ﺇﺫﻥ ﻣﺸﻜﻞ ﺗﻤﺜﻞ , ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﺘﻤﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻬﺰﻩ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﻮﺟﺪ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺗﻤﺜﻠﻬﺎ ﻟﻶﺧﺮ ﻋﺒﺮ ﺍﻷﺛﺮ ﺍﻟﻔﻨﻲ . ﻋﻠﻴﻪ ﺇﺫﻥ ﺃﻥ ﻳﺘﺮﺟﻢ ﻓﻲ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺣﺴﻴﺔ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻮﺟﺪ ﻓﻲ ﺫﻫﻨﻪ، ﻭﻫﻨﺎ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ ﻳﺘﺪﺧﻞ ﺧﻴﺎﻟﻪ . ﻓﺎﻟﻔﻨﺎﻥ ﻫﻮ ﺫﺍﻙ ﺍﻟﺬﻱ ﻳُﺠَﻤَّﻊ ﺑﺈﺩﺭﺍﻙ ﺣﺎﺩ ﻭﺣﺪّﺓ ﺍﻟﺼﻮﺭ ﻭﺍﻟﻤﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﺤﺴﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻘﺪّﻣﻬﺎ ﻟﻪ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻲ، ﻓﻴﺨﺰّﻧﻬﺎ , ﻭ ﻳﻤﺘﻠﻜﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻓﻴﻢ ﺑﻌﺪ ﺍﺳﺘﺜﻤﺎﺭﻫﺎ ﻟﻴﻌﻄﻲ ﺷﻜﻼ ﻷﻓﻜﺎﺭﻩ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ . ﻭ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﺍﻟﻤﻤﻴﺰﺓ ﻟﻠﻔﻨﺎﻥ ﺗﻤﺜﻞ، ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻮﻗﺖ , ﺣﺪﺍ ﻟﻪ , ﺇﺫ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻣﺜﻼ ﺃﻥ ﻳﻌﻄﻴﻬﺎ ﺷﻜﻼ ﻣﻔﻬﻮﻣﻴﺎ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻑ . ﻭ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﺮﺟﻤﺔ ﻟﻠﻔﻜﺮﺓ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺷﻜﻞ ﺍﻟﻤﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﺤﺴﻴﺔ ﻟﻴﺲ ﻋﻤﻼ ﻣﻴﻜﺎﻧﻴﻜﻴﺎ ﺑﺴﻴﻄﺎ , ﺇﻧﻬﺎ ﺗﻔﺘﺮﺽ ﻋﻤﻞ ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ، ﻋﻤﻞ ﻣﻄﺎﺑﻘﺔ ﻭ ﻣﻼﺀﻣﺔ، ﺑﺎﻟﻜﻴﻔﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺠﻌﻞ ﺍﻷﺷﻜﺎﻝ ﺗُﻄﻴﻊ ﻭﺗﺨﻀﻊ ﻟﻠﻬﺪﻑ، ﺃﻱ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ . ﻓﻠﻴﺲ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﻓﻲ ﺫﺍﺗﻪ ﻭﻟﺬﺍﺗﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﺪﺩ ﺍﻷﺛﺮ ﺍﻟﻔﻨﻲ : ﺇﻧﻪ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻤﻮﺟﺒﻪ ﺗﺠﺪ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﺷﻜﻠﻬﺎ، ﻭ ﻟﻴﺲ ﺃﻱ ﺷﻜﻞ ﺑﻞ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﻟﻤﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ . ﻟﺬﻟﻚ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺼﺪﻓﺔ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻫﻴﻘﻞ ﻓﻲ ﻣﻄﻠﻊ ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻨّﺤﺖ، ﺻﻬﺮ ﻭ ﺗﺸﻜﻴﻞ، ﻟﻴﺼﻒ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠﻤﻊ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻋﻘﻼﻧﻲ ﻭﺻﻮﺭﻱ، ﻓﻬﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻫﻮ ﻋﻤﻞ ﺛﻘﺎﻓﻲ، ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺃﻧﻪ ﻳﺤﺼﻞ ﻓﻲ ﺫﻫﻦ ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﺫﺍﺗﻪ، ﻭ ﻳﻤﺜّﻞ ﺍﺳﺘﺒﺎﻗﺎ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻲ ﻭﺍﻟﻴﺪﻭﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻄﻲ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﻟﻸﺛﺮ ﺍﻟﻔﻨﻲ . ﻓﻜﻞ ﺃﺛﺮ ﻓﻨﻲ ﻫﻮ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻋﻤﻞ ﻳﺠﻤﻊ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ( ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ) ﻭﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﻟﺤﺴﻲ، ﻭ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﻳﻜﻤﻦ ﻓﻲ ﻗﺪﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﻟﻤﻼﺋﻢ ﻟﻠﻔﻜﺮﺓ , ﻓﻲ ﺧﻀﻮﻉ ﺍﻟﺸﻜﻼﻧﻲّ ﻟﻠﻤﻔﻬﻮﻣﻲّ . ﻓﻠﻴﺲ ﻫﻨﺎﻙ ﺟﻤﺎﻝ ﺍﺳﺘﻴﺘﻴﻘﻲ ﻟﻠﻤﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻤﺤﺾ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎﻙ ﻗﻴﻤﺔ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﺸﻜﻞ ﺍﻟﻔﺎﺭﻍ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻓﻜﺮﺓ . ﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺫﻫﻨﺎ ﻧﺎﺷﻄﺎ ﻭﺣﺴﺎ ﻋﻤﻴﻘﺎ , ﻷﻥ ﺍﻷﺛﺮ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻳﻨﺘﺞ ﻋﻦ ﺍﻟﺠﻤﻊ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ . ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻧﺘﺒﻴﻦ ﺃﻥ ﻫﻴﻘﻞ ﻳﻠﺢ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﺬﻫﻨﻲ ﻭﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ﻓﻲ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻭﻫﻮ ﻧﺸﺎﻁ ﻻ ﻳﺆﺧﺬ، ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ، ﺑﻌﻴﻦ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗﻞ، ﻻ ﻳﻘﺪﺭ ﺣﻖ ﻗﺪﺭﻩ , ﺇﺫ ﺃﻧﻨﺎ ﻧﻤﻴﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻵﺛﺎﺭ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﺍﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﺃﺷﻜﺎﻟﻬﺎ ﺭﻏﻢ ﺃﻧﻨﺎ ﻧﺤﻜﻢ ﺃﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺑﻜﻮﻧﻬﺎ ﺻﻮﺭﻳﺔ ﻓﺎﺭﻏﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺨﻠﻮ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻌﺪ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ . ﻭﻫﻨﺎ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ ﺗﻜﻤﻦ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﻘﺎﺭﺑﺔ ﺍﻟﻬﻴﻘﻠﻴﺔ، ﻓﺮﻏﻢ ﻛﻮﻥ ﻣﺎ ﻧﻼﺣﻈﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻫﻠﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﺍﻟﺸﻜﻞ , ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻧﻘﻮﻝ ﺃﻥ ﺍﻷﺛﺮ ﺍﻟﻔﻨﻲ، ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻬﻴﻘﻞ، ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺣﻀﻮﺭ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﺪﻭﺱ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﺍﻟﺸﻜﻞ، ﺃﻱ ﺃﻥ ﻧﺠﺎﺡ ﺍﻷﺛﺮ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻳﻨﺘﺞ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻮﺍﺯﻥ ﺍﻟﻨﺎﺗﺞ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺬﻫﻨﻲ ﻟﻠﻔﻨﺎﻥ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﻭﺍﻟﻤﻀﻤﻮﻥ . ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﺿﺢ ﺇﺫﻥ، ﺃﻥ ﺃﺳﻄﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﺍﻟﻤُﻠﻬﻢ ﻭ ﺍﻟﻤﺒﺪﻉ ﻻﺷﻌﻮﺭﻳﺎ ﺑﻮﺣﻲ ﺷﺒﻪ ﺳﺤﺮﻱ ﺃﻭ ﺇﻟﻬﻲ , ﻫﻲ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ ﻣﺎ ﻳﻨﺘﻘﺪﻫﺎ ﻫﻴﻘﻞ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺺ , ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﺬﻫﻨﻲ ﺿﺮﻭﺭﻳﺎ ﻟﻺﺑﺪﺍﻉ ﺍﻟﻔﻨﻲ , ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺫﻫﻦ ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻻ ﻓﻘﻂ ﻳﻘﻀﺎ ﺑﻞ ﻧﺎﺷﻄﺎ ﺃﻳﻀﺎ ﻓﺈﻥ ﻭﻫﻢ ﺍﻟﺤﺪﺱ ﺍﻟﻤﺒﺼﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻠﻢ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻻ ﺧﺮﺍﻓﻴﺎ . ﺛﻢ ﻣﻦ ﻳﺼﺪﻕ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﻫﻢ ﺃﻣﺎﻡ ﺻﺮﺍﻣﺔ ﺍﻹﻳﻘﺎﻉ ﻓﻲ ﺃﺑﻴﺎﺕ ﺷﻌﺮ ﻫﻮﻣﻴﺮﻭﺱ، ﻭ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺠﺎﺯﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻮﺷّﻲ ﺍﻷﻭﺩﻳﺴﺎ , ﻣﻦ ﻳﺼﺪﻕ ﺃﻥ ﻫﻮﻣﻴﺮﻭﺱ ﺃﻧﺘﺞ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﺍﺋﻌﺔ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻻﺷﻌﻮﺭﻳﺔ ﺃﻭ ﺭﻏﻤﺎ ﻋﻨﻪ . ﺇﻥ ﺍﻟﻔﻦ ﻟﻴﺲ ﻋﻤﻼ ﻋﻘﻠﻴﺎ ﻣﺤﻀﺎ، ﻭ ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﻫﻮ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻣﻔﻜﺮ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻋﻘﻠﻪ ﻭﻓﻜﺮﻩ ﻟﻴﺨﺘﺎﺭ ﺍﻷﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻌﺒﺮ ﺑﻬﺎ ﻋﻦ ﺃﻓﻜﺎﺭﻩ . ﻭﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮﻋﻪ ﻭ ﻳﺘﺮﻙ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻘﻮﺓ ﺇﻟﻬﺎﻡ ﺧﻼﻕ , ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﺼﻴﺐ ﻫﺪﻓﻪ . ﻭﺣﺘﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﺮﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺼﻮﺭﻳﺔ ﻟﻠﺨﻠﻖ ﺍﻹﻧﺸﺎﺋﻲ , ﻳﺒﻘﻰ ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﺳﻴﺪ ﺍﻷﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻔﺮﺿﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻜﺮ , ﻓﺎﻟﻤﻌﺮّﻱ ﺃﻟﺰﻡ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻤﺎ ﻻ ﻳﻠﺰﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﺰﻭﻣﻴﺎﺕ , ﻟﻜﻦ ﺇﺑﺪﺍﻋﺎﺗﻪ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺣﺮﺓ ﻭﻓﻮﺿﻮﻳﺔ ﺑﻞ ﺇﻥ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﺎﺭﺳﻬﺎ ﺟﻌﻠﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺳﺔ ﺍﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺘﻮﺍﺻﻠﺔ ﻟﻌﻘﻠﻪ ﺃﻛﺜﺮ ﺿﺮﻭﺭﺓ . ﺇﻥ ﻫﻴﻘﻞ ﻫﻮ ﺃﺣﺪ ﺃﻫﻢ ﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺣﺎﻭﻟﻮﺍ ﻓﻬﻢ ﻭﺗﻔﺴﻴﺮ ﻣﻴﻜﺎﻧﻴﺰﻣﺎﺕ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻓﻲ ﺗﻔﻜﻴﺮﻩ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺎﺕ . ﻭ ﻳﺮﻓﺾ ﺑﻘﻮﺓ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺨﺘﺰﻝ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ ﻓﻲ ﺍﻹﻟﻬﺎﻡ ﻓﺎﻟﻔﻨﺎﻥ ﻻ ﻳﻘﺪﻡ ﻣﻴﻜﺎﻧﻴﻜﻴﺎ ﺇﻟﻬﺎﻣﺎ , ﻭﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺆﻛﺪ ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺬﻫﻨﻲ ﻟﻠﻔﻨﺎﻥ , ﻳﺮﻓﺾ ﺍﺧﺘﺰﺍﻝ ﺍﻟﻔﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻳﺮﻓﺾ ﺍﻟﻤﻤﺎﻫﺎﺓ ﺑﻴﻦ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻭ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ ﺍﻟﻤﻔﻬﻮﻣﻲ .
تعليقات
إرسال تعليق