تلخيص شامل و موجز لبرنامج الفلسفة
مرحبا زوار مدونتي اليوم أقدم لكم تلخيص شامل لمسألة التواصل و الأنظمة الرمزية لتلاميذ الباكالوريا أداب.
I ﻓﻲ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﻭ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﺮﻣﺰﻳﺔ :
ﻳﺘﺤﺪّﺩ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﻋﻤﻮﻣﺎ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻙ ﻓﻲ ﺷﻲﺀ ﻣﺎ، ﻭﻳﻔﻴﺪ ﺍﻟﺘﻔﺎﻫﻢ ﻭﺍﻟﻔﻬﻢ ﺍﻟﻤﺘﺒﺎﺩﻝ ﻟﺬﻟﻚ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﻭﺳﺎﺋﻂ ﺗﺘﺮﺍﻭﺡ ﺑﻴﻦ ﺃﻧﻈﻤﺔ ﺭﻣﺰﻳﺔ ﻭ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺗﻘﻨﻴﺔ . ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻭﺳﻴﻄﺎ . ﻭﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﻋﻨﺪ ﻛﺎﺳﻴﺮﺍﺭ ﻻ ﺗﻌﺒﺮ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺳﻠﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻀﻮﺭ ﺍﻟﻤﺤﺾ ﻟﻠﻈﻮﺍﻫﺮ ﻛﻌﺎﻣﻞ ﺳﻠﺒﻲ ﻟﻠﺮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺘﻢّ ﺗﺒﺎﺩﻟﻬﺎ، ﺇﺫ ﻳﺮﻯ ﻛﺎﺳﻴﺮﺍﺭ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﻟﻬﺎ ﺍﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺼﺪﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻦ ﻛﻤﺎ ﻳﺼﺪﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺳﻄﻮﺭﺓ ﻭﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺣﺘﻰ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ . ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺘﻮﺍﺟﺪ ﻓﻴﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﻟﻴﺲ ﻣﺠﺮّﺩ ﺍﻧﻌﻜﺎﺱ ﻟﻤﻌﻄﻰ ﺧﺒﺮﻱ ﺑﻞ ﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﻋﻜﺲ ﺫﻟﻚ ﻣﻮﻟّﺪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻮﻇﻴﻔﺔ ﺍﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﺍﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﺑﺤﺴﺐ ﻣﺒﺪﺃ ﺃﺻﻴﻞ . ﻓﻜﻞّ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﻇﺎﺋﻒ ﺗﻨﺘﺞ ﺗﺸﻜﻼﺗﻬﺎ ﺍﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﻦ ﺭﻣﻮﺯ ﺍﻟﺬﻫﻦ، ﻭﻛﻞّ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺗﺤﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺯﺍﻭﻳﺔ ﻧﻈﺮ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﺈﻥ ﻛﻞّ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺭﻣﺰﻳﺔ ﺗﻤﺜﻞ ﻣﻈﻬﺮﺍ ﺧﺎﺻﺎ ﻟﻠﻮﺍﻗﻊ . ﻓﻼ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻧﺮﻯ ﻓﻲ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﻃﺮﻗﺎ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻳﺘﻤﻈﻬﺮ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻓﻲ ﺫﺍﺗﻪ ﻟﻠﻌﻘﻞ، ﺑﻞ ﻫﻲ ﻃﺮﻕ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻳﺘﺒﻌﻬﺎ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻟﻠﺘﻤﻮﺿﻊ ﺃﻱ ﻃﺮﻗﺎ ﻳﺘﺒﻌﻬﺎ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻓﻲ ﺗﻤﻈﻬﺮﻩ ﻟﺬﺍﺗﻪ . ﻓﺎﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﻄﻠﻖ ﺗﺘﻘﺪّﻡ ﻛﻤﺤﺎﻭﻻﺕ ﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺴﻠﺒﻲ ﻟﻠﺘﻤﺜﻞ ﺍﻟﺒﺴﻴﻂ ﺇﺫ ﺗﻤﺜﻞ ﺳﻴﺮﻭﺭﺍﺕ ﺩﻳﻨﺎﻣﻴﻜﻴﺔ ﻟﻠﺘﺮﻣﻴﺰ .
ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺧﻼﻑ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻴﺶ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻭﻳﻜﺘﻔﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﻄﻰ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﺍﻟﺨﺎﻡ، ﻳﻘﺤﻢ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﺳﺎﺋﻄﺎ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﻴﻦ ﻣﺤﻴﻄﻪ . ﻭﻫﻲ ﻭﺳﺎﻃﺔ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻛﻨﺸﺎﻁ ﻳﺪﻭﻱ ﻭﺫﻫﻨﻲ ﻭﺍﻟﻤﺤﻴﻂ ﺍﻟﺘﻘﻨﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻤﻜّﻦ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻭﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﻄﻠﻖ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﻊ ﺍﻵﺧﺮ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺗﺒﺎﺩﻝ ﺍﻟﻨﻈﺮﺍﺕ ﺃﻭ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺩﻭﻥ ﺗﻮﺳﻂ ﺣﺪ ﺛﺎﻟﺚ، ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺗﻘﺘﻀﻲ ﻭﺗﻨﺸﺄ ﻭﺳﺎﻃﺎﺕ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺩﺍﺋﻤﺔ ﺑﻞ ﻟﺘﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻓﻌﻼ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ . ﻭﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﻄﻠﻖ ﻓﺈﻥ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﺗﻤﺜﻞ ﻭﺳﺎﺋﻂ ﺗﺠﻌﻞ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﻭﻣﻊ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻭﻣﻊ ﺍﻵﺧﺮ ﻣﻤﻜﻨﺎ، ﻭﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺃﻥ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﺗﻀﻄﻠﻊ ﺑﻮﻇﺎﺋﻒ ﺭﻭﺣﻴﺔ ﺗﺸﻜﻞ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ .
ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﺇﺫﺍ ﻣﻄﻠﺐ ﺇﻧﺴﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﻧﻪ ﻣﺎ ﺑﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺇﻧﺴﺎﻧﺎ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﻛﻮﺳﺎﺋﻂ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺠﻌﻞ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﻣﻤﻜﻨﺎ ﻭﺍﻟﻤﻘﺪّﺱ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ ﺫﺍﺗﻪ ﻫﻮ ﻗﺒﻞ ﻛﻞّ ﺷﻲﺀ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺗﻨﺤﻮ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺗﺘﻮﺍﺻﻞ ﻓﻲ ﺗﻤﺜﻼﺕ ﻭﺻﻮﺭ، ﻭﺗﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﻤﻘﺪّﺱ ﻋﻨﺪ " ﻣﺎﻳﻴﺮ " ﻫﻲ ﺿﺮﺏ ﺭﻭﺣﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﻘﺔ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ﺇﻧﻬﺎ ﺣﺪﺱ ﻣﺆﺳﺲ ﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻀﻮﺭ ﺍﻟﻐﺎﻣﺾ ﻟﺸﻲﺀ ﻳﺘﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﺤﺪﻭﺩ ﺍﻟﻤﻌﺘﺎﺩﺓ ﻟﻠﺘﺠﺮﺑﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ . ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﻤﻐﺎﻳﺮ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻟﻠﺪﻧﻴﻮﻱ ﻳﻔﻠﺖ ﻣﻦ ﻇﺮﻭﻑ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﻤﺪﻧﺴﺔ ﺭﻏﻢ ﻛﻮﻥ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻭﻣﺎ ﺑﻪ ﻳﺘﻤﻈﻬﺮ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﺪﻧﺲ ﺃﻭ ﺍﻟﺪﻧﻴﻮﻱ . ﻭﺍﻟﻤﻘﺪّﺱ ﻛﺮﻣﺰ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﺎﻻﻧﻔﺘﺎﺡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ، ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﻃﻘﺲ ﻣﺎ ﻳﻤﻜّﻦ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻛﺘﺸﺎﻑ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﻠﺖ ﺑﺎﻟﻤﺎﻫﻴﺔ ﻣﻦ ﻛﻞّ ﻟﻐﺔ، ﺧﺎﺻﺔ ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻫﻮ ﻧﺴﻖ ﻳﻌﺒّﺮ ﻋﻦ ﺫﺍﺗﻪ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﻃﻘﻮﺱ ﺗﺸﻐﻞ ﺍﻟﺮﻣﺰ ﻭﺍﻷﺳﻄﻮﺭﺓ .
ﻭﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﺭ، ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻷﺳﻄﻮﺭﺓ ﻟﻐﺔ ﺍﻟﺘﻌﺎﻟﻲ، ﻭ " ﻏﺎﺭﻭﺩﻱ " ﻻ ﻳﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻌﺎﻟﻲ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺧﺎﺭﺟﻴﺎ ﺃﻭ ﻗﻮﺓ، ﻓﻠﻴﺲ ﻫﻮ ﺗﻌﺎﻟﻲ ﻟﺮﺏ ﻓﻮﻗﻲ ﻭﻻ ﻫﻮ ﺗﻌﺎﻟﻲ ﻟﻤﻌﻄﻰ ﺗﺤﺘﻲ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﻄﻮﺭﺓ ﻓﻌﻞ ﺧﻠﻖ ﺟﻤﺎﻋﻲ، ﻟﺤﻈﺔ ﻋﻤﻞ . ﻓﺎﻷﺳﻄﻮﺭﺓ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺠﺮّﺩ ﻣﺸﺎﺭﻛﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﻞ ﻫﻲ ﻟﺤﻈﺔ ﻋﻤﻞ ﺗﻤﻴﺰ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻟﺬﻟﻚ ﻳﺮﻯ " ﻏﺎﺭﻭﺩﻱ " ﺃﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻧﻨﻌﺖ ﺑﺎﻷﺳﻄﻮﺭﺓ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﺠﺮّﺩ ﺃﺛﺮ ﺑﺎﻗﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ، ﻛﻤﺎ ﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻧﻌﺘﺒﺮ ﺍﻷﺳﻄﻮﺭﺓ ﻣﺠﺮّﺩ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺇﻧﺘﺎﺝ ﺃﻭ ﻣﺠﺮّﺩ ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺎﺿﺮ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﻣﻌﻴﺎﺭﺍ ﻟﻠﺴﻠﻮﻙ ﺑﻞ ﺇﻥ ﻏﺎﺭﻭﺩﻱ ﻳﻘﻮﻝ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻨﻤﺎﺫﺝ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﻤﻀﺎﻋﻔﺔ ﺑﺎﻟﺪﻋﺎﻳﺔ ﻭﺍﻹﺷﻬﺎﺭ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪّﻡ ﺍﻟﻤﺸﺎﻫﻴﺮ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﻢ ﺃﺳﺎﻃﻴﺮ ﻫﻲ ﻭﻫﻢ ﻭﺍﻏﺘﺮﺍﺏ . ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺍﻷﺳﻄﻮﺭﺓ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﺑﻞ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﺳﺎﻃﻴﺮ ﻳﻨﺘﺠﻬﺎ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻴﻮﻡ . ﻓﺎﻷﺳﻄﻮﺭﺓ ﻻ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﻓﻘﻂ ﺑﺎﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﺍﻟﺒﺪﺍﺋﻴﺔ ﺑﻤﺎ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﺘﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﻤﻌﻄﻰ ﺍﻟﻤﺒﺎﺷﺮ ﻭﺗﺘﺠﺎﻭﺯ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ . ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﻣﺎ ﻳﻤﻴﺰ ﺍﻷﺳﻄﻮﺭﺓ ﻛﺎﻧﻔﺘﺎﺡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻌﺎﻟﻲ ﻟﻴﺲ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﺑﻔﻌﻞ ﺗﺄﺑﺪﻫﺎ، ﻭﻟﻜﻦ ﺗﺤﻜﻤﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺰﻣﻦ . ﻓﺎﻟﺰﻣﻦ ﺍﻷﻭﻝ ﻟﻸﺳﻄﻮﺭﺓ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﻌﻴﺶ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻟﺤﻈﺔ ﺍﻟﺨﻠﻖ، ﺇﺫ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺃﻥ ﻻ ﻳﺮﻯ ﻓﻲ ﺫﺍﺗﻪ ﻣﺠﺮﺩ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻭﺳﺠﻴﻨﺎ ﻟﻪ، ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻳﺠﻌﻠﻪ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺫﺍﺗﻪ ﻛﻘﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻌﺎﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺪﺧﻞ ﻓﻴﻪ ﻛﺨﺎﻟﻖ . ﻓﺎﻷﺳﻄﻮﺭﺓ ﻋﻨﺪ ﻏﺎﺭﻭﺩﻱ ﻟﻴﺴﺖ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﻟﻠﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺑﻞ ﻫﻲ ﺗﺬﻛﻴﺮ ﺑﻔﻌﻞ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺭﺓ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ . ﻭﺍﻟﺒﻄﻞ ﺍﻷﺳﻄﻮﺭﻱ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻲ ﺑﻤﺸﻜﻞ ﻳﻌﺘﺮﺽ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﻭﺿﻌﻴﺔ ﺗﺎﺭﻳﺨﻴﺔ، ﻭﻫﻮ ﻣﻦ ﻳﻜﺘﺸﻒ ﻭﻳﻜﺸﻒ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﺍﻟﻤﺘﺠﺎﻭﺯ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻮﺿﻌﻴﺔ، ﻭﻣﺎ ﻧﺼﺮ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﺃﻭ ﻓﺸﻠﻪ ﺇﻻّ ﻋﻼﻣﺔ ﺗﻮﻗﻆ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺣﻞّ ﻣﺸﺎﻛﻞ ﺯﻣﺎﻧﻪ .
II ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻻﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﺑﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﻧﺴﺎﻧﻲ :
1 ) ﻗﺪﺭﺓ ﺍﻻﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺗﻮﺍﺻﻞ ﺍﻧﺴﺎﻧﻲ :
ﺗﺘﺤﺪّﺩ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﻭﺳﺎﺋﻂ ﺑﻴﻦ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻭﺑﻴﻦ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﺍﻵﺧﺮ، ﻭﺳﻴﻄﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﻭﺗﺤﻘﻴﻖ ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺘﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺸﺘﺮﻁ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻠﻲ . ﻭﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﻄﻠﻖ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻛﻨﻈﺎﻡ ﺭﻣﺰﻱ ﺗﺴﺘﺨﺪﻡ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ، ﻭ ﺗﻤﺜﻞ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻐﻮﺳﺪﻭﻑ ﻃﺮﻳﻘﺎ ﻟﻠﺪﺧﻮﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ، ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻳﻘﻄﻊ ﺻﻤﺖ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻌﻀﻮﻳﺔ، ﺑﻔﻀﻞ ﺍﻟﺘﺤﻜﻢ ﺍﻟﻤﺘﺪﺭّﺝ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ، ﻳﺘﺤﺪّﺩ ﻛﺬﺍﺕ ﻭﻳﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﻣﻊ ﺑﻨﻲ ﺟﻨﺴﻪ . ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺗﺄﺳﺲ ﻋﺎﻟﻤﺎ ﺭﻣﺰﻳﺎ ﻣﺘﻤﻴﺰﺍ ﻳﺴﺘﺤﻀﺮ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻭﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﺸﺒﻬﻪ، ﻷﻥ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﻟﻴﺴﺖ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻧﻈﺎﻣﺎ ﺭﻣﺰﻳﺎ . ﻭﺍﻟﻮﻇﻴﻔﺔ ﺍﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﻟﻠﻐﺔ ﺗﺘﻤﻈﻬﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﻛﺮﻣﻮﺯ ﺗﻤﻜﻨﻨﺎ ﻣﻦ ﺗﻤﺜﻞ ﺷﻲﺀ ﺁﺧﺮ ﺭﻏﻢ ﻏﻴﺎﺑﻪ . ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻛﻨﺴﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﻟﻴﺴﺖ ﻟﻬﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﻣﺎﺩﻳﺔ ﺑﻤﺎ ﺗﻌﻨﻴﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ . ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻳﻌﻄﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ ﻋﻤﺎ ﻫﻮ ﻛﺎﺋﻦ، ﻭﺗﺴﻤﺢ ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻻﺭﺗﺒﺎﻁ ﺑﺎﻟﻌﺎﻟﻢ ﻭ ﺑﺎﻻﺭﺗﺤﺎﻝ ﻋﻨﻪ . ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺴﻴﻴﺮ ﺍﻟﺬﺍﺗﻲ ﻟﻠﻐﺔ ﺟﻌﻞ " ﻏﻮﺳﺪﻭﺭﻑ " ﻳﻌﺘﺒﺮﻫﺎ ﺍﻟﻮﺳﻴﻠﺔ ﺍﻟﺠﻮﻫﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﻜّﻦ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﻣﻦ ﺗﻤﺜﻞ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻨﺘﻤﻲ ﺇﻟﻴﻬﺎ . ﻓﺎﻟﻠﻐﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﻜﻦ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﺗﺠﺎﻭﺯ ﻛﻴﻨﻮﻧﺘﻪ ﺍﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ . ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﻮﻇﻴﻔﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻟﻠﻐﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻓﺄﻥ ﻧﺘﻜﻠّﻢ ﻫﻮ ﺃﻥ ﻧﺘﻮﺍﺻﻞ، ﻭﻓﻌﻞ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻫﻮ ﻓﻌﻞ ﺗﻤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ، ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻫﻲ ﻗﺒﻞ ﻛﻞّ ﺷﻲﺀ ﺭﺍﺑﻂ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻲ، ﺇﺫ ﻫﻲ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺫﺍﺗﻪ ﻛﺸﺒﻜﺔ ﻟﻠﺘﺒﺎﺩﻝ ﻭﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﻭﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﺑﻤﺎ ﻫﻲ ﺣﻮﺍﺭ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺇﻓﺴﺎﺡ ﺍﻟﻤﺠﺎﻝ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﻠﺘﻌﺎﺭﻑ ﺍﻟﻤﺘﺒﺎﺩﻝ ﻛﻤﻘﺪّﻣﺔ ﻟﻠﻔﻬﻢ ﻭﺍﻟﺘﻔﺎﻫﻢ . ﻟﺬﻟﻚ ﻳﻤﺜﻞ ﺍﻵﺧﺮ ﻃﺮﻓﺎ ﺃﺳﺎﺳﻴﺎ ﻓﻲ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ، ﻓﻔﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ، ﻳﺤﻀﺮ ﺍﻵﺧﺮ ﺣﺘﻰ ﻋﻨﺪ ﻏﻴﺎﺑﻪ، ﻭﺣﻮﺍﺭ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﻣﻊ ﺫﺍﺗﻬﺎ ﻫﻮ ﺃﺑﺴﻂ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺣﻀﻮﺭ ﻫﺬﺍ ﺍﻵﺧﺮ . ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﻭﻋﻲ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﺑﺬﺍﺗﻬﺎ ﻳﺘﺤﻘّﻖ ﻋﺒﺮ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻛﻨﻈﺎﻡ ﺭﻣﺰﻱ .
ﻭﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺍﻟﻤﺘﺒﺎﺩﻝ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺑﺪﻭﺭﻩ ﻛﻞّ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ، ﻓﺎﻷﺳﻄﻮﺭﺓ ﻛﻘﻮﻝ ﺃﻱ ﻛﻨﻈﺎﻡ ﺩﻻﻟﻲ ﻟﻪ ﻗﻮﺍﻋﺪﻩ ﻭﻣﻘﺎﺻﺪﻩ ﻻ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻓﻲ ﺃﺩﺍﺀ ﻭﻇﻴﻔﺘﻬﺎ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮﻳﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﻋﻦ ﻛﻞّ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﻛﺎﻟﺪﻋﺎﻳﺔ ﻭﺍﻹﺷﻬﺎﺭ ﻭﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﻭﺍﻟﺼﻮﺭﺓ، ﻓﻬﻲ ﻛﻠﻬﺎ ﻧﻈﻤﺎ ﺩﺍﻟﺔ، ﺧﺎﺻﺔ ﻭﺃﻥ ﻣﺎ ﻳﻤﻴﺰ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻨﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻫﻮ ﺗﻨﻮﻉ ﻭﻛﺜﺮﺓ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻠﻴﺔ، ﻓﺎﻟﺼﺤﻒ ﻭﺍﻟﺮﺍﺩﻳﻮ ﻭﺍﻷﺷﺮﻃﺔ ﺍﻟﻤﺮﺳﻮﻣﺔ ﻛﻠﻬﺎ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺗﻌﺒﻴﺮﻳﺔ ﻏﻴﺮ ﻟﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭﺗﻤﺜﻞ ﺍﻟﺤﺎﻣﻞ ﺍﻷﺳﻄﻮﺭﻱ ﻟﻠﺘﻮﺍﺻﻞ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮ . ﻭﻟﻜﻦ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﻟﻜﻲ ﻳﻜﻮﻥ ﻛﻮﻧﻴﺎ ﻻﺑﺪّ ﺃﻥ ﻳﺒﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻴﺎﺭﻱ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻭﺍﻟﺤﺮﻳﺔ، ﻓﻬﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ، ﻓﻲ ﺇﻃﺎﺭ ﺍﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﻟﻸﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻛﻮﺳﺎﺋﻂ ﻻ ﻏﻨﺎ ﻋﻨﻬﺎ، ﺑﺄﻧﻨﺎ ﺇﺯﺍﺀ ﺇﻛﺮﺍﻩ ﺑﻨﻴﻮﻱ ﻟﻠﺬﺍﺕ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﺫﺍﺗﻬﺎ؟ ﻫﻞ ﺗﺘﻌﻄﻞ ﻗﻨﻮﺍﺕ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺬﻭﺍﺕ ﺑﻔﻌﻞ ﺗﻌﺪّﺩ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﺃﻡ ﺃﻥ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺑﺤﺪﻭﺩ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﻳﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﺣﺪّ ﺫﺍﺗﻪ ﺳﺒﻴﻼ ﻟﺘﺤﺮّﺭ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﻣﻦ ﺍﻹﻛﺮﺍﻩ ﺍﻟﺒﻨﻴﻮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻤﺎﺭﺳﻪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﺮﻣﺰﻳﺔ؟
2 ) ﺗﻨﺴﻴﺐ ﻗﺪﺭﺓ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺗﻮﺍﺻﻞ ﺇﻧﺴﺎﻧﻲ :
ﻳﻼﺣﻆ ﺃﺩﻭﻧﻮ ﻭ ﻫﻮﺭﻛﺎﻳﻤﺮ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺍﺭﺗﺒﺎﻃﺎ ﻭﺛﻴﻘﺎ ﺑﺘﺤﻮّﻝ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ، ﻟﻜﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻟﺴﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﻋﺒﺮ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻛﻤﺸﺮﻭﻉ ﻟﻠﺤﺪﺍﺛﺔ ﺟﻌﻠﺖ ﻣﻦ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﻟﻠﻬﻴﻤﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﻤﻮﻉ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻭﻭﺳّﻌﺖ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﻟﺘﺸﻤﻞ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺃﻳﻀﺎ . ﻭﻳﻘﺮّ " ﺃﺩﻭﺭﻧﻮ " ﻭ " ﻫﻮﺭﻛﺎﻳﺮﻡ " ﺃﻥ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﺓ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﻛﻮﻥ ﺍﻟﻨﺴﻖ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﺤﻮﺭﻩ ﺍﻟﺒﻀﺎﻋﺔ، ﺃﺩﻯ ﺇﻟﻰ ﺍﺳﺘﻌﺒﺎﺩ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ . ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺍﻻﺗﺼﺎﻝ ﺍﺿﻄﺮﺑﺖ ﻛﺜﻴﺮﺍ ﻣﻦ ﻓﺮﻁ ﺍﻟﺘﻘﺪّﻡ ﺍﻟﺘﻘﻨﻲ، ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻨﻒ ﺍﻟﺮﻣﺰﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺻﻨﺎﻋﻴﺔ ﺩﺍﺋﻢ ﺍﻟﺤﻀﻮﺭ ﻭﻳﺸﻜﻞ ﺑﻌﻤﻖ ﻛﻞّ ﺃﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﻬﻴﻤﻨﺔ، ﻓﻤﺎ ﻳﺘﻮﺍﺻﻞ ﺣﻮﻟﻪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻓﻲ ﺇﻃﺎﺭ ﻏﺰﻭ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻟﻜﻞّ ﻓﻀﺎﺀ ﺇﻧﺴﺎﻧﻲ ﻫﻮ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﺍﻟﻜﺎﺫﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺘﻨﺎﻗﻠﻪ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻹﻋﻼﻡ، ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﻻّ ﺇﻟﻰ ﺍﻏﺘﺮﺍﺏ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻋﻦ ﻣﺸﺎﻛﻠﻪ ﺍﻷﺻﻴﻠﺔ ﻭﻗﻀﺎﻳﺎﻩ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩﻳﺔ ﻋﺒﺮ ﺗﺤﻮﻳﻞ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﺇﻟﻰ ﺑﻀﺎﺋﻊ ﻳﺘﻢ ﺗﻘﺪﻳﻤﻬﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻳﻐﺮﻱ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﺮﺑﺢ . ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻳﺒﺪﻭ ﺃﻥ ﺗﻌﺪﺩ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻻﺗﺼﺎﻝ ﻭﺗﻘﺪﻣﻬﺎ ﻭﻋﻮﺽ ﺃﻥ ﻳﺴﺎﻫﻢ ﻓﻲ ﺗﻔﻌﻴﻞ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﺩﻯ ﺇﻟﻰ ﻋﻜﺲ ﺫﻟﻚ ﺇﻟﻰ ﺷﻞّ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ، ﻭﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﻘﻘﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻋﺪﺍﻟﺔ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﻻ ﻋﺪﺍﻟﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺑﻞ ﻫﻲ ﻋﺪﺍﻟﺔ ﺗﺴﺎﻭﻱ ﻛﻞّ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺗﻤﺎﺛﻠﻬﻢ ﻓﻲ ﻭﺿﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺰﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻧﺘﺠﺘﻬﺎ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻻﺗﺼﺎﻝ .
ﻭ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻧﻼﺣﻆ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺃﻳﻀﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺧﻄﺮﺍ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﻟﻠﻔﻌﻞ ﻓﻲ ﺍﻵﺧﺮ ﻭﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﻳﻜﺸﻒ ﻋﻨﻪ " ﺭﻭﻻﻥ ﺑﺎﺭﺕ " ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺃﻗﺮّ ﺑﺄﻥ " ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﺗﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﻗﺎﻧﻮﻧﻬﺎ " ، ﺑﺤﻴﺚ ﺗﻤﺎﺭﺱ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺇﻛﺮﺍﻫﺎ ﺑﻨﻴﻮﻳﺎ ﻳﺼﻌﺐ ﻣﻌﻪ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ، ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ، ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺤﺘﻮﻯ ﻭﺍﻟﺸﻜﻞ، ﺧﺎﺻﺔ ﻭﺃﻥ ﻛﻞّ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﺗﻘﻨﻴﺔ ﻟﻠﺘﻮﺍﺻﻞ ﻟﻬﺎ ﻓﻌﻞ ﺍﺭﺗﺪﺍﺩﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﺮّﺭﻫﺎ، ﺑﻞ ﻳﺒﺪﻭ ﺣﺴﺐ " ﻣﺎﻙ ﻟﻮﻫﺎﻥ " ﺃﻥ " ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﻮﺳﻴﻂ ﺫﺍﺗﻪ ." ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﺗﺠﺪﻳﺪ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻻﺗﺼﺎﻝ ﺑﺪﺀﺍ ﺑﺎﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺇﻟﻰ ﺷﺒﻜﺔ ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺎﺕ ﻳﺆﺛﺮ ﻧﺴﻘﻴﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺍﻟﻔﻜﺮ ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺗﺤﺎﻭﻝ ﺍﻟﻤﻴﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺗﺤﻠﻴﻞ ﺍﻟﻮﻇﺎﺋﻒ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ( ﺍﻟﺪﻳﻦ / ﺍﻟﻔﻦ / ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ / ﺍﻟﻠﻐﺔ ) ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎﺗﻬﺎ ﺑﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻨﻘﻞ ﻭ ﺍﻟﺘﻨﻘﻞ ( ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻻﺗﺼﺎﻝ ) ﻭﻣﺎ ﺗﺤﻤﻠﻪ ﻣﻦ ﺃﻓﻜﺎﺭ ﺗﺨﺺ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ . ﺧﺎﺻﺔ ﻭﺃﻥّ ﻧﻤﻂ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ﻳﺘﺴﻢ ﺑﺎﻟﺘﻜﺎﻟﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﻭﺑﺘﻘﺪﻳﺲ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﻭﻣﻨﺘﺠﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﻏﻴﺮ ﺍﻛﺘﺮﺍﺙ ﺑﺎﻟﺒﻌﺪ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻭﺍﻟﺮﻭﺣﻲ ﻟﻠﻮﺟﻮﺩ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ . ﻭﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻮﻟّﺪﻩ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻂ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻋﺎﻣﺔ، ﺟﻌﻞ ﻣﻴﺸﺎﻝ ﻫﻨﺮﻱ ﻳﻘﺮّ ﺑﺄﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﻻ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻧﺤﻄﺎﻁ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺍﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ﻭﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺗﺤﺖ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﺸﺮ ﺧﻄﺎﺑﺎ ﺭﺩﻳﺌﺎ، ﺑﻞ ﺇﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺴﻴﺮﻭﺭﺓ ﺗﺤﻄﻴﻢ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ، ﺇﺫ ﻧﺸﻬﺪ ﺗﺮﺍﺟﻌﺎ ﻟﻺﻧﺴﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻳﺎﺕ . ﻟﻸﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﺮﻣﺰﻳﺔ، ﺇﺫﻥ، ﺳﻠﻄﺔ . ﺇﻧﻬﺎ ﺗﻤﺎﺭﺱ ﻋﻨﻔﺎ ﺭﻣﺰﻳﺎ، ﻳﻮﻟّﺪ ﺣﺴﺐ ﺑﻮﺭﺩﻳﻮ ﺗﺒﻌﻴﺔ ﻻ ﺗﺮﻯ، ﺗﺒﻌﻴﺔ ﺗﺸﻐﻞ ﺍﻧﺘﻈﺎﺭﺍﺕ ﺟﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻋﺘﻘﺎﺩﺍﺕ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺃﻧﺘﺠﺘﻬﺎ ﻭﺭﺳّﺨﺘﻬﺎ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻻﺗﺼﺎﻝ . ﻭﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻨﻒ ﺍﻟﺮﻣﺰﻱ، ﺗﺘﺠﻠﻰ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﺳﻠﻄﺔ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺍﻟﻤﻌﻄﻰ ﺑﻤﺠﺮّﺩ ﺍﻟﺘﺼﺮﻳﺢ ﺑﻪ، ﺳﻠﻄﺔ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻋﺒﺮ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻓﻲ ﺗﻤﺜﻞ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ . ﻭﺗﺘﺤﻘّﻖ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﺗﻨﺘﺞ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﻓﻲ ﺷﺮﻋﻴﺔ ﻛﻠﻤﺎﺕ ﺃﻭ ﺷﺮﻋﻴﺔ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﻄﻘﻮﻧﻬﺎ ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻫﻲ ﺣﻖ ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻔﺮﺿﻪ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺧﻔﻴﺔ ﻛﻞّ ﺍﻟﺤﻘﻮﻝ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ .
III ﺃﺯﻣﺔ ﺗﻮﺍﺻﻞ ﺃﻡ ﺃﺯﻣﺔ ﻭﺳﺎﺋﻂ :
ﺇﺫﺍ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﻭﺳﺎﺋﻂ ﺷﻔﺎﻓﺔ ﻭﻭﻓﻴﺔ ﺑﻞ ﺇﻧﻬﺎ ﻛﻮﺳﺎﺋﻂ ﺗﻤﺎﺭﺱ ﺳﻠﻄﺔ، ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ ﺍﻻﻛﺮﺍﻩ ﺍﻟﺒﻨﻴﻮﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﻳﻌﻴﻖ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﻭﻳﺴﺘﺤﻴﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﺇﻟﻰ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﻋﺒﻮﺩﻳﺔ، ﻋﻼﻗﺎﺕ ﻣﺘﺴﻠﻂ ﺑﻤﺘﺴﻠﻂ ﻋﻠﻴﻪ، ﻓﻤﺎ ﻫﻲ ﺇﺫﺍ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﺗﺘﻮﻓﺮ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﺃﺳﺎﺱ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗﻞ ﺣﺘﻰ ﺗﻌﻲ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﺑﺤﺪﻭﺩ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﻓﺘﺘﻌﺎﻣﻞ ﺗﻌﺎﻣﻼ ﻧﻘﺪﻳﺎ ﻣﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺃﻣﻼ ﻓﻲ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺗﻮﺍﺻﻞ ﺣﻘﻴﻘﻲ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ؟
ﻳﺮﻯ ﻫﺎﺑﺮﻣﺎﺱ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻧﺨﺘﺰﻝ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﺒﺎﺩﻝ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ، ﺫﻟﻚ ﺃﻥّ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻠﻲ ﻟﻴﺲ ﻣﺠﺮّﺩ ﺗﺒﺎﺩﻝ ﻟﻤﻌﻄﻴﺎﺕ ﺑﻞ ﻫﻮ ﺗﺄﻭﻳﻞ ﻟﻤﺎ ﻳﺤﺪﺙ، ﺇﻧﻪ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﻛﻨﻒ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ، ﺇﻧﻪ ﻣﺴﺎﻫﻤﺔ ﻓﻲ ﺗﺮﻛﻴﺐ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺍﻟﻤﻌﻴﺶ . ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﻋﻨﺪ ﻫﺎﺑﺮﻣﺎﺱ ﻳﺸﻜﻞ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻭﺍﻟﺒﺤﺚ ﻓﻲ ﺷﺮﻭﻁ ﻧﺠﺎﺡ ﺃﻭ ﻓﺸﻞ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﻳﻤﺜﻞ ﻟﺤﻈﺔ ﺟﻮﻫﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﻛﻞّ ﺗﻔﻜﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ . ﻭﺻﻼﺣﻴﺔ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻬﺎﺑﺮﻣﺎﺱ ﺗﻘﺘﻀﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ :
- ﺍﻟﻤﺼﺪﺍﻗﻴﺔ : ﺇﺫ ﺗﻤﻜﻨﻨﻲ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺃﻓﺘﺮﺽ ﺣﺴﻦ ﻧﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﻜﻠّﻢ .
- ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ : ﺑﻤﺎ ﻫﻲ ﻗﻴﻤﺔ ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ ﺗﻤﻜﻨﻨﻲ ﻣﻦ ﺍﻓﺘﺮﺍﺽ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻵﺧﺮ ﻛﻐﺎﻳﺔ ﻻ ﻧﻔﻌﻴﺔ .
- ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ : ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻤﻜﻨﻨﻲ ﻣﻦ ﺍﻓﺘﺮﺍﺽ ﺃﻥ ﻛﻞ ﻗﻮﻝ ﻳﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻗﻨﺎﻉ ﻭﺍﻟﺤﺠﺔ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ، ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﺤﺎﻭﺭ ﻗﺎﺩﺭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻗﻨﺎﻉ ﺑﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﻤﻘﺪﻣﺔ .
- ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺘﻄﺎﺑﻖ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻤﻘﺘﺮﺣﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﻌﺎﻳﻴﺮ ﺍﻟﺴﻠﻤﻴﺔ .
ﻟﻜﻲ ﺗﺘﺤﻘﻖ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺗﻮﺍﺻﻠﻴﺔ ﺍﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﺨﺎﻃﺐ ﻗﺎﺩﺭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺜﺒﺖ ﻣﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻧﻤﺎﺫﺝ ﺍﻟﺼﻼﺣﻴﺔ ﺍﻷﻧﻔﺔ ﺍﻟﺬﻛﺮ، ﺇﺫ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻮﺟﺪ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﺍﻓﺘﺮﺍﺿﺎ ﻗﺒﻠﻴﺎ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ ﻛﻌﻨﺎﺻﺮ ﺣﺎﺿﺮﺓ ﻭﺍﻗﻌﻴﺎ، ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗﻞ ﺍﻓﺘﺮﺍﺿﻴﺎ ﺇﺫ ﻧﻔﺘﺮﺽ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﻟﻠﻤﺤﺎﺟﺠﺔ ﻭﻫﻨﺎﻟﻚ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﻟﻠﻘﺒﻮﻝ ﺃﻭ ﺍﻟﺮﻓﺾ ﻷﻧﻪ ﻓﻲ ﻏﻴﺎﺏ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ ﻟﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻓﻌﻼ ﺗﻮﺍﺻﻠﻴﺎ . ﻭﻫﺎﺑﺮﻣﺎﺱ ﻳﻌﺘﺮﻑ ﺃﻥّ ﻛﻞّ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﻻ ﺗﺨﻠﻮ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻣﻦ ﺿﻐﻂ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻮﻟّﺪ ﺍﻟﻌﻨﻒ ﻭﺍﻟﻐﺶ ﺗﺤﺖ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺃﻷﺩﺍﺗﻲ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﻲ، ﺃﻱ ﻣﺠﻤﻮﻉ ﺍﻷﻧﺸﻄﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻬﺪﻑ ﺇﻟﻰ ﺗﻘﻮﻳﺔ ﺳﻴﻄﺮﺓ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺤﻴﻂ ﻭﺗﻠﺒﻴﺔ ﺍﻟﺤﺎﺟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺼﻮّﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻃﺎﺭ . ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻤﺮّ ﺩﻭﻥ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺃﺩﻧﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﺃﻷﺩﺍﺗﻲ، ﻭﻫﻲ ﻧﺸﺎﻃﺎﺕ ﺗﻮﻟّﺪ ﻣﺸﺎﻛﻞ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﺨﻠﻔﻴﺔ ﺍﻟﻮﺭﺍﺋﻴﺔ ﻟﻠﻤﺤﺎﻭﺭ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻠﻴﺔ، ﻭﺍﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻘﻼﻧﻴﺔ ﺍﻷﺩﺍﺗﻴﺔ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﻵﺧﺮ ﻻ ﻛﻤﺘﻘﺒﻞ ﻓﻌﻠﻲ ﻭﻣﺤﺎﻭﺭ ﻭﻟﻜﻦ ﻛﻮﺳﻴﻠﺔ ﻟﻠﻔﻌﻞ . ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﻫﺎﺑﺮﻣﺎﺱ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻹﻧﺘﺎﺝ ﻣﺠﺮّﺩ ﻧﺸﺎﻁ ﺿﺮﻭﺭﻱ، ﺑﻞ ﻫﻮ ﺃﺩﻧﻰ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﻭﺗﺎﺑﻊ ﻟﻠﺘﻮﺍﺻﻞ ﺑﻤﺎ ﻫﻮ ﺟﻮﻫﺮﻱ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ، ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺃﻷﺩﺍﺗﻲ ﺿﺨّﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻹﻧﺘﺎﺟﻲ ﻭﺳﻮّﻕ ﻟﻪ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺍﻷﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻤّﺎ ﺣﻂّ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﺇﻟﻰ ﺃﺩﻧﻰ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺗﻪ .
ﻭﺳﻴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﻷﺩﺍﺗﻲ ﺗﺠﻠﺖ ﻓﻲ ﺳﻴﻄﺮﺓ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻛﻨﻈﺎﻡ ﺭﻣﺰﻱ، ﻓﺎﻟﺼﻮﺭﺓ ﺗﺘﺤﺪّﺩ ﻓﻲ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ ﺍﻷﺻﻠﻲ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺇﻧﺘﺎﺝ ﻃﺒﻖ ﺍﻷﺻﻞ، ﻭﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﺘﺒﻌﺪ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺑﻨﺎﺀﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪ ﺍﻷﻓﻼﻃﻮﻧﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﺒﻌﺪ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺤﺴﻲ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﻭﺍﻟﻤﻔﻬﻮﻡ ﻳﺘﻘﺎﺑﻼﻥ ﺭﺍﺩﻳﻜﺎﻟﻴﺎ ﻓﺎﻟﺼﻮﺭﺓ ﻓﻲ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ ﺍﻟﺪﻗﻴﻖ ﺗﻤﺜﻞ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﻟﻤﺤﺴﻮﺱ ﻟﺸﻲﺀ ﺧﺎﺹ ﻭﺍﻟﻤﻔﻬﻮﻡ ﻫﻮ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﺍﻟﻜﻮﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺍﺭﺗﺒﻄﺖ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺑﺎﻟﻌﺠﺎﺋﺒﻲ ﻭﺍﻟﻤﻘﺪﺱ ﺩﻭﻣﺎ . ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻮﻇﻴﻔﺔ ﺍﻟﺘﺮﻓﻴﻬﻴﺔ ﻟﻠﺼﻮﺭﺓ ﻓﻬﻲ ﻭﻇﻴﻔﺔ ﺣﺪﻳﺜﺔ، ﻭﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻧﻼﺣﻆ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺍﻟﺮﺍﺩﻳﻜﺎﻟﻲ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﻔﻬﻮﻡ ﻭﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺭﺍﺟﻌﺘﻪ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻭﺃﺻﺒﺤﺖ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺗﺘﻘﺪّﻡ ﻛﺮﻛﻴﺰﺓ ﺿﺮﻭﺭﻳﺔ ﻣﺜﻼ ﻟﻜﻞ ﻓﻜﺮ ﻋﻠﻤﻲ، ﻭﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺗﺮﺍﻓﻖ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﻜﺮ، ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺗﻤﺜﻞ ﺭﻣﺰﺍ ﺑﻤﺎ ﺃﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺆﺧﺬ ﻓﻲ ﻇﺎﻫﺮﻫﺎ ﺑﻞ ﺗﺤﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﺸﻜﻠﻪ . ﻓﻔﻲ ﺍﻟﺬﻫﻦ ﻻ ﺗﻤﺜﻞ ﺻﻮﺭﺓ ﻭﻟﻜﻦ ﺇﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﻭﺍﻗﻊ . ﻭﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﻄﻠﻖ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﻟﻴﺴﺖ ﺍﻧﻌﻜﺎﺳﺎ ﺑﺴﻴﻄﺎ ﻟﻠﻮﺍﻗﻊ ﺗﺘﻢ ﻗﺮﺍﺀﺗﻬﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﺑﻞ ﺇﻧﻬﺎ ﻋﻜﺲ ﺫﻟﻚ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺘﻮﻋﺒﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺇﺫ ﺗﻔﺘﺮﺽ ﺟﻬﺪﺍ ﺇﺩﺭﺍﻛﻴﺎ ﻭﺗﺄﻭﻳﻼ ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻭﺍﻗﻌﺎ ﻣﺪﺭﻛﺎ . ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺗﺆﺧﺬ ﻛﺈﺷﺎﺭﺓ ﺇﻱ ﻛﺄﺩﺍﺓ ﺗﻜﻤﻦ ﻭﻇﻴﻔﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻧﻘﻞ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﻧﻈﺎﻣﺎ ﺭﻣﺰﻳﺎ ﻗﺎﺋﻢ ﺍﻟﺬﺍﺕ .
ﻭﻳﻼﺣﻆ ﺭﻭﻟﻮﻥ ﺑﺎﺭﻁ ﺃﻥ ﻣﺎ ﻳﻤﻴﺰ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻨﺎ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮﺓ ﻫﻮ ﺗﻨﻮﻉ ﺃﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﻭﻛﻠﻬﺎ ﺗﻤﺜﻞ ﺣﻮﺍﻣﻞ ﺃﺳﻄﻮﺭﻳﺔ ﻟﻠﺘﻮﺍﺻﻞ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮ . ﻭﺍﻟﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻠﻴﺔ ﻳﻔﺴﺢ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﺭﻭﻟﻮﻥ ﺑﺎﺭﻁ ﺍﻟﻤﺠﺎﻝ ﻟﻜﺸﻒ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﺍﻟﺘﺄﺛﻴﺮﻳﺔ ﻟﻸﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻠﻴﺔ، ﺇﺫ ﻫﻲ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﻟﻬﺎ ﻭﻇﺎﺋﻒ ﺩﺍﻟﺔ ﺿﻤﻦ ﻧﻄﺎﻕ ﺍﻟﻮﺿﻌﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﻬﺎ، ﻓﺎﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺗﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﻭﺻﻮﺭﺓ ﺃﻭ ﺑﻴﻦ ﺷﻜﻞ ﻭﻣﻌﻨﻰ . ﻭﻛﻞّ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻂ ﺗﻤﺜﻞ ﺣﺴﺐ ﺟﻮﻥ ﺑﻮﺩﺭﻳﺎﺭ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺗﺨﻀﻊ ﺍﻟﻤﺸﺎﻫﺪ ﻟﻺﻛﺮﺍﻩ ﻭ ﺍﻟﻘﺼﺮ . ﻓﺎﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ﻣﺤﻜﻮﻡ ﺑﻨﻈﻢ ﻭﻋﻼﻣﺎﺕ ﺗﻤﺜﻞ ﺑﺪﺍﺋﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ، ﻭﺍﻟﺘﺮﺍﻛﻢ ﺍﻟﻬﺎﺋﻞ ﻟﻠﺼﻮﺭ ﻛﺒﻀﺎﻋﺔ ﻟﻼﺳﺘﻬﻼﻙ ﺟﻌﻞ ﻏﻲ ﺩﻳﺒﻮﺭ ﻳﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮﺓ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻔﺮﺟﺔ، ﻭ ﺗﻤﺜﻞ ﺍﻟﻔﺮﺟﺔ، ﻋﻨﺪﻩ، ﺭﺅﻳﺔ ﻛﻠﻴﺔ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ، ﻭﻫﻲ ﺃﺳﺎﺳﺎ ﺗﺮﺳﺎﻧﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻮﺭ ﺍﻟﻤﺆﺛﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺸﺎﻫﺪ، ﻣﻤﺎ ﺟﻌﻞ ﺩﻳﺒﻮﺭ ﻳﺘﺤﺪﺙ ﻋﻤﺎ ﺳﻤﺎﻩ ﺑﺎﻻﺳﺘﺒﻌﺎﺩ ﺍﻟﻤﻌﻤﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻤﺜﻞ ﻭﺟﻬﺎ ﻣﻦ ﻭﺟﻮﻩ ﺍﻻﻏﺘﺮﺍﺏ . ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻻﻏﺘﺮﺍﺏ ﻟﻪ ﻗﺪﺭﺓ ﺗﺄﺛﻴﺮﻳﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ ﺗﺴﺘﻤﺪّ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺎﺱ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺑﺤﻴﺚ ﺗﻄﻮّﻉ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﻭﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﻟﺘﺸﻜﻴﻞ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﻟﺰﺍﺋﻒ . ﺇﻧﻪ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻳﻐﺮﻱ ﺍﻟﺠﻤﻮﻉ ﺻﻨﻌﻪ ﻣﺨﻄﻂ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﻠﻴﺒﺮﺍﻟﻲ ﻟﻠﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﺻﻔﻮﻑ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺇﺑﻌﺎﺩﻫﻢ ﻋﻦ ﻣﺸﺎﻏﻠﻬﻢ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻋﺒﺮ ﺍﻟﺘﺸﺒﻪ ﺑﺴﻠﻮﻙ ﺍﻟﻤﺸﺎﻫﻴﺮ ﻭﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﺼﺪﺭﻭﻥ ﺍﻟﻔﺮﺟﺎﺕ ﺍﻻﺷﻬﺎﺭﻳﺔ . ﻭﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﺍﻟﻔﺮﺟﺔ ﺃﻧﻮﺍﻋﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻮﺭ ﺍﻟﺒﺎﻫﺮﺓ ﻭﺃﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﺘﺮﻓﻴﻪ ﺍﻟﻤﻐﺮﻳﺔ، ﻳﺘﺤﻮﻝ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻤﺴﺘﻬﻠﻚ ﻟﻠﺴﻠﻊ ﺇﻟﻰ ﻣﺴﺘﻬﻠﻚ ﻟﻸﻭﻫﺎﻡ، ﻭﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﺍﻷﺻﻞ ﺗﺒﻠﻎ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻭﺗﺤﺪﺙ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﺗﺤﻮّﻟﺖ ﺇﻟﻰ ﻋﻨﺼﺮ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻣﻔﺴﺪ ﻟﻠﺘﻮﺍﺻﻞ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻭﻣﻌﻄّﻞ ﻟﻠﺤﻮﺍﺭ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺬﻭﺍﺕ . ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺍﻷﻣﺮ ﺇﺫﻥ ﺑﻘﻮﺓ ﺧﺎﺻﺔ، ﺑﻮﻇﻴﻔﺔ ﺗﻌﻄﻲ ﻟﻠﺼﻮﺭﺓ ﻗﺪﺭﺓ ﻓﻌﻠﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻟﻴﺪ ﻓﻌﻞ ﻣﻨﻌﻜﺲ ﺷﺮﻃﻲ . ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻠﺼﻮﺭﺓ ﺟﻌﻠﺖ ﺭﻳﺠﻴﺲ ﺩﻱ ﺑﺮﺍﻱ ﻳﻘﺴّﻢ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺍﺕ ﺇﻟﻰ ﺛﻼﺙ ﻋﺼﻮﺭ ﻣﺤﻜﻮﻣﺔ ﺑﻨﻈﻢ ﺳﻠﻄﻮﻳﺔ ﻣﺘﻨﺎﺳﺒﺔ ﻣﻊ ﺷﻜﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺘﺨﺬﻩ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﻓﻲ ﻛﻞّ ﻋﺼﺮ :
- ﻋﺼﺮ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ، ﺭﻣﺰﻩ ﺃﻓﻼﻃﻮﻥ، ﻭﺷﻜﻞ ﺻﻮﺭﺗﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﺼﻨﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻄﻠﺐ ﺍﻟﺮﻫﺒﺔ، ﻭﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺎﺑﻠﻪ ﺍﻟﺜﻴﻮﻗﺮﺍﻃﻴﺔ ( ﺣﻜﻢ ﺩﻳﻨﻲ ) .
- ﻋﺼﺮ ﺍﻷﺷﻜﺎﻝ، ﺭﻣﺰﻩ ﺩﻳﻜﺎﺭﺕ، ﻭﺷﻜﻞ ﺻﻮﺭﺗﻪ ﺍﻟﻔﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻄﻠّﺐ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻭﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺎﺑﻠﻪ ﻳﺴﻤﻴﻪ ﺩﻱ ﺑﺮﺍﻱ : ﺍﻻﻳﺪﻳﻮﻗﺮﺍﻃﻴﺔ ( ﺳﻠﻄﺔ ﺍﻟﻔﻜﺮ ) .
- ﻋﺼﺮ ﺍﻟﺸﺎﺷﺔ ﺭﻣﻮﺯﻩ " ﺍﻟﻜﻬﻨﺔ ﺍﻟﺠﺪﺩ " ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻤﺜﻠﻬﻢ ﺍﻟﻤﺸﺎﻫﻴﺮ، ﻭﺷﻜﻞ ﺻﻮﺭﺗﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﺼﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﻤﺼﻠﺤﺔ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺎﺑﻠﻪ ﻓﻬﻮ ﺍﻟﻔﻴﺪﻳﻮﻗﺮﺍﻃﻴﺔ ( ﺳﻠﻄﺔ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ) .
ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﻛﻞّ ﻧﻈﺎﻡ ﺳﻠﻄﺔ ﺗﻨﺘﺞ ﺻﻮﺭﺓ ﻫﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﻭﺳﺎﺋﻄﻲ، ﻳﺸﻜﻞ ﻭﻋﻴﺎ ﺯﺍﺋﻔﺎ، ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﻛﻞّ ﻧﻈﺎﻡ ﺳﻠﻄﺔ ﻳﻘﺪّﻡ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﺑﺪﻳﻬﻲ، ﻳﻘﻮﻝ ﺩﻳﺒﺮﺍﻱ " : ﺇﻥ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﻳﻨﺎ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻫﻲ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ ﻣﺎ ﻳﻤﻨﻌﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﻟﻴﻪ ." ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺇﺫﺍ ﻳﺒﺪﻭ ﺃﻥ ﺃﺯﻣﺔ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻂ ﻻ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﻜﺜﺮﺗﻬﺎ ﻭﺑﺎﺧﺘﻼﻓﻬﺎ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺑﻬﻴﻤﻨﺔ ﺃﺣﺪﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻓﺄﺯﻣﺔ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻬﺠﻮﻡ ﺍﻟﻘﻮﻱ ﻟﻠﺼﻮﺭﺓ ﻭﺍﻟﻤﻜﺎﻧﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺗﺤﺘﻠﻬﺎ ﻛﻮﺳﻴﻂ ﺃﺳﺎﺳﻲ، ﻭﻛﻮﺳﻴﻂ ﻻ ﻳﻌﻜﺲ ﻓﻘﻂ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﻓﻲ ﺃﺧﻼﻗﻴﺎﺗﻪ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﻳﻌﻜﺲ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﻤﻬﻴﻤﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ﻋﺒﺮ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﻛﻨﺴﺨﺔ ﺗﺪﻋﻲ ﺍﻟﺘﻄﺎﺑﻖ ﻣﻊ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ . ﻭﻳﺒﺪﻭ ﺃﻥ ﺗﻤﺜﻞ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﻗﺪ ﺃﺯﺍﺡ ﻛﻞّ ﺍﻟﺘﻤﺜﻼﺕ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻓﻐﺪﺕ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﻫﻲ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ .
تعليقات
إرسال تعليق